|
استحل دماء المصريين باسم الدين
عندما نستعرض الأعمال الإرهابية التى مارستها جماعة الإخوان منذ نشأتها عام 1928 ولاتزال تمارسها حتى اليوم من قتل وتخريب وتدمير وسرقة أموال واستباحة جميع حرمات المصريين،
لابد أن نرجعها للأساس العقائدى الذى زرعه حسن البنا، مؤسس الجماعة، فى عقول أتباعه، وتم تغذيته عبر 80 عاماً والتأكيد عليه ومحاولة تأصيله بدعاوى دينية باطلة، ربما كان أخطرها ولايزال أن هذه العمليات الإرهابية من قبيل الجهاد» ضد أعداء كافرين هم كل المصريين من غير أتباع الإخوان، ومن أجل استعادة دولة الخليفة الذى يكون مرشد الإخوان هو الخليفة فيها، لذلك يجب ألا نستغرب أو تصيبنا الدهشة عندما نرى اليوم فى اعتصامى رابعة والنهضة من الإخوان من قتل وعذب وسحل غيرهم من المصريين الذين صادف سوء حظهم وجودهم فى هذه الأماكن، ناهيك عن مظاهر الوحشية فى قتل رجال شرطة كرداسة وغيرها وإطلاق ماء النار على جثثهم، وسحلهم موتى فى شوارع هذه المدينة وغيرها منالمدن والقري مثل «دلجا» فى المنيا و«الصف» فى الجيزة، وغيرهما من المدن المصرية التى نكبت بوجود هذه الجماعة فيها، ومبعث عدم الدهشة والاستغراب أن حسن البنا ومن بعده سيد قطب وغيرهما من مرشدى الجماعة وأقطابها، أصّلوا هذه الأفكار الهدامة فى عقول تابعيهم على مدار العقود الثمانية الماضية، وأصبحت معتقدات راسخة فى نفوسهم، كشفت عن نفسها بوضوح عندما تمكنت هذه الجماعة من حكم مصر فى يوليو 2012 واستمرت لمدة عام، ثم استعرت حدة النزعة الدموية والوحشية المفرطة فى نفوسهم عندما طردهم المصريون من الحكم وأزالوا نظامهم، وأسقطوا دولتهم الفاشية فى 30 يونية 2013، والإخوان فى كل هذه الممارسات الهدامة إنما يستلهمون أقوال وإرشادات مؤسس جماعتهم حسن البنا، ويتبعونها عملاً بمبدأ السمع والطاعة لمن لا يخطئ ومنزّه عن الهوى ورفعوه إلى مرتبة الرسل والأنبياء، وكذا من خلفه من مرشدى الجماعة وصولاً إلى محمد بديع الذى رسخ فى عقولهم فكرة هدامة وعدمية مفادها إما حكم مصر وإما حرقها!!
سلوك حسن البنا.. صراع على الحكم، لا دعوة للهداية إلى الله
لقد اقتحم حسن البنا ميدان العمل السياسى معلناً أن الإسلام «طاعة وحكم ومصحف وسيف»، وهو ما انعكس فى شعار الجماعة «المصحف وسيفين وكلمة (وأعدوا)، وهو ما دفع كثيرين إلى التساؤل حول من الذى سيستعمل السيف؟ وضد من سيجرى الإعداد واستخدام السيف؟ وجاءت الإجابة سريعاً من ممارسات الجماعة تحت زعامة حسن البنا، والتى تمثلت فى عمليات اغتيال متتالية ضد المسئولين فى مصر من رجال حكم وأحزاب سياسية وشرطة وإعلام وكتاب ومثقفين، وصولاً لمحاولة الاغتيال الخسيسة لوزير الداخلية المصرى فى الشهر الماضى وما أعقبها من اغتيال كبار ضباط الشرطة.
ولعل سلوك البنا وجماعته، وحقيقته كدعوة للفتنة والصراع على الحكم لا دعوة للهداية يتبين من الآتى:
أ ــ اعترف قادة الإخوان فى كتبهم ومذكراتهم بأنهم قد اكتشفوا أن أعضاء النظام الخاص يتم تدريبهم على إجادة استخدام السلاح والقنابل والمتفجرات وأيضاً على اقتحام المبانى والسجون، مما يتضمنه ذلك من أعمال إجرامية كرشوة الحراس وتخديرهم وتصنيع نسخ مقلدة من مفاتيح السجون والزنازين (راجع محاولة الإخوان اقتحام سجن مصر العمومى فى نوفمبر 1948 فى كتاب أحمد عادل كمال، النقط فوق الحروف ص179) ولم يكن اقتحام سجن وادى النطرون والإفراج عن المساجين من قادة الإخوان فى يناير 2011 بواسطة فرع الإخوان فى غزة المسمى بحركة حماس، إلا تطبيق للمفهوم نفسه القديم حول اقتحام السجون، ولأن هؤلاء الإخوان المدربين على الإرهاب كانوا يجهلون أيضاً أمور دينهم، فقد صار الأمر مثاراً للاعتراض والسخرية، لذلك حاول حسن البنا معالجة هذا الأمر بسرعة، فكلف الشيخ سيد سابق بوضع مذكرات لهم فى الفقه تقنن لهم هذه الأعمال الإرهابية وتستوعبها باعتبارها «جهاداً فى سبيل الله»، وهى المذكرات التى نقحها الشيخ سيد سابق بعد ذلك، وأصدرها فى كتاب تحت اسم «فقه السنة»، راجع الكتاب السابق «نقط فوق الحروف» ص300، وقد اعترف قادة الإخوان فى كتبهم أيضاً بأن السلاح كان يستحوذ على كل اهتمام أعضاء النظام الخاص، ولو على حساب حرمة المصحف، فكانوا لا يتورعون عن استخدام كلمة «المصحف» فى الشفرة بينهم بمعنى المسدس أو الرشاش!! كما كانوا يخفون المسدسات داخل فجوات يصنعونها داخل المصاحف كتاب «من قتل حسن البنا» محسن محمد ص704.
