|
بزغت النهضة الماليزية في عهد مهاتير محمد ولقبه العالم برائد النهضة الماليزية وقد الف مهاتير كتبا عدة قدم فيها دروسا وعبر جمة وعظيمه تلخص خبرة رجل حكيم وسياسي محنك و مثقف محترف وأكاديمي بارع وفي من ضمن تلك الكتب ما تناول فيه نصائح لزعماء العالم العربي .. أنتقد فيها التشبث بالكرسي وقمع الشعوب واستغبائهم..!..معتبرا ذلك بالطامه والكارثة التي سوف لن تجلب الخير لا على الاوطان ولا الشعوب ولا حتى على الحكام أنفسهم مستندا على مقولة ( أن الكرسي أن دام لك ما وصل اليك ) ! ..
يتداعى الى ذهني ما أجابه مهاتير على أحدى الاسئلة في مؤتمر صحفي عقده عقب استقالته من رئاسة الوزراء في العقد الماضي حول (لماذا ترك مهاتير كرسي رئاسة الوزراء رغم أنه في ذروة عطاؤه ونتاجه) ؟! فأجاب : (علمتني أمي أن لا أكون ضيفا ثقيلا على مستضيفي وأن لا أزيد عن 3 أيام فما بالي وقد مكثت لدى مستضيفي عشرا (في اشارة الى السنوات التي حكم فيها كرئيس للوزراء ) ! ..
أن تقود من أجل خدمة الوطن ذلك هو سر نجاحك وحب الشعب ودخول التأريخ لكن أن تقود من أجل أن تنهب وتفسد وتبتز وتكذب وتزور وتعيث في البلاد الخراب أنما يضعك ذلك في مزبلة التأريخ..وفي اليمن فقط لنا دروس مع ثقافة العكسية كأنما مفادها : أن السيادة أنما تتأتى من منطلق الافساد والنهب والتخريب و تدمير الوطن وليس عكس ذلك وبالرغم أن ماليزيا خليط من مجتمع ثلاثي الاجناس (مالايو - صين - هند) وجماعات أخرى من اصول اسيوية وكلهم من ثقافات وديانات ومعتقدات مختلفة (أسلام -مسيح- بوذا-هندوز- سيخ ) إلا أن ماليزيا والولاء لها في الصدارة هو ما يجمعهم في كل الاحوال !..
ما يثير الغرابة بل ويبعث على الحسرة والبكاء دم أننا في اليمن على دين واحد هو الاسلام عن ظهر قلب ..غير أننا فئات وجماعات شتى وأفئدة تملؤها الضغينة والأحقاد وعقول تتعصب بحمية جاهلية قبلية ومناطقية وعرقيه في كثير من الاحايين ..
هذه البيئة وهذه الثقافة كرست فينا العداوة المطلقة و الحقد فيما بيننا القائم على ثقافة أن من خرب مؤسسة حكومية أو حمل سلاح على دولة أو قطع طريقا أو ضرب برج كهرباء أو أختطف مسؤل أو أجنبي أنما يعد ذلك ربما من الرجولة والشهامة والشجاعة التي تضع صاحبها في مستوى الثناء و الغرابة أننا في اليمن الان نعيش ما بعد الثورة الشبابية المعروفة ب(التغيير) غير أن الاوضاع لم تتغير الى الافضل بل ربما الى الاسوأ وخاصة في وجود قوى محسوبة على الثورة تعيد الامور الى ما قبل الثورة بل وبما يفوق ذلك بكثير وأدل الدليل وأقربه قضية مقتل الشابان (أمان والخطيب ) الذين لم يسلم قاتلهما الى الجهات المختصة في وقت ايضاو كما يبدو أن الجهات المختصة ذاتها وهي محسوبة على ذات القوى التي ينتمى اليها القتله تتستر على الجناة بمجرد انتماؤهم الى حزبهم الدين سياسي .. ..
الخطبة هي الخطبة والجمعة هي الجمعة أن قارنا الحال ما قبل الثورة وما بعدها خاصة و أن تلك القوى ذاتها أصمت أذاننا مرارا بأن (حب الوطن من الايمان ) و كذا الخطب والندوات المطولة عن قيم الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية فيما واقعها اليوم كأنه عكس المعنى المفترض للمقولة البته ...!
اليمن اليوم على مفترق طرق وكل أناء بما فيه ينضح ولا حياة لمن تنادي البته غير بعض من وطنيين واضعين أيديهم على قلوبهم يحاولون تقديم أقصى ما يستطيعون والأمل بالله أكبر ثم بمن نال ثقة الشعب اليمني لتخليص الشعب من هذا الهوان الذي يتصاعد جحيمه مع مرور الايام في وافر من العطش والظلام الممزوج بالفاقة المتربعة على أسى الانفلات الامني و هاجس الانقسام والتشظي المر والعداء المطلق الذي غرسه الاوباش بين ابناء الارض والدين والدم والعرق الواحد منذ وجد على الارض .
....
رحم الله حكيم اليمن عبدالله البردوني أصطحبكم هنا في رحلة (السفر الى الايام الخضر ) وفي حضرته لنا موعد للتأمل هنا مع شيئ من قصيدة (الغزو من الداخل ) :
(( فظيع جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري
وهل تدرين يا صنعاء من المستعمر السري
غزاة لا أشاهدهم وسيف الغزو في صدري
فقد يأتون في تبغ سجائر لونها يشري
وفي صدقات وحشي يونسن وجهه السحري
وفي قنينه الويسكي وفي قارورة العطر
وفي سروال استاذ وتحت (عمامة المقري) !
غزاة اليوم كالطاعون يخفى وهو يستشري
في الأحد 02 يونيو-حزيران 2013 10:10:54 م