قال دينيش كومار سار وهو عامل عمره 25 عاما لرويترز، أمس الثلاثاء "كل ما أريده هو العودة إلى نيبال لأن مرتبي صغير 600 ريال فقط (160 دولارا) في الشهر. أتيت بعد ظهر أمس (الاثنين) ونمت على الأرض ولم آكل شيئا. وعندما وصلت أول الصف قالوا إن أوراقي غير سليمة" .
وعلى غرار كومار اصطف الآلاف، يوم الثلاثاء، من العمال الاجانب المخالفين لنظام الاقامة، في طابور طويل متعرج، وسط قيظ تفوق حرارته الاربعين درجة، امام مبنى حكومي في الرياض بغية ترحيلهم، وغالبيتهم من جنسيات آسيوية.
وقال عامل مصري مكتفيا بذكر اسمه الاول ابراهيم "انتظر منذ الرابعة صباحا رقم الترحيل، لكنهم في الداخل لا يعملون بنشاط ويستغرقون وقتا لإنجاز المعاملات، مع ان الامر لا يتطلب اكثر من دقائق".
واضاف لوكالة فرانس برس، فيما العرق يتصبب من لحيته الشقراء وياقة الدشداشة التي فقدت لونها الاصلي، "عملت في المملكة اربعة اعوام بشكل مخالف، بيع التأشيرات تجارة رابحة لكنني سأبذل جهدي لكي اعود لان الاحوال سيئة جدا في مصر". وتابع بينما كان يبلل راسه بالمياه اتقاء للحر الشديد، انه عمل في قطاع المقاولات.
وتجوب دوريات الشرطة الشوارع المحيطة بالمبنى القديم المكون من طابق واحد، في حي عليشة غرب الرياض، حيث يقف اكثر من ألف عامل في أرتال طويلة بانتظار ان يأتي دورهم، ويستخدم بعضهم الصناديق الكرتونية لقوارير المياه لتغطية رؤوسهم او قطعا قماشية.
وكانت السلطات السعودية اعلنت عددا من التسهيلات والاستثناءات لجميع المنشآت والافراد الاجانب، لتصحيح مخالفات نظامي العمل والاقامة، والاستفادة من المهلة التي اصدرها العاهل السعودي.
ومن ابرز التسهيلات؛ اعفاء جميع الوافدين المخالفين لنظامي الاقامة والعمل الراغبين في تصحيح اوضاعهم والبقاء في المملكة، من العقوبات والغرامات المرتبطة بمخالفاتهم باستثناء الرسوم، لمن وقعت مخالفاتهم قبل مطلع نيسان/ابريل 2013.
وهناك ايضا الاعفاء من رسوم الاقامة ورخصة العمل والعقوبات والغرامات المرتبطة بالمخالفات، عن الفترات السابقة في حالة المغادرة النهائية خلال فترة المهلة التصحيحية.
من جهته، اشتكى عبد العظيم شهيد من بنغلادش (28 عاما) بلغة عربية ركيكة جدا خلطها بانجليزية اكثر ركاكة من طوال فترة الانتظار في هذا "الطقس وقد وصلت متأخرا في السادسة صباحا للوقوف في الطابور لاستلام رقم الترحيل لكنني سأعود حتما".
وقال صاحب اللحية المشذبة من دون شاربين مرتديا بنطالا وقميصا لفرانس برس "عملت في الرياض طوال ثماني سنوات بإقامة دفعت ثمنها الذي استرددته بعد عامين من خلال عملي بائعا في الرياض".
وتصطف طوابير اخرى من العمالة الاجنبية امام سفارات بلادها، خصوصا الهند وبنغلادش واندونيسيا والفيليبين، بانتظار دورها من اجل تصحيح اوضاعها اما بعودتها الى مكان عملها او الانتقال الى مكان اخر.
وحذرت وزارتا الداخلية والعمل من ان الجهات المختصة ستبدأ الحملات التفتيشية، وتطبيق النظام على المخالفين من اصحاب العمل والعمالة الوافدة، فور انتهاء المهلة في الثالث من تموز/يوليو 2013. ولا تشمل مهلة تصحيح الاوضاع المتسللين الذين دخلوا البلاد بطريقة غير شرعية.
ولم يتضح بعد التأثير الاقتصادي لمغادرة هذا العدد الكبير من الاجانب. وقالت صحيفة آراب نيوز يوم الثلاثاء إن بعض أشغال الطرق في الرياض تأخرت بسبب نقص العمالة الوافدة. لكن بعض الاقتصاديين في المملكة قالوا في وقت سابق إن الشركات السعودية تميل إلى الإفراط في التوظيف نظرا لانخفاض تكلفة العمالة الأجنبية.
وبدوره، ابدى مظفر سليمان وهو كهل هندي الجنسية، تذمرا من "المعاملة السيئة لكن الاوضاع قد تكون افضل مع النظام الجديد للإقامة"، مشيرا الى انه يعمل في المملكة منذ عشر سنوات في قطاع النقل.
وكان وزير شؤون المغتربين الهندي فايالار رافي اعلن ان "عدد افراد الجالية الهندية في السعودية يصل الى 2,4 مليون شخص".
كما ان الهنود يشكلون اكبر نسبة من العمال المرحلين بحسب الصحافة المحلية، التي اشارت الى ان العدد الكلي منذ مطلع العام الحالي تجاوز 200 الف.
وقال بهار محمد وهو باكستاني في الثلاثين من العمر "ندفع ثمن اخطاء الغير الذين استقدمونا وتاجروا بنا، الاستفادة كانت للطرف الاقوى عادة ونحن استفدنا ايضا". وحول احتمال عودته، اجاب "لم لا؟ فالأمور تتغير هنا سأعود للعمل بشكل قانوني" .
وشددت السعودية على ان تشغيل او ايواء الوافد المخالف، يعرض مرتكبها لعقوبة السجن عامين وفرض عقوبات مالية تصل الى مئة الف ريال (27 الف دولار) عن كل مخالفة، كما ان تأخر الوافد عن المغادرة يعرضه لعقوبتي السجن والغرامة.
"أنباء موسكو":