كذلك اعترف قادة الإخوان بأن حسن البنا كان لا يتورع عن الاستعانة بالبلطجية والخارجين على القانون فى فرض دعوته وإرهاب المعارضين له، ويعترف بذلك د. محمد عساف أمين المعلومات بالجماعة فى كتابه «مع الإمام الشهيد حسن البنا» ص60، حيث يذكر أن حسن البنا قد قرّب إليه «إبراهيم كروم» الذى عُرف بأنه فتوة السبتية والذى كان يفرض الإتاوات على المتاجر، وكان يقطع شارع السبتية راكباً حصاناً أبيض وبيده النبوت الشهير وخلفه الأتباع راجلين، وأوضح الكاتب أن إبراهيم كروم فرض على أصحاب المتاجر التبرعات لجماعة الإخوان، فأعجب به حسن البنا وقربّه وأخذ يستقبله فى مقر إقامته، وتعلق هو بالإمام وبدعوة الإخوان، وظل كذلك حتى انتهى به الأمر فى معتقل الطور عام 1949 بعد مقتل حسن البنا (ص61)، ولعل ذلك يكشف حقيقة أن دعوة حسن البنا لم تكن دعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإنما كانت دعوة سياسية إرهابية تتستر بالدين، وتفرض أفكارها وآراءها بالقوة، ولا تتوزع عن الاستعانة بالبلطجية والخارجين على القانون لإرهاب المعارضين، فهل يختلف هذا المسلك من قبل حسن البنا عن مسلك خلفائه بعد ثورة 25 يناير 2011، بديع والبلتاجى والعريان وعزت، الذين استعانوا بالبلطجية فى البطش بمعارضى الجماعة، والسيطرة على صناديق الانتخابات، وحشد المعتصمين والمتظاهرين والإنفاق عليهم ببذخ لقطع الطرق والسكك الحديد والمترو والكبارى واقتحام أقسام الشرطة ومقار الحكومة؟! إنه التأسى بصنمهم المعبود حسن البنا.
ب ــ لتنفيذ هذه الأعمال الإرهابية حرص «حسن البنا» على إنشاء جهاز سرى خاص داخل جماعته، وكان أمر هذا الجهاز خافياً عن الكثيرين من أعضاء الجماعة، وقد استند البنا فى تبريره إنشاء هذا الجهاز بالزعم من أنه ضد الإنجليز والصهاينة، ثم وسع الدائرة ليقول إنه استهدف إرهاب أعداء الله، وتبقى المشكلة فى تعريف من هم أعداء الله، فالإخوان يقررون أن أعداء الله هم تحديداً أعداء الجماعة، وقد أوجز أحمد عادل كمال وهو من رجال هذا الجهاز السرى أهمية بل وحتمية وجود الجهاز السرى فى قوله بصراحة وبساطة «جماعة» من غير جهاز سرى مسلح يحميها مجرد تهريج، ويبرر حسن البنا تشكيل هذا الجهاز بأن «الإخوان المسلمون يجب أن يكونوا أقوياء وسيستخدمون القوة العملية حيث لا يجدى غيرها»، ولكى يكون (الأخ) مستعداً للقيام بعمل إرهابى يتعين إخضاعه لفكرة الطاعة العمياء، بحيث يكون«الأخ بالنسبة للمرشد كالميت بين يدى مغسِّله»، وبحيث يمكن اقتياده دون أية مقاومة إلى ما يريده المرشد العام، وفى ذلك يقول: «للقيادة فى دعوة الإخوان حق الوالد بالرابطة القلبية، والأستاذ بالإفادة العلمية، والشيخ بالتربية الروحية، والقائد بحكم السياسة العامة للدعوة، والثقة بالقيادة هى كل شىء فى نجاح الدعوات، ثم يشبه حسن البنا نفسه بالرسول إذ يختم كلامه عن نفسه كقائد وعن علاقة أعضاء الجماعة به بالآية الكريمة: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً»، وبهذا الجهاز السرى أحكم البنا قبضته على الجماعة حتى إن المفكر الباكستانى حسن النووى قال عن ذلك: «إذا عطس البنا فى القاهرة قال له أتباعه فى أسوان يرحمك الله»، وكما يفعل الحكام المتحكمون إذ يصطنعون أجهزة تصارع بعضها البعض لتوازن بعضها البعض، فيصبح التحكم أكثر إحكاماً، كذلك فعل حسن البنا، فقد أقام فى مواجهة الجهاز السرى الخاص بقيادة عبدالرحمن السندى جهازاً آخر أطلق عليه «جهاز الوحدات» ليضم فيه رجال الجيش والشرطة من أعضاء الجماعة، وتولى مسئوليته صلاح شادى، وكان ضابط بوليس، وكان من نتيجة الصراع داخل الأجهزة الأمنية فى الجماعة أن قام السندى فى 20 نوفمبر 1953 بتدبير مؤامرة لاغتيال الرجل الثانى من الجهاز الخاص «سيد فايز» وذلك بطريقة دموية حقيرة ودنيئة، إذ أرسل له علبة حلوى مفخخة بالمتفجرات فى ذكرى المولد النبوى الشريف، فأطاحت به وأفراد من عائلته، أما عن قيمة جهاز الوحدات، فقد اتضحت عندما قام مكتب الإرشاد فى 22 نوفمبر 1953 بفصل أربعة من أكبر قادة الجهاز الخاص منهم السندى، فأرسل الأخير مجموعة من رجاله إلى منزل المرشد المستشار الهضيبى لإجباره على الاستقالة، ومجموعة أخرى لاحتلال المركز العام للجماعة وإعلان صالح العشماوى مرشداً عاماً.
مسئولية حسن البنا عن جرائم القتل والتخريب
تؤكد جميع الكتب والمذكرات الصادرة عن قادة الإخوان، وتؤرخ لفترة رئاسة حسن البنا لجماعة الإخوان، مسئوليته الشخصية عن جميع جرائم القتل والتخريب التى تمت فى عهده، وأنها كانت ليست فقط بعلمه ولكن بأوامر شخصية منه وبهدف واحد تمثل فى قلب نظام الحكم القائم، ومقاومة كل من يعترض طريق الجماعة لتحقيق هذا الهدف وذلك باستخدام سافر للسلاح بجميع أنواعه وبواسطة أعضاء تنظيمية الخاص والوحدات والذى بلغ أعدادهما حوالى 13 ألف مقاتل ثم تدريبهم جيداً فى مناطق مختلفة من أرض مصر، وتحت شعار قتال اليهود فى فلسطين.
وعن استغلال حسن البنا لحرب فلسطين التى وقعت فى النصف الأول من عام 1948 كغطاء لتسليح وتدريب عناصر النظام السرى لتحقيق هدفه الرئيسى وهو قلب نظام الحكم القائم فى مصر ـ آنذاك ـ وذلك فى منطقة جبل المقطم من خلال سلسلة عمليات إرهابية قتل فيها بالفعل الكثير من المصريين وأشاعت الذعر والإرهاب والفوضى وانعدام الاستقرار فى مصر، ولقد حاول المرشد السابق عمر التلمسانى إخفاء هذه الحقيقة فى كتابه «ذكريات لا مذكرات ص36»، حيث قال: لم يكن إنشاء النظام السرى من أجل قلب نظام الحكم فى مصر وقتل الوزراء، ولكن قام بالرأى الثاقب وحسن البصيرة للإمام حسن البنا من أجل التصدى لإسرائيل، ولم يذكر لنا التلمسانى ما علاقة التصدى لإسرائيل بقيام الإخوان بقتل رئيس الوزراء أحمد ماهر فى عام 1945 قبل الحرب فى فلسطين بثلاثة أعوام؟ أو باغتيال رئيس الوزراء فهمى النقراشى باشا فى عام 1948؟ أو باغتيال المستشار أحمد الخازندار فى عام 1948؟ إلا أن عمليات القتل والتخريب داخل المدن المصرية سبقت حرب فلسطين بست سنوات فى عام 1948؟ بل إن عمليات القتل والتخريب داخل المدن المصرية سبقت حرب فلسطين بست سنوات فى عام 1942 بمنطقة الجمرك فى إسكندرية، وفى 6 يونيو عام 1946 ببورسعيد وفى 15 ديسمبر 1946 فى الإسماعيلية، وضد قسم شرطة الخليفة بالقاهرة فى 29 يونية 1947، وفى 17 فبراير 1948 ضد خصوم للجماعة فى ميت غمر، وفى عام 1947 ضد فندق الملك جورج بالإسماعيلية، وفى 22 أكتوبر 1948 ثم ضبط صناديق أسلحة وذخيرة فى سراديب بمنزل عضو مكتب الإرشاد الشيخ فرغلى بالإسماعيلية، وفى 25 مايو 1947 جرى اعتداء بأسلحة بيضاء من عناصر إخوانية على معارضين لهم فى دمنهور، الأمر نفسه فى 3 فبراير 1948 تلاميذ معارضين للجماعة فى إحدى مدارس الزقازيق وإلقاء قنبلة على قسم الشرطة، وفى 24 يناير 1948 تكرر اعتداء عناصر من الإخوان على معارضين لهم فى شبين الكوم أدت إلى حادث قتل، وفى 4 ديسمبر 1948 ألقى طلاب الجماعة فى جامعة فؤاد الأول «جامعة القاهرة» قنابل على رجال الشرطة وإطلاق الرصاص عليهم، وإشعال حرائق فى مبنى كلية الطب، وفى 6 ديسمبر 1948 قام الإخوان فى مدرسة الخديوية بإلقاء قنابل على رجال الشرطة، وغير ذلك الكثير من الجرائم الإرهابية، التى ارتكبت داخل المدن المصرية بتعليمات مباشرة من حسن البنا، وهو ما اعترف به العديد من قادة الإخوان الذين كذبوا زعم التلمسانى وأكدوا حقيقة أن تدريب أعضاء التنظيم الخاص فى منطقة المقطم على استخدام السلاح والمتفجرات لم يكن من أجل المشاركة فى حرب فلسطين، وإنما من أجل تنفيذ عمليات إرهابية فى مصر، وأن قادة الإخوان كانوا قد اتفقوا مع الشيخ أمين الحسينى مفتى فلسطين، وكان من الإخوان على أن يشهد زوراً أمام المحاكم فى حالة القبض على الإخوان بأنهم كانوا يتدربون من أجل التطوع فى فلسطين، وأن السلاح الذى يضبط معهم يخص تحرير فلسطين، وقد حدث ذلك فعلاً عندما تم ضبط مجموعة من الإخوان ومعهم أسلحة وذخائر يتدربون فى المقطم فى 19 يناير 1948، حيث شهد الشيخ أمين الحسينى لصالحهم فتم الإفراج عنهم «كتاب النقط فوق الحروف ص151 مصدر سابق».
أما أخطر الجرائم الإرهابية من اغتيالات وأعمال تخريب التى تم تنفيذها بأوامر مباشرة من حسن البنا، فتتمثل فى الآتى:
1 ــ مقتل رئيس الوزراء أحمد ماهر باشا فى 24 فبراير 1954 فى قاعة البرلمان انتقاماً منه لإسقاط حسن البنا فى الانتخابات.
2 ــ مقتل المستشار أحمد الخازندار فى 22 مارس 1948 لأحكام أصدرها ضد عناصر إخوانية على جرائم ارتكبوها فى الإسكندرية لإرهاب القضاة حتى لا يصدروا أحكاماً مماثلة ضد الإخوان، وقد حاول البنا التبرؤ من هذه الجريمة، ولكن رئيس النظام السري الخاص السندى اعترف عليه أمام مكتب الإرشاد أنه أعطى الأوامر بذلك إلا أن حسن البنا، أفتى بعد ذلك بدفع الدية لأهل الخازندار، ولكن لأن الحكومة قامت بذلك فلا داعى أن تقوم الجماعة بدفع الدية!!
3 ــ تفجير قنابل فى جميع أقسام الشرطة فى القاهرة فى وقت واحد يوم 3 ديسمبر 1946.
4 ــ تفجير شركة الإعلانات الشرقية فى وسط القاهرة فى 12 نوفمبر 1948، وهو ما نجم عنه هدم وتخريب فى المبانى ومقتل بعض الأهالى ورجال الشرطة وجرح عدد غير قليل من الأشخاص.
5 ــ مقتل اللواء سليم زكى حكمدار شرطة القاهرة فى 4 ديسمبر 1948.
