ملحمة حضارية في اتجاه صياغة مستقبل اليمن
صحيفة/الجمهورية
صحيفة/الجمهورية
يسطّر اليمنيون اليوم «الاثنين 18 - مارس 2013م» ملحمة حضارية على طريق المستقبل المنشود، حيث سيكونون أمام التاريخ بكل ما في الكلمة من دلالة وهم يلجون إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يأمل فيه الجميع أن يكون مخرجاً آمناً لمجمل تداعيات الأزمة بكل تفاصيلها، ومؤسّساً لمرحلة جديدة تستقيم فيها الأوضاع الداخلية بناءً على معالجات حقيقية إضافية لتناقضات الواقع ومشـكلات المجتمع، وتحديداً من حيث إرساء أسس الدولة المدنية الحديثة القائمة على أركان العدل والحرية والمساواة والديمقراطية وصيانة حقوق الإنسان، وترسيخ مبدأ الشفافية ونظام الحكم المحلي اللا مركزي.
وفي هذه الإطار، لسنا وحدنا اليمنيين الذين يتطلّعون إلى هذا اليوم التاريخي باعتزاز وفخر وقلق أيضاً؛ بل إن المحيط الإقليمي والأسرة الأممية تتطلّع معنا كذلك بنفس المشاعر والأحاسيس بالنظر إلى معرفتها وإدراكها خطورة ما قد تؤول إليه الأوضاع الداخلية في اليمن إذا ما وصلت قنوات الحوار إلى طريق مسدود وبما يمكن أن يرتبه هذا التدهور من أضرار على استقرار المنطقة ككل، خاصة أن اليمن يقع في منطقة حيوية يطلُّ منها على أهم ممرات الملاحة الدولية.
ومن هذا المنطلق ينبغي على المتحاورين ألا يضيّعوا هذه الفرصة التاريخية لالتقاط هذه الرغبة العارمة داخلياً ومناخ التأييد الخارجي لرسم معالم المستقبل وبما يترجم تطلُّعات كل أبناء الشعب وخاصة قطاعات الشباب الذين خرجوا من أجل التغيير وحقّقوا هذا الفعل بالوسائل السلمية الحضارية، بل لعل الأكثر إلحاحاً في هذه الفترة الدقيقة هو أن تتمثّل النخب السياسية التي تشرّفت بحمل هذه الأمانة الحكمة والاقتدار في إدارة معترك الحوار الوطني بكل مسؤولية، وأن تترجم نبض الشارع وتطلُّعه إلى تحقيق أمنياته في قيام الدولة المدنية الحديثة وسيادة النظام والقانون على الجميع دون استثناء، وإنجاز شرط التنمية والاستقرار والرخاء والتي تمثّل عناوين رئيسة لا يمكن الحديث عن تكاملية منظومة صياغة مستقبل الوطن المنشود وتنميته بمعزل عن رسوخ هذه المعطيات وتجذيرها على أرض الواقع.
الآن وبعد أن تحدّد موعد انطلاق الحوار بإعلان الأخ عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية القرارات ذات الصلة بقوام المؤتمر وضوابط انعقاده وبكل ما تضمنتهُ من إلمام دقيق وشامل؛ حتى في أبسط جزئيات مُدخلات ومخرجات المؤتمر؛ بعد كل هذه الخطوات يكون المتحاورون قد بدأوا الخطوة الأولى على طريق الألف ميل وصولاً إلى إنجاز لحظة الانتصار العظيم في التأسيس لليمن الجديد.
وإلى أن تتحقّق تلك اللحظة التاريخية سيبقى اليمنيون والعالم من حولهم يضعون أياديهم على قلوبهم، متطلّعين أن تكون مخرجات المؤتمر عند مستوى هذه الطموحات الوطنية العظيمة، آملين في نفس الوقت من كافة القوى الحزبية والنُخب السياسية والفعاليات الاجتماعية المشاركة في هذا المعترك الحضاري بأن تكبح رغباتها الضيقة وانتماءاتها الفئوية والجهوية، وتنسى رواسب الماضي، والعمل الجاد والمخلص لتجاوز الصعاب والتحديات التي قد تعترض أعمال مؤتمر الحوار، والعمل على تفعيل أداء الفرق المتخصّصة في الوجهة التي تحقّق توازن مصالح المجتمع على قواعد الشراكة وفي إطار تعزيز اللُحمة الوطنية، وتجفيف منابع الفساد ومظاهر الاستلاب والخنوع، وتسخير الطاقات والموارد فيما يحقّق التنمية المستدامة وإعلاء قيم العمل والإنتاج في وطن جديد يتسع لكل أبنائه دون تمييز أو إقصاء.
ومن هنا تتعزّز أهمية التأكيد على ضرورة تضافر جهود كل المتحاورين لإنجاز كامل مهام التسوية، وتأمين مخارج الحوار وبما يضفي على المشهد ترجمة تلك المحاور التي تضمنتها مرتكزات الحوار بإعلان القرارات الرئاسية المؤكدة على أولوية القضايا الاستراتيجية وفي مقدمتها القضية الجنوبية والقضايا ذات الأبعاد الوطنية، وإشكالية السلطة المركزية، وخطط التنمية المستدامة، ومعالجة القضايا الاجتماعية وغيرها من الموضوعات ذات الصلة بالتنوُّع والتعدُّد في إطار التكامل والوحدة، وبما يخدم أهداف ومنطلقات البناء النهضوي الشامل في إطار التطلُّعات المشروعة لقيام الدولة اليمنية الحديثة والمتطوّرة.


في الإثنين 18 مارس - آذار 2013 06:59:58 م

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=350&lng=arabic