تقرير: صراع المصالح والحسابات المتشابكة يطيل أمد الأزمة السورية

الجمعة 28 يونيو-حزيران 2013 الساعة 08 صباحاً / وفاق برس:متابعات
عدد القراءات 1081
ق
د يصبح أسبوع من الجهود الدبلوماسية المتعلقة بالصراع في سوريا وقتا طويلا. ويبدو أنه كلما تضافرت العناصر الرئيسية في اتجاه عقد مؤتمر برعاية المملكة المتحدة وروسيا والولايات المتحدة للتفاوض حول إيجاد مخرج للمأزق السياسي، سيطرت الأحداث على الساحة على الموقف من جديد. وفي الواقع تمثل هذه "الأحداث" ، التي لم تكن شاذة، استمرارا لما يعرف جيدا بلعبة اللحاق بالركب الدبلوماسي، التي رسخ فيها اللاعبون الرئيسيون على رقعة الشطرنج حضورهم في سوريا، ثم في المنطقة ككل منذ أكثر من عامين.

صراع شديد التشظي

وقد ساير جيران الرئيس الأسد وحلفاؤه المقربون وتيرة الأحداث وعدَلوا من استراتيجياتهم وتكتيكاتهم وفقا لذلك، مدركين أن الأحداث تتغير بسرعة في صراع شديد التشظي والتعقيد كالذي تشهده سوريا. ولكن السر يكمن في معرفة السبب وراء الاستفاقة المتأخرة لتحالف القوى الغربية، التي تقف ظاهريا إلى جانب الشعب السوري المحاصر، لتدرك مدى بُعد لعبتهم الدبلوماسية عن الواقع الذي يسعون للتأثير فيه.

 

وقد بدت المعضلة الدبلوماسية جلية بالنظر إلى تسلسل الأحداث في نهاية شهر أيار - مايو من سنة 2013، إذ بمجرد إعلان الاتحاد الأوروبي، المقسم حيال الأزمة، موافقته على السماح برفع الحظر على توريد الأسلحة إلى المعارضة في سوريا، حتى أعلن الرئيس الأسد عن أن تسليم روسيا للجزء الأكبر من صفقة نظام الدفاع الصاروخي S-300 المنتظرة قد بات وشيكا، هذا إن لم تكن في طريقها إليه أصلا.

 

وقبل ثلاثة أسابيع من ذلك فقط، تحول رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وسبقه وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى روسيا للحصول على تأكيدات من الرئيس بوتين بوجود أرضية مشتركة كافية فيما بينهم لجلب مختلف الأطراف الفاعلة إلى طاولة المفاوضات قبل منتصف حزيران- يونيو.

 

ولكن ألم ينتبه أحد إلى الآثار السلبية المحتملة عن رفع الاتحاد الأوروبي لحظر الأسلحة على استمرار الدعم العسكري الروسي للأسد؟ وهل قدمت التأكيدات حينها ليعاد النظر فيها في ضوء الغارات الجوية الإسرائيلية على مخازن الأسلحة في سوريا وفي ظل المؤشرات على أن المملكة المتحدة تدرس الآن إمكانية تسليح الجماعات المتمردة بحلول شهر آب - أغسطس؟ وهل كان هناك شك على الإطلاق بأن روسيا، إلى جانب إيران وحزب الله، ستتخذ موقفا سلبيا من أي محاولة لإعادة التوازن بين القوى السورية بشكل يضر بنظام الأسد؟

الخاسر الأكبر

سواء انعقد مؤتمر جنيف2 أم لا فإنه سيكون منقوصا من بعض الأطراف الفاعلة، ولكن ليست الأطراف الأكثر توقعا. فنظام الأسد أعلن استعداده للمشاركة، إلا أن روسيا وفرنسا (بدعم واضح من الولايات المتحدة) منقسمتان إزاء دعوة إيران للمشاركة.