6 ــ مقتل رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى باشا فى 28 ديسمبر 1948، رداً على قراره بحل جماعة الإخوان بسبب ما كشفه حادث السيارة الجيب فى 15 نوفمبر 1948، التى ضبطت عندما قامت عناصر من الجماعة بنقل أوراق خاصة بالنظام الخاص السرى كشفت عن مخططات لعمليات اغتيال وتخريب فى المدن المصرية وخطة لمهاجمة البنك الأهلى وفروعه للاستيلاء على أمواله، وأسلحة ومتفجرات كانت تنقل إلى السيارة الجيب من إحدى شقق الإخوان بحى المحمدى إلى شقة أخرى بالعباسية، وبذلك انكشفت حقيقة النظام السرى للجماعة، ولم يكن أمام النقراشى سوى حل الجماعة واعتقال أعضائها وتأميم ممتلكاتها، الأمر الذى ردت عليه الجماعة بتكليف أحد عناصرها بارتداء زي ضابط شرطة وقتل النقراشى فى وزارة الداخلية.
7 ــ تفجير نيابة محكمة الاستئناف فى 12 يناير 1949 لمحاولة حرق وإتلاف أحراز قضايا الإخوان المحفوظة فيها، ويمكننا من هذا الحادث أن نعرف حجم الخداع والنفاق والتضليل الذى اتسمت به أخلاقيات وسلوكيات حسن البنا، عندما نقرأ بيان البنا الذى أدان فيه هذا الحادث، ووصفه لمدبريه بأنهم صغار النفوس وأنهم ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين، وهو البيان الذى أثار الإخوان فى السجون وهاجموا البنا لخيانته لهم رغم أن العملية تمت بأوامر مباشرة منه.
8 ــ محاولة قتل إبراهيم عبدالهادى باشا رئيس الوزراء الذى جاء خلفاً للنقراشى باشا، وقام باعتقال الآلاف من الإخوان، لذلك قرروا التخلص منه بإطلاق النار على موكبه أثناء توجهه إلى رئاسة الوزراء، ولكنهم أخطأوا فى التعرف على موكبه فأطلقوا النار على موكب حامد جودة أحد الوزراء، ولكنه نجا.
وقد شرع حسن البنا لأتباعه ارتكاب جرائم القتل والتخريب باعتبارها فرائض دينية تفرضها الشريعة الإسلامية وهو ما اعترف به محمود الصباغ أحد قادة النظام السرى الخاص فى كتابه «حقيقة النظام الخاص» حيث كشف عن المبادئ التى أرساها حسن البنا لهذا النظام وحكمت سلوكياته الإرهابية، وأبرزها يجوز اغتيال المشرك الذى بلغته الدعوة وأصر على العداء والتحريض على حرب المسلمين، ويجوز اغتيال من أعان على قتال المسلمين سواء بيده أو بماله أو بلسانه، ويجوز التجسس علي أهل الحرب، ويجوز إيهام العقول للمصلحة، ولقد تبدو هذه الكلمات بريئة، لكن الخطورة تأتى إذا عرفنا ماذا يعنى بالمسلمين، وماذا يعنى بالمشركين، فالمسلمون عنده هم جماعة الإخوان فقط أما المشرك فهو من يعرضها، ومن هنا تبرز حتمية رفض قيام أحزاب سياسية على أساس دينى، لأن الحزب الدينى سواء إخوانى أو سلفى يعتبر نفسه صاحب الموقف الإسلامى الصحيح، وأن قادته هم أهل الحل والعقد وأن من والاهم قد والى صحيح الدين، ومن عارضهم فقد عارض صحيح الدين، ومن يعارض صحيح الدين كافر، وأيضاً من أعانه ضد الجماعة كافر، والكافر فى نظر الإخوان حلال الدم والمال والعرض.
جهاد الإخوان الحقيقى ضد الأنظمة الحاكمة وضد بعضهم البعض
وإذا استعرضنا مذكرات قادة الإخوان القدامى فإننا نفاجأ بأمر غريب يجمعهم جميعاً رغم النزاعات الشديدة التى كانت بينهم وهو أنهم يتباهون بالقتل والإجرام عندما يتقاعدون وإذا كانت الجماعة اليوم تواصل الكذب بالادعاء بأنها لم تفعل هذا الفعل الإرهابى أو ذاك، لكن الإخوان فى مذكراتهم يفضحون أنفسهم بأنفسهم عندما ينشرون مذكراتهم متباهين بجرائمهم، فقد اعترفوا صراحة فى هذه المذكرات أنهم كانوا يستهدفون القتل ونشر الرعب فى مصر وترويع وإرهاب كل من يتصدى لدعوتهم، وأن سلاحهم كان موجهاً إلى المسلمين من أهل مصر لا إلى اليهود فى فلسطين، ولا إلى المحتلين الإنجليز فى مصر، فها هو القيادى الإخوانى صلاح شادى أحد المسئولين عن الجهاز السرى الخاص فى عهد البنا يكشف عن حقيقة مهمة هذا الجهاز لمواجهة الحكام، فيقول: «النظام الخاص الذى نشأ عبدالناصر فى أحضانه ليدفع طغيان فاروق هو نفسه الذى أبقاه قادة الجماعة ليدفعوا به طغيان عبدالناصر»، وهكذا يقرر صلاح شادى صراحة أن من حق الجماعة إذا اختلفت مع الحاكم ومارس ضدها ما يطلقون عليه «طغيانا» أن تواجهه بالسلاح، وهو النهج الذى مارسوه فى عهد عبدالناصر وما بعده فى عهد السادات ومبارك وحتى اليوم.
والمثير للدهشة فى هذا الأمر أن الجهاز السرى الخاص الذى زعم حسن البنا ومازال الإخوان يزعمون بأنه أسس لمحاربة الاستعمار، قد تغيب تماماً عن معارك الكفاح المسلح ضد الإنجليز فى منطقة القناة عام 1951 وقد تنصل المرشد العام حسن الهضيبى الذى خلف البنا فى حديث له نشرته المصرى فى 3 يناير 1952 ونقله المؤرخ الإخوانى محمود عبدالحليم فى كتابه «من أية مشاركة فى هذه المعارك»، فقال: «كثر تساؤل الناس عن موقف الإخوان المسلمين فى الظروف الحاضرة، كأن شباب مصر كله قد نفر إلى محاربة الإنجليز فى القناة، ولم يتخلف إلا الإخوان.. ولا يزال بين ما فرضه الله عليهم من الكفاح وبين الواقع أمد بعيد والأمور إلى أوقاتها»، أما جهاد الإخوان الحقيقى فقد كان ضد الحاكم عبدالناصر ـ آنذاك ـ وليس ضد الإنجليز أو اليهود، وفى ذلك نجد محمود عبدالحليم فى المجلد الثالث من كتاب «الإخوان المسلمون ــ أحداث صنعت التاريخ ــ رؤية من الداخل»، المجلد الثالث، يخصص الفترة من 1952 حتى 1971 أساساً لتصفية الحساب مع عبدالناصر، وأيضاً لتصفية الحسابات الإخوانية الإخوانية خاصة تصفية الحسابات مع مجموعة عبدالرحمن السندى قائد النظام السرى، ويكشف عن حجم الصراعات الداخلية بين قادة الإخوان فى عهد البنا وبعده، فنجده يصف هذه الفترة قائلاً: «ويعلم الله كم عانيت فى إعداد هذا الجزء من مشقة نفسية وآلام تلذع القلب وتدميه، فأنا أكتب عن فترة كانت حالكة الظلام والأشخاص خلالها يتحركون فيتخبط بعضهم فى بعض، فربما أقبل أحدهم على آخر معانقاً وهو يظن أنه إنما يعانق صديقاً ولا يتبنى إلا أخيراً أنه إنما خائن العدو»، وتمضى معه وهو يحكى عن مرارة العلاقات بين الإخوان وبعضهم البعض، وكيف تصارعون صراعاً حاداً وعنيفاً، وتستمع إليه وهو يصف العلاقات بين من وصفهم حسن البنا «رهبان الليل وفرسان النهار»، فيقول: «إنها لم تكن عاصفة كسابقتها، إنما كانت هذه المرة دوامة هائجة اخترقوا بها قلب الإخوان المسلمين فى مهجته، فعميت من غبارها العيون، وداخت من دورانها الرؤوس، وذهلت بمفاجآتها العقول»، وهكذا نجد قادة الإخوان الأوائل فى مذكراتهم يتبادلون الاتهامات والاتهامات المضادة، والأكاذيب والأكاذيب المضادة، وبما يعكس صراعاً شرساً مليئاً بالشتائم، إلا بعد ما تكون عن آداب وأخلاقيات الإسلام الذى يتشدقون برفع رايته، بل إن الأمر لم يقتصر على تبادل الاتهامات والأكاذيب والشتائم، بل تعدى ذلك إلى تدبير اغتيالات بعضهم البعض والقتل بأساليب رخيصة ودنيئة وخسيسة، ربما أبرزها اغتيال سيد فايز قائد جهاز سرى بصندوق حلويات مفخخ بالمتفجرات.
والحقيقة أن جماعة الإخوان كانت تعتبر - ولا تزال الي اليوم - أن الجهاز السري الخاص الذي أنشأه حسن البنا ورعاه طبقة مميزة داخل صفوفها، وكان أعضاؤه يتيهون علي الجميع بحالة من الاستعلاء والاستقواء بوضعهم وجهازهم، ووصل الأمر الي أن الذين هاجموا بيت المرشد حسن الهضيبي محاولين إرغامه علي الاستقالة قال للمرشد بعنف شديد «لقد حضرنا لأننا تعبنا منك لأنك لا تعرف كيف تقود الجماعة ونحن لم نر منك خيرا، وقد حضرنا لنطالبك بالاستقالة». أما المرشد الذي صعق من هذا الهجوم فقد سأله «الأخ اسمه إيه»؟ فأجاب في تعالٍ علي مرشده: اسمي محمد حلمي فرغل من إخوان تحت الأرض، ولا يخفي علي أحد أن تسمية «تحت الأرض» هي التسمية المثلي للجهاز الإرهابي، ويعترف محمود عبدالحليم في كتابه بأن رجال الجهاز السري الخاص يقتلون بعضهم البعض بوحشية، ومهما بلغت الخصومة بين الإخوان فإنها ينبغي ألا تصل الي استحلال حرمة البيوت، فقد كان الإخوان يرون في ذلك خسّة ونذالة يربأون أنفسهم عنها، لكن مؤامرة السندي استحلت حرمة البيوت فاقتحمت علي المرشد بيته واستحلت دم أخ مخالف لهم في الرأي، وهكذا تتأكد المقولة المأثورة: «من يربي الثعابين السامة تلدغه»، ولكن عملية اللدغ هنا كانت متبادلة، ومن يطالع كتب مذكرات قادة الإخوان يمكنه أن يكتشف بسهولة أن الأخلاقيات الإخوانية التي زرعها حسن البنا في نفوس أتباعه كانت تفتقد تماما الي خلق الإسلام وآدابه، وأن ألفاظا نابية واتهامات جارحة قد جري تبادلها بشكل غير أخلاقي، ولعل حسن البنا - وهو الأدري بأخلاقيات أتباعه الذين رباهم - كان صادقا عندما قال: «إني والله لا أخشي عليكم حديدا أو نارا ولا أخشي عليكم مالا أو نساء بل أخشي عليكم أنفسكم فلا تختلفوا»، لكن الإخوان رغم أنهم لم يكونوا قد أفاقوا من هول الاعتقال بعد مقتل حسن البنا حتي تصارعوا بشراسة علي موقع السلطة الأبرز في الجماعة وهو موقع المرشد العام بل إن الصراعات حول هذا الموقع قد نشبت شرسة ودم حسن البنا لم يجف بعد وهم مازالوا في السجون والمعتقلات.
حسن البنا يشرع القتل غيلة
تؤكد ممارسات الإخوان الإرهابية أثناء فترة حكم مرشدها الأول حسن البنا وما بعدها وحتي اليوم أنهم اعتادوا الكذب فيما يتعلق بموضوع علاقتهم بالإرهاب وأنهم يستندون الي حجة فقهية غريبة ومريبة شرعها لهم البنا تقول: «إن قتل أعداء الله غيلة هو من شرائع الإسلام ومن خدع الحرب فيها أن يُسب المجاهد المسلمين وأن يضلل عدو الله بكلام حتي يتمكن منه فيقتله. كما أفتي البنا أيضا: «يجوز إيهام القول - أي الكذب - للمصلحة».
والدليل علي ذلك أن البنا نفسه اتبع هو أيضا ذات المنهج، حيث تجنب الصدق وقال عكسه عامدا متعمدا، حيث حاول التنصل من الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها جماعته بأوامر منه وذلك علي طريقته، ومن خدع الحرب أن يضلل المسلم عدو الله بالكلام حتي يتمكن منه فيقتله»، وبالطبع يدخل في إطار تصنيف البنا «عدو الله» كل من هم ليسوا من الإخوان حتي وإن كانوا من أكثر المسلمين إسلاما وإحسانا.. ولكن لم يدرك البنا حين قال ذلك أنه سيأتي في زمن لاحق بعض من رجاله ليكشفوا الحقيقة فيضعوه وبعد رحيله بسنوات عديدة في مأزق الاتهام بالكذب الفاضح.
يتضح ذلك في كذب حسن البنا عندما أنكر أن أحداث إلقاء قنابل ضد أقسام الشرطة في 24 ديسمبر 1946، وتم ضبط مرتكبيها من الإخوان وإدانتهم ثم يأتي بعد ذلك أحد مؤسسي الجهاز السري الخاص - أحمد عادل كمال - ليؤكد مسئولية الجماعة ومرشدها عن هذه الأعمال الإرهابية، نفس الإنكار والكذب تكرر من جانب حسن البنا عن مسئوليته وجماعته عن محاولة نسف فندق الملك چورچ في الإسماعيلية، ثم يأتي بعد ذلك بسنوات صلاح شادي أحد قادة الجماعة ليكشف حقيقة مسئولية الجهاز السري الخاص عن هذا المخطط وبإشراف حسن البنا شخصيا، ثم يبرر البنا ضبط عدد من الإخوان يتدربون علي أعمال قتل ونسف وتخريب في المقطم بدعوي أنها استعداد للاشتراك في حرب فلسطين، في حين يؤكد أحمد عادل كمال في مذكراته أن موضوع التدريب للتطوع في حرب فلسطين كان غطاء للتدريب علي تنفيذ مخطط إسقاط نظام الحكم بالقوة، ويبدو الكذب واضحا في أقوال حسن البنا فيما يتعلق بحادث اغتيال القاضي أحمد الخازندار، إذ يقول البنا «وكل ذنب الإخوان فيه أن أحد المتهمين شاع أنه سكرتير المرشد العام»، ولكن محمود الصباغ يكشف النقاب بعد ذلك عن أن البنا رأس لجنة تحقيق إخوانية أقرت بمسئولية الجهاز السري عن القتل وأن ذلك بموافقة البنا شخصيا.
وحتي بعد مقتل حسن البنا نجد الإخوان مستمرين في سياسة الكذب، فهم دائما يرتكبون الجرائم ثم يحاولون التنصل منها، مثل محاولة اغتيال عبدالناصر عام 1954 في ميدان المنشية، حيث ينفون مشاركتهم في هذه المحاولة ويعتبرونها خدعة ناصرية ومن اختراع خبير أمريكي!! ورغم اعتراف عبداللطيف مرتكب الجريمة بأنه من الإخوان وأن مسئولي الجهاز السري إبراهيم الطيب وهنداوي دوير هما اللذان أعطياه المسدس والتكليف باغتيال عبدالناصر، إلا أن الإخوان لا يزالون يتنصلون من المسئولية ولكن يأتي اللواء حسن أبوباشا ليقرر أن قيادات الإخوان وعلي رأسهم المرشد العام قد اختفوا فجأة قبل حادث الاغتيال، وأنه عندما قام بتفتيش منزل أحد أعضاء الجهاز السري الخاص وجد خطابا «يذكر بقرارات المرشد السرية التي اتخذت في المؤتمر العاشر للجماعة والتي من بينها أن الجماعة يجب ألا تسعي للقيام بأي عمل انقلابي إلا بعد أن تتحقق لها قاعدة قوية في الجيش والشرطة وأن أي عمل سيقوم به الإخوان الآن لن تكون له نتيجة إلا بحور من الدماء يغرق فيه الإخوان». كما كشفت الأوراق عن وجود خطة أخري وضعها الجهاز السري وصدق عليها المرشد العام فقضي باقتحام مجلس الوزراء واحتلاله والقيام بانقلاب،وخطة بديلة ثالثة تستهدف اغتيال مجلس قيادة الثورة بأجمعه.
ويقول الباحث الأمريكي ريتشارد ميتشيل في كتابه «تاريخ جماعة الإخوان المسلمين»: «ترجع قدرة البنا في إقامة التنظيم الحديدي الي دراسته المتعمقة في تاريخ الحركات السرية التي نشأت في الدولة الإسلامية في عهود بني أمية وما تلاها والتي ميزت نشاط الفرق الإسلامية المتعددة خاصة الشيعة، حيث يورد «ميتشل» فقرات من قانون «التكوين» الذي تأسس الجهاز الإرهابي علي أساسه، وجاء فيه علي لسان حسن البنا: «إن من أنواع الجنود من يجب أن يكونوا بعيدين عن النشاط الظاهري، وأن هذا النوع يجري تدريبه في حرص تام ولا يستخدم إلا في وقت الحروب العلنية، وكان البنا يحذر أتباعه من البوح بأي معلومات عن الجهاز قائلا: «خلينا زي المية تحت التبن»، وتقوم الفكرة الأساسية للجهاز السري الخاص علي أساس الطاعة المطلقة.. ومن أقوال البنا التي يشرع فيها القتل، قال الأوراق التي ضبطت في حادث العربية الچيب السابق الإشارة إليه أن القتل الذي يعد جريمة في الأحوال العادية يفقد صفته هذه ويصبح فرضا واجبا علي الإنسان إذا استعمل كوسيلة لتأمين الدعوة» ونقرأ أيضا في نفس الأوراق ما يبرر به حسن البنا ارتكاب جرائم القتل،فيقول: «إن الكلام لم يجد شيئا وكان لابد أن نجيبهم بطريقة لا تخيب أبدا وهي الطريقة التي بممارستها سيتم لنا النصر، ألا وهي القوة، هكذا نجحت الثورات ونفذت الانقلابات سنسعي جاهدين في ميداننا ونزيح من الطريق من يعترض طريقنا ويثنينا عن غايتنا»، وبرغم البشاعة التي تضمنتها هذه الأوراق، والمعلومات التي توحي بأنهم كانوا يعدون لمجزرة حقيقية، نجد أحدهم وهو يتباهي بما احتوته هذه الأوراق قائلا: «إنها مفخرة يحس بها من يقرأها اليوم» (كتاب اللواء فؤاد علام - الإخوان وأنا)، ولعل هذا الإصرار علي الإرهاب المتوحش من جانب حسن البنا هو الذي دفع بعضا من الإخوان وبعد فوات الأوان الي إدانة الجهاز السري الخاص فيقول فريد عبدالخالق وهو أحد القادة السابقين للجماعة: «إن الفكرة خاطئة من أساسها لأن الجناح العسكري ما أن شعر بقوته حتي بدأ يطغي علي الجناح المدني وحاول أن يفرض رأيه بالقوة وهذا خطأ أي جماعة بها جهاز سري عسكري».
هدف البنا ضرب مصر وشغلها عن مواجهة إسرائيل
ولأن مصر كما وصفها حسن البنا بأنها «القلب النابض للعالم الإسلامي» ولأن اليهود كانوا يعدون العدة منذ أربعينيات القرن الماضي للاستيلاء علي فلسطين والقدس بصفة خاصة لجعلها عاصمة الدولة الإسرائيلية التي أعلنوها في 15 مايو 1948 فقد كان من الطبيعي أن يقوموا بضرب قلب العالم الإسلامي النابض في مصر ليسهل عليهم تنفيذ مخططاتهم في فلسطين، وبالفعل تحرك حسن البنا - اليهودي الأصل والماسوني الهوية كما أثبتنا ذلك في الحلقة الأولي من هذا المسلسل عن طريق التنظيم الخاص في عامي 1947 و1948 للقيام بسلسلة تفجيرات وقتل وإرهاب لنشر الفوضي والاضطرابات في ربوع مصر علي النحو الذي يقوم به الإخوان اليوم في عام 2013 لتشتيت جهود المصريين وتمزيقهم وإضعافهم وإلهائهم عن القيام بالدور التاريخي المنوط بهم في الدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس علي النحو الذي قاموا به في معركة حطين عام وبها تمت استعادة القدس من الصليبيين ومعركة عين جالوت 1250 ضد التتار ومعركة المنصورة عام 1258 ضد الجيش الفرنسي.
ولقد اعترف بعض قادة الإخوان في كتبهم ومذكراتهم بحقيقة ما حدث مع شباب الإخوان الذين تطوعوا لمحاربة اليهود في حرب فلسطين 1948، وأنهم فوجئوا بأن الشيخ محمد فرغلي - عضو مكتب الإرشاد - المسئول عنهم أن تعليمات المرشد حسن البنا تأمرهم بالتوقف عن الهجمات ضد اليهود بدعوي أن هناك مؤامرة لتصفية المجاهدين «كتاب التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين لعلي العشماوي ص95».
الإخوان يزعمون بأن الاغتيالات السياسية فريضة دينية
من أبشع وأسوأ الدروس التي رسخها حسن البنا في عقول ونفوس أتباعه أن الاغتيالات السياسية سُنة سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وأن الرسول - حاشا لله - كان يرسل السرايا الخاصة لاغتيال أعداء المسلمين داخل بيوتهم، فنجد أحد قادة التنظيم السري الخاص - محمود الصباغ - يصف في كتابه «حقيقة التنظيم الخاص - ص429 مهام الاغتيالات السياسية التي كان يكلف بها حسن البنا التنظيم السري بأنها «سرايا للجهاد» فكان يطلق علي جريمة اغتيال النقراشي اسم «سرية قتل النقراشي باشا، ويطلق علي محاولة اغتيال إبراهيم عبدالهادي اسم «سرية محاولة قتل إبراهيم عبدالهادي - ص450» وذلك تشبيها بالسرايا التي كان الرسول يرسلها في الفتوحات الإسلامية!! ثم يزعم في كتابه أن قتل النقراشي باشا كان «فريضة دينية وفرض عين علي كل مسلم ومسلمة لاستمراره في التصدي للإخوان المسلمين، ص312/314»!!
ثم يستطرد قائلا: إن أعظم دور قام به الإخوان المسلمون في مصر هو الاغتيالات السياسية وأن القاتل فيها مجاهد فدائي في سبيل الله ص34.
ولقد تحول اتباع حسن البنا من قادة الجهاز السري الخاص، ومن خلفهم من بعد وحتي اليوم الي وحوش آدمية تستهين بالقتل وتستهويه وتتعطش للدماء وتستعذبها بل وتسخر حتي من المشاعر الإنسانية لأهل الضحايا ويكفي أن تتوقف أمام مشاعر القيادي الإخواني أحمد عادل كمال عضو هذا الجهاز الإرهابي وهو يسخر من أنات وأهات وصراخ زوجة المستشار الخازندار وهي تراه يسقط أمام عينيها قتيلا برصاص الإرهابيين من الإخوان، ص174.
كما يسخر من النقراشي باشا وهو يسقط برصاص قاتله فيصفه بما توصف به البهائم عند ذبحها، ص223، ويسخر منه أيضا محمود الصباغ في كتابه «حقيقة التنظيم الخاص» ويهدد كل من يفكر مثله في معارضة الإخوان بنفس المصير، فيقول في ص82: «إن النقراشي هو الذي قتل نفسه حين تجرأ وقام بتوقيع قرار حل جماعة الإخوان»!!.
كما تتأكد استهانة الإخوان بحرمة أموال المسلمين وثرواتهم ومصادر أرزاقهم حين تقرأ اعترافات علي عشماوي في مذكراته عن المؤامرة التي كانوا يعدون لتنفيذها عام 1965 عند القبض عليهم، فلقد كانوا يعدون لنسف المنشآت الاستراتيجية المهمة والمؤثرة بالدولة، مثل مبني الإذاعة والتليفزيون ومحطات الكهرباء والقناطر الخيرية لأن ذلك سيحقق الإظلام التام في القاهرة، ص19» أما نسف القناطر الخيرية فقد اعترض عليه البعض لأنه سيعرض الآلاف للموت غرقا وتدمير البلاد وثرواتها.
وقد اعترف قادة النظام الخاص بأنهم أول من ابتكروا الوسائل والأساليب الحديثة للقتل الجماعي العشوائي والتدمير الواسع بين المدنيين والمنشآت المهمة وفي ذلك يقول علي عشماوي في كتابه ص64: «إن الإخوان المسلمين هم أول من ابتكروا الحزام الناسف عام 1954 والذي يرتديه القاتل ليتحول الي قنبلة بشرية، كما قال عن السيارات المفخخة التي تستخدمها المنظمات الإرهابية في عملياتها علي نطاق واسع في العديد من الدول العربية والإسلامية وأنها «ابتكار الإخوان المسلمين» وأن أول من استخدمها هو صلاح شادي عضو النظام السري الخاص للإخوان المسلمين عام 1948 في عمليتين بتاريخ 5/6/1948 و19/7/1948 بتفجير عربة محملة بالمتفجرات داخل حي سكني حيث قتلت عشوائيا من قتلت من السكان والمارة!! ويفتخر أحمد عادل كمال بذلك الاختراع الإرهابى فيقول فى ص62 من كتابه «أن الرأي العام يدرك أن الإخوان هم أصحاب هذا النوع من العمليات علي هذا المستوى»، ثم يضيف معترفاً في ص64 «أن جماعة الإخوان المسلمين هي المسئولة عن أعمال العنف باسم الدين التي انتشرت في العالم الإسلامي بجميع صوره وأشكاله.. وأن جماعات الإرهاب التي خرجت من عباءة الإخوان المسلمين فكراً واعتقاداً بعد أن تعلمت استخدام القنابل البشرية والسيارات المفخخة لتنشر العنف باسم الدين في كل البلدان الإسلامية وبلاد العالم».
نهاية البنا من جنس عمله
وبعد أن قامت سلطات الدولة باعتقال العديد من قادة الإخوان في الصف الأول والثاني، وانهار الكثيرون منهم مدلين باعترافات كاملة، كان أخطرها تطوعهم بإدانة فكرة الجهاز السري الخاص وتكفير القائمين عليه، أصبح حسن البنا يعاني أكثر ما يعاني من حريته المفروضة عليه، وطالب المسئولون أكثر من مرة بأن يضعوه في المعتقل ولكنهم رفضوا، فقد اختمرت لديهم فكرة تصفيته سياسياً أولاً، وبعدها يصفي جسدياً.
ويصف د. رفعت السعيد في كتابه (حسن البنا - الشيخ المسلح) ص282 حال البنا في هذه المرحلة فيقول: «وفي حديثه كان الشيخ أكثر عذاباً من أتباعه المسجونين، فقد تركوه محاصراً، عاجزاً، ضعيفاً، لقد انفرط عقد الجماعة، والجهاز السري فتقطعت خيوطه، والبناء الشامخ ينهار، و«رهبان الليل وفرسان النهار» يتساقطون تحت آلة التعذيب ليدلوا باعترافات كاملة تجر إلي الزنازين المزيد والمزيد من الإخوان، أما هو فقد حاصروا بيته واعتقلوا كل من يقترب منه، وصادروا سيارته.. وسحبوا خط تليفون منزله، والشيخ الذي كان ملء السمع والبصر أصبح يستجدى مقابلة مع رئيس الوزراء مقدماً كل ما يستطيع من تنازلات، ويأبى رئيس الوزراء أن يقابله.. ووضع كهذا بالنسبة لرجل كحسن البنا هو قمة المأساة».
- وفي إطار هذه المأساة التي كان يمر بها حسن البنا كتب آخر رسائله «القول الفصل» التي حاول فيها الدفاع عن نفسه وجماعته، مبرراً أعمالها، ثم بدأ يتردى في هاوية التنازلات فيصدر بياناً بعنوان «بيان للناس» يستنكر فيه أعمال رجاله ورفاق طريقه ووصفها بالإرهاب والخروج علي تعاليم الإسلام. ويعترف بأنه «لا أستطيع أن ينكر الأخطاء التي ارتكبها الإخوان، وأنها قد هزته إلي درجة أنه هو نفسه قد شعر بضرورة حل الجماعة»، ثم أصدر بياناً آخر بعنوان «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين»، حيث يقول فيه: «وأنني لأعلن أنني منذ اليوم سأعتبر أي حادث من هذه الحوادث يقع من أي فرد سبق له اتصال بجماعة الإخوان موجهاً إلي شخصي، ولا يسعني إزاءه إلا أن أقدم نفسي للقصاص وأطلب إلي جهات الاختصاص تجريدى من جنسيتي المصرية التي لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء، فليتدبر ذلك من يسمعون ويطيعون». وهو ما أثار الإخوان في المعتقلات ووجهوا إليه رسالة تهديد يقولون فيها: «إذا كان هذا البيان صحيحاً فإن يوم الحساب آت بعد الإفراج عنا». ثم كانت النهاية عندما سحبت السلطات الحراسة المحيطة به، واستدرجوه إلي جلسة مفاوضات أخيرة، وأطلقوا عليه الرصاص في 12 فبراير 1949، وكان المدبر الأساسى لقتله هو الملك فاروق الذي نافقه حسن البنا يوماً وطالب بالاحتفال بيوم مولده، كما نحتفل بيوم المولد النبوى!! وكان ذلك ثمن الولاء والمداهنة والرياء الذي اعتاده حسن البنا بتقديسه للملك يوماً ما، والتي قادت إلي نهايته، وكانت ثمرة ما قدمت يداه من تحريض علي القتل والتخريب والتدمير باسم الدين، فكان الجزاء الذي تلقاه من البنا في نهايته من جنس عمله.
في الثلاثاء 15 أكتوبر-تشرين الأول 2013 08:33:45 م