أثار قرار وزير الثقافة المصري الجديد إقالة عدد من رؤساء القطاعات الثقافية ضجة في أوساط المثقفين المصريين، وهي خطوة اعتبرها مثقفون جزءا من أسلوب "أخونة الدولة" الذي تم تنفيذه في وزارات أخرى.
ويتزامن هذا مع "فتوى" تحريم فن الباليه التي صدرت عن وجه من وجوه السلفية وعضو بمجلس الشورى المعين عن طريق الرئيس محمد مرسي.
وتظاهر عشرات المثقفين داخل دار الاوبرا في وسط القاهرة بعد ظهر أمس للتعبير عن احتجاجهم على هذه القرارات ورددوا هتافات مناهضة لمرسي وجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها.
وقام الفنانون الأربعاء للمرة الأولى في تاريخ دار الأوبرا المصرية التي يعود تأسيسها إلى العام 1869 بإلغاء عرض أوبرا عايدة احتجاجا على سياسة وزير الثقافة الأخيرة، معلقين العمل لثلاثة أيام.
كما أعلن الموسيقار المصري عمر خيرت تضامنه مع الفنانين والعاملين في الأوبرا مؤكدا أنه سيوقف تقديم كل حفلاته في المسرح الكبير.
وافتتح الإثنين المعرض العام للفن التشكيلي في مصر في غياب وزير الثقافة ووسط هتافات مناوئة له ولجماعة الإخوان.
ودخل عشرات من الفنانين والعاملين في دار الأوبرا في اعتصام مفتوح حتى إقالة الوزير، وهو ما تضامن معه عدد من أنصار الأحزاب الليبرالية المعارضة.
وكان وزير الثقافة المصري علاء عبد العزيز الذي لا ينتمي إلى الإخوان وجرى تعيينه أوائل أيار الجاري، قرر خلال الأيام القليلة الماضية إقالة صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية، وأحمد مجاهد رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، وإيناس عبد الدايم رئيس دار الأوبرا.
وأدى إقصاء هؤلاء المسؤولين إلى استقالة الشاعر عبد المعطي حجازي من تحرير مجلة "إبداع″ الصادرة عن وزارة الثقافة، وأسامة عفيفي رئيس تحرير مجلة "المجلة" الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وهذا التوتر الشديد أدى إلى استقالة الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة سعيد توفيق.
واعترض توفيق، الرجل الثاني في الوزارة في بيان استقالته على "السعي بإصرار نحو تنفيذ سياسة أخونة الوزارة الذي بات واضحا للعيان"، مشيرا إلى "تصعيد من يميل بالولاء لجماعة الإخوان المسلمين (...) رغم تقييمهم السلبي بالنسبة لمهام عملهم".
وبرر وزير الثقافة المصري قرارات الإقصاء المفاجئة في بيان بضرورة "ضخ دماء للوزارة". وأضاف بيان وزارة الثقافة أن "التغيير يهدف إلى خلق رؤى جديدة لإحداث حراك ثقافي يعبر عن ثورة 25 يناير" بالإضافة إلى تفعيل كافة قطاعات الثقافة المصرية، وعملها بأقصى إمكانياتها.
لكن قائد الأوركسترا ناير ناجي الذي التقى وزير الثقافة قبل أسبوع لمناقشة قراراته، قال لوكالة فرانس برس إن "الوزير لم يقدم لنا أسبابا واضحة لقراراته وبالتالي فهو ينفذ أجندة".
وأضاف ناجي أن "الإخوان يرون أن حكم البلاد لن يكون سهلا بوجود كل هؤلاء المثقفين والمفكرين المناوئين لهم وبالتالي هم يريدون السيطرة على الوزارة وإبعادهم".
ويقول الكاتب حلمي النمنم إن "جماعة الإخوان المسلمين تعتقد أن بسط أيديها على وزارة الثقافة يؤدي إلى بسط أيديهم على الثقافة المصرية وهذا خطأ".
ويطالب المثقفون الغاضبون بإقالة الوزير عبد العزيز، لكن النمنم يرفض شخصنة الأزمة في شخص "الوزير" لأنه مجرد شخص جاءت به جماعة الإخوان.
من جانبه، رفض أحمد عارف المتحدث باسم جماعة الإخوان تحميل الجماعة مسؤولية كل ما يحدث من أزمات في البلاد. وقال لفرانس برس "نحن نريد الحرية لكل الأطراف على حد سواء ولا نرفض التنوع الثقافي لأنه موجود داخل تنظيمنا".
كما رفض عارف احتكار البعض للفظة "المثقفون" باعتبارها "تستبعد الشخصيات الفكرية المنتمية للتيار الإسلامي".
وتتهم المعارضة المصرية جماعة الإخوان المسلمين بمحاولة السيطرة على مفاصل الدولة عبر تعيين المنتمين لها في مناصب قيادية، وتبدي المعارضة قلقها من أن يعمل الإخوان على فرض قيود على الحريات الثقافية والفنية.
وفي أغسطس الماضي، قرر المجلس الأعلى للصحافة التابع لمجلس الشورى الذي يرأسه أحمد فهمي القيادي بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان، تعيين خمسين مسؤولا جديدا على رأس المؤسسات الصحافية المملوكة للدولة.
ويخشى المثقفون والمعارضة في مصر من تحويل المؤسسات والكيانات الثقافية إلى مجرد كيانات كرتونية، وذلك دون إلغائها لتجنب الغضب الشعبي والدولي. كما يخشون من التضييق على الفنون المختلفة خاصة التي تشارك النساء فيها.
وقبل ثلاثة أيام، طالب عضو سلفي في مجلس الشورى المصري خلال مناقشة موازنة دار الأوبرا المصري بإلغاء فن الباليه كونه فن العراة ويدعو إلى الفجور.
العرب اون لاين