 

وقد أعاد المجلس الوطني السوري المعارض، والمقسم داخليا، التأكيد على الشروط المسبقة بعينها (لا تفاوض مع الأسد وضرورة توفير الأسلحة للمعارضة للدفاع عن نفسها) مما يحول دون مشاركتهم ويضع الغرب في موقف محرج. وقد تميل العواصم الغربية الآن إلى العودة إلى هذا النوع من الدبلوماسية المكوكية طويلة المدى، والتي أفرزت خطة المؤتمر الحالي، ولكن مع آفاق أضيق لأهدافها ونتائجها المحتملة على حد سواء.

وقد يكون من الأفضل عقد مجموعة من الاجتماعات على مستوى أدنى بعيدا عن الأضواء، بما من شأنه أن يسمح لجميع الأطراف بإلقاء نظرة واقعية على التكاليف المترتبة على المزيد من التصعيد عليهم بدرجة أولى، خصوصا مع اقتراب شهر رمضان.

ولذلك يظل السؤال مطروحا حول أي من الأطراف يجب أن تكون مصالحه في المقام الأول في فكر الدبلوماسية الغربية وفي هذا الصدد، تعتبر العودة إلى الوراء مغرية، إن لم تكن الأكثر صعوبة في التنفيذ. ويظل الخاسر الأكبر في اللعبة الدبلوماسية المدنيون السوريون المهجرون بالداخل والخارج، أو الذين يكافحون من أجل إدارة ما تبقى من البلديات والمجتمعات المحلية داخل سوريا نفسها.

وكان تمثيلهم في المجلس الوطني السوري المعارض في المهجر يفتقر دائما إلى الثقل والمضمون، و كان دورهم إما محدودا أو متأخرا جدا ليؤخذ بعين الاعتبار، إلى جانب آخرين على امتداد الطيف السياسي الذين يريدون وقف القتال فقط. ويكون دائما الإصغاء إلى وجهات نظر غير المتحاربين في ذروة الحرب أصعب من محاولات وقف العنف وفرض المنطق من الخارج، ومع ذلك فهم لا يزالون يشكلون غالبية السوريين.

وعلى الرغم من أن الجهود الإنسانية تمثل دون شك محور أهداف التهدئة في المنطقة ككل، فإنه من الغرابة بمكان أن دورها في صلب الأهداف الدبلوماسية كان محدودا ومشتتا ولم يكن بحجم القلق على مستقبل مسار المنطقة وحاضرها المزعج. ولا يمكن أن تكون عملية إعادة تركيز أولويات السياسة على التكاليف البشرية للمدى البعيد في الصراع السوري حكرا على الأمم المتحدة ومجموعات الإغاثة، فمن الضروري التصدي للأطراف الدولية الساعية لمزيد تثبيت أهدافها المتناقضة بطبيعتها وتعمل على تحقيقها في سوريا والتي ساهمت في إحباط الجهود الدبلوماسية حتى الآن.

التحالف ضد الأسد محفوف بالتناقضات

كلار سبنسر

في الحروب قلما تسير الأمور بشكل سلس، لكن المأساة في سوريا تكمن بقدر مماثل في هشاشة الائتلاف الداعم للمتمردين بالإضافة إلى عدم حسم المعارك السياسية والعسكرية للمعارضة.

منذ نقض الروس والصينيين لقرارات الأمم المتحدة في بداية سنة 2011، لم يكن هناك أي صوت موحد للمجموعة الدولية حول سوريا. ففي الفريق (أ) لدينا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا والسعودية وقطر. أما روسيا والصين وايران وآخرون متفرقون فيكوّنون الفريق (ب). وبعيدا كل البعد عن توصلهم إلى حل الأزمة قام هؤلاء الفاعلون المتنافسون بإلغاء جهود بعضهم البعض على مدى السنتين التاليتين. ويريد الفرنسيون والبريطانيون أن يفعلوا ما هو أكثر من تدريب الجنود المتمردين أو زيادة المساعدة الإنسانية للاجئين. بيد أنهم في سعيهم إلى إمداد الجيش السوري الحر بالأسلحة لم يتمكنوا من إدارة مواقف حلفائهم، فما بالك بالفريق المنافس.

