إدارة أوباما قد تضطر إلى سياسية احتواء إيران كأهون الشرور : تراجع أميركي في الملف النووي الإيراني

السبت 01 يونيو-حزيران 2013 الساعة 07 صباحاً / كتب عامر راشد:
عدد القراءات 1716
امتناع الولايات المتحدة الأميركية، حتى الآن، عن استخدام خيار التدخل العسكري في سورية يرى فيه محللون إسرائيليون بأنه يشير ضمناً إلى الطريقة التي تفضلها واشنطن في معالجة الملف النووي الإيراني، وقد تضطر إدارة أوباما في نهاية المطاف إلى سياسية احتواء إيران نووية كأهون الشرور في الخيارات الواقعية المتاحة.
ينبري محللون سياسيون وعسكريون إسرائيليون على مدار الأشهر القليلة الماضية لقراءة ما يتفقون على أنه انسحاب أميركي كبير من منطقة الشرق الأوسط، وتراجع حضور وفاعلية سياسات الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، وما سيتركه ذلك من تأثير على الحليف الإسرائيلي في ذروة الأزمات والتقلبات التي تعيشها المنطقة في خضم ولادة بيئة إستراتيجية جديدة.
آرييه شافيت الكاتب في صحيفة "هآرتس" يصف في مقالة له، 30/5/2013، الإطار المحيط بمراكز صنع القرار في واشنطن حيال الشرق الأوسط بالقول: "المزاج العام في واشنطن في هذه الأيام هو مزاج انسحاب. فبعد الانسحاب السريع من العراق والانسحاب السريع الذي يتم الآن من أفغانستان حان وقت الانسحاب السريع من الحرب للإرهاب. ويعلن الأميركيون مرة بعد أخرى انتصاراً ويخلفون وراءهم عدم نظام عنيفاً وينصرفون. لكن كل هذه الانسحابات الخطرة تعبر عن شوط أمريكي عميق جديد مفهوم إلى الخروج وإنهاء الأمر، وإدارة الظهر للشرق الأوسط، وعدم السماع بعد ذلك عن الشرق الأوسط، ومحو الشرق الأوسط من الوعي..".
ويذهب الكاتب إلى أنه "توجد لواشنطن الآن أسباب جيدة جداً للتنحي جانباً، فقد حاولت في تسعينيات القرن أن تحدث فيه ثورة سلام وفشلت. وحاولت في بدء الألفية الثالثة أن تحدث فيه. وحاولت في ربيع 2011 أن تؤثر بالربيع العربي وتبيَّن أنها كانت واهمة. وفي خلال ذلك أنفقت تريليوني دولار على حروب لا فائدة منها في العراق وأفغانستان. وأنفقت أيضاً جزءاً كبيراً من ثروتها باعتبارها القوة العظمى على محاولات مختلفة عجيبة لجعل سكان الشرق الأوسط شيئاً يرفضون أن يكونوا".
في التأثيرات العملية على إسرائيل لانسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، يركِّز افرايم اسكولاي واميلي لنداو على الملف النووي الإيراني، في مقالة مشتركة لهما في صحيفة "نظرة عليا" 30/5/2013، حيث يؤكدان أن الصورة الناشئة هي أن برامج إيران لتخصيب اليورانيوم وإقامة قناة بلوتونيوم، تتقدم ببطء ولكن بثبات نحو وضع لن يكون ممكناً قريباً وقفها. ويعزى هذا إلى عدم رغبة إدارة أوباما في خوض المزيد من الحروب، كلّفت الولايات المتحدة ثمناً باهظاً في أفغانستان والعراق.
ويقارب الباحثان الموقف الأميركي من الملف النووي الإيراني من خلال الموقف تجاه الأزمة السورية، بتراجع واشنطن عن استخدام القوة العسكرية كرد على ما قيل عن استخدام أسلحة كيماوية في المعارك، وهو ما "من شأنه أن يفسر كعدم جاهزية من جانب إدارة أوباما لاستخدام القوة العسكرية، حتى في ضوء الاستخدام العملي لأسلحة الدمار الشامل"، وفي المقاربة مع الملف النووي الإيراني "من شأن ذلك أن يشير إلى عدم رغبة مشابهة في الاستعداد لعمل عسكري ضد إيران".
وينوِّه الباحثان إلى تقرير أميركي صدر مؤخراً، أعده عدد من الخبراء الأميركيين برئاسة كولن كاهل المستشار السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الدفاع الأميركية، وأكد في الاستنتاجات أن إدارة أوباما ملتزمة وعن حق بمنع -وليس احتواء- إيران نووية، ولكن مساعي المنع، وعلى رأسها استخدام القوة، قد تفشل. ولذلك فإن الولايات المتحدة قد تضطر في نهاية المطاف للانتقال إلى سياسة احتواء، رغم تفضيلاتها الحالية المتعلقة بالمنع.
ويعكس هذا الطريقة التي تفكر بها مراكز صنع القرار في الإدارة الأميركية لمعالجة الملف النووي الإيراني، انطلاقاً من أن احتواء إيران نووية هي سياسة اختيار أهون الشرور من جانب الولايات المتحدة، لانعدام اليقين بجدوى عمل عسكري، والمخاوف من نتائجه المحتملة باشتعال حرب واسعة أخطر في تبعاتها المباشرة وعلى المدى الطويل من الحربين الأميركيتين على أفغانستان والعراق.
على أرضية الشكوك الإسرائيلية بالنوايا الأميركية في كيفية التصدي للملف النووي الإيراني، يدعو دنيس روس وديفيد ماكوفسكي الإدارة الأميركية، في مقالة مشتركة لهما في صحيفة "معاريف"، 30/5/2013، إلى تغيير النهج تجاه إيران بحيث تفهم أن واشنطن تقصد ما نقول حين تؤكد أنها لن نقبل بسلاح نووي في طهران.
