كل تقارير المحللين والمتابعين لملف تصنيع الأسلحة النووية الإيرانية تؤكد بأن واشنطن لا تنوي ولا تفكّر بمهاجمة إيران عسكرياً، ورغم إصرار تل أبيب على أنها لم تنح الخيار العسكري لإجهاض المشروع النووي الإيراني، إلا أن العسكريين الإسرائيليين لا يحبذون خطوة من هذا القبيل ويعتبرون أقوال نتنياهو بأنها توظيف لرفع أسهمه الانتخابية، أيضاً اختيار السناتور جون كيري وزيراً لخارجية أمريكا وهو الذي يحبذ الحوار على الحرب يلغي إلى حد كبير مخاطر الحرب ضد إيران، ومع هذا تواصل إيران تحشيد جيوشها وتواصل المناورات العسكرية بحجة الاستعداد لصد أي هجوم عسكري يستهدف منشآتها النووية وسواحلها، ويلاحظ المتابعون لهذا الجهد الإيراني أن عسكر إيران الذي يقوده الحرس الثوري يركز نشاطه في الخليج العربي والبحر العربي وصولاً إلى البحر الأحمر؛ حيث كشفت إيران بأن لها وجوداً بحرياً عسكرياً بالقرب من باب المندب مدخل البحر الأحمر لمراقبة تحركات السفن المعادية، ورغم أن التقارير العسكرية ذكرت بأن الحدود الشرقية وبالذات مع أذربيجان تشكل ضعفاً في الدفاعات العسكرية الإيرانية كون أذربيجان أعلنت بأنها ستمنح تسهيلات طيران عسكرية لأمريكا وإسرائيل إلا أن إيران ما زالت تجري مناوراتها في الخليج العربي وآخرها ما شهدته منطقة مضيق هرمز، وهي مناورات تهدف إلى استعراض القدرات العسكرية في هذا الممر الإستراتيجي الحيوي لشحن النفط والغاز، وشملت المناورات الجزء الجنوبي من الخليج العربي من السواحل الغربية لإيران بمساحة مليون كيلو متر مربع مروراً بمضيق هرمز وخليج عمان والبحر العربي والمناطق الشمالية من المحيط الهندي وصولاً إلى باب المندب المدخل الجنوبي للبحر الأحمر في محاكاة لصد هجوم من قبل عدو افتراضي في طريقه للاقتراب من بحر عمان والخليج العربي لمهاجمة السواحل الإيرانية.
الإيرانيون يزعمون بأن هذه المناورات رسالة سلام لدول المنطقة، في حين تظهر أن الإيرانيين يصعدون من لغة الحرب في الوقت الذي لا تفكر الدول التي كانت تهددهم بهذه الوسيلة، إذ إن إسرائيل وأمريكا قد نحت هذا الخيار واعتبرته الخيار الأخير إن لم تستجب إيران لجهود الأسرة الدولية بالتخلي عن تصنيع الأسلحة النووية..!
ماذا يعني هذا؟ ولماذا تكثف إيران من هذه المناورات في الخليج العربي والمناطق المحيطة به وخاصة عند باب المندب؟
يرد الخبراء العسكريون من أن المناورات يصاحبها حشد واشتراك معدات وآليات وبوارج وفرقاطات وسفن حربية وبالذات في المناورات البحرية وأن هذه السفن تنقل معدات وعناصر يمكن نقلها إلى نقاط يسعى الإيرانيون بأن يكون لهم وجود ونفوذ قوي وبالذات في اليمن حيث يتم نقل الأسلحة والمعدات إلى نقاط يتواجد لهم مؤيدون، وهو ما حصل في هذه المناورات حيث ضبط حرس الحدود في اليمن سفينة إيرانية محملة بالأسلحة بالقرب من ميناء الصليف على ساحل البحر الأحمر، وأن السفينة أفرغت أجزاء من شحنة الأسلحة في قوارب صغيرة تم شحنها من جزيرة طنم اليمنية القريبة من جزيرة ميدي وقبض حرس الحدود اليمني على 16 سورياً وصوماليين اثنين على ظهر السفينة التي تم اقتيادها إلى ميناء الحديدة.
الإيرانيون يستغلون المناورات والتمارين العسكرية لإيصال الأسلحة والمعدات وحتى العناصر القتالية إلى (جيب الحوثيين) لخلق بؤرة اضطراب وتوتر في جنوب الجزيرة العربية في محاولة لمد أذرع الشر الإيرانية إلى مختلف المناطق العربية بعد العراق وسوريا ولبنان.
jaser@al-jazirah.com.sa
- نقلا عن صحيفة الجزيرة السعودية:
في
الأحد 30 ديسمبر-كانون الأول 2012 08:41:57 ص