ورغم دعوة الجامعة العربية إلى عمل أممي أكثر صلابة، إلا أن ذلك لا يعكس الحقائق الدبلوماسية ولا التطورات على أرض الواقع. فقد كشف الصحفيون الذين يقومون بتغطية الأحداث في سوريا من الداخل كيف تقوم تركيا ودول مجاورة بتدريب المجموعات المتمردة وتمويلها.

إلى حد الآن تتردد واشنطن في اتخاذ قرار حاسم إذ فشل وزير الخارجية جون كيري في إقناع الرئيس أوباما بأن إدخال المزيد من الأسلحة إلى سوريا سينقذ أرواحا مستقبلا. ويبقى الائتلاف بين قطر والسعودية وتركيا بشأن سوريا ائتلافا ظرفيا، إذ ليس من الواضح أن كل أعضاء الفريق (أ) يريدون الشيء نفسه.

إن معارضة النفوذ الإيراني أو الروسي في سوريا أمر يختلف عن تأمين أحسن نتيجة للشعب السوري. وبدل التدخل العسكري الغربي يبقى الخياران المواليان الأفضل هما مناطق حظر الطيران وممرات انسانية وذلك اعتبارا لأن شبح التدخل العسكري في العراق سنة 2003 ما زال عالقا في الأذهان. لكن يبقى هذان الخياران بعيدين عن إمكانية التطبيق. ويبدو أن ما نجح في ليبيا سنة 2011 كان بمثابة ضربة حظ، فاعتبارا لتوتر العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا حول قبرص والفيتو الصيني الصلب والتحرك الإقليمي لقطر وتركيا، يمكن أن تكون الحملة الليبية بقيادة الناتو من بين آخر الأعمال الحربية التي تقوم بها المجموعة الدولية على أساس التوافق. فكلما كانت الأزمة أقرب كلما سادت الأجندات المحلية، فسواء يعني هذا تفضيل دول الخليج للرجال الأقوياء على الديمقراطية، أم دعم تركيا لبعض المجموعات الإثنية أو الطائفية على غيرها فمن المؤكد أنه ليس الشعب السوري الذي سيخرج رابحا. إن مواجهة الاختلال الوظيفي للتحالف حول سوريا يجب أن تكون الآن من أولويات أي مخطط بريطاني فرنسي. أما البديل عن ذلك فهو مواصلة دعم مجموعة سورية معينة تزداد انحسارا وتفرقا وافتقارا إلى الموارد ضد مجموعة أخرى مسلحة وتحصل على تأييد ودعم حلفاء الغرب الإقليميين.

* "الغارديان" ، ترجمة منصف الخروبي

مواضيع مرتبطة
سفارة أمريكا ستغلق أبوابها في 30 يونيو : أبناء غزة يترقبون بحذر مسيرات التمرد المصرية ورايتس تتهم ( الإخوان ) بالتحريض على الكراهية
مصر تخطو إلى المجهول مرة أخرى .. ( تحليل )
المجتمع اليمني بين مطرقة الفساد السياسي والحزبي
فنانون معارضون لمرسي: يا روحي انت هربان من السجن
مصر على موعد مع ثورة جديدة غدا : الأزهر يحذر من حرب أهلية والقزاز يقول ان المعارضة تخشى انقلاب الجيش ودحلان يهاجم مرسي ويتهمه بالكذب
الساحرات لم يعدن ذميمات.. رد الاعتبار لنساء تعاملن مع الشيطان "تقرير"
نلسون مانديلا..زهرة الربيع السوداء (سيرة ذاتية ومراحل نضاله السياسي والكفاح المسلح)
المعارضة المصرية:مرسى بنى حديثة على الأكاذيب والتخوين ولن نخشى التهديدات
1.5 مليون عامل صححوا أوضاعهم : هل تمدّد السعودية مهلة تصحيح أوضاع العمال؟
تعين جبران باشا .. رسالة الى كل ابناء الباشوات
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية