|
ما الذي رتب له أوباما في المنطقة خلال زيارته لها في الثلث الأخير من شهر آذار، والتي شملت كيان العدو الصهيوني، وأراضي السلطة والأردن؟ وما هي قصة الجنود المئتين الذي سيفدون إلى الأردن خلال الأسابيع القادمة؟ ولماذا مئتان فقط؟ ولأي سبب أُعلن عن إرسالهم؟ وما هي قصة البطاريات الأربع من منظومة الباتريوت التي طلب الأردن من أمريكا نشرها على أراضيه ؟ لماذا استدعت واشنطن عدد كبير من حلفائها إلى واشنطن؟ وماذا ستخبرهم؟ ماذا فعل مستشار الأمن القومي الأمريكي في موسكو؟ أي رسائل حملتها المقابلة التلفزيونية للرئيس بشار حافظ الأسد مع قناة الإخبارية قبل بضعة أيام؟ هي مجموعة من الأسئلة التي تشتغل بال كلّ متابع لمجريات الحرب على سوريا، سأحاول هنا الإجابة عنها بالمجمل لا فرادى.
خطة أوباما والعبث في ربع الساعة الأخير,,,
في الثلث الأخير من آذار وصل أوباما إلى المنطقة، وزار كيان العدو الصهيوني ومناطق السلطة والأردن. كان لديه جملة من الأهداف منها: 1
- تطمين كيان العدو على مستقبله، حيث قال: إن أمريكا ملتزمة بأمن "اسرائيل"، وهذا إلتزام من "أقوى" دولة في العالم.
2 - تحريك عملية التسوية، وهي عمليّة دعائيّة صرفة للتغطية على فشل أعداء سورية في حربهم عليها، والتي كانت ستنتهي حتماً بتصفية القضية الفلسطينية لو سقطت سوريا، و"تعويم" الأنظمة والقوى الإقليمية التي شاركت في هذه الحرب وأصبحت عارية تماماً "من هنا جاءت المصالحة التركية - الصهيونية، ومنح تركيا دور الوسيط فيها".
3 - ممارسة الضغط على الأردن ولبنان من أجل شراكة أكثر قوة وفعالية في الحرب على سوريا، وتوفير الدعم المادي والمعنوي لمقدمات هذه الشراكة التي ظهرت على الحدود الأردنية تحديداً قبل الزيارة بوقت قصير. زاد تحرك كيان العدو الصهيوني في جبهة الجولان، ومنحت المجموعات الإرهابية حرية أكبر في الحركة والتسلح في المنطقة المحرمة، واستقالة حكومة نجيب ميقاتي، وسهّلت الأردن تدفق السلاح والمسلحين، أعطي مقعد سوريا لزمرة مرتزقة ومأجورين...
رد سوريا وحلفائها,,,
توسيع ميدان الحرب وتحقيق السبق: تحرك اسطول الفدرالية الروسية من المحيط الهادي إلى مياه المتوسط، ومناورات روسيّة مفاجئة في البحر الأسود دون إبلاغ للدول المجاورة أو لحلف النيتو أو حتى لوزير دفاعه، يأمر بإطلاقها الساعة الخامسة فجراً فلادمير بوتين شخصيّاً من الطائرة العائدة به من قمة بريكس في جنوب أفريقيا الى روسيا، توتر مفاجيء ومتزايد بين أمريكا وكوريا الجنوبية واليابان من جهة وكوريا الشمالية من جهة أخرى، أسطول "نانهاي" من القوات البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني ينفذ مناورات عسكرية في غرب المحيط الهادي. وتقوم الدولة السورية وعلى نحو خاطف بالشروع بأكبر حملة عسكرية على الإطلاق خلال السنوات الثلاث من عمر الحرب، حملة شارك فيها مئات الدبابات والمدرعات ومئات السيارات الرباعيّة الدفع وعشرات ألآف الجنود في مختلف الجهات، مع شراكة مميزة وتنسيق عال مع سلاحي الجو والمدفعية والمدفعية الصاروخية. تم إحراز تقدم مذهل على كلّ الجبهات: دمشق وريفها، درعا وريفها، وحمص وريفها، القصير وريفها، ادلب وريفها، ريف اللاذقية، حلب وريفها، دير الزور... سلسلة من العمليات كانت مفاجئة الحرب الحقيقة.
آثار الرد,,,,,
هلع وتخبط ورفع للمعنويات: يُهرع كيري لزيارة الصين طالباً منها العون في تبريد أجواء شبه الجزيرة الكورية، ثم ترسل الإدارة الأميركيّة - على عجل - مستشار الأمن القومي "توم دونيلون" برسالة خطيّة إلى موسكو ويمكث ثلاثة أيام بإنتظار الرد، فتعلن موسكو "أن الرسالة فيها بعض العناصر الإيجابية، ولكنها بحاجة إلى مزيد من الدراسة"، أهم بنود الرسالة تعهد خطي بتجميد الدرع الصاروخي.
يُعلن في واشنطن عن سلسلة من اللقاءات التي ستعقدها الإدارة الأميركية مع عدد من القادة والمسؤلين في المنطقة، والبداية كانت مع حمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي 16/4، ثم سعود الفيصل الذي التقاه مستشار الأمن القومي العائد من روسيا في 17/4، وشارك أوباما بجزء من هذا الاجتماع، ثم أمير قطر حمد الذي سيصل واشنطن في23/4، يليه الملك الأردني عبد الله الثاني في 26/4 ثم أردوغان في 16/5. وفي 16/4 يوضح وزير الدفاع الأمريكي هاغل في كلمته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أن "الحل التفاوضي لمرحلة سياسية انتقالية" هو الافضل، "إذ ان وظيفة وزارة الدفاع هي دعم الجهود الديبلوماسية الاوسع للولايات المتحدة، وحماية المصالح الاميركية والمحافظة على الالتزامات والترتيبات الأمنية في المنطقة، والابقاء على تموضع القوات العسكرية الاميركية استراتيجياً في المنطقة". وأهم ما جاء في خطابه ما تعلّق بمخاطر التدخل العسكري الاميركي المباشر في سوريا، محذراً أنه ينبغي على الولايات المتحدة "التفكير المعمق لتداعيات أي تدخل عسكري اميركي مباشر في سوريا، والذي من شأنه توريط الولايات المتحدة في أزمة عسكرية طويلة غير مضمونة الأفق، ويعكر صفاء التعامل مع شركائنا الدوليين الأساسيين، و"إستدراج" الولايات المتحدة الى أزمة إقليمية شاملة أو حرب بالوكالة". وكشف هاغل أنّ 200 عسكري سوف يحلّون مكان الـ 150 عسكرياً أميركياً الذين أسسوا في الاردن منذ العام الماضي محطة متخصصة في الإستخبارات والاتصالات، ومراقبة الوضع عن كثب وتحديد الاحتمالات في سوريا تدعى "آد هوك". وهؤلاء الجنود الجدد من قيادة الفرقة المدرعة الأولى بقاعدة "بليس" في تكساس، وهم متخصصون في الاستخبارات واللوجيستيات والعمليات. سيوفرون التدريب والمعدات اللازمة لرصد الأسلحة الكيمائية، ومنع نقلها على طول الحدود الأردنية -السورية، وزيادة قدرة الأردن على تحديد وتأمين مثل هذه الأسلحة. كما أعلن بالأمس عن طلب الأردن نشر بطاريات باتريوت على الحدود السورية الأردنية.
ما هي قيمة الإجراءات الميدانية الأميركية؟!
1 - في العام 2003 كان هناك قرابة الــ 200 ألف جندي أمريكي وعشرات آلاف من جنسيات أخرى يعملون تحت القيادة الأميركية يحتلون العراق ويهددون سوريا، رحل المستعمرون الأميركيون وحلفائهم وبقية سوريا، فأي تهديد سيجلبه مئتي جندي أمريكي؟!. الأمر رمزي جداً إذاً، وتقني محض، وهو أمر يمكن تقبله.
2 -هؤلاء الجنود من النوعية المتخصصة بالمراقبة والإستخبارات والتدريب على تتبع الإتصالات ومراقبة حركة الأسلحة الكيمائية.
3 - منذ قرابة العام نشر "النيتو" على الحدود السورية التركيّة ستة بطاريات باتريوت، لم تقدم شيئاً في مجرى المعركة، سوى إعلان النيتو المتكرر بأن لا نية لديه بالتدخل في الأزمة السورية، وأن هذه المنظمات لحماية تركيا فقط.
4 - تعمّد الوزير الأمريكي الإعلان عن عدد الجنود ومهامهم منعاً لأي لبس أو سوء فهم.
5 - من أهم الدوافع - على ما أعتقد - من وراء إرسال هؤلاء الجنود، ونشر بطاريات الباتريوت - إن تم فهي مصدر إضطراب أكثر منه مبعث إستقرار - هو الإمساك بقوة بأوراق الحرب. صحيح أن تراجع نفوذ أمريكا في المنطقة نصر لقوى المقاومة في المنطقة، ولكنه بذات الوقت منح هامشاً أكبر لحلفاء أمريكا وخصوصاً السعودية وكيان العدو وقطر وتركيا "وهو ما يفسر الهستيريا والتمرد في سلوكهم حتى على الأمريكي في بعض الأحيان". لذلك ستكون أمريكا هي المسؤل الحصري عن سلامة الحدود، وهي ورقة تفاوض جيدة مع بوتين في القمة المرتقبة.
6 - هذا الوجود الأمريكي المباشر يعني التسليم بالهزيمة في الحرب على سوريا عبر وكلائها وأدواتها، فبعد خسارتها الحرب في سوريا، فإن هذا هو الخندق المتقدم لها شخصيّاً، ولا تنازل عنه.
7 - أرسل الأسد عبر لقاءه الأخير رسالة مفادها "لا عودة للاستعمار" و "لا خيار إلا النصر"، وقبل بضعة أيام قام السيد حسن نصر الله بزيارة سرية إلى ايران، إلتقى خلالها مرشد الثورة الإمام الخامنئي، وبكل تأكيد قبل الذهاب إلى ايران كان في دمشق، وفي ضيافة الأسد قبل لقاءه التلفزيوني الأخير. الخيارات جميعها جاهزة، واليد على الزناد. هزمت أمريكا في 2006 وفي 2009 ثم هزيمتها الكبرى في 2011، هل ستجرؤ اليوم بعد كلّ هذا التاريخ الحافل بالهزائم، على محاربة كلّ هؤلاء الذي هزموها على مدار عقد ونيف من الزمان ؟ بكل تأكيد لا. إنهم يحفرون الخنادق بعيداً عن ميدان المعركة، لأنهم ببساطة هزموا. إنهم في موقع الدفاع عن البقاء.
- أوقات الشام
في الأربعاء 01 مايو 2013 08:05:38 م