قوانينها تسهم في تعزيز بيئة التطرف : ألمانيا تصدّر (المقاتلين) إلى (داعش) وللأكراد في الوقت نفسه

الإثنين 29 ديسمبر-كانون الأول 2014 الساعة 06 مساءً / وفاق برس
عدد القراءات 1785
شهدت الساحة الألمانية "ديناميكية" غير مألوفة تميزت باتجاهين متناقضين. فمع تدفق الجهاديين الألمان إلى سورية للقتال في صفوف "داعش" قابل ذلك تدفقا آخر ومعاكسا للألمان من أصل كردي أو متعاطف مع الكرد لمساندة إخوانهم في كوباني. ووفق أرقام السلطات الألمانية، توجه نحو 450 ألمانياً مسلماً للقتال ضد النظام السوري سعوا بغالبيتهم إلى الالتحاق بتنظيم داعش من بينهم 40 امرأة، وطفل واحد يبلغ من العمر 13 سنة، وقد اختار معظمهم جنوبي تركيا كنقطة دخول إلى سورية. وأوضح وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير أن عدد الإسلاميين المتطرفين في ألمانيا الذين يعتنقون بغالبيتهم أيديولوجيات تنظيم القاعدة أو الشباب الصومالي أو "داعش" يصل إلى6.300 شخص.
وكان تقرير صدر أخيرا عن الاستخبارات الألمانية قد صنف ظاهرة تنامي المتطرفين السلفيين كإحدى أبرز "الحركات الإسلامية ديناميكية" في ألمانيا. وفي هذا السياق، أوردت مجلة «منتور» الألمانية أن السلطات المحلية عمدت على مر السنين الماضية إلى السماح، لا بل إلى تشجيع، سفر الإسلاميين الألمان إلى دول أجنبية، محاولة بذلك تبني سياسة "تصدير الإرهاب" للحد من الخطر الذي يشكلونه محليا.
يعارض ريان مورو المحلل في الشؤون الأمنية من مشروع كلاريو وهو مركز لمحاربة التطرف في حديثه لـ "الاقتصادية" هذه المقولة معتبرا "أنه ليس من أي دليل على أن ألمانيا تشجع المتطرفين للسفر إلى الخارج"، غير أنه يوافق على الانتقادات الموجهة للقوانين الألمانية التي تسهم في تعزيز بيئة التطرف من خلال تسامحها مع النشاطات التي قد تكون مرتبطة بالإرهاب.
"فالقانون الألماني على سبيل المثال كان يكتفي بفرض مراقبة على العائدين من معسكرات التدريب الخاصة بالجماعات الإرهابية، دون أن يعطي الحق لسلطات إنفاذ القانون باعتقالهم ما لم تمتلك دليلا دامغا عن تورطهم في أعمال إرهابية. هذا الأمر الذي شكل ثغرة قانونية كبرى في التصدي لهذه الجماعات. أما الآن فقد تم تعديل هذا القانون وبات مجرد الالتحاق بمعسكرات التدريب جريمة يعاقب عليها القانون حتى دون إثبات التورط عمليا مع جماعات إرهابية. وعليه تم اعتقال عديد من الألمان لالتحاقهم بمعسكرات تنظيم داعش والقتال في صفوفه". وفق مورو. وتشكل سورية حاليا الوجهة المفضلة للجهاديين الألمان وفق ما أورد في شهر تشرين الأول (أكتوبر) موقع ذي لونغ وور جورنال.

- من افغانستان إلى سوريا:
إلى ذلك، أفادت وكالات الاستخبارات الألمانية أن الجهاديين الذين كانوا في معسكرات الإرهاب في أفغانستان وباكستان باتوا اليوم في سورية أو هم في طريقهم إليها.. فلطالما نجحت الشبكات الجهادية الباكستانية -بدءا من القاعدة وحركة الطالبان وصولا إلى الحركة الإسلامية لأوزبكستان- بجذب المسلمين الألمان إلى باكستان وأفغانستان. وقد يكون خير مثال على هذه الظاهرة، الأخوين ياسين ومنير شوكا، الألمانيين من أصول مغربية الذين انتقلا مع عائلتيهما من باكستان إلى سورية.
