أريد أن أعرف إذا ما كان الأخ عبدالملك الحوثي يمتلك استراتيجية عصرية، أم أنه كغيره من العُميان الذين توفرت لهم فرص وفيرة لإدهاش اليمنيين، لكنهم لم يدهشوهم، بل "دهسوهم" وصنعوا لأنفسهم- من ركام الجثث- مكاناً علياً ..! أريد- على سبيل المثال- أن أدفع بكل العاطلين من أبناء حارتي ليذهبوا إلى صعدة، لا ليحملوا البندقية ويجلسوا مترِّسين وراء "CD" لكأننا لا نزال نعيش في القرون الوسطى. بل ليلتحقوا- أيضاً- بمعهد زراعي تبناه ودعمه "الحوثي"، خصوصاً وأن صعدة من أخصب أراضي اليمن، وناسها فلاحون متأصلون. أريد أن أدفع بأخي ليذهب إلى صعدة، ليس نكاية بالإخوان ولا نكاية بالسلفيين.. هذا هراء يسرق طاقة الناس، والحوثي إذا ما استمر زعيماً مقاتلاً في سبيل كرامات سلالته فحسب، فإنه بذلك لن يكون صاحب مشروع مُغرٍ بالنسبة إلى اليمنيين الباحثين عن بطل شعبي يلتفُّون حوله، بل سيصبح- مثل غيره- لصاً للطاقات، شأنه بذلك شأن كل اللصوص الذين سرقوا طاقات اليمنيين وأهدروها في مجازر وحروب لا تنتمي إلى العصر. أريد أن أدفع بأخي ليذهب إلى صعدة ليلتحق مثلاً بمعهد للسينما. يبدو الطرح مبالغاً فيه، لكني أقول بثقة: أيش فيها يعني لو فكر الحوثي بشيء من هذا القبيل؟ إيران التي يرضعون منها دولة رائدة في هذا المجال، ويمكن لشوية عقل، على شويتين إحساس بالعصر أن يفعلا ذلك في مدينة لها إرث وتاريخ كـصعدة . العالم يتغير، والفضاء أصبح مفتوحاً، واليمنيون- مهما ظهروا كمجاميع من الكُسالى- إلا أنهم وقت الصدق شعب جبار وعظيم ويعوزهم دائماً زعيم لا يحكمهم بنقائصه ومعتقداته الشخصية، أو بمعتقدات عشيرته وبنادق قبيلته وسطحية أشياعه، كانوا حوثيين أو سلفيين أو إخواناً أو أم الجن، بل يعوزهم، دائماً وأبداً، زعيم يتوسع بين الناس بحافز الكمال المجتمعي، مش بحافز الكمال المعلَّب داخل عبوات رتيبة وناسفة كـ عبوة القبيلة، أو عبوة الدين، أو عبوة السلالة والنسب.. هذا مجتمع يا أخ "عبده".. هذا مجتمع يا أشياع الأخ "عبده" مش هو المزرعة حق أبو حد. ضبحنا يا ضاك، ومش إحنا ناقصين مزيداً من الأصنام والعاهات والمعتقدات البالية، يكفي الذي ابتلينا بهم من قبل، حرام لو وزعناهم على أمريكا بكلها أن قد الولايات الـ 52 بتتطاحن بينها البين، وأن تمثال الحرية قد هو متحمِّل بندقية، وعمل يا شعب . اليمن بلد كبير وعظيم، لكنه- بسبب تلك العاهات المبندقة وخرافات أول التاريخ- غدا بلداً كسيراً. نحن شعب له إرث وتاريخ، ولسنا بحاجة إلى بطل سني أو شيعي، بل بأمس الحاجة إلى بطل "شعبي" يُشعر كلَّ الطوائف والأجناس بأنه واحد منهم، مش زعيم يقضي عمره وطاقاته كلها دفاعاً عن "نطفة" جده، أو زعيم أشياعه يشعرون الآخرين بأنهم عرق أنظف من عرقهم، أو مسلم أحسن منهم، أو قبيلي "أشحط" منهم.. كلنا لآدم وآدم من تراب، وحينها، أقسم أن الجميع سيلتفُّون حوله، وأنا على رأسهم.. البطل الشعبي نافذ ولا يموت.
Fekry19@gmail.com
- نقلا عن صحيفة اليمن اليوم
في
الأربعاء 22 يناير-كانون الثاني 2014 06:00:38 م