ويضيفان: "ربما بسبب التردد الأميركي بشأن سوريا، أو الانسحاب من العراق، أو الخروج من أفغانستان، أو الحديث عن أن التركيز الأميركي سينتقل إلى آسيا، فإن زعماء إيران لا يصدقون بأننا سنستخدم القوة حين تفشل الوسائل الدبلوماسية.. وكي نعطي الدبلوماسية فرصة أخرى، على الولايات المتحدة أن تغير إستراتيجيتها في التفاوض وأن تبتعد عن نهج (خطوة إثر خطوة) لبناء الثقة - والتي لا تفعل سوى أنها تجعل الإيرانيين يفكرون بأنه يمكنهم يجتذبونا من الأنف إلى أن نُسلم بالوضع. وبدلاً من هذا ينبغي للولايات المتحدة أن تخلق وضوحاً أكبر بالنسبة للأمور التي لا يمكنها أن توافق عليها بأي حال، وأن تمنح مفعولاً لتصريحات الإدارة التي تقول: إن زمن الدبلوماسية ينفد..".
افرايم سنيه وجَّه في افتتاحية لصحيفة "يديعوت أحرانوت" اتهاماً للولايات المتحدة بأنها تعمل على صفقة من تحت الطاولة مع إيران. واعتبر سنيه أن الكليشيه المحببة لدى المسؤولين في إدارة أوباما هي: "كل الاختيارات على الطاولة. ويترك هذا القول قدراً ضئيلاً من التهديد العسكري للإيرانيين، لكنه يغطي على الاختيار الذي تريده الادارة حقاً، وهو إتفاق مع نظام آيات الله، أو صفقة تعد إيران بها بألا تخصب اليورانيوم بدرجة تُمكن من استعماله في سلاح ذري، ويتم مقابل ذلك وقف العقوبات على النظام وضمان استمرار حكمه".
ويتابع محذراً: "إن هذه الصفقة ستزيل في ظاهر الأمر رعب القنبلة الذرية الإيرانية. ونقول في ظاهر الأمر لأنه من يضمن لنا ألا تستمر إيران في حيل الإخفاء والخداع وتطور القدرة الذرية سراً ربما في مسار لا يكون تخصيب اليورانيوم ضرورياً فيه؟".
ورغم كل ما ذكر وضع الجنرال الإسرائيلي المتقاعد جيمس كارترايت واللواء (احتياط) عاموس يادلين تصوراً لسيناريو هجوم عسكري أميركي- إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية نهاية العام الجاري. وبناء على التصور المفترض في مقالة مشتركة لهما نشرت صحيفة "هآرتس" مقتطفات منها يوم أمس وستنشر كاملة يوم الأربعاء القادم، "ليس الهجوم على منشآت إيران الذرية سوى خطوة تكتيكية في الطريق إلى الهدف الإستراتيجي وهو وقف سباق النظام الإيراني لإحراز السلاح الذري إلى الأبد. ويجب أن يكون كل هجوم مصحوباً بالضرورة بتفاوض في صفقة دبلوماسية تمنع طهران من أن تبني من جديد برنامجها الذري، أو تحرز قدرة تخترق طريقاً في المستقبل".
لكن هل سيبقى باب الصفقات الدبلوماسية مشرعاً إذا قامت إسرائيل أو واشنطن بعمل عسكري ضد المنشآت النووية الإيرانية؟.
بتقدير المحللين السياسيين في واشنطن وتل أبيب أنه لو كانت الولايات متيقنة من الإجابة على هذا السؤال بنعم لما ترددت في استخدام الخيار العسكري، ولما وضعت على جدول خياراتها الانتقال من المنع إلى الاحتواء.
- أنباء موسكو:
مواضيع مرتبطة
الربيع العربي ينتقل الى تركيا واردوغان يدعو إلى وقف الاحتجاجات ضد الحكومة
سوريا : 165 قتيلا وقوات الأسد تضيق الخناق على المعارضة في القصير وهجمات صاروخية على البقاع اللبناني وحرب إعلامية بين روسيا والغرب ( تقرير موسع )
مثقفو مصر يطالبون بإقالة وزير الثقافة ووقف أخونة القطاع
تباين بشأن محتوى قضية جنوب اليمن
تحليل إخباري: رحى الحرب الأهلية في سوريا قد تستمر سنوات واستعادة النظام قد تستغرق عقوداً من الزمن
تحليل : مهاجمة اسرائيل لصواريخ ( اس 300 ) في سوريا احتمال قائم لكنه محفوف بالمخاطر
سوريا : قتلى أجانب في القصير بينهم أمريكية ومقاتلوا المعارضة يقرون بالهزيمة رغم وصول تعزيزات والأسد يحذر إسرائيل ويلوح بفتح جبهة الجولان ( تقرير موسع )
تل أبيب تقر بأن الغطاء العسكري والأمني والسياسي الذي منحته روسيا لسورية ضمن بقاء الأسد في السلطة ولن تقدر أي قوة على إسقاطه
تقرير عاجل : سوريا : المعارضة توجه نداء استغاثة والجيش على وشك تطهير القصير وأنباء عن وصول دفعة من صواريخ إس 300 الروسية وحزب الله يدعو حماس لمغادرة لبنان
العالم ينتقل من التسويات السياسية إلى الصراعات المسلحة
جميع الحقوق محفوظة © 2012-2024 وفاق برس
برنامج أدرلي الإصدار 7.2، أحد برمجيات منظومة رواسي لتقنية المعلومات والإعلام - خبراء البرمجيات الذكية