تعهد رئيس أركان الجيش السوري الحر، اللواء سليم إدريس، بنقل المعارك داخل لبنان كرد فعل على سقوط مدينة القصير الاستراتيجية بيد قوات الأسد مدعومة بقوات حزب الله.
وقال اللواء إدريس في تصريح صحفي أمس إن مقاتلي حزب الله "يغزون الأراضي السورية، وعندما يستمرون في القيام بذلك والسلطات اللبنانية لا تتخذ أي إجراء لمنعهم من القدوم إلى سوريا، أعتقد بأن ذلك سيسمح لنا بمحاربتهم داخل الأراضي اللبنانية".
وكشفت تقارير متطابقة عن وجود قوات لحزب الله في مناطق مختلفة من سوريا، خاصة بالقصير وإدلب وحلب ودمشق حيث تتولى حماية الأسد، وتدريب حرسه الخاص، فضلا عن قيادة العمليات القتالية ضد المعارضة في ظل هبوط معنويات القوات النظامية بعد الخسائر التي تلقتها في مدن مختلفة.
وقالت مصادر من بيروت إن حزب الله يسعى إلى الظهور بوضع من يحسم المعركة ليحافظ على الامتيازات التي يحصل عليها في لبنان، لكن خيار الحرب بالوكالة قد يجعله في مواجهة موجة من الكراهية داخل محيط سني بدأت تهيمن عليه مجموعات متشددة.
واعتبر خبراء عسكريون أن نقل المعارك إلى لبنان هدفه توريط حزب الله في معركة شاملة تقوم على حرب الشوارع والاغتيالات والتفجيرات الانتحارية بدل مواجهته في الحرب التقليدية التي تمرس عليها خلال حرب 2006 ضد إسرائيل.
وأشار الخبراء إلى أن فتح جبهة لبنان سيجعل حزب الله ينكفئ على نفسه ويسعى إلى حماية ترسانته العسكرية الكبرى الموجودة في لبنان، ويتجنب حربا قد تفقده الامتيازات القائمة والتي تضعه في موقع أكبر من الجيش اللبناني.
ولفت هؤلاء الخبراء إلى أن تسبب الحزب في قيام حرب جديدة بلبنان سيحرر اللبنانيين من الوضع الراهن الذي يفرض فيه عليهم السكوت على التجاوزات الكبيرة للحزب وهيمنته على مؤسسات الدولة وقرارها السياسي بفعل "نجاحات المقاومة" سنة 2000 و 2006.
من جهة أخرى قالت مصادر في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية إن المخاوف من الحرب بدأت تؤثر على شعبية الحزب داخل الصف الشيعي، وخاصة من القيادات التاريخية التي تتمسك بلبنانية الحزب وترفض تبعيته للمرجعية في طهران، فيما يتمسك نصر الله والمحيطون به بخوض "الحرب المقدسة" لفرض سيادة الشيعة على المنطقة في سياق خدمة الأجندة الإيرانية وتنفيذ أوامر المرشد الأعلى.
وكشفت ذات المصادر عن أن لهذه الخلافات أبعادا تاريخية، تعود إلى مرحلة تأسيس الحزب، حيث كان جزء من الشيعة اللبنانيين الذين انضموا إلى الحزب يؤمن بأنه ينبغي أن يكون مواليا لمرجعية ولاية الفقيه بإيران (مع قيام ثورة الخميني سنة 1979).
وهناك جزء آخر لا ينفي دور مرجعية الخميني، لكنه يشعر أن انتماءه إلى لبنان ومحيطه العربي أهم لمستقبل الحزب وعلاقاته، وكان السيد حسين فضل الله المؤسس الفعلي لحزب الله الشخصية المرجعية لهذا الفريق، قبل أن تتسلمه قيادات تدين بالولاء لإيران.
وتوقعت المصادر أن تأخذ الحرب القائمة في سوريا أبعادا أكثر خطورة إذا لم يتم تطويقها سريعا خاصة بعد ثبوت مشاركة مجموعات شيعية قادمة من لبنان واليمن والبحرين والعراق في المعارك إلى جانب نظام الأسد، وأن ذلك قد يكون مقدمة لموجة مضادة من متطوعين قادمين من دول سنية لاعتبارات دينية خاصة بعد فتوى يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بالجهاد في سوريا.
وجاءت تصريحات قيادات المعارضة السورية بعد سقوط القصير بيد حزب الله في خطاب تصعيدي يوحي بأن تورط حزب الله في سوريا لن ينتهي بسهولة ودون تداعيات.
فقد أكد رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة بالإنابة جورج صبرا استمرار المعركة ضد النظام السوري "حتى تحرير كل البلاد"، مشيرا إلى أن سوريا تتعرض "لغزو أجنبي" وأن النظام "لم يعد قادرا على البقاء من دون سلاح أجنبي".
وقال صبرا في كلمة ألقاها من إسطنبول تعليقا على سقوط القصير "للأبطال في الجيش السوري الحر، نقول:
"ستهزمون هذه الشرذمة من الإرهابيين الطائفيين وأسيادهم في قم وطهران"، في إشارة إلى مقاتلي حزب الله.
وتحدث عن "غزو خارجي" للقصير، مضيفا أن "النظام المجرم لم يعد قادرا على البقاء إلا بالسلاح الأجنبي".
وتوجه إلى من أسماهم "الغزاة" قائلا "أما أنتم أيها القتلة، فستخرجون من سوريا مهزومين ومكللين بالعار".
وتعتبر القصير مركزا لوجستيا رئيسيا، حيث كان حزب الله يحصل عبرها على الأسلحة والإمدادات والخبراء الإيرانيين الذين تولوا طيلة سنوات تدريب وتجهيز المقاتلين الشيعة.
هل قرر الأميركيون التدخل في سوريااخبارمدخل - 06
وفي نفس السياق أثارت معلومات عن عزم الرئيس الأميركي باراك أوباما تعيين سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة لدى منظمة الأمم المتحدة، مستشارة للأمن القومي ترحيب أوساط عربية حيث عرف عن رايس أنها أحد أهم الأصوات المنادية بالتدخل العسكري لحسم الصراع السوري دون حتى انتظار قرار من مجلس الأمن.
وقالت مصادر دبلوماسية إن شغل رايس منصب مستشارة في هذا التوقيت، يشير إلى أنه ربما قد تبرز سياسات مختلفة من قبل الإدارة الأميركية تجاه منطقة الشرق الأوسط في المرحلة المقبلة.
ويأتي تعيين رايس، التي تتمتع بثقة الرئيس الأميركي، في هذا المنصب الرفيع ليعكس مدى الاهتمام الذي توليه الإدارة الأميركية لسياساتها الخارجية في الفترة المقبلة، لاسيما في الشرق الأوسط التي تعاني من اضطرابات منذ أكثر من عامين.
ويعتقد آخرون أن خلفية سامانتا باور كمدافعة عن حقوق الإنسان سوف تجعل منها صوتا قويا داخل الإدارة الأميركية، يطالب بدور أكبر لواشنطن في حماية حقوق الإنسان في مثل سوريا وإيران والسودان.
وقال عز الدين شكري فشير أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالقاهرة، والسفير السابق إن "سوزان رايس، وسامنتا باور من أنصار سياسة أميركية نشطة في العالم لدعم الأقليات والحريات، وحماية المدنيين في مناطق الصراع، حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة المسلحة".
وأضاف "سامنتا باور من الأكاديميين الذين ساهموا في إرساء مبدأ (مسؤولية حماية المدنيين) الذي يشكل أساس التدخل الإنساني. أعتقد أن الشخصيتين من أقوى الشخصيات حاليا داخل الإدارة الأميركية".
وتحل سوزان رايس حال تعيينها محل "توم دونيلون" الذي يعتزم تقديم استقالته ضمن تغيير كبير في فريق السياسة الخارجية الأميركية.
كما يعتزم أوباما ترشيح سامانتا باور الكاتبة الفائزة بجائزة "بوليتزر"، والتي كانت تعمل كمساعدة سابقة في البيت الأبيض وأستاذة في جامعة هارفارد، لتخلف رايس كسفيرة واشنطن في الأمم المتحدة.
يذكر أن الرئيس الأميركي باراك أوباما كان يرغب في تعيين رايس وزيرة للخارجية خلفا لهيلاري كلينتون، لكن ترشيحها للمنصب واجه معارضة قوية من قبل أعضاء جمهوريين في الكونجرس، بسبب تصريحات كانت قد أدلت بها عقب الهجوم على البعثة الأميركية في بنغازي بليبيا في 11 سبتمبر/ أيلول عام 2012، والذي أدى إلى مقتل أربعة دبلوماسيين أميركيين من بينهم السفير "كريستوفر ستيفنز″.
وصرح مسؤول في البيت الأبيض بأن دونيلون الذي عمل أكثر من أربع سنوات مستشارا للأمن القومي لأوباما سيترك منصبه أول يوليو/ تموز.
ولا يتطلب تعيين رايس مستشارة للأمن القومي موافقة مجلس الشيوخ الأميركي. بينما يجب طرح تعيين سامانتا باور مبعوثة للولايات المتحدة في منظمة الأمم المتحدة على مجلس الشيوخ للموافقة عليه أولا.
ويعتبر منصب مستشار الأمن القومي من أهم المناصب داخل الإدارة الأميركية. وتقع على عاتق مستشار الأمن القومي مهمة خدمة الرئيس بولاء مطلق، بالتوازي مع إدارة عملية سياسة شاملة وفعالة.
إلى ذلك يجب أن يتمتع مستشار الأمن القومي بشخصية قوية قادرة على فرض الانضباط في أروقة الحكومة، مع إشراك كبار المسؤولين على رؤوس المؤسسات التابعة له في عملية صنع القرار بدلا من تهميشهم.
وكالات