تحليل : فرنسا وبريطانيا تقامران في سوريا

الأربعاء 29 مايو 2013 الساعة 07 مساءً / وفاق برس:
عدد القراءات 1182
أعلنت بريطانيا وفرنسا النصر يوم الثلاثاء بعد صدور قرار من الاتحاد الأوروبي يسمح لهما بتقديم السلاح لمقاتلي المعارضة السورية لكن هذه الخطوة تنطوي على العديد من المخاطر بل رأى دبلوماسيون وخبراء بشؤون المنطقة انها تندرج تحت "الحسابات الخاطئة".
وبعد مفاوضات دامت أكثر من 12 ساعة أخفقت دول الاتحاد الأوروبي وعددها 27 دولة في الاتفاق على كيفية تجديد حظر السلاح الذي يفرضه الاتحاد في سوريا. وهذا يعني ان الحظر ينتهي في الاول من يونيو حزيران مما يتيح لدول الاتحاد تصدير السلاح إذا رغبت في ذلك لكن بريطانيا وفرنسا هما فقط اللتان تعتزمان ذلك.
وهذا هو أبرز خلاف على السياسة الخارجية داخل الاتحاد الأوروبي منذ حرب العراق قبل عشر سنوات ويلقي بظلال من الشك على مساعي للتوصل إلى موقف مشترك يساعد على التقريب بين الدول الأعضاء اكثر.
وهو أيضا يثير تساؤلات فورية بشأن التأثير المتوقع لبريطانيا وفرنسا أكبر قوتين عسكريتين في الاتحاد الاوروبي على الارض في سوريا وماذا يعني بالنسبة لفرص التوصل الى سلام من خلال المفاوضات وما إذا كان هو بداية انزلاق حاد نحو انخراط أعمق في أكثر مناطق العالم توترا.
وصف وزير الخارجية البريطاني وليام هيج نتيجة اجتماع الثلاثاء بأنه "القرار الصائب" رغم أن الأغلبية الساحقة من دول الاتحاد الاوروبي بقيادة النمسا تعارض انهاء الحظر بل عارضت ايضا أي تخفيف له.
وأبرز مسؤول فرنسي النبرة الصدامية حين قال إنه يجب عدم السماح لفيينا بأن "تملي السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي". ونظرا لتمسك كل من باريس ولندن بموقفيهما والذي حال دون التوصل الى أي توافق في الاراء انهار الحظر.
وفوجيء دبلوماسيون ومسؤولون بالاتحاد الأوروبي بمدى تشبث البلدين برأيهما ووصفوا المزاج السائد في غرفة التفاوض بأنه محبط والنتيجة انه "يوم سيء لأوروبا".
ووصفت ايما بونينو وزيرة الخارجية الإيطالية النتيجة بأنها "غير مشرفة" وحملت جزءا من المسؤولية على كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي. وقالت بونينو إن اشتون وهي بريطانية يتمثل دورها في أن تكون واجهة لموقف دبلوماسي مشترك للاتحاد الاوروبي قدمت للدول الكثير من الخيارات لكن لم يكن من الممكن مساندة أي منها.
وتحدث بعض المحللين عن خلاف اوسع نطاقا وأبدوا قلقهم من أن يقضي هذا القرار على اي احتمال ولو ضئيل لنجاح محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة وروسيا في جنيف الشهر القادم وان يحفز روسيا وإيران على ارسال مزيد من الأسلحة لقوات الرئيس السوري بشار الأسد.
وقال دانييل ليفي رئيس برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية في لندن عن الحملة الفرنسية البريطانية التي أسفرت عن رفع حظر السلاح الذي كان يفرضه الاتحاد الاوروبي "رأيي ان هذا يندرج ضمن الحسابات الخاطئة الخطيرة."
وأضاف "الخطورة هي ان التصعيد يؤدي الى تصعيد" وتحدث عن احتمال أن تكثف روسيا من إمدادات السلاح إلى الاسد وهي اسلحة تخضع لدرجة أقل كثيرا من الإشراف او القيود مقارنة بأي سلاح يقدمه الاتحاد الأوروبي إلى مقاتلي المعارضة.
وتابع "هناك احتمال قوي في ان تزداد الاوضاع سوءا وهناك خطورة في الانزلاق الى مهمة خاصة انه من الواضح أن هذا هو ما تريده المعارضة السورية وأنهم يريدون انخراط المزيد من الدول الغربية في اللعبة."
وتقول فرنسا وبريطانيا إنهما لم تتخذا أي قرارات حتى الآن بشأن تقديم السلاح للمعارضة السورية وإنهما تريدان اولا معرفة نتيجة محادثات جنيف. لكنهما اكدتا أيضا يوم الثلاثاء على أن لديهما الآن سلطة مشروعة لإرسال السلاح للمعارضة السورية إذا رغبتا في ذلك ويأملان ان يمثل هذا ضغطا على الأسد حتى يوافق على التفاوض.
