|
الحكومة أظهرت فشلا كبيرا في قضية المرحلين من السعودية، جراء تطبيق اجراءات الاقامة الجديدة في الجارة الشقيقة، فلا هي استطاعت التواصل من الاشقاء لاستثناء مواطنينا، ولا هي اعدت العدة لاستقبالهم في المنافذ الحدودية، وهي تعلم انه يوميا يرحل عشرات الالاف من الذين يحتاجون لوسائل نقل الى بيوتهم.
منظر مؤسف ما شاهدناه من عدم اكتراث الحكومة بوضع المرّحلين، مما يعكس انهم خارج اهتماماتهما، وأنهم لا يمثلون رقما في أجندتها.. وسبحان الله يقوم اعصار ولو بسيط في دولة ما فيهب العالم بوسائل المساعدة، وتتقطع السبل بمئات الالاف من اليمنيين الذين فقدوا أعمالهم، ولا تقوم الحكومة بشيء سوى بعملية خصم على موظفيها، وكأن الموظفين هم الاثرياء في هذه البلد.
ان حكومة بلادنا لم تقم بواجبها لا الانساني ولا الاخلاقي ولا القانوني تجاه مواطنيها الذي رحلوا من السعودية، وهي بذلك تضيف عجزا جديدا الى عجزها، وتبرهن للجميع انها لا تعدو عن حكومة جابية للمال موزعة له.. أي أمين صندوق لا مهمة له سوى جباية الخصم على الموظفين، الذين يدفعون ضرائب تفوق ما يدفعه التجار.
سيارات الدولة وباصاتها والى جانبها سيارات ومعدات الجيش والشرطة، تجوب البلاد شرقا وغربا للمتسلطين وذويهم يملؤون بها اسواق القات، ولم نسمع ان احدا منهم استحى وذهب للمنفذ الحدودي ليقل اسرة شردت الى بيتها، بسيارة الدولة ومال الدولة،، عفوا بسيارات الشعب ومال الشعب.. ولكنه الحياء الذي لا يشترى بل يخلق مع الانسان.
كنت اتمنى من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء ان يشدوا الرحال الى المملكة لحثها على تغيير موقفها من العمالة اليمنية لعدة اسباب أولها حق الجوار وما بيننا من اتفاقيات تجعل من باب الانسانية مساواة اليمني بالسعودي، وثانيها ان الترحيل بهذه الصورة يضيف اعباء على الوطن والمواطنين، ويضاعف البطالة فيه، وثالثها ان البلاد تعيش وضعا استثنائيا والمملكة بكونها راعي للمبادرة الخليجية مدعوة لتفهم الوضع الاقتصادي بحيث لا تضيف اعباء اضافية على اليمن ومواطنيه.. ولكن هيهات كل مشغول بامور اخرى حالت دون الاهتمام بالمغترب اليمني، ولا نعجب من ذلك لان اهتمامها بالمواطن لا يختلف كثيرا.
اصبح الموظفون يخافون من يوم الاربعاء -موعد مجلس الوزراء- فربما يفيقون على خصم يوم للمحترم كلفوت مقابل التعويض الذي يطالب به الحكومة ويقطع على اثره الكهرباء عن الفقراء فقط، اما الاغنياء فمعهم ما يكفيهم من مولدات ووقود.. كما نخشى ان تعلن الحكومة عن انشاء صندوق بخصم يوم من مرتبات الموظفين لكل قطاع قبلي، على مختلف الطرقات اليمنية، وما اكثرها للأسف في ظل غياب واضح للدولة.
لم نسمع يوما عن اضافة أي استقطاع يطال القطاع التجاري وأصحاب رؤوس الأموال، وبعضهم يتاجر بالبلاد و العباد، ويحق للدولة اشراكهم في هكذا حالات، وهم سيستجيبون لا ريب لأنهم يدركون انهم سيعوضونها من جيوب المواطنين فيما بعد.
سمعنا كثيرا عن سفر السادة الوزراء والذي بلغ بعضهم ثلث مدة مكوثة في الحكومة، مكلفا الخزينة العامة عشرات الملايين، فلماذا لم يصدر قرار بعدم سفر أي وزير وتحويل المبالغ للعائدين من السفر، ولماذا لم نسمع عن اقتراح خصم بدل التمثيل عن السادة الوزراء للمرّحلين.. خطوة مجلس النواب بتخصيص مبلغ 10 ملايين ريال من مرتباتهم جيدة، ولكنها قليلة من اجور اطول مجلس تشريعي في العالم، ولو اخذنا استقطاع شهر كامل منهم لكان قليلا مقابل ما يستلمونه وما لا يقدمونه في الوقت نفسه.
اذا ما نريده من الدولة إلا تصبح أمين صندوق للخصم فقط، بل عليها ان تقوم بواجباتها القانونية والإنسانية والأخلاقية تجاه مواطنيها، وان تقنعهم بأن لديهم دولة تحميهم وتقف الى جوارهم، لن يشفع للحكومة امام المواطنين سوى ان يراها قوية تدافع عنهم لا عن شخوص معينة فقط.
.أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
في الخميس 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2013 01:33:15 ص