أقباط مصر يشيدون بالسيسي .. لكنهم في انتظار المزيد من الدعم

الخميس 21 مايو 2015 الساعة 06 مساءً / من- ستيفن كالين
عدد القراءات 2343
(رويترز) - عندما أمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإرسال طائرات حربية هذا العام لقصف أهداف تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية في ليبيا ردا على ذبح 21 قبطيا مصريا كانت تلك رسالة قوية للأقلية المسيحية في البلاد.
فقد شكا الأقباط طويلا من تعرضهم للتمييز في ظل زعماء مصر المتعاقبين وأشارت قرارات السيسي إلى أنه سيفي بوعوده أن يكون رئيسا لكل المصريين يعمل على توحيد البلاد بعد سنوات من الاضطرابات السياسية.
غير أن الأيام أثبتت أن مهاجمة المتطرفين في الخارج قد تكون أيسر من تكبيل المتشددين داخل البلاد في مناطق مثل قرية العور.
ويمثل الاقباط الارثوذكس أكبر الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط اختبارا لتعهد السيسي بالتسامح الذي يركز عليه في دعوته للتصدي عقائديا للمتطرفين الاسلاميين الذين يهددون أمن مصر.
ويقدم السيسي نفسه على أنه مسلم معتدل من التيار الاصلاحي عازم على التصدي لما يصفه بأنه خطر وجودي يتمثل في مجموعة من القوى الاسلامية. وكان السيسي قد أعلن وهو قائد الجيش عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي للاخوان المسلمين عام 2013 بعد احتجاجات حاشدة.
غير أنه في أماكن مثل قرية العور في وسط مصر والتي جاء منها 13 من ضحايا عملية الذبح التي وقعت في ليبيا فإن الجيران المسلمين لا المتشددين المسلحين هم الذين يمكنهم أن يجعلوا الحياة صعبة للمسيحيين.
ويقول المسيحيون في القرية إنهم تعرضوا لهجوم من مسلمين أغضبهم قرار السيسي السماح ببناء كنيسة جديدة تكريما للقتلى الذي سقطوا بأيدي مقاتلي الدولة الاسلامية وذلك بعد أسابيع قليلة من الضربات الجوية التي وقعت في فبراير شباط.
وألقى المهاجمون الحجارة وقنابل المولوتوف على ممتلكات للاقباط في العور التي تقع على ضفتي نهر النيل وأصيب عدد من الناس بجروح.
وكانت تلك الأحداث تذكرة بأن الاقباط الذين يمثلون نحو عشرة في المئة من سكان مصر البالغ عددهم نحو 90 مليون نسمة ما زالوا عرضة للاستهداف رغم تأكيدات الرئيس وطمأنته لهم.

- رموز قبطية:
ظل التوتر يغلي تحت السطح بين المسلمين والاقباط لسنوات في مصر لكن العلاقات بين الجانبين ساءت في أعقاب انتفاضة 2011 التي أدت إلى سقوط حسني مبارك.
فقد اكتسب دعاة مسلمون متشددون حرية لم يسبق لها مثيل على شاشات التلفزيون بعد الانتفاضة وهاجم بعضهم المسيحيين صراحة على الهواء. وجاء انتخاب الرئيس الإخواني مرسي ليزيد الاحساس بالقلق.
وعندما أعلن السيسي عبر التلفزيون عزل مرسي في منتصف عام 2013 كان الحدث منظما بدقة بحيث يظهر أن رأب الانقسامات من أولوياته. فقد كان البابا تواضروس بابا الأقباط حاضرا.
ودفع المسيحيون ثمن هذه الصورة.
فبعد أن قتلت قوات الأمن نحو ألف من أنصار مرسي في شوارع القاهرة تعرضت عشرات الكنائس والممتلكات المسيحية في مختلف أنحاء البلاد بما في ذلك محافظة المنيا للهجوم والتدمير من جانب من قيل إنهم أنصار الاخوان المسلمين.
ومن الممكن أن يعمل الإحساس الدائم بعدم الأمان واستمرار التمييز ضد الاقباط على تقويض مساعي الرئيس لتصوير نفسه على أنه الرجل الذي يمكنه تحقيق الاستقرار لمصر والعالم العربي الذي يعاني من التشدد الديني.
ومن المؤكد أن السيسي بذل جهدا أكبر من سابقيه في احتضان الأقباط الذين يعتبرون أنفسهم من نسل الفراعنة. وفي يناير كانون الثاني الماضي أصبح أول رئيس مصري يحضر قداس عيد الميلاد في الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة ما أدى إلى تساقط دموع بعض المصلين.
ويعبر مينا سامي - أحد أفراد رعية كنيسة أمير تادرس في مدينة المنيا التي احترقت عن آخرها في أعقاب عزل مرسي- عن المشاعر السائدة بين الأقباط.
ويقول مينا لرويترز خلال جوله في كنيسته التي يعمل مهندسون من الجيش على إعادة بناء جانب منها "نشعر بأن لدينا رئيس. ونشعر أن عندنا جيش."
وقالت النائبة السابقة منى مكرم عبيد إنه رغم المطالب المشروعة بتحسين معاملة الاقباط فمن المستبعد أن ينقلب الأقباط على السيسي. وأضافت "هم يشعرون بقدر أكبر من الأمان."

- سياسة الحصانة:
رغم كل مساعي السيسي يقول منتقدون إنه لم يفعل شيئا يذكر لاصلاح المؤسسات أو تحدي مظاهر التمييز المترسخة.
وقال صمويل تادرس الباحث في واشنطن لدى معهد هدسون إن استمرار معالجة الدولة للمشاكل القبطية من خلال الجهاز الأمني تولد "ثقافة حصانة" تعمل على تفاقم العنف.
وأضاف "يقولون إن الأمور ستهدأ لكن الواقع أنها لا تهدأ لأن الدهماء يفوزون بغنيمتهم. وكل مرة تلقي فيها بغنائم أكثر للدهماء فهي تدرك أن التحرك بمنطق الدهماء هو السبيل لحل مشاكلها."
وقبل أيام من أحداث العنف التي وقعت في العور في مارس اذار تصدت مجموعة من المسلمين للمسيحيين الذين كانوا يعملون على توسيع كنيسة في قرية الجلاء القريبة.
وفي الحالتين قال سكان ونشطاء إن قوات الأمن تباطأت في التدخل وأجبرتهم على تقديم تنازلات للمهاجمين لمواصلة بناء الكنيسة في سلام. ويقول الأقباط إن هذا الاسلوب قديم من جانب الحكومة.
وقال الأب تادرس ابراهيم راعي كنيسة الجلاء في غرفة رطبة تستعمل كقاعة مؤقتة للصلاة "محاصيلنا اقتلعت وبيوتنا أحرقت وأهلنا أصيبوا. وتنازلنا عن كل ذلك مقابل بناء الكنيسة."
ويتابع رجال الشرطة السرية الوضع على مدار الساعة في قرية الجلاء بينما يواصل العمال العمل على العوارض الخشبية لبناء كنيسة جديدة من طابقين.
ولم تتلق رويترز أي رد على طلباتها المتكررة للحصول على تعليق من رئاسة الجمهورية ومن وزارة الداخلية.
وقد وعد السيسي بأن تتولى الدولة إعادة بناء الكنائس التي دمرت بعد الإطاحة بمرسي غير أنه في ضوء بطء تدفق الأموال يقول الأقباط إنهم اعتمدوا في أغلب الأحوال على التبرعات.
ويقول البعض إن الترميم أصبح أسهل رغم بقاء القانون الذي ينص على ضرورة موافقة الرئاسة على بناء الكنائس الجديدة.
ورغم اتهامات التمييز ضد الاقباط فإن بعض الأقباط حققوا نجاحا كبيرا وكونوا ثروات ضخمة وأصبح لهم نفوذ.
وتعد عائلة ساويرس الثرية ووزير المالية السابق يوسف بطرس غالي من بين الصفوة في مصر. لكن كثيرين يشكون من قاعدة غير مكتوبة باستبعادهم من المناصب العليا للخدمة المدنية والرئاسة والرتب العليا في الجيش والشرطة بل والمناصب الجامعية العليا.
وخارج كنيسة عمرها مئات الأعوام في أحد أحياء القاهرة يشيد ماجد غبريال الذي يعمل منذ 20 عاما في رسم الصلبان على أيدي المسيحيين بالسيسي لكنه يظل حذرا.
ويقول غبريال قبل أن ينصح زوجين بأن طفلهما أصغر من أن يرسم له الصليب "الكل متوتر. فلا أحد يفهم ما قد يحدث غدا. وبإذن الله ستكون مصر بخير. لكن ليس الآن. بعد عشر سنوات على الأقل. وعلينا أن نصبر."

  
مواضيع مرتبطة
تنظيم (داعش) ربما أوشك على الوصول لأقصى حدود التوسع
(تقرير) .. مصر تشهر الأزهر سلاحا لمواجهة التطرف .. لكن الشكوك كثيرة
قوة قطر الناعمة في خطر بفعل فضيحة الفيفا
وثائق سرية تؤكد تورط واشنطن بدعم تنظيم (داعش)
إسرائيل تجسست على محادثات الغرب مع إيران
ليبيا : سقوط مدينة القذافي في أيدي الدولة الإسلامية
روسيا تستعد لسحب البساط من تحت أقدام أمريكا
تزويد الخليج بدرع صاروخية أمريكية سوف يستغرق سنوات
قمة كامب ديفيد تبين لأوباما تغير الأجيال في الخليج
(رهان أوباما)..التحالف مع الخليج يمكنه تجاوز التوترات بسبب إيران
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية