تقرير:حزب الله... مفردة إسلاموية بجرعة طائفية

الأربعاء 29 مايو 2013 الساعة 08 مساءً / وفاق برس:متابعات
عدد القراءات 1067
حزب الله، تنظيم سياسي عسكري نبت على الساحة السياسية والعسكرية اللبنانية منذ عام 1982، وكانت البذرة أجنبية غريبة عن أرض لبنان حيث كانت بذرة إيرانية صُدرت خارجا بعد الثورة الإسلامية للخميني عام 1979.

ورغم انطلاق الحزب من تيارات إسلامية عديدة، ورغم انبعاثه بتعلة مقاومة الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، إلا أن الرعاية الإيرانية كانت حاسمة في ولادته ونموه واستمراره على قيد الحياة.

وهذه الرعاية الإيرانية كانت تقوم على دعامتين ستؤثران لاحقا على هويته وفعله وسياساته.

الدعامة الأولى وهي المبكرة تمثلت في الدعم العسكري واللوجستي والمالي الذي حظي به «حزب الله» من قبل إيران، ويذكر هنا أن قوات حرس الثورة الإيرانية التي جاءت إلى لبنان إثر اجتياح صيف 1982، أقامت قاعدة عسكرية في بعلبك، وقامت بتوحيد وتدريب وتأطير المجموعات التي حملت بعد ذلك تسمية حزب الله في سنوات نشأته الأولى 1982- 1985.

الدعامة الثانية (وهي الأخطر) تمثلت في الأسس الفكرية والعقائدية والتنظيمية المنطلقة من مبدأ ولاية الفقيه، حيث ورد في بيان صادر عن الحزب بتاريخ 16 فبراير/ شباط 1985 أن حزب الله «ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة تتجسد في ولاية الفقيه، وتتجسد في في روح الله آية الله الموسوي مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة».

تضافر الدعامة العسكرية واللوجستية مع الدعامة الفكرية العقائدية أنتجت حزبا سياسيا دينيا ينطق لغة طائفية ويعلو على الدولة.

لا تحتاج «إسلامية» الحزب إلى أدلة كثيرة لبيانها، لأنها مبثوثة في كل أدبياته وبرامجه وشعاراته، لكن ذلك لا يمنع من الإشارة إلى أن مشروع الدولة الإسلامية غير غائب عن برنامج حزب الله، الذي يميز في تحركاته السياسية بين الفكر والبرنامج السياسي، فيرى أن الفكرة السياسية لا تطبق إذا كان الواقع السياسي غير ملائم لتحقيقها وتحويلها إلى واقع، ولكنها لا تسقط أو تتغيّر.

وفي هذا الصدد يقول حسن نصر الله: «نحن لا نطرح فكرة الدولة الإسلامية في لبنان على طريقة طالبان في أفغانستان، ففكرة الدولة الإسلامية حاضرة على مستوى الفكر السياسي، أما على مستوى البرنامج فإن خصوصيات المجتمع اللبناني لا تساعد على تحقيقها، فالدولة الإسلامية المنشودة ينبغي أن تكون نابعة من إرادة شعبية عارمة، ونحن لا نستطيع إقامتها الآن لحاجتها للحماية».

وهنا نتبين أن الدولة الإسلامية مشروع مؤجل في حسابات حزب الله، في انتظار تحقق شروطها وهي «الإرادة الشعبية العارمة»، ولا يبدو أن الإرادة الشعبية اللبنانية ستطالبُ بدولة إسلامية إلا إذا فرض ذلك حزب الله.

وتبدو إسلاموية التنظيم من الاسم المضلل (حزب الله) وهي تسمية لاقت رفضا وتحفظا حتى من بعض رموز التيار الديني ذاته، فالإمام شمس الدين (أحد أكبر علماء الدين الشيعة والذين كان رئيسا للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى) رأى خطورة كبيرة في استعمال التسمية نفسها لأنها تستبطن عقلية تكفيرية تقسم الناس إلى قسمين حسب الانتماء، وظل يردد أنه لا يجوز لأحد، أن يحمل اسم الله أو أن يتسلط على الناس باسمه تعالى.

واعتبر شمس الدين أن في الاسم «المخاتل» ضربا من ادعاء ألوهية الحزب الذي يناقض ويخالف شرعا كل ما نهض عليه الإسلام. يحرص حزب الله في كل أدبياته على بيان انطلاقه من أرضية إسلامية، ويتجلى ذلك حتى في شعاره أو هويته البصرية حيث يركّز على الآية «فإن حزب الله هم الغالبون» التي توضع فوق بندقية تحيل إلى المقاومة الإسلامية.

نخلصُ إلى أن حزب الله لا يختلف في شيء عن بقية الأحزاب التي تعتمد على المعطى الديني في تقديم أطروحاتها ورؤاها السياسية. ولكن لحزب الله «ميزة» أخرى وهي أنه يضيف جرعة طائفية.

انطلاق حزب الله من مرجعية ولاية الفقيه، جعلته يستهدف جمهورا من الشيعة، ولذلك كان معظم أفراد الحزب من اللبنانيين الشيعة المرتبطين مذهبيا بمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي حيث يعتبرونه واحدا من أكبر المراجع الدينية لديهم ويعتبرون حسن نصر الله الوكيل الشرعي لعلي خامنئي في لبنان، ولكن هذا لا يعني ضرورة أن كل شيعة لبنان يصطفون جنب حزب الله.

وفي سياق التدليل على ولاء حزب الله لإيران يقول إبراهيم أمين السيد، أحد أبرز قادة حزب الله: «نحن لا نستمد عملية صنع القرار السياسي لدينا إلا من الفقيه، والفقيه لا تعرّفه الجغرافيا بل يعرفه الشرع الإسلامي، فنحن في لبنان لا نعتبر أنفسنا منفصلين عن الثورة في إيران. نحن نعتبر أنفسنا جزءا من الجيش الذي يرغب في تشكيله الإمام من أجل تحرير القدس الشريف. ونحن نطيع أوامره ولا نؤمن بالجغرافيا، بل نؤمن بالتغيير».

اعتماد حزب الله على مبدأ ولاية الفقيه الإيرانية وتركيزه على الطائفة الشيعية في لبنان، فضلا عن برامجه المضمرة لبناء دولة إسلامية، سمح للبعض اعتباره أحد أهم عناصر «ازدهار الطائفية» في لبنان.

ورغم عدم مشاركة الحزب في الحرب الأهلية اللبنانية (1975- 1990) إلا أن تطوره ونموه أتاحا له مزيد التركيز على بعده الطائفي الشيعي أكثر من ولائه للوطن.

عندما تجتمع كل هذه العناصر في تنظيم سياسي واحد، كونه أولا حزبا دينيا لا يخفي أطروحاته ومقولاته الإسلامية، وكونه ثانيا خاضعا لولاءات خارجية تحدد خطه السياسي والعقائدي والفكري، وكونه ثالثا تنظيم سياسي يركزُ على الطائفة أكثر من الوطن، فإنه سيستحيلُ حتما عبئا على الوطن وعلّة الطائفة أيضا وعلى العملية السياسية برمتها طالما أنه يتحرك بآليات مغايرة لتلك التي تحرك المجتمع السياسي، وينهل من معين فكري ينتمي إلى زمن ما قبل الحداثة وإلى ما قبل أشكال التنظم المعاصرة.

لكن حزب الله وفر خطورة أخرى تتمثل في كونه أصبح تنظيما يعلو على الدولة، أو هو دولة داخل الدولة، بما أتيحَ له- إيرانيا- من أموال وإمكانيات وأسلحة وغيرها، ولذلك فهو «يصادر» حق الدولة في الدفاع عن سيادتها ويقدم نفسه بديلا لها، ويعلل تحركاته بعنوان براق هو المقاومة، لكن المقاومة تبدأ أولا ببناء وطن سليم موحد خال من التعبيرات الطارئة المرضية.

العرب اون لاين

مواضيع مرتبطة
آخر التطورات في سوريا .. تعزيزات عسكرية للنظام والمعارضة إلى القصير ومقاتلون لبنانيون سنة وشيعة يتدفقون عبر الحدود ولواء التوحيد يهدد بنقل المعركة إلى لبنان
العمالة المخالفة في السعودية بين مطرقة فترة السماح وسندان الطوابير الطويلة
7 ملايين متمرد في مصر ومرسي يشدد على أن لا عودة إلى الوراء ومخاوف من وقوف إسرائيلي وراء سد النهضة
تقرير يكشف عن أكبر شبكة لغسيل الأموال في العالم
قائد القوات الجوية : الطائرات الامريكية دون طيار تنفذ غاراتها في اليمن دون الرجوع الى السلطات المعنية
ليبيا: من دكتاتورية القذافي إلى ديمقراطية الميليشيات
تحليل : فرنسا وبريطانيا تقامران في سوريا
روسيا تنتقد قرار رفع حظر تصدير السلاح للمعارضة وتصر على تزويد سوريا بصواريخ متطورة وعلى مشاركة إيران في مؤتمر جنيف والمعارضة لم تحسم موقفها وإسرائيل تحذر
هل بوسع الجماعات المسلحة الصمود أمام التكتيك الجديد للجيش في سوريا
تقرير:احتدام القتال في سوريا وأنباء عن هجمات جديدة بأسلحة كيماوية
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية