السياج مع إسرائيل.. قفزة تدفع بأبناء غزة إلى المجهول

الجمعة 10 يوليو-تموز 2015 الساعة 09 مساءً / من- مايان لوبل ونضال المغربي:
عدد القراءات 6771
(رويترز):- من غرفته البسيطة في مخيم المغازي بقطاع غزة يتطلع عبد الله الحداد لفرصة هزيلة في حياة أفضل.. فرصة لا يفصل بينه وبينها سوى سياج لا يزيد طوله عن 1.5 كيلومتر وارتفاعه عن 3.5 متر.
وفي ليلة باردة من ليالي فبراير شباط قرر أن ينطلق هو وصديقه لتحقيق الحلم وأن يقفزا من على السور الخرساني شديد التحصين الذي يفصل غزة عن إسرائيل.
قال الحداد (18 عاما) لرويترز بعد أن عاد إلى منزله ذي الثلاث غرف حيث يعيش مع 11 فردا آخر بالأسرة "ما كنت بافكر. كنت محبط لأنه مفيش شغل في غزة. ما بعمل شي. طول النهار يا إما نايم أو بالعب كورة."
وأضاف "بعد مرور عشر دقايق من لحظة قفزنا للسلك صار في ضرب قنابل ضوئية وإطلاق نار وحاصرتنا قوات الجيش الإسرائيلي واعتقلونا."
وأمضى الثلاثة أشهر التالية في سجن إسرائيلي.
يتزايد عدد الفلسطينيين الذين يجازفون بالقفز من على السور الفاصل بين غزة وإسرائيل وإن كان يصعب القول إن هذه ظاهرة عامة. لكن لا يكاد أسبوع يمر دون تقرير من قوات الأمن الإسرائيلية عن ضبط محاولة.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه ضبط 130 حالة من هذا النوع في العام الأخير. ولم يقدم أرقاما للمقارنة لكن روايات السكان والمنظمات التي تتابع هذا الاتجاه تشير إلى أن العدد في تزايد مستمر.
ويدفع الفقر وضعف الفرص المتاحة في غزة الشبان إلى الدخول في مجازفات أكبر. وزاد هذا بشكل خاص بعد حرب العام الماضي بين إسرائيل وحماس والتي وجهت ضربة قاصمة جديدة للاقتصاد والبنية التحتية.
وفي مايو آيار قال البنك الدولي إن اقتصاد غزة كان ضمن أسوأ الحالات في العالم إذ سجل أعلى معدل بطالة في العالم بنسبة 43 في المئة ترتفع لما يقرب من 70 في المئة بين الفئة العمرية من 20 إلى 24 عاما. وأضاف التقرير أن تلك الأرقام لا تعبر بشكل كامل عن معاناة 1.8 مليون نسمة محاصرين داخل 160 كيلومترا مربعا يعجزون عن الخروج منها دون تصريح.
ولا يسمح للفلسطينيين في غزة -على النقيض من إخوانهم بالضفة الغربية- بالعمل في إسرائيل التي توقفت عن إصدار تصاريح عمل لأبناء القطاع بعدما سيطرت عليه حركة حماس التي تعتبرها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية.
وإغراء العمل قوي. فالعمل في موقع بناء في إسرائيل دون تصريح عمل يمكن أن يدر 250 شيقل (66 دولارا) وفقا لجمعية (عنوان العامل) الإسرائيلية. أما في غزة فالأجر خمس ذلك.
لكن القفز من على السياج يحمل معه مخاطر جمة.
فالقانون الإسرائيلي يعاقب بالسجن لما يصل إلى خمس سنوات كل من يحاول التسلل عبر الحدود بلا سلاح. أما محاولة التسلل بسلاح فقد تزج بصاحبها في السجن لما يصل إلى 15 عاما وقد تكون العقوبة السجن المؤبد إن كان يحمل سلاحا ناريا أو متفجرات.

- "سجن كبير":
قال ضابط في الفرقة الإسرائيلية المعنية بشؤون غزة إن معظم القافزين على السياج مراهقون عزل يتطلعون للعمل أو الفرار من الأسرة. بل إن البعض قد يفضل السجن على العيش في غزة إذ ستتوفر له ثلاث وجبات في اليوم وستسنح له فرصة التعليم.
وقال الضابط "يعبرون أحيانا ومعهم سكين أو قنبلة في جيبهم. لا ينوون فعل شيء بها وإنما يشهرونها لدى عبور السياج حتى يكون الحكم عليهم أشد ويقضون في السجن فترة أطول."
وتشير بيانات مصلحة السجون الإسرائيلية إلى أن 50 من أبناء غزة يقضون حاليا أحكاما بالسجن بتهمة عبور الحدود. وقال مسؤول بوزارة العدل الإسرائيلية إن فترة السجن تبلغ 11 شهرا في المتوسط.
ولحماس أسباب تدفعها لمحاولة منع التسلل ومن ثم شددت من الإجراءات الأمنية على الحدود وفقا لما ذكره إياد البزم المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة. وتخشى حماس أن تضغط إسرائيل على بعض المتسللين بحيث يزودونها بمعلومات عن الحركة.
وأقر البزم بزيادة الأعداد خلال العامين الأخيرين وقال إن معظم من تم إيقافهم على جانب غزة من الحددود تتراوح أعمارهم بين 17 و25 عاما. وأضاف "هؤلاء لديهم مستوى تعليمي ضعيف ويظنون أن هناك حياة أفضل خلف السلك."
وتفرض إسرائيل منطقة حرام تمتد 300 متر على جانب غزة وهي منطقة أصيب فيها عشرات الفلسطينيين بالنيران الإسرائيلية هذا العام.
محمد (22 عاما) كان أحد من قرروا القفز من على السياج إذ رأى أن هذه فرصة تستحق المجازفة.
وطلب محمد الاكتفاء بذكر اسمه الأول خشية ردود الفعل الانتقامية من جانب إسرائيل أو حماس.
قال "نلف الشوارع كل يوم بحثا عن عمل ونسأل نفس الناس كل يوم ونتلقى نفس الإجابة: لا عمل."
وبعد أن انطلق ليلا باتجاه السياج أوقفه أخوه على بعد أمتار قليلة من الحدود وأعاده.
قال "غزة سجن كبير على أية حال... كلنا سجناء. سجن هنا أو سجن هناك.. ما الفرق؟"

  
مواضيع مرتبطة
إيران تبرم اتفاقا نوويا مع القوى الكبرى وسط مؤيد ومعارض
بطائرات دون طيار وخنادق .. تركيا تشدد الأمن على الحدود
الحرب والرزق يدفعان أكراد العراق لأوروبا مرة أخرى
في كسر للمحرمات.. فلسطينيون بالقدس يسعون للحصول على جنسية إسرائيل
دفعة دبلوماسية جديدة لسوريا.. لكن الحل ما زال عسيرا
النساء في اليمن - معاناة مروعة في زمن الحرب
اليونيسف: أطفال اليمن المهمشون عالقون في النزاع
السيسي يكثف حملته ضد التشدد الجديد في مصر مما قد يطيل أمد عدم الاستقرار
(صور+فيديو) .. روسيا مستعدة لتزويد السعودية بمنظومة صواريخ (اسكندر) معلومات تفصيلية
وسط فوضى اليمن.. المنافسة تحتد بين الدولة الإسلامية والقاعدة
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية