روى المراسل الحربي الإيطالي دومينيكو كيريكو، الذي استعاد حريته الأحد الماضي بعد أن خطف لشهور من قبل مسلحي المعارضة في سوريا، ظروف احتجازه واصفا خاطفيه بأنهم "مهووسون بالمال" وذلك بحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية اليوم الأربعاء.
ووصف المراسل البالغ من العمر 62 عاما في صحيفة "لا ستامبا" التي يعمل فيها كيف عرضه المعارضون للإعدام الوهمي مرتين.
وقال إن خاطفيه كانوا شبابا مشوشين مهووسون بالسعي وراء المال.
واستعاد كيريكو حريته الأحد الماضي عندما أطلق المعارضون سراحه بعد اختطاف دام خمسة شهور قضاها بمعية الرهينة البلجيكية المدرس بيير بيشينين دا براتا.
وكان كيريكو قد دخل سوريا قادما من لبنان في السادس من أبريل/نيسان الماضي، واختفى بعد أربعة أيام قرب بلدة القصير. ويقول إنه يشك في أن عناصر من الجيش السوري الحر المعارض قد خانوه.
وفي الاشهر التالية تناوبت عدة حركات مسلحة معارضة على الاحتفاظ بكيريكو ودا براتا.
واجبر الرهينتان على الانتقال عدة مرات خلال فترة أسرهما في رحلات طويلة وخطرة في عمق سوريا تبعا لتبدل جبهات القتال.
وعاد كيريكو إلى بلاده أخيرا الاثنين بعد جهود مضنية بذلتها وزارة الخارجية الإيطالية وغيرها من أجهزة الدولة.
وقال المراسل الحربي "كان خاطفونا ينتمون الى مجموعة تقول إنها مجموعة إسلامية، ولكن الحقيقة أنها كانت مكونة من مجموعة من الشباب المشوشين الذين انضموا للثورة فقط لأن الثورة أصبحت ملكا لمثل هذه الجماعات التي يمكن أن توصف بأنها تقف على منتصف الطريق بين اللصوصية والتعصب الديني."
وأضاف قائلا "إنهم يتبعون كل من يعدهم بمستقبل أفضل ويزودهم بالسلاح ويغدق عليهم الأموال التي يستخدمونها في شراء الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر والملابس الجديدة."
وقال كيريكو إن هذه هي المجموعات التي تحظى بثقة الغرب، ولكنها في الواقع تسترزق من الثورة "بالاستيلاء على الأراضي وخطف الناس من أجل الفدى التي يملأون بها جيوبهم."
وقال كيريكو إنه وزميله البلجيكي "عوملا كالحيوانات إذ كانا محتجزين في غرف صغيرة شبابيكها مغلقة رغم حرارة الطقس، وكانا ينامان على القش ويأكلان ما يجود عليهما به خاطفوهما من فتات."
وقال إن الخاطفين لم يكونوا مهتمين سوى بالمال والسلاح، وكانوا يقضون أيامهم مستلقين على المرتبات يدخنون ويشاهدون الأفلام المصرية القديمة أو برامج المصارعة الأميركية على التلفاز.
وأضاف أنه كان يشعر بأن الخاطفين كانوا يتلذذون برؤية من يعتبرونهما غربيين غنيين يتحولان إلى متسولين.
قال كيريكو إنه استعار مرة هاتفا محمولا من مسلح معارض مصاب استخدمه للاتصال بذويه في إيطاليا. "كانت تلك الايماءة الوحيدة عن الرحمة التي شهدتها طيلة 152 يوما في الأسر."
ومضى للقول "حتى الأطفال والكهول كانوا يحاولون إيذائنا. ربما اتكلم باخلاقية مبالغ بها، ولكن الانطباع الذي كونته عن سوريا أنها بلد الشر."
ومن المفارقة، حسب كيريكو، "أن الوحيدين الذين عاملونا بإنسانية كانوا أولئك القريبين من تنظيم القاعدة" لأنهم كانوا يحملون مبادئ حول معاملة الأسرى يفتقر إليها الآخرون.
وقال إنه تعرض للإعدام الوهمي مرتين، بما في ذلك مرة صوب فيها أحد المتمردين سلاحا حيا إلى رأسه.
ولكن كيريكو لا يتطرق إلى سبب إطلاق سراحه، وإنما يقول إنه أجبر يوما ما على المسير في الليل مما جعله يخاف من احتمال أن تطلق عليه النار من الخلف، ولكنه سمع صوتا إيطاليا قادما من الظلام وعرف آنذاك أنه على وشك أن يستعيد حريته.