في حوار موسع : وزير الخارجية المصري:هناك مصادر دعم أجنبية لما يحدث في سيناء ونريد استعادة دورنا على الساحة الدولية ونواجه تحديات اكثر بكثير من اي وقت في التاريخ العربي

الأحد 03 نوفمبر-تشرين الثاني 2013 الساعة 10 مساءً / وفاق برس:
عدد القراءات 1295
القاهرة (رويترز) - قال وزير الخارجية المصري نبيل فهمي إن مصر ستتطلع إلى دول أخرى غير الولايات المتحدة للوفاء باحتياجاتها الامنية وحذر واشنطن من أنه لم يعد بامكانها تجاهل المطالب الشعبية وسط التغيرات التي يشهدها العالم العربي.
وقال فهمي في مقابلة مطولة مع " رويترز " ، قبيل زيارة وزير الخارجية الامريكي جون كيري إن الولايات المتحدة ينبغي أن تنظر الى علاقتها مع مصر على المدى الطويل‭‭ ‬‬وان تدرك انه في اعقاب الربيع العربي "عليك أن تتعامل مع الشعوب العربية وليس الحكومات العربية وحسب. هذا يتطلب منك التعامل مع السياسة قصيرة المدى والسياسة الشعبية وليس فقط السياسة والسياسات الاستراتيجية. وبالتالي فإن ما يبدو أنه كيل بمكيالين أو عدم اتساق في السياسة يصبح أكثر خطورة وعاملا في تحديد رد فعل الجماهير

- وفيما يلي نص المقابلة التي أجرتها وكالة رويترز مع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي:

- ماذا عن الرسالة التي سيأتي بها كيري؟
- لا أعلم ما الرسالة التي سيأتون بها. سنرى. لكن الرسالة التي سأنقلها وسينقلها الرئيس حين يراه هي أن هذه علاقة مهمة جدا.. تلك العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر وأن هذه مصر جديدة ايضا وأن العلاقة أعمق من المساعدات او وقف المساعدات وينبغي النظر اليها كعلاقة استراتيجية لا تكتيكية.
سنعمل بهذا الأسلوب البناء لتطوير العلاقة بيننا ولكن ما من شك أننا سنلبي احتياجات أمننا القومي من اي مصدر نراه.
ما قلته اذا لم تخني الذاكرة أن العلاقات المصرية الامريكية تمر بحالة اضطراب. لا أتذكر أنني قلت أي شيء عن العلاقات العربية الأمريكية لكن بصراحة اذا نظرتم الى العلاقات العربية الامريكية فهناك الكثير من علامات الاستفهام.
المنطقة تتغير. منطقتنا.. العالم العربي على وجه الخصوص. هناك الكثير من المتغيرات لم يكن موجودة في الماضي وكان العالم بما فيه الولايات المتحدة معتادا عليها. معايير كثيرة تغيرت.
عليك الآن أن تتعامل مع الشعب العربي وليس الحكومات العربية وحسب. هذا يتطلب التعامل مع السياسة قصيرة الأجل والسياسة الشعبية وليس فقط السياسة الاستراتيجية. وبالتالي فإن أي شيء يبدو كيلا بمكيالين او عدم اتساق في السياسة يبرز بقوة ويصبح عاملا في تحديد رد فعل الجماهير.
لدينا اضطرابات في سوريا وهناك تساؤلات عن العلاقات الغربية والعربية والخليجية ودول الربيع العربي وكيف سيكون تناول هذه العلاقات. أعتقد أن هناك تساؤلات كثيرة عن علاقة العالم بالعالم العربي وخاصة الغرب.. واذا قلت الغرب فعلى رأسه بالطبع الولايات المتحدة.
حسنا.. الجوهر لايزال صلبا والتاريخ حافل بقصص النجاح وبعض التحديات لكن قصص النجاح اكثر بكثير صراحة. عملنا سويا من اجل تحقيق السلام وعملنا معا في الحرب. تحرير الكويت مثال على هذا.
كانت هناك أوقات صعبة ولكن الاختلاف الآن يتمثل في اختلاف اللاعبين.
دخلت الجماهير المصرية إلى الملعب ولم يكن هذا هو الحال من قبل على الأقل في ذهن امريكا.
هناك أيضا اختلاف آخر وأقتبس عن الرئيس أوباما قوله إن عجلة العمل لا يمكن أن تدور كالمعتاد.
عجلة العمل لا تدور كالمعتاد على الجانبين. بصراحة كنت واحدا من مؤيدي مراجعة العلاقات حتى من قبل الاضطراب الحالي لأنني شعرت أننا نعيش على أمجاد الماضي على الجانبين.
في ظل الاضطراب الحالي الذي نرجعه مباشرة الى قرار تأجيل تنفيذ أجزاء من حزمة المساعدات -خاصة الأجزاء الاكثر استراتيجية- وهي العنصر العسكري الذي يتطلب استدامة ويتطلب استمرارية ويتطلب اتساقا على المدى الطويل.. فإن هذا يثير تساؤلات.
لهذا ذكرت بصراحة كلمة "اضطراب". علينا أن نفكر معا كيف سنعمل على هذه القضايا وكيف سنتعامل مع المستقبل وكيف سنتعامل مع اللاعبين الجدد.
لا يوجد سوء فهم فيما يتعلق بما أقوله. أعتقد أن أمريكا تحتاج مصر وأعتقد أن مصر تحتاج امريكا.

أعتقد أن من مصلحة مصر أن تكون العلاقات جيدة مع امريكا أو على الأقل أن تكون إدارة العلاقات جيدة مع امريكا.
امريكا قوة عالمية ونحن نشطاء في العلاقات الدولية. ونفس الشيء ينطبق على امريكا فهي لها مصالح في الشرق الاوسط. وربع الشرق الاوسط يعيش هنا في مصر.
لهذا فإن تحديد الوضع في الشرق الأوسط خاصة الهوية العربية يبدأ من مصر. الاتجاهات السياسية تبدأ في مصر الجيد منها والسيء.
أضف إلى ذلك وزننا التاريخي والاقتصادي والعسكري في المنطقة. اذا كانت ستصبح لك مصالح في الشرق الأوسط فإنك تحتاج الى أن تكون علاقاتك جيدة او على الأقل تدار جيدا مع الدولة التي هي مركز الشرق الأوسط.
وهذا هو وضعنا. نحاول تعريف هذا على الجانبين.

نحن من وضعنا هذه النظرية. كنا واضحين في هذا حتى قبل أن أصبح وزيرا للخارجية لكنني قلت هذا بصراحة شديدة في المؤتمر الصحفي الذي عقدته هنا بعد ثلاثة أيام من تعييني قبل أن تكون هناك قضية حزمة المساعدات.
ما قصدته هو أن تكون لنا حقا استقلالية كاملة في قراراتنا. يجب أن تكون لدينا اختيارات متعددة وخيارات متعددة.
وهذا ليس منهجا مناهضا للولايات المتحدة. هذا يتصل بقراراتنا الاقتصادية وقراراتنا العسكرية وقراراتنا السياسية. نحن مستورد كبير جدا للحبوب على سبيل المثال. وكي نتمكن من الحصول على العرض الأفضل فإننا يجب أن نتمكن من استيراد الحبوب من استراليا او من روسيا او من الولايات المتحدة او من فرنسا.
هذا مثال واحد فقط. نفس الشيء ينطبق على العتاد العسكري.
لذا ذكرت من قبل أن هناك حالة اضطراب في العلاقات حاليا وأنا أعني ما قلته. تغيرنا خلال جيلي... انتقل العالم من عالم ذي قطبين يركز على الحرب الباردة الى عالم متعدد الأقطاب فيه لاعبون مختلفون.
لهذا نسعى -انا شخصيا أسعى- والحكومة المصرية ملتزمة بتنويع علاقاتها ليس على حساب أصدقائنا ولكن الى جانب أصدقائنا. هذا منطقي.
كما قلت كان علينا أن نفعل هذا. الرئيس أوباما يوجد في منصب يخدم مصالح مصر بغض النظر عمن يشغل المنصب في امريكا. هذا ليس موقفا ضد السياسة الأمريكية بل موقفا يتسق مع المصالح المصرية.
أزعجنا القرار الذي اتخذه الرئيس فيما يتعلق بتأجيل جزء من المساعدات العسكرية المقدمة لنا والتي تتطلب ثقة؟ نعم قلت هذا علنا.
أنا عن نفسي يسيئني صراحة أي قرار يؤجل اي جزء من حزمة المساعدات سواء كان جانبا اقتصاديا أو عسكريا.. هذا لأننا لا نرى أن العلاقة تتركز على المساعدات بحيث تزيد في كل مرة نتفق فيها وتنخفض حين نختلف. هذه ليست نوعية العلاقة التي تربط بين قوة عظمى وقوة إقليمية كبرى.
ولكن إن كان سيحدث انعكاس على حزمة المساعدات فلا ينبغي أن يكون على الجانب العسكري لأنك لا تضع الخطط لمشترواتك العسكرية على أساس يومي. هذه قرارات استراتيجية طويلة المدى وتتطلب ثقة لهذا قلت إنها فترة مضطربة.
إنه تأجيل وليس تعليقا. ومع هذا فإن مبدأ عدم سير المساعدات العسكرية وفق البرنامج الموضوع لها يثير قلقا لدينا لأن هذا ليس برنامجا يمكن تغييره على المدى القصير ولا يمكن أن تبني تفكيرك الاستراتيجي على عوامل لا تستطيع التحكم فيها.

- هل تتطلعون الى روسيا للحصول على السلاح؟
اولا أنا توليت المنصب منذ ثلاثة اشهر فقط. ثانيا.. فلننتظر ونرى.

- ما هي رسالة مصر لكيري؟
أن العلاقة مهمة جدا بالنسبة لنا وأننا نود أن نجري مناقشة مفتوحة وبناءة وواضحة وصريحة عن جوهر العلاقة وما نستطيع أن نفعله معا.
هناك أساس قوي لكن لدينا مشكلة. هناك هذه الفترة المضطربة وأسئلة كثيرة حول ما سنفعله بعد ذلك.
بالنسبة لي الامر أكبر بكثير من حزمة المساعدات. لكني كشخص يسعى لتعزيز مصالح مصر دوليا أضع العلاقات الأمريكية في الاعتبار بقوة. وهذا هو النهج الذي سنتبناه. سيكون هذا حوارا صريحا وأمينا بين أصدقاء.

- ماذا عن تطور الديمقراطية؟
هذا تغيير مجتمعي. الأمر لا يتعلق بتغيير حكومة بل بتغير كيفية تعريف المجتمع لنفسه وتحديدا كيفية تعريف مصر لنفسها سياسيا في القرن الحادي والعشرين.
نحن مجتمع تعددي يبحث عن سياسة تعددية ولم نفعل هذا من قبل. نحن ايضا شعب شاب جدا 56 في المئة من سكانه دون سن 25 عاما.. إذن لدينا تغير سكاني وتغير سياسي. شهدنا ثورتين في عامين ونصف.
نحاول أن نضع دستورا جديدا وقوانين جديدة للانتخابات ثم إجراء دورتين من الانتخابات كل هذا في تسعة اشهر.
اذا نجحنا في أن ننفذ كل هذا في موعده فستكون معجزة لكننا مصممون على إنجاز ذلك.
إذا نظرنا الى هذه النوعية من عمليات التحول على الصعيد الدولي فسنج أنها كلها استغرقت فترة طويلة جدا وكلها واجهت عثرات على الطريق.
يهمني أن يفهم الناس حجم ما يحدث هنا وأهمية ما يحدث. لا يمكن الحكم بناء على ما نفعله اليوم وما نفعله غدا. أعدكم أننا سننجح في هذا لكنني أعرف أننا سنتعثر على الطريق لأن المجتمع يحاول أن يحدد مصيره.
بالنسبة لمن هم في الخارج وينظرون الى هذا من الناحية الاستراتيجية أشعر بالارتياح حتى وإن قالوا من وقت لآخر إننا بحاجة لبذل مزيد من الجهد إزاء هذا الأمر او ذاك.
أما من ينظرون الى الوضع من ناحية تكتيكية ويقولون "هذه الخطوة وليس تلك" فأختلف معهم. وأقول صراحة إنه اذا نظر أحد الى آخر عامين ونصف في مصر فإن اكبر تغيير... هو الشعب المصري الذي كان راضيا بوضعه لسنوات طويلة. في عامين ونصف نزل الى الشارع مرتين.
هذا هو الخطأ الذي ارتكبه الرئيسان. لم يسمعا هذا النداء. هذا تغيير وتغيير ناجح.
وعلى الساسة في أنحاء العالم أن يفهموا هذا تماما مثلما كان علي أن أفهم السياسة الأمريكية الداخلية حين كنت سفيرا لمصر بالولايات المتحدة.
كان يجب أن أفهم ما يجري في الكونجرس وأعرف المشرع الذي لديه مشكلة في دائرته وأحالها الى الكونجرس. وهم أيضا عليهم أن يفهموا سياستنا. أعتقد أنه يجب النظر الى هذا وإدراك حجم التغيير هنا. ومتى حدث هذا سيكون رد الفعل استراتيجيا وليس تكتيكيا.

- هل السياسة الأمريكية في حالة فوضى؟
حتى قبل انضمامي للحكومة لم أكن أحب أن أتحدث عن شيء لا يخصني. لهذا لا يمكنني أن أفسر موقف الأمريكيين من حيث ما الذي يريدونه ولا يريدونه ولا أعرف بصفتي وزيرا للخارجية.
الشرق الأوسط بالكامل في حالة اضطراب. هناك ما نطلق علي بالتعبير الفضفاض دول الربيع العربي وهناك القضايا الإقليمية في المشرق والخليج لذا لا أندهش لوجود سياسات على مستوى العالم غير متسقة قليلا فيما يتصل بالشرق الأوسط لأنهم لم يواجهوا هذه المسائل من قبل.
وبما أنكم مررتم بهذه التجارب من قبل كان يجب على الدول التي مرت بهذه التجارب أن تفهم اكثر منا مدى الصعوبة التي ينطوي عليها الأمر وأن تفهم أنه ستكون هناك أخطاء وليس محاولة لاختيار الحلول المثلى.
اذا نظرنا الى ما حدث في اوروبا على سبيل المثال او امريكا اللاتينية خاصة قضية دور الجيش قبل وبعد... فسنجد أن التحول كان تدريجيا.
أقول مرة أخرى إن التحول لدينا لا يمكن أن يكون تدريجيا هكذا لأننا تأخرنا.. لكنهم جميعا مروا بهذه المشاكل ونحن سنمر بها. لذا فهي قضايا مهمة.
المصريون استفاقوا مرة أخرى ونشطوا سياسيا مرة أخرى. لم يحدث من قبل أن كانوا بنفس النشاط الذي كانوا عليه في العامين ونصف العام. وسنصر على لعب دور في تحديد مستقبلنا لكن من ينظر الى الأمر استراتيجيا سيصل الى خطة طويلة المدى.
أما من يحاولون التعامل مع هذا بناء على الضغوط الداخلية لديهم فسيتبنون مواقف غير متسقة وستظهر حينئذ تناقضات.
في العام الماضي على سبيل المثال كان افتقار الغرب للاتساق على صعيد الحقوق المدنية في مصر خلال الرئاسة السابقة مدهشا جدا.
لم يكن هناك إصرار كاف على عدم الإقصاء الذي كان يستهدف الليبراليين في تلك المرحلة.
هذا غريب جدا. هل مجرد انتخاب رئيس يعني أنه ليس عليه أن يتبع لا تقصي أحدا؟ لقد تجاهل الأمر تماما.
وبغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبت في الخارج يجب أن نقوم نحن بالتصحيح بأنفسنا وأن نضمن عدم ارتكاب نفس الاخطاء. سيكون هذا صعبا لكنني محبط لأننا لم نفعل الصواب ولم نبدأ بداية صحيحة منذ عام ونصف. لو فعلنا هذا لكنا تقدمنا بقوة الآن. كان سيصبح لدينا دستور وقوانين انتخابية.
من الممكن تحمل رئيس ذي كفاءة محدودة اذا كان ملتزما بدستور يضمن عدم الإقصاء. المشكلة انه لم يكن لدينا دستور وفي هذه الحالة اذا لم يسلك الرئيس مسارا ديمقراطيا فإنه يمكن أن يحدث الكثير من الفوضى.
يمكنه أن يقوض مكتسبات 25 يناير.
حتى مع أكثر التقديرات تحفظا لأعداد من نزلوا الى الشوارع في 30 يونيو 2013 وفي 25 يناير فإنهم كانوا بالملايين.
يمكن أن نناقش ما اذا كانوا عشرة ملايين ام 30 مليونا لكنهم كانوا ملايين. لماذا يخرج ملايين الى الشارع لو لم تكن لديهم قضية؟ ولماذا يفعلون هذا مرة أخرى؟ وبالمناسبة أتحداكم أن تجدوا مثالا لهذا في التاريخ.
هذا هو البلد الوحيد والشعب الوحيد الذي أعلن موعد الثورتين ومكان الثورتين ونية الثورتين. فعل هذا مرتين. في المرة الأولى كان لنا أن نفاجأ جميعا لكن كم يدهشني أنهم لم يأخذوا الأمر بمحمل الجد في المرة الثانية. هذه حقا علامة استفهام كبيرة.
رغبة الشعب في المشاركة في مستقبله أمر لا يمكن حرمانه منه ولا يجب أن نفعله لكن علينا أن نحدد كيف نوضح التحديات القائمة هنا. علينا أن نجد سبيلا للعمل معا حين الاختلاف لا الاتفاق. فمن السهل العمل معا حين نكون متفقين.
أساس الديمقراطية هو العمل معا حين نكو مختلفين ومازلنا نحاول أن نفعل هذا.

- كل هذا الحديث عن أن جماعة الاخوان تنظيم إرهابي مرتبط بالجماعات المتشددة في سيناء.. ما هي الأدلة؟
انا شديد الحذر في تناول القضايا التي ستنظرها المحاكم قريبا جدا. سنبدأ عملية التقاضي في الايام القليلة القادمة ضد عدد من القيادات. لا أعتقد أن من الملائم أن أخوض في العملية. فلتقدم المحاكم الأدلة. المحاكم ستقرر ما اذا كانت الأدلة مقبولة ام لا ومن المسؤول وستتخذ القرارات. هل هناك مخاوف سياسية؟ نعم. هل هناك مؤشرات على وجود مصادر دعم أجنبية لما يحدث في سيناء؟ نعم لكنني لن أخوض في مسألة من يفعل ماذا. أترك هذا للمحاكم.

- هل غيرت مصر موقفها من سوريا؟
أعتقد أن ما حدث العام الماضي هو أننا غيرنا موقفنا ثم أعدناه هذا العام لما كان عليه.. لم نؤيد قط استخدام القوة ضد دولة عربية.. لم يحدث هذا قط على مر التاريخ.. المرة الوحيدة التي فعلنا فيها هذا كان لتحرير الكويت.. استخدمنا القوة حيث شعرنا أن واقعة محددة او قضية بعينها تهددنا وليس بأسلوب أن نبادر بحل مشكلة داخلية في دولة أخرى ولهذا فالاتجاه نحو استخدام القوة العام الماضي وتأييد استخدام القوة كان صراحة انحرافا عن الطريق.. هل مازلنا ندعم الثورة السورية؟ نعم. هل ندعم السوريين من أجل دولة ديمقراطية حرة.. بالطبع. نحن متمسكون بشدة بالحفاظ على هوية الدولة السورية ولا نؤيد تقسيم الدولة السورية الى طوائف مختلفة. نريدها أن تكون لكل السوريين. نريد ان ننظر الى سوريا كدولة واحدة بغض النظر عمن يحكمها.. فهذه مسألة يقررها السوريون ولذلك عدلنا عن هذا الموقف ونحن لا نعتقد من الناحية الواقعية أن هذه القضية ستحل باستخدام القوة من جانب اي طرف.

- هل سيعقد مؤتمر جنيف؟
هذه مسألة مختلفة. لا أرى أن الإعداد لمؤتمر جنيف يسير كما ينبغي من أجل عقد مؤتمر ناجح لكننا ندعم محادثات جنيف.
ما أفهمه أنهم يتحدثون عن 23 و24 (نوفمبر) والآن 24 و25 ستكون هذه بداية العملية لن يقدم هذا حلا سريعا بأي حال من الأحوال. ما يحدث في سوريا يتصل بالسياسة الجيولوجية وفوق كل هذا حرب اهلية. نحن ننظر هنا الى صراع سوري ومنافسة دولية وإقليمية تحيط به فضلا عن وجود أطراف غير الدول وهذا لن يحل في 23 نوفمبر.

- هل تتوقع اي تحول في سوريا مع وجود الأسد في السلطة؟
لا أتوقع تقدما ما لم يكن هناك التزام بانتقال واضح الى حكومة تتمتع بتفويض كامل لها السلطة والمصداقية بين جميع السوريين ولها سلطة إدارة البلاد فيما يجري التفاوض على الشأن السياسي.

- نعود الى السياسة الداخلية هل تعتقد أن هذا التحول السياسي المتمثل في قيام الجيش بدور داخلي وشعبية السيسي.. هل تعتقد أن هذا يضر بالعملية ام أن المصريين سيعيدون الاخوان المسلمين الى العملية السياسية. ما هي رؤيتك؟
- أعتقد أن ما يعطل العملية ويسبب الغيوم هو العنف في الشارع الذي نراه بين الحين والآخر.. هذا يضفي بعدا أمنيا على العملية ويبدو أساسيا لأنك لا تستطيع أن تمضي الى الأمام سياسيا اذا كان الناس لا يستطيعون المشاركة ولا يمكن أن تعيد بناء الاقتصاد اذا لم يتسن تدفق الخدمات التجارية بسلاسة ولا يمكن أن يأتي السائحون إذا كان الناس قلقين لذا فإن التركيز على البعد الأمني -سواء من جانب الجيش او الشرطة- انعكاس للمخاوف الأمنية.
النقطة الثانية أعتقد أننا كلما اتخذنا المزيد من الخطوات لتنفيذ خارطة الطريق سنرى وجها أكثر مدنية لهذه العملية. بعبارة أخرى نتعشم أنه حين يتم إقرار الدستور ويجتاز الاستفتاء أن ننتقل إلى الحديث عن الانتخابات البرلمانية. والأغلبية العظمى من هؤلاء الناس بل جميعهم سيكونون من غير العسكريين. اذا سارت الأمور بهدوء سنرى تخفيفا او خفضا لتواجد عناصر الأمن سواء الشرطة او الجيش. ثم ننتقل لمسألة انتخابات الرئيس. أعلم أن كثيرين يتحدثون عن شعبية الفريق. هو يتمتع بشعبية واستجاب لتطلعات الشعب لأن يشارك في مستقبله السياسي مرة أخرى وذلك حين خرج ودافع عن الناس لهذا هو يتمتع بشعبية. لكن مسألة ما سيحدث في الأيام القادمة ومن سيخوض الانتخابات (مسألة مختلفة). ما تتابعونه انعكاس لما أقوله لكم. الجميع يريدون المشاركة في السياسة. لا يمكنكم أن تحددوا ولا ينبغي حتى ان تفكروا فيمن سيشغل منصبا قبل تحديد التوصيف الوظيفي. اذا قررنا اعتماد نظام برلماني فلن تكون للرئيس سلطة فعليا. وفي هذه الحالة لماذا نريد رئيسا قويا. اذا لم تكن له سلطة سنريد رئيس وزراء قويا وهو غير منتخب. أما اذا سلكنا الطريق الآخر فحينئذ بالطبع سنريد رئيسا قويا وبالتالي نحن نتدث عن سياسات انتخابية حنى قبل ان نتحدث عن أنواع النظم السياسية التي سنرسيها. لكننا سنرى.
أؤكد مجددا أن أقوى صوت في مصر اليوم هو صوت الشعب المصري وهو ليس ثابتا دائما. نختلفمع بعضنا البعض لكنه الأقوى. أحذر مرة أخرى من تجاهل الشعب المصري.

- دراسة قانون للتظاهر وحملة على الاخوان وتصوير المؤيدين على أنهم مجرمون؟
جوهر سؤالك هو أن البلاد في حالة استقطاب بها شد وجذب. نحاول أن نحدد هويتنا السياسية وهي عملية صعبة وسيكون هناك هذا الشد والجذب فيما نقوم بهذا وسنتعثر ومرة أخرى يجب الا نرتكب أخطاء العام الماضي. يجب أن نجد طريقا لأي مصري سلمي ملتزم بالتعددية ليكون له دور في حياتنا السياسية. سيستغرق هذا وقتا وسواء قمنا به في خطوة واحدة على الفور او مجرد أنشأنا مؤسسات ترسي الديمقراطية وهو الحد الأدنى الذي نحتاج القيام به ثم مزيد من الوقت لتصبح لدينا الممارسة الديمقراطية الملائمة. سنرى. إنه تحد. مصر شديدة الخصوبة سياسيا في هذه المرحلة لكننا نبحث عن إجابات. هل يفيد الاستقطاب؟ كلا لا يفيد. لم يفد العام الماضي وهو لا يفيد الآن لكنني أعتقد بصدق أننا اذا استطعنا وقف العنف فسيعود المصريون حينئذ بدافع من العقل وليس القلب. ما يحرك المشاعر هو العنف.

- الوضع بين ايران والسعودية .. هل تبعدون ايران عن الطاولة؟
اذا كان هناك فراغ يمكن أن يملأه احد فستملؤه دولة. اذا لم يظهر لاعب طبيعي على هذه الساحة فسيملؤنها بمواقف لا تدفع الأمور في النهاية للأمام وإنما تعطيهم نفوذا. لا يمكنك أن تقود العالم العربي اذا كنت غير عربي. لكنك تستطيع أن تؤثر على الشرق الأوسط اذا كنت من الشرق الأوسط حتى وإن كنت غير عربي... إحساسي هو أن أحد أسباب هذا الاضطراب في العالم العربي أن مصر لم تقد المنطقة فكريا خلال السنوات العشر او العشرين الماضية كما كان الحال قبل 30 او 40 عاما. هذا لا يعني أننا دائما نتخذ القرار السليم ولكن اذا نظرتم الى ما قبل ثورة عام 1952 وبعدها بما في ذلك الاخطاء التي ارتكبناها لوجدتمونا نقود عملية الفكر.
قيمتنا المضافة لم تكن مادية وحسب بل كانت فكرية في الحقيقة. حين نبدأ نحكم أنفسنا بطريقة خاطئة يتمثل أضعف عنصر في غياب حكومة تتسم بالشفافية فتأتي على القدرة على التفكير بشكل حر وتقدمي وتقضي على القيادة الفكرية.
أحدثنا الفراغ بأخطائنا وملأه لاعبون غير عرب. وبينما نستعيد ذلك أعتقد أن العالم العربي بأسره سيستفيد وحتى وإن أحدث هذا قدرا من الاحتكاك مع بعض اللاعبين الذين ملأوا هذا الفراغ. فهو ليس بالضرورة احتكاكا سلبيا لأنهم يستطيعون ملأه لكنهم يعجزون عن تحريك المنطقة.
مرة أخرى أقول بصدق شديد وبصراحة شديدة أتطلع الى علاقات مباشرة وبناءة مع كافة دول الشرق الأوسط عربية وغير عربية. سأدافع عن مصالحي بالقطع لكنني لا أرى أن هذه عملية لا تعود بالنفع. وستكون مهمة صعبة لأننا نواجه تحديا في الداخل ونريد استعادة دورنا على الساحة الدولية. العالم العربي بأسره يشهد اضطرابات. من الواضح أنه ستكون هناك منافسة.

النموذج العالمي يتغير.
أحد الأمثلة.. كان المنطق البسيط أن الغرب متواجد في الخليج العربي بسبب النفط والحاجة الى أن يكون له وجود بحري. حسنا.. مسألة النفط تتغير وحاجة الغرب لنفط الخليج تبدلت.. فهل سيؤدي هذا الى تحول كامل في سياسته؟ كلا. بالطبع لا.
لكن هل سيكون له أثر. بالطبع. هذه طبيعة اللعبة. اذا غيرنا أنفسنا جميعا تقدمنا خطوة... وإذا لم نفعل واجهنا ظروفا مختلفة. اذا ظللت تفكر في الماضي فسينتهي بك الأمر الى أن تكون تابعا وليس قائدا.
كثيرون ينظرون الى رغبتنا في التنويع على أنها محاولة لوضع روسيا في مواجهة امريكا على سبيل المثال. هذه عقلية الحرب الباردة. انا لا أحاول أن اضع روسيا في مواجهة امريكا. أنا أحاول أن يصبح هناك 10 و20 و30 شريكا جديدا لمصر. هل سيتنافسون على المكان مع امريكا؟ بالطبع. ولا بأس في هذا بالنسبة لي مادامت مصر تستفيد. لكنني لا أنظر الى هذا كعالم ثنائي القطب. لو حاولت أن أفعل ذلك فسأخسر على صعيد ثورة التكنولوجيا على سبيل المثال وهي ليست في روسيا وليست في امريكا في الحقيقة.
معظمها في اسيا.. صاحبة أسرع معدل نمو في العالم اليوم وفي افريقيا نسبيا هل أستطيع تجاهل هذا؟ من الحماقة تجاهله.
اذا نظرنا الى دول حوض النيل لوجدنا أن لنا حقوقا تاريخية في المياه لكننا نحتاج في المستقبل مياها اكثر من الحقوق التاريخية. من لديه احتياجات من الطاقة في حوض النيل سيحتاج طاقة اكثر من تلك التي يحتاجها الآن.
نحتاج الى العمل معا في ظروف مختلفة ونموذج مختلف.
هذا لا ينتقص من عروبتي او انتمائي لافريقيا. سأكون اكثر توجها نحو المستقبل واكثر عالمية بكثير واذا كانت هناك منافسة فسيكون هذا افضل.

- منطقة مضطربة؟
أرى إمكانية لحدوث تغير إيجابي اكثر من اي وقت في التاريخ العربي الحديث.. لكنني أرى الكثير من التحديات الإضافية التي نواجهها.. تحديات اكثر بكثير من اي وقت في التاريخ العربي. بأمانة انا معجب بالحركات الشبابية ومعجب بأن الجيل الشاب يجادلنا ويريد أن يتكلم في السياسة. على مدى سنوات كان من الصعب جدا إقناع ابنائي او من هم اكبر منهم سنا بقليل... بالانخراط في المناقشات المتعلقة بالشؤون العامة في مصر. اليوم لا أستطيع أن أوقفهم. وهذه هي الطريقة الوحيدة لبناء هذا البلد من خلال تولي الوطنيين زمام الأمور وهم بحاجة الى الشعور بهذه الهوية. الأمر يصبح اكثر تعقيدا بالطبع حين يحدث في تونس وفي ليبيا وفي مصر واليمن وسوريا وفي كل الدول العربية بطرق مختلفة ودرجات متفاوتة.
كل هذا يحدث ولدينا كل هذه المشاكل العالمية... وفي ظل ضيق الوقت على مستوى العالم يجب أن يحدث كل شيء بسرعة شديدة... هذه تحديات جسام. هل أفضل التعامل معها كلا على حدة؟ بصراحة نعم لكني لا أملك هذا الخيار.
أفضل كثيرا أن أرى رغبة في تغيير تدريجي في العالم العربي بين الشباب على أن أرى دولة واحدة تريد التقدم الى الأمام بينما الدول الاخرى لا تريد أن تمضي.
أقول هذا مع احترامي للجميع لكنني أؤمن أن مصر الدولة التي تتمتع بأكبر إمكانات لقيادة العالم العربي فكريا. أرجع هذا الى قيمتنا الفكرية المضافة التي هي أكبر بكثير من قيمتنا المادية المضافة. ولهذا السبب أؤمن أننا اذا نجحنا في هذا المجال ولو مع ارتكاب أخطاء هنا او هناك فسيكون لدينا نموذج إيجابي جدا يحتذى في العالم العربي.
بأمانة شديدة لن أقول للدول العربية أن تكون اكثر او أقل ديمقراطية. لن أفعل هذا. هذه ليست خطتي. ما أريد أن أفعله هو أن أكون مثلا أعلى جيدا وأن أعود مرة أخرى لأكون المثل الأعلى. وحينها سترى هذه الدول أننا حين قمنا بهذا بالطريقة الصحيحة نجحنا.
وبعد ذلك ستختار 120 في المئة مما فعلناه او 60 في المئة مما فعلناه لكنها ستتحرك في نفس الاتجاه.
أما اذا فشلنا فسيشهد العالم العربي تراجعا لا يمكن تصوره. سيحدث هذا إحباطا كبيرا وغضبا شديدا لأنه -ولا أريد أن أبالغ في التركيز على هذا- لا يمكن تجاهل عامل الشباب هنا. نصف العالم العربي مثل مصر دون سن 25 عاما. لا تستطيع أن تحرمهم من الاختيارات. بغض النظر عما اذا كانت الحكومة جيدة او سيئة.. هم يفتحون الانترنت ويطلعون على الخيارات ويريدون أن يعرفوا لماذا لا تعرض عليهم هذه الخيارات.
لماذا يكون لشخص ما في الصين او فرنسا او الولايات المتحدة او روسيا خيارات اكثر مما هو متاح لهم.
خلال نشأتي.. كنا ننظر إلى الدولة المجاورة... أما اليوم وعلى مدار الأربع والعشرين ساعة يجري تحميلنا المسؤولية عما يحدث للمسلمين في ميانمار او ما يحدث في جنوب افريقيا في قضية معينة... أو في امريكا اللاتينية. الناس يرفعون سماعة الهاتف ويقولون لماذا لا ينطبق علينا هذا؟

- غزة؟
كل هذا يحدث في نفس الوقت وكل هذا الاضطراب في نفس الوقت كما أن هناك أيضا قضايا إقليمية وهناك تركيز على الأمن أعلى من المعتاد. وفي حين نغلق الأنفاق -وقد أغلقنا عددا كبيرا جدا منها وسنغلق بقيتها- فإننا بالتبعية نتطرق الى قضايا محل اهتمام آخرين.
لا نؤمن بحصار غزة. نبحث الخيارات وكيف نقدم السلع والخدمات لغزة بطريقة مقبولة لجميع الأطراف المعنية وبدون شبهات بطريقة مشروعة وليس من خلال الأنفاق لكن بينما نحن نتعامل مع الوضع في الداخل والموقف في سيناء -وهو ليس سهلا في شمال سيناء- يجيء رجال أمن ويقولون لنا إنهم يحتاجون معرفة الداخل والخارج. نحن بحاجة للسيطرة على المعابر والقيود زادت على التأشيرات لكنه ليس عقابا لأهل غزة. هذا غير صحيح على الإطلاق.
الوضع ببساطة ليس هكذا.
عشنا 60 عاما في غياب الديمقراطية والحكم الرشيد في أغلب الوقت... اذا لم تصنع ديمقراطية فإنك تصنع احتكارا. والاحتكار اما نظام دكتاتوري او استبدادي. والديمقراطية هي تقاسم للسلطة بين الناس. لا نريد العودة الى ذلك النظام.

- الخيار العسكري..
لا أعتقد أننا يمكن أن نتحمل غياب الديمقراطية في عصر الشفافية الذي نعيشه اليوم. لذا أود أن أرى الخطوة الإيجابية المتمثلة في تبني دستور... إنها وثيقتنا التأسيسية في هذا اليوم وهذا العصر وستكون وثيقة مدنية حتى وإن تضمنت بنودا معينة فيما يتصل بالجيش.
وهذا سيدخلنا في الجدال المدني. مرة أخرى.. لماذا ينزل شعب في العالم إلى الشارع مرتين في عامين ونصف ويغير رئيسه؟ في الأغلب الأعم لأنه يريد أن يكون شريكا في الديمقراطية. في هذه الحالة هل ستكون هناك مشاكل؟ أجل. كلما زاد انعدام الأمن كلما طال أمد هذا. لكني لا أظن أن الشعب المصري سيقبل العيش بلا ديمقراطية.
المسألة ليست إن كنا سننالها أم لا.. وإنما مسألة الوقت الذي سنستغرقه لنيلها والثمن الذي سندفعه. وسأكون صريحا مع من يسألون عن نوايا -ولأكن صريحا جدا معكم- نوايا الحكومة التي أنا عضو فيها. لدينا تفويض لمدة تسعة أشهر علينا خلالها أن نعلن عن انتخابات رئاسية وهذا ربما يستغرق شهرين ونصفا أخرى... أي في النهاية نحو عام. لكن ما هو التفويض الممنوح لنا؟ بدء عملية مصالحة.. البدء في بناء الدستور.. إجراء انتخابين. الأمر كله يتعلق بوضع نظام ديمقراطي.
ويحتاج الأمر الآن -ونحن بصدد تنفيذه- لدعم. كيف ستجرى انتخابات في غياب الأمن؟ ومن ثم إذا أردنا الانتقال للخطوة التالية لابد وأن يتوافر الأمن ولابد من تمكين النظام الأمني. وحين تقوم بتمكين الأنظمة الأمنية يجيء من يقول إن هناك إفراطا في اللجوء للأمن. حسنا.. فلتتوقفوا عن اللجوء للعنف ولن نضطر نحن لزيادة تلك الأنظمة. تحدونا في الشوارع بأسلوب سلمي أو من خلال الانتخابات بمجرد أن يكون هناك دستور شامل. بعد ذلك نحن بحاجة لإجراء ... العمليتين الانتخابيتين ولن يطيق الناس صبرا لذا ينبغي البدء في النهوض بالاقتصاد.
كيف يمكننا أن نجلب السياح إن لم يكن لدينا أمن؟ إنها معضلة. لكن التفويض الممنوح لهذه الحكومة يتمثل في إرساء المؤسسات الديمقراطية لبناء مصر الحديثة. هذا هو تفويضنا وهذا ما نحاول تحقيقه.
وبعد ذلك سيختار أي من سيتم انتخابه الحكومة التالية التي يمكن أن تكون يسارية أو يمينية أو ممثلة لأي اتجاه يريدونه.
هذه حكومة مؤقتة لكنها تحمل تفويضا تاريخيا ينطوي على تحد كبير.. تفويضا أظن أننا بحاجة لأن نبدي صلابة شديدة في تنفيذه وبحاجة لأن تكون لدينا ضوابطنا وتوازناتنا الداخلية لأن الضوابط والتوازنات السياسية لم تحدث بعد.

- تفويض طويل المدى؟
أتطلع لأن أرى خارطة الطريق وقد تحققت في غضون فترة التسعة إلى الاثني عشر شهرا المقرر أن تستغرقها والتي تتمخض عن مؤسسات حكومة ديمقراطية.
أظن أننا إذا نجحنا في عمل هذا فستكون لدينا ديمقراطية ناضجة في غضون ثلاث إلى خمس سنوات.. بمعنى دورة انتخابية أخرى.
أقول هذا لأن من يقود هذا الأمر هم الشباب. في تلك الفترة لن يبقى جيلي على الساحة السياسية. الشباب هم من يمسك بالمقود وهم يفكرون بطريقة مختلفة. هم الآن لا يملكون الخبرة التي لدينا لكننا أيضا ارتكبنا أخطاء أرجو أن يتفادوها.
لذا فإن المدى الطويل في الإطار الزمني القائم حاليا هو من ثلاث إلى خمس سنوات لكنه يبدأ حين ننتهي من خارطة الطريق.

- إيران والسعودية والاستقطاب وموقف مصر...
من النقاط التي أثرتها بعد انضمامي للحكومة هي إعادة توجيه سياستنا الخارجية على أن تكون نقطة الانطلاق من منطقتنا.. بمعنى أننا نقود منطقتنا وليس العالم. منطقتنا هي العالم العربي وجذورنا في افريقيا ولهذا كانت معظم سفرياتي منذ تعييني إلى العالم العربي وافريقيا. وسأبدأ رحلة افريقية أخرى خلال يوم أو اثنين.
جزء من الاستقطاب الحالي يرجع إلى الفراغ الذي خلفته مصر حين توقفت عن لعب دورها وحين توقفت عن قيادة هذه المنطقة ثقافيا وسياسيا واقتصاديا خلال العقد الماضي أو نحو ذلك.
نحن بحاجة لأن نستعيد ذلك الدور وهذا لن يكون من خلال تغيير الحكومة وإنما من خلال تغيير سياساتنا واستقرار الوضع الداخلي واتخاذ مواقف على الساحتين الإقليمية والدولية تعكس هويتنا. وإني أؤكد مجددا أن قراراتنا السياسية ستعكس أننا عرب وجذورنا تمتد في افريقيا. وهذا هو النهج الذي ستسير عليه سياساتنا.
وإذا كنتم تتابعون التصريحات التي أعلناها سواء حول القضية السورية أو الخليج العربي في مواجهة القضايا الإيرانية أو فيما يتصل بالتعامل مع دول حوض النيل والبلدان الإفريقية فستجدون أن هذه هي نقطة الانطلاق الحقيقية.
الاستقطاب لا يساعدنا. نحن بلد وسط في سياستنا الخارجية وفي سياستنا الداخلية. وحدوث استقطاب في العالم يضعف ملعبنا وهذه ليست اللعبة التي نريد أن نلعبها.
لقد قلت علنا رغم أنه لا تربطنا علاقة قوية مع إيران.. قلت إنه إذا كانت دول الخليج العربية وإيران تريد مساعدتنا في إجراء حوار بينها فيسعدنا ذلك وأنا أعني ما أقول.
لا يوجد في البلدين تمثيل على مستوى السفراء لكن هذا لا يعني أن أتجاهل حقيقة أن إيران دولة مهمة ولا أن يتجاهلوا أن مصر بلدا مهما في العالم العربي.
ما نراه في المشرق.. في سوريا.. واحد من أخطر المشاكل والتهديدات في هذه المنطقة منذ عقود.
يبدو الأمر في الواقع شبيها بما رأيناه بعد الحرب العالمية الأولى من إعادة تشكيل لدول المنطقة وإعادة تشكيل لسياسات المنطقة وتزايد التوجه صوب الطائفية بدلا من انتهاج سياسات الدولة.
الوضع جد خطير ويمكن أن يتشعب في أنحاء المشرق وفي منطقة الخليج.
وهذا بالطبع له آثاره على أمننا القومي لذا فهو يثير قلقنا. وقد سمعتموني أتحدث على مدى سنوات وأنا في مناصب مختلفة عن أهمية تسوية الصراع العربي الإسرائيلي ومحاولة حل الأمر من خلال المفاوضات.
سنواصل السير في هذا الطريق. وستكون أول رحلة لي بعد السودان وجنوب السودان إلى رام الله للتأكيد على أننا سنلعب ذلك الدور.
ونحن بالتأكيد بلد نشط فيما يتصل بالعلاقات الدولية.
ليس لنا أن نختار أن تكون لدينا سياسة خارجية أم لا.. فنحن نعيش في وسط العالم تقريبا ونستورد معظم سلعنا الغذائية وكما كبيرا من الطاقة ويأتي موردنا المائي من الخارج ناهيك عن متطلباتنا الأمنية بشكل عام.
لن يكون أمننا القومي بمأمن إلا في ظل نظام قومي مستقر.. حين نحدد ملامح أمننا القومي وشكل سياساتنا.
منهجنا لا يتمثل في حل كل شيء عسكريا. بل إن الغالبية العظمى من القضايا لا تحل عسكريا ولو حلت عسكريا لكان الثمن باهظا.
نرى مصر زعيما للعالم العربي وزعيما بارزا جدا في افريقيا لكننا لسنا قوة عظمى. لن نعيث في الأرض قتالا ولن نرتع فيها زعامة. لذا فإذا كان لي خيار -وأقولها جادا لأن هناك دولا لديها خيارات أخرى- فسأسعى دائما لاختيار طريق الحوار البناء لتسوية القضايا لا اللجوء للقوة أو الاستقطاب.
الاستقطاب يثير قلقنا البالغ.

مواضيع مرتبطة
القيادي في الحراك التهامي محمد قحيم : متنفذون جنوبيون يكرروا نفس سيناريو متنفذي صنعاء في الحديدة
قيادي بجماعة (الإخوان) بقطر: السيسي أوهمنا بتدينه ونهايته ستكون سوداء
تحدث عن مذبحة الجنود بحضرموت : الحوثي ينفي وجود أي صفقة مع الرئيس هادي..ويهدد بإستخدام لغة اخرى لاسقاط الجرعة .. (نص الحوار)
في حوار مع صحيفة (عكاظ) السعودية::
السيسي : لن نقبل بتحول اليمن إلى أرضية خصبة لحروب أهلية وما حدث هو نتاج سلسلة من الأخطاء واليمنيون لن يقبلوا بتغيير هويتهم ..(نص الحوار)
السفير السعودي بواشنطن : ايران تسلح الحوثيين وتمولهم وسندمرهم إن لم يعودوا لصوابهم
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية