|
* وبعد التصحيح بأن ما كان يستلمه الموظفون ليس مرتبات وإنما معاشات أو إعاشات شهرية متواضعة تحفظ الوقوف المرتعش الذي يجنب الوقوع على أم الرأس تجدر الإشارة إلى أن البيوت التي يشبّهها البعض ب " القبور " عندما يتعلق الأمر بكل عزيز لا يروق له أن يطلب الناس على خجل أو إلحافاً تصبح هذه البيوت ثقباً أسود ولا مبالغة.
* وإذا صح قولي بأن الموظف الذي يعيل أسرة متوسطة العدد بمعاش متواضع يستحق لقب " المناضل الجسور " في الأحوال العادية القديمة التي انضبط فيها دفع المرتبات ومافي حكمها فإن الموظف الذي يسكن بالإيجار وتنقطع مرتباته لنصف عام يتحول إلى مأساة حقيقية تمشي على قدمين يصطلي بين أكثر من نار .. نار العيال وأمهم ونار مؤجر ربما نُزعت الرحمة منه إلى الدرجة التي شاهدناه في كثير من الأحوال وقد تحول إلى آلة تعذيب يومية لكل من يسكن شققه أو بيوته الاستثمارية .
* والمؤجرون بالمناسبة نوعان .. نوع لا دخل له ولا وظيفة وكل مدخوله الشهري هو من الإيجارات الافتراضية وهذا مسكين ارحموه .. ونوع ثان تتعدد مصادر دخله واستطالة أرصدته ، وهذا عاتبوه أو اضبطوه حتى لا أقول شككوا في إنسانيته من الأساس .
* واليوم وبعد نصف عