|
نريد فتح الثغور الصدئة في رؤوسنا، وفي تعاملاتنا، وفي أشياء يومياتنا المعتادة، نريد كسر كثير من "المسلمات"، وفتح صندوق "المسكوت عنه"، والحديث بحريةٍ لا تجرح، وشجاعةٍ لا تقدح، ونقدٍ لا ينتقص من قيمة أحد، نريد تحريك الأفكار الراكدة في عقولنا.
أتذكر تعبيراً جميلاً قاله لي الرجل الذي أعتدنا أن نناديه بـ"عمي أحمد" وهو الأديب أحمد قاسم دماج الرئيس السابق لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، كان الحديث عن الكُتّاب السطحيين، والموهومين بقوة الفكرة، وروعة الأداء، قال: "أشعر أن رتقات خيط تتفتح في رأسي كلما قرأت للأديب كمال أبوديب، أو قضيت لياليّ الطوال برفقة صاحبي عبدالله البردوني"، أي قراءة نتاجات البردوني بتنوعاتها.
نريد فتح رتقات الخياط في عقولنا، وسياساتنا، وثقافتنا، وموروثاتنا، وتعاملاتنا، وفي أدوارنا كأشخاص ومؤسسات في تنمية المجتمع، وفي دور القطاع الخاص، والصناديق المانحة.
ثمة أشياء ومسلمات في حياتنا بحاجة ماسة إلى "إعادة هيكلة" وإذا لم نهيكلها الآن ستتحول إلى ثوابت، ثم إلى نصوص مقدسة، لا نقبل معها النقاش، ولا نقبل من يخالفها، وسننطلق منها نحو مهاجمة الآخر.
لنأخذ مثلاً: يتحدث الشيعة عن أقوال من يصفونهم بـ"الأئمة المعصومين" كما لو كانت أقوالهم مصادر للتشريع، مع أنه لا معصوم بعد محمد عليه الصلاة والسلام، ويأخذ أهل السنة والجماعة أقوال السلف على محمل التنزيه من العيوب والأخطاء، ويغضب علي عبدالله صالح إذا الصحافة انتقدت الفساد، بنفس القدر الذي يغضب به كُتّاب قصيدة النثر حين نقول لهم: ليس في قصائدكم شعراً ولا نثر.
ولا يتقبل مسئولو المنظمات المدنية القول إنهم: متسولون باسم المجتمع، ويشتاط الغضب في وجه أمناء عموم الأحزاب إن قلنا لهم: حولتم الأحزاب إلى مزارع خاصة، وشركات عائلية، والديمقراطية الداخلية لأحزابكم تكاد تكون معدومة، وينظر إلينا رجال الأعمال بريبة وشك إذا واجهناهم بحقيقتهم وقلنا: أنتم مصاصو دماء، ومسئولياتكم تجاه المجتمع غائبة، "إلا ما رحم ربي"، "وقليلٌ ما هم".
من أجل كل ذلك وأكثر؛ لا بد من فتح بابٍ واسعٍ للنقاش والتجديد وإثراء الحياة.
arefabuhatem@hotmail.com
في الأحد 15 إبريل-نيسان 2012 02:22:40 ص