ويعد كل من مغني الراب ديزو دوغ واسمه الحقيقي دينيس كسبيرت، كرشنيك بريشا من الحالات البارزة للألمان الذين التحقوا بصفوف "داعش". ظهر ديزو دوغ في شريط فيديو يصور عملية قطع رأس عدد من الجنود. ولد مغني الراب عام 1975 من أب إفريقي وأم ألمانية، وتورط في عدد من عمليات السطو والتحق بإحدى عصابات الشوارع في ألمانيا. يُعرف ديزو دوغ ومعناه ابن الشيطان، في تنظيم داعش باسم أبو طلحة الألماني ووفقا لتقرير روسيا اليوم، أصبح دينيس كسبيرت داعية رئيسا في المجموعة الجهادية يتولى إدارة الحملات الإعلامية ويشرف على تجنيد المقاتلين الإنكليز، ويقال إنه العقل المدبر لحملة جذب الأجانب بما في ذلك المتشددون الألمان وغيرهم من الشباب الذين يتأثرون بالأفكار المتطرفة الراديكالية.
أما شخصية كرشنيك فتختلف شديد الاختلاف عن كسبيرت. ظهر كرشنيك إلى الواجهة كأول مقاتل من "داعش" يحاكم في ألمانيا. كرشنك، الذي لعب كرة القدم في ناد يهودي في فرانكفورت، بدأ سلوكه يتغير عندما التحق بمدرسة جديدة وبنى صداقات جديدة أسهمت في اعتناقه الإسلام، وفي عام 2013، ذهب مع أصدقائه من فرانكفورت إلى إسطنبول ومنها إلى سورية حيث أعلن ولاءه لتنظيم داعش. غير أن الشاب الألماني لم يكن يتحدث اللغة العربية، وصرح أنه قرر العودة إلى بلده عندما أدرك أن المسلمين يقتلون المسلمين في الحرب السورية.
واللافت في أمر المتشددين الألمان الذي انضموا إلى "داعش" أن عديدا منهم سواء كانوا متعلمين أو لا، هم من المهاجرين الذين لا يشعرون بالانتماء إلى وطنهم. هذا فضلا عن المستضعفين الذين يشكلون عنصرا مهما للمنظمات الإرهابية مثل "داعش"، بما إن قصصهم تسهم في إظهار أنه حتى الخاسر يمكن أن يصبح شخصا مهما - ليس في فرانكفورت وبرلين، إنما مع الجهاديين في العراق وسورية.
"واللافت أيضا أن أتباع "داعش" اعتنقوا الإسلام أخيراً وهم غير متدينين بالمعنى الحقيقي وسرعان ما تحولوا إلى أشخاص متطرفين. فاعتناق الأفكار المتطرفة يحدث بسرعة كبرى وينشأ عادة بعد إقامة علاقات أو تواصل مع مؤيدي إحدى التنظيمات الإرهابية أو على الأقل مع شخص متطرف آخر. وغالبا ما يبدون تعاطفهم مع "داعش" من خلال الإنترنت ويشرعون بقراءة مواد متطرفة. أما وصفهم "بالذئاب المُستوحدة" فغير دقيق بما أن تجنيدهم يفرض نوعا من التفاعل الاجتماعي ولو حصل عن طريق الإنترنت. ويتمثل العامل المشترك الأبرز فيما بينهم في رفض الانخراط في المجتمع الغربي واعتماد الشريعة والإسلام كالقانون الحاكم عوضا عن اعتبارهما مجرد ديانة" وفق مورو
وفي المقابل، هناك الألمان الأكراد الذين توجهوا إلى كوباني لمحاربة "داعش".
وقد ذكرت صحيفة "ديلي ميل" في شهر تشرين الأول (أكتوبر) أن أعضاء مجموعة الدراجات النارية الألمانية وصلوا إلى المدينة السورية المحاصرة كوباني لمؤازرة القوات الكردية المدافِعة عن البلدة التي تتعرض لهجوم شرس من قبل "داعش" منذ عدة أشهر.
وقد نشر قادة النادي الكولوني للدراجات النارية "Median Empire Motorcycle club"، المعروف بعلاقاته الوطيدة مع الأكراد، صورا لأفراد منه في مدينة كوباني بعضهم يحمل أسلحة. ووفقا لمجلة "دير شبيجل" الألمانية نقلا عن مسؤولين أمنيين، يتوجه عدد متزايد من الأكراد الألمان إلى سورية للقتال في الحرب الأهلية ومعظمهم ينضم إلى حزب العمال الكردستاني. "وبما أن حزب العمال الكردستاني مصنف كمجموعة إرهابية، سيشكل انضمام الألمان إليه مشكلة أخرى. غير أن الأكراد يبقون بغالبيتهم من التيار المعتدل غير المتشدد أي أنهم لا يعتبرون أن الديمقراطية والغرب يتعارضان مع دينهم أو معتقداتهم. ونظرا لتهديدات تنظيم داعش للأكراد في العراق وسورية، يمكن للمرء أن يفهم تماما لماذا يتوجهون لمحاربة التنظيم. فكثير منهم يجد أن حياة أفراد عائلته معرضة للخطر"، وفق مورو.
وبحسب تقديرات الجهات الأمنية، وصل عدد الذين غادروا ألمانيا وتوجهوا للقتال في كوباني إلى 50 شخصا غير أن الرقم الفعلي يتعدى على الأرجح ذلك بكثير، ودائما وفقا لتقديرات الجهات الأمنية يبلغ عدد مناصري حزب العمال الكردستاني في ألمانيا نحو 13.000 مؤيد. وعلى الرغم من أن الحزب محظور في ألمانيا منذ أكثر من عشر سنوات، لا تزال البلاد تشكل القاعدة الأساسية لعمليات التجنيد التي يتم منها إرسال المجندين الملتحقين حديثا إلى هولندا وبلجيكا للخضوع للتدريب الأولي ومن ثم السفر إلى المناطق الكردية.
تجسَّد عرض القوى بين الألمان المتشددين والألمان الأكراد في مناوشات وقعت في شهر تشرين الأول (أكتوبر) في هامبورج أدت إلى وقوع عدد من الإصابات واعتقال 22 شخصا."ينظر متطرفو "داعش" إلى معظم الأكراد على أنهم مرتدون وبالتالي يعتبرون أن القضاء عليهم متاح وفق الشريعة. فإن كنت من مؤيدي التنظيم وتعذّر عليك الذهاب إلى العراق أو سورية للقتال، فحلال لك إذا مهاجمة الأكراد في أوروبا"، وفق مورو.
- المصدر/الاقتصادية:

 
مواضيع مرتبطة
(تقرير تفصيلي+ فيديو) .. انتشال 40 جثة وأجزاء من حطام طائرة (إير آسيا) التي اختفت وعلى متنها 162 شخصا من بحر (جاوا)
(نص الحوار) .. أسرار عسكرية وأحاديث مؤثرة في حوار نشره (داعش) مع الطيار الأردني الأسير وهو يرتدي بدلة (الإعدام)
رعب داخل (إسرائيل) من زحف (الحوثيين) عبر البحر الأحمر
هل أصبحت بنوك حضرموت الخزينة العامة لـ(قاعدة) اليمن؟
لماذا رفض مجلس الأمن مسودة قرار فلسطيني يدعو لانسحاب إسرائيل
(فيديو).. باختفاء الطائرة الإندونيسية: تفاصيل ثالث كارثة تضرب شركة طيران في آسيا هذا العام
قائمة أميركا لأخطر الإرهابيين ومكافآت مغرية أعلاها 25 مليون دولار
الزيلعي: الفيدراليون.. يتفقون على ذبح اليمن ويختلفون في الأسلوب!!
(طائرات انتحارية) في مناورات ايرانية من هرمز إلى خليج عدن
عام 2014 ونظريات المؤامرة:امريكا غطت الجنوب بثلج (بلاستيكي) وهمي ..و(داعش).. صنيعة مشتركة وقائدها يهودي متخفٍ
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية