|
أخي الكريم لمعلوماتكم أن جرح فلسطين ينزف منذ عقود طويلة ولم يتوقف لحظة عن النزيف, النزيف أخي محمد لا يقتصر على الدماء في فلسطين- والتي لا زالت تنزف أيضأ وبمعدل يومي- فالاستيطان مستمر على قدم وساق ولا يتوقف حتى لدقيقة واحدة, والقدس الشرقية سينقرض فيها الفلسطينيون قريباً, كما انقرضوا قبلها في القدس الغربية, وبقية الأراضي الفلسطينية تنزف عبر التجريف والمصادرة, وأشجار الزيتون تنزف عبر اقتلاعها, ومصادر ارزاق الفلسطينيين تنزف عبر اغلاقها أو تدميرها أو محاصرة منتجاتها, والمسجد الأقصى أخي محمد ينزف عبر الحفريات الصهيونية تحته, وبدت بعض الانهيارات والشقوق في أرجائه, وسكان فلسطين ينزفون عبر التهجير الى مختلف أنحاء العالم, والثروات المائية الفلسطينية تنزف عبر استغلالها لصالح الصهاينة وحرمان الفلسطينيين منها, وثروات فلسطين الأخرى يتم استنزافها, والثقافة والتراث الفلسطيني الاسلامي ينزف عبر محوه وتدمير معالمه.
أخي محمد القضية الفلسطينية ليست قضية حرب أو معركة بين طرفين, وكلاً يقف على أرضة حتى تقول أن نزيفها توقف بمجرد أن تهدأ المعارك لأيام أو اسابيع, القضية الفلسطينية قضية احتلال وبالتالي فنزيفها مستمر, وعلى كل الأصعدة, ومن الظلم بحق هذه القضية أن يعلن الجهاد في أفغانستان وفي الشيشان وأخيراً في سوريا, ولا يعلن في فلسطين الى اليوم, على الأقل من العلماء المعاصرين أمثال القرضاوي والعريفي ووالدكم الشيخ الزنداني والديلمي وغيرهم من العلماء الذين رأينا فتاواهم حاضرة في صراعات داخلية كحرب 94م ضد الجنوبيين, وفي حروب صعدة ضد الحوثيين, وفي صراعات قُطرية كما يحصل في سوريا اليوم, ولم نسمع لهم فتوى واحدة في عدوان غزة الأخير ولم نسمعهم يحرضون الشباب على جهاد الصهاينة وهم يدكون قطاع غزة بيتاً بيتا.
أخي محمد أذا كنتم تخشون أن يتم وضع أسمائكم في قوائم الإرهاب الأمريكية والصهيونية وتمنعون من السفر إذا أصدرتم فتاوى ضد إسرائيل, فأنا أتفهم مخاوفكم تلك, لكن لا تقحموا أنفسكم بالإفتاء في صراعات محلية يمنية أو قطرية في دول عربية, ولا توجهوا فتاواكم حيثما حلت مصالح أمريكا وحيثما كانت معاركها, فترافق فتاواكم مع المعارك الأمريكية ابتداء من أفغانستان مروراً بالشيشان وصولاً الى سوريا و توقيت اصدار تلك الفتاوى بعد الاعلان الأمريكي عن تسليح المجموعات المسلحة السورية يثير الكثير من علامات الاستفهام, خصوصاً مع الصمت المريب عن كل الجرائم الاسرائيلية.
أخي محمد من الغريب أن تتفق مواقفكم مع المحافظين الجدد في أميركا, وتلبوا دعوة السيناتور الأمريكي المتطرف في معاداته للإسلام "جون ماكين " التي أطلقها أثناء زيارته - خلسةٍ - للمجموعات المسلحة في الأراضي السورية, من متى كان اليمين الأمريكي المتصهين يناصر قضايانا العادلة وهو الداعم الرئيسي للكيان الصهيوني؟.
albkyty@gmail.com
" نقلاً عن صحيفة الأولى "
في السبت 22 يونيو-حزيران 2013 03:58:23 م