|
أعلنت الولايات المتحدة رفضها موقف النظام المصري من فض اعتصام جماعة الاخوان المسلمين، وأعلنت أنها تنوي إعادة تقييم المعونة الأمريكية، بل تصرُّ على إعداد مائدة حوار بين الشعب المصري وجماعة الاخوان الذين أعلنوا عن إحراق مصر وقد بدأوا بالفعل إشعال النيران هنا وهناك، أمريكا التي أعلنت الحرب على الإرهاب وزجّت بالمئات في سجن جوانتنامو ورفضت حتى التحقيق معهم تريد الشعب المصري أن يتحاور مع جماعة أعلنت الإرهاب صراحة، واتخذت من العنف وسيلة؛ حيث اعتدت على الكنائس وأقسام الشرطة، وبعض الوزارات والمقرّات الحكومية، أمريكا تدعو الشعب المصري إلى الحوار مع جماعة رفضت شعار السلمية، لكنها اعتدت على أمن شعب بأكمله وتحاول مصادرة حريته.
لم يعد خافياً أن أمريكا أضحت دولة ترعى الإرهاب، فهي تمد الإرهابيين بالسلاح في سوريا، وتحاول حمايتهم في مصر، إنها ترعى جماعة اختارت بإصرار الصدام مع الشعوب ومؤسسات الدولة.
والحقيقة أن موقف أمريكا لم يكن مفاجئاً؛ بل يتسق تماماً مع سياساتها الداعمة للفوضى والإخلال بأمن الشعوب، وقد بدت سياسة الولايات المتحدة واضحة منذ فترة بعيدة، حيث ذهبت لدعم مشروع الإسلام السياسي، ولم تحترم أمريكا حقوق الشعب المصري الذي قيّدت حريته في رابعة العدوية والنهضة، وتحويل شوارع عاصمته إلى مربعات أمنية من قبل جماعة الاخوان المسلمين التي أقامت المتاريس وخزنت الأسلحة، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تخجل من نفسها وهي تدافع عن جماعة اعتدت على المنشآت والمرافق العامة والكنائس في مختلف المحافظات، وحوّلوا الشوارع إلى ساحات حرب، إنها جماعة تعادي الشعب وخاصة الأقباط والقضاة والإعلاميين والمثقفين والفنانين والأدباء والمرأة والعسكر.
إن أمريكا في تحالفها مع هذه الجماعة أرادت أن تنشر الفوضى التي بشّرتنا بها قبل فترة من الزمن، وهي لا تستطيع نشر هذه الفوضى إلا من خلال الجماعات الإسلامية التي تعتبر الوطن سكناً وليس وطناً له قدسيته، ولهذا يمكن بيعه بالكامل أو حتى جزء منه، ويمكن أن يؤجّر لمن يدفع الثمن.
ولست بحاجة للقول إن أمريكا كشفت عن وجهها الحقيقي في دعمها الإرهاب من خلال دعمها جماعة الإخوان المتمردة، والتي رفضت الاعتراف أنها فشلت، ولم تعترف بالتغيير الذي نجم عن فشلها ومن ثم لجأت إلى العنف، إنها جماعة كما قلنا تتعامل مع الوطن كسكن وليس وطناً، لذلك كان قرار مرسي حينما تولّى الرئاسة هو تحدي المحكمة الدستورية العليا بإلغاء قرارها بحل مجلس الشعب، فتحدّى سيادة القانون، كان أولى المحاولات التي تبعها الاستخدام المادي للعنف من خلال حصار وتهديد المحكمة الدستورية العليا، ولم يكتفِ بذلك بل أصدر إعلاناً دستورياً خاصاً به يعفيه من كل مساءلة، وتحت هذه المحاولات كان الطرح مستمراً بحرق البلاد وقلب عاليها سافلها وتلوينها بحمامات الدم، إضافة إلى ما سبق كان الإصرار على الاستفتاء على دستور أراد تغيير الدولة المصرية من مدنية إلى دولة لا تمر قوانينها إلا عبر مؤسسات دينية ووفقاً لمذهب الجماعة وعزل سياسي على تلك القوى القادرة على مواجهة ومناهضة حكم الإخوان.
لقد أشرف "1500" قاضٍ على الاستفتاء من أصل "5000" قاضٍ، فكانت النتيجة مزورة على نطاق واسع، فكانت النتيجة هي ثورة حقيقية لاستعادة الشرعية والقانون والدولة، لذلك أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تضع مصر أمام محاكمة عالمية بسبب عودتها إلى الشرعية والدولة والقانون.
لقد تجاهلت أمريكا الجنود الذين يُقتلون في سيناء، ومصادرة الإخوان القانون، واستخدام الأطفال والنساء دروعاً بشرية في الاعتصامات بما يخالف القوانين الدولية، أرادت أمريكا بتحالفها مع الاخوان ضمان أمن اسرائيل لفترة طويلة؛ لذلك عقدت صفقة مع جماعة الاخوان تقوم على ترك الاخوان يحكمون ولكن ضمن ثوابت وأسس تلتزم بها الجماعة، هذه الثوابت تضمن أمن اسرائيل ووجودها ودعم سقوط الأنظمة الممانعة؛ يؤكد ذلك خطاب مرسي في يونيو حين تجاهل ذكر الاحتلال الاسرائيلي، وراح يعلن الحرب ويحشد الإرهابيين للقتال في سوريا، عزّز ذلك ما قاله عزيز الدويك، أحد قادة حركة حماس ورئيس المجلس التشريعي الفلسطيني السابق: "إن أولويات الجهاد الآن تنصب في سوريا" أعلن ذلك وهو تحت الاحتلال، كما أن قادة حماس ـ الذين احتضنتهم سوريا ـ حينما جاءت إليهم الأوامر تركوا سوريا وتوجهوا إلى قطر.
وها نحن اليوم نشاهد الوسيط الأمريكي محمد البرادعي الذي زرعته لوقت الحاجة وهو على علاقة بجماعة الاخوان؛ وصلت إليه التعليمات أن يستقيل في تمثيلية مفضوحة حتى يكون هو المرشّح القادم فتعود جماعة الاخوان المسلمين من خلاله.
أمريكا ترى أن السيسي جاء من داخل المدرسة القومية، وسيكون صلباً في التعامل مع أمريكا فيما يخصُّ السيادة المصرية، لذلك نجد استقالة البرادعي تهدف إلى إضعاف الخطوات التي يقوم بها الجيش المصري تجاه الجماعة المتطرفة.
أخيراً يمكن القول إن أمريكا راعية للإرهاب، وجماعة الإخوان هي الأداة، ففي عهدهم تم إطلاق سراح كل الجهاديين المتهمين بعمليات إرهابية.
في الخميس 22 أغسطس-آب 2013 04:24:51 م