عدن بعد القاهرة الشعوب تقرر مصيرها
كاتب/عارف اليافعي
كاتب/عارف اليافعي
ها هو التاريخ يعيد نفسه, ففي 7/7/ 2007م خرج ابناء جنوب اليمن في عاصمتهم السابقة عدن, في مظاهرات سلمية شهد لها العالم, تطالب برد المظالم واستعادة الحقوق, التي استولي عليها نظام الديكتاتور المخلوع علي عبد الله صالح وشركائه في الحكم والقتل والسرقة والنهب, وهم جماعة الاخوان المجرمين, ممثلة بحزب التجمع اليمني للإصلاح, وبقية الاحزاب والجماعات الإرهابية, التي تتخذ من الدين غطاء لشن حروبها وتبرير جرائمها وشرعنة أفعالها, التي ترفضها وتنبذها كل شرائع السماء وقوانين الارض وقيم وأخلاق البشر, إلا ان تلك المظاهرات والمطالبات لم تجوبه بالرفض والتعنت فحسب, بل واستخدام القوة المفرطة من قبل قوات النظام اليمني والمليشيا التكفيرية المتحالفة معه والداعمة له, والتي انتجت له الفتاوي الباطلة من مطابخ التكفير والموت, ليستبيح دماء الجنوبيين بها, ويدمر مدنهم وقراهم بموجبها, إلا ان عدوانية النظام اليمني, دفعت الجنوبيين الي رفع سقف مطالبهم, من مجرد مطالب حقوقية, الي انهاء مشروع الوحدة وفك الارتباط, بين دولتهم الجنوبية والجمهورية العربية اليمنية التي تمت عام 1990م, وذلك بعد انقلاب نظام صنعاء علي الاتفاقية والتنصل من كل بنودها ثم اعلان الحرب الجهادية ضدهم في صيف 94م, والتي رفضتها وتصدت لها الدول العربية المحورية, كمصر والسعودية وسوريا ودول مجلس التعاون وعلماء الامة الإسلامية, المشهود لهم بالوسطية والاعتدال والعلم الراسخ, إلا ان تحالف نظام صنعاء وجماعة الاخوان اليمنيين والعرب, وتواطؤهم مع بعض القوي الاقليمية والدولية الطامعة, حال دون تحقيق هذا الهدف الوطني والمصيري الذي ينشده شعب الجنوب ولا يزال, والذي لا يحق لكائن من كان ان يرفضه او يقف ضده, فالعصر عصر الشعوب, والشعوب وحدها دون سواها, هي من يحق لها ان تقول كلمتها وتقرر مصيرها بنفسها وتختار انظمتها ومن يحكمها, رغم خزعبلات الانظمة الفاسدة, وأنوف العصابات الانتهازية التكفيرية, التي تحاول استغلال الدين, وتسخيره لأهدافها ومصالحها الخاصة, ولسنا ببعيدين عن ما مارسته جماعة الاخوان المسلمين في مصر باسمه, من خلال ترديد الشعارات وإصدار الفتاوي واختلاق الاكاذيب, لإحباط ثورة الشعب المصري وتزوير ارادته الحقيقية.
لقد تحررت مصر اليوم, وتطهرت قاهرتها الشامخة, من براثن الحكم الديكتاتوري والتكفيري, وستتحرر بعدها عدن ان شاء الله من ربقة الحكم القبلي المتخلف ونظام العصابات التكفيرية المتحالفة والمترابطة مع بعضها, فمتي ما سقط معقل من معاقل الارهاب والإجرام والظلام, تساقطت باقي المعاقل كتساقط حبات المسبحة عند انفراط عقدها, فلا يمكن لاي شعب في العالم, ان يثور بكل قواه ومكوناته وافراده, وينصهر في بوتقة واحدة, حتي وان كان متعدد ومتنوع العقائد الدينية والسياسية والفكرية والانتماءات المذهبية والقبلية والمناطقية, من اجل تحرير وطن من احتلال داخلي او خارجي او اسقاط نظام او خلع حاكم او ردع حزب او اجتثاث جماعة, ما لم تتوافر له, كل الاسباب والدوافع الحتمية والمصيرية, التي خضعت لقوانين الفطرة السليمة, وحركتها غيرة وغريزة الانتماء الحقيقي والطبيعي للوطن, من اجل الحفاظ علي ثوابته وصون مقدساته ومقدراته.
لهذا, جاءت ثورات الربع العربي, ومن قبلها ثورة الشعب الجنوبي بهذه الصور الوطنية والإنسانية الخلاقة, التي تجلي فيها وبها جمال وجلال العلاقة العفوية والأبدية الراسخة بين الانسان والوطن, الذي ركن جانباً كل الانتماءات والولاءات والأفكار وتجاوز كل الاختلافات والتمايزات, وانحاز كلياً وجلياً ليثوابته الدينية والوطنية, التي عبثت بها انظمة القمع والفساد وسخرتها لمصالحها الخاصة طوال سنين حكمها العجاف, فدفعت ثمن هذا العبث فكان سقوطها المدوي والمخزي, والكوارث الخطيرة التي حلت بهذه الشعوب ان الجماعات والأحزاب التي تحمل مشاريع وأفكار بعيدة عن الواقع والمنطق, وتعمل وفق اجندات محددة ومحصورة بمصالحها الخاصة ومنظوراتها الضيقة, هي من وصلت الي الحكم فاستولت علي كامل السلطة واحتكرت القرار وتعسفت بالممارسات وتمادت بالعبث, الي درجة الغاء كل من لا ينتمي اليها او لا يؤمن بفكرها اولا يعمل لصالحها, فكان من الحتمي والضروري والواجب الوطني, القيام بثورات تصحيحية تعيد الاوضاع الي طبيعتها والأمور الي مجاريها, فكانت البداية من مصر العروبة والحضارة والتاريخ, عند ما خرج الشعب المصري في ملحمة كبري, ليستعيد حقه ويوقف الحاكم عند حده ويردع جماعته, دون ان يبالي بتبجح المتبجحين وتستر المتسترين في الداخل والخارج كذبا وبهتانا بالثوابت الدينية والوطنية, وتحذيراتهم المتكررة من انقسام الشعب وتمزق البلاد وسقوطها في اتون الفوضي العارمة ان تم اسقاط نظامهم, والتي اثبتت الوقائع والحقائق كذبها وزيفها, فقد انتصر الشعب وسلم الوطن وبقت الثوابت, وسلمُت شعلة الثورة الي ايادي الاحرار, ليواصلوا ثوراتهم التحررية والتصحيحية, في الاوطان التي لا زالت ترزح تحت الظلم والظلمات, حتي تتطهر من جماعات التطرف والإرهاب وأنظمة القمع والاحتلال الداخلي, ولا يفوتنا التذكير بمواقف ابناء جنوب اليمن الذين خرجوا يتظاهرون امام القنصلية المصرية في عدن وهم يرفعون اعلام مصر ويحملون صور زعيم الامة العربية الخالد جمال عبد الناصر والفريق اول عبد الفتاح السيسي, معبرين عن وقوفهم مع الشعب المصري وتأييدهم لثورته المجيدة, والشيئ بالشيئ يذكر, فاننا نذكر ايضاً بفعل الهمج والغوغائيين في اليمن الشمالي التابعين لحزب الاصلاح التكفيري, وهم يتظاهرون امام السفارة المصرية ويرشقونها بالحجارة ويحرقون الاعلام ويهتفون ضد الشعب المصري وثورته.
- نقلا عن الاسبوع المصرية:
في السبت 24 أغسطس-آب 2013 04:47:11 م

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=627&lng=arabic