|
هناك ادبيات تبلغ حد التواتر حول الاخوان المسلمين من قبل المنشقين عن الجماعة ومن باحثين كثر من خارجها تصب حول طبيعتها كتنظيم تابع للماسونية، وكلها يتحدث عن يهودية والد مؤسس الجماعة حسن البنا وان الاخوان جمعية ماسونية تعمل في خدمة الصهيونية العالمية.
وعليه فما مساعدتها من قبل الغرب على الطفو فوق احداث الربيع العربي للاستيلاء على السلطة في الاقطار العربية ذات التوجه القومي العربي، الا استكمال للمؤامرة على التوجه القومي، وضرب الجيوش العربية ذات التوجه القومي في مصر والجزائر والعراق وليبيا وسوريا.
والناظر الى السيناتور جون ماكين اعتى صهاينة الولايات المتحدة ودفاعه المستميت عن الاخوان اول امس يتاكد من ان الاخونة ليست الا مؤامرة صهيونية عالمية.
وخلال احداث الربيع العربي عملت الجماعة على تدمير الجيوش العربية في ليبيا وفي سوريا وفي اليمن، وانشأت بؤرة من عصابات التكفير والتخريب في سيناء. ولا يمكن اتهام اعضاء الجماعة اوحتى معظم قيادات فروعها بالماسونية او انهم يؤمنون بان الجماعة ماسونية ومع ذلك يستمرون في الانتساب اليها، ولكنهم بالتاكيد قد تعرضوا لغسيل الادمغة وللهيمنة على اراداتهم ضمن جماعة تتبع وسائل واساليب علمية تتقنها اجهزة الاستخبارات الغربية، وتم فيها استخدام العاطفة الدينية للتلاعب بهم.
من العجيب ان هذا الاصرار الاخواني على تدمير الجيوش العربية لم يثر علامات الاستفهام لدى اعضاء الاخوان ولدى الكافة، واذكر انني كتبت مقالات تستغرب هذا التوجه الاخواني كان اولها بعنوان "اسقاط النظام أم تدمير الدولة ؟"وذلك في ابريل 2011 اي بعد مرور شهرين فقط على اندلاع احداث الثورة في اليمن، مع اني من المعارضين لنظام صالح طوال فترة حكمه.
لقد انكشف الاخوان في كل مكان وبدأت الثورة عليهم من مصر وحسنا فعل المصريون. ولا يمكن قبول الحجج القائلة بان ما يجري ثورة مضادة، فالانظمة العربية كانت تحكمها سلطة فردية تساندها احزاب انشأها الحكام ولم تكن جمعيات سرية، وتكفي ازاحة الحاكم وحلقته المقربة لتصحيح الاوضاع في الدولة والاحزاب معا.
الجماهير التي كسرت حاجز الخوف لن تسمح مطلقا بعودة القيادات الفاسدة او اساليبها. اما ما يفعله الاخوان من تفكيك للدول التي بنيت بجهد ابناء الامة في ستة عقود في كل قطر عربي، فهو خطر داهم على مصير الامة العربية ينذر بسقوطها جميعها تحت نير هيمنة صهيونية مكشوفة.
جماعة الاخوان ترفع شعار الاسلام لضرب الفكرة القومية العربية. وكما قال المفكرجلال امين:
"الغضب لتدمير الفكرة القومية"غضب لانتهاك العرض، كل شيء يمكن تصحيحه إلاهذا، إذ من الممكن أن يستعاد المال المسروق، ويُطرد المحتل من الأرض، ويعود المطرودون إلى قراهم ومدنهم، وتتوقف عمليات التعذيب، ويطلق المعتقلون من سجونهم، لكن العرض لا يمكن تعويضه.
هكذا أنظر إلى ما تتعرض له القومية العربية اليوم من تهديد، فالغضب ممّا يحدث للغة العربية حالياً، أشبه بالغضب من الاعتداء على الشرف، ومن تسميتنا بغير أسمائنا، ومن تغيير المقررات المدرسية، الأمر الذي ينطوي على تزوير للتاريخ من أجل إجبارنا على التنازل عن هويتنا، والتسليم عن طيب خاطر بما يقوله أعداؤنا عنا، وقبول ثقافتهم كأنها ثقافتنا، ومعاييرهم في الصواب والخطأ كما لو كانت معاييرنا.
أعرف أن هناك من يقول إن القومية العربية لا تستحق أن تُذرف الدموع عليها، فهي أخطأت الهدف وحددت هويتنا تحديداً خطأ، وهؤلاء يقولون إن هويتهم إسلامية، وإنتماءهم إسلامي، والرابطة التي تجمعهم هي الدين لا القومية، وأمتهم الحقيقية هي الأمة الإسلامية وأشقائهم الحقيقيين هم أهل باكستان وبنغلادش وأندونيسيا وجميع المسلمين في كل مكان من الصين إلى نيجيريا إلى الولايات المتحدة الأميركية، وإذا كان الأمر كذلك، فذبول القومية العربية، بحسب هؤلاء ليس ذبولاً للهوية، وتهديدها ليس تهديداً للوجود.
وليسمح لي القائلون بهذا بأن أختلف معهم اختلافاً تاماً، فهم يخلطون بين الهوية والعقيدة، أو بين ما يجمع أفراد عائلة واحدة وبين ما يجمع المؤمنين على رأي واحد، فالذين يميلون إلى استبدال الدين بالهوية، أو يعتبرون أن الدين هو الهوية، هم في رأيي، يميلون إلى إعتبار الدين هو الحياة كلها، وأن لا شيء في الحياة سواه. لكن الحقيقة ليست كذلك، ونحن متى اعترفنا بأن الدين هو جانب فقط من جوانب الحياة، وليس الحياة كلها، وجب علينا أيضاً الاعتراف بأن الدين هو جزء من الهوية، لكنه ليس الهوية كلها، وأنه جزء مهم من ثقافتنا وتاريخنا وذاكرتنا، لكنه ليس الثقافة كلها، ولا التاريخ كله، ولا يستوعب ذاكرتنا كلها."
في السبت 03 أغسطس-آب 2013 11:53:54 م