وقال هيج "تركيزنا في الأسابيع القادمة هو مؤتمر جنيف... ما تفعله هذه الخطوة هو بعث رسالة قوية وواضحة للنظام... وإظهار الوضوح بشأن المرونة الموجودة لدينا في حالة رفضه التفاوض."
لكن بعض المحللين يرون ان الحسابات خاطئة. إذ لو كان الاتحاد الاوروبي قد قرر تمديد حظر السلاح قبل محادثات جنيف لكان يمكنه ان يطلب من روسيا أن تحذو حذوه مما يخفف من سباق التسلح داخل سوريا ويفسح مجالا اكبر للتفاوض.
لكن العكس هو ما حدث إذ ان الأسلحة ستعزز موقف كلا الجانبين في ساحة القتال بينما يواجه المسار السياسي الكثير من العراقيل. واتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الاتحاد الاوروبي بتقويض مساعي السلام في جنيف.
وفي أسبوع شهد إعلان موسكو تقديم المزيد من الصواريخ إلى دمشق وإعلان جماعة حزب الله اللبنانية دعمها للأسد جاء تخلي الاتحاد الاوروبي عن حظر السلاح ليصب فيما يبدو في كفة الحرب أكثر من السلام.
قال جورج لوبيز وهو أستاذ لدراسات السلام في جامعة نوتردام "قرار الاتحاد الاوروبي السماح للدول الأعضاء بأن تنفذ ما تراه هي ‭‭-‬‬في حدود‭‭-‬‬ لتسليح المقاتلين السوريين هو ثالث دليل خلال هذا الأسبوع على ما سيعتبر تدويلا كاملا للحرب السورية."
وربما يكون هناك أيضا المزيد من المزالق لبريطانيا وفرنسا.
إذ انه إذا فشلت محادثات جنيف ويخشى الدبلوماسيون أن تكون هذه هي النتيجة بالفعل فإن البلدين اللذين تعاونا بشكل وثيق لمساعدة مقاتلي المعارضة في ليبيا لن يكون أمامهما خيار آخر سوى إظهار ان بإمكانهما تنفيذ التزاماتهما في سوريا أيضا. وسينتظر مقاتلو المعارضة السورية منهما ذلك.
وتقول لندن وباريس إنهما تريدان تقديم السلاح إلى فصائل "معتدلة" فقط مما يعني قيام مراقبين اوروبيين بمراقبة وثيقة على الارض في سوريا. وآخر شيء سوف يرغب فيه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أو الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند هو عناوين في الصحف تكشف أن الاسلحة البريطانية انتهى بها الحال في أيدي مقاتلين من تنظيم القاعدة.
كما تواجهان قيودا صارمة على نوعية الأسلحة المسموح لهما بإرسالها بما أن هناك قانونا قديما بالاتحاد الأوروبي يحظر تصدير أي معدات أيا كان الطرف المتلقي من شأنها "التسبب في صراعات مسلحة او تمديدها أو زيادة تفاقم توترات قائمة أصلا".
وبموجب هذه القيود ليس هناك احتمال كبير في أن تقدم بريطانيا أو فرنسا نوعية سلاح مماثلة للسلاح الذي تقدمه روسيا او إيران. وهذا من الاسباب التي تجعل اسرائيل تعارض ارسال سلاح لأي من الطرفين.
وقال ليفي من المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية "في نهاية الأمر تقامر بريطانيا وفرنسا في لعبة بوكر... لكن كل ما يفعلانه مكشوف."
- (رويترز):
مواضيع مرتبطة
ليبيا: من دكتاتورية القذافي إلى ديمقراطية الميليشيات
تقرير:حزب الله... مفردة إسلاموية بجرعة طائفية
آخر التطورات في سوريا .. تعزيزات عسكرية للنظام والمعارضة إلى القصير ومقاتلون لبنانيون سنة وشيعة يتدفقون عبر الحدود ولواء التوحيد يهدد بنقل المعركة إلى لبنان
العمالة المخالفة في السعودية بين مطرقة فترة السماح وسندان الطوابير الطويلة
7 ملايين متمرد في مصر ومرسي يشدد على أن لا عودة إلى الوراء ومخاوف من وقوف إسرائيلي وراء سد النهضة
روسيا تنتقد قرار رفع حظر تصدير السلاح للمعارضة وتصر على تزويد سوريا بصواريخ متطورة وعلى مشاركة إيران في مؤتمر جنيف والمعارضة لم تحسم موقفها وإسرائيل تحذر
هل بوسع الجماعات المسلحة الصمود أمام التكتيك الجديد للجيش في سوريا
تقرير:احتدام القتال في سوريا وأنباء عن هجمات جديدة بأسلحة كيماوية
خطط الحرب الغربية في سوريا فشلت: صاروخ ياخونت يصيب دبلوماسية الاساطيل في مقتل
علماء يقولون إن الظواهري يقلد القرامطة والإخوان يتهمون حزب الله بالطائفية والبحرين تربطه بالإرهاب والمعارضة السورية تفشل في الإتفاق على موقف من ( جنيف-2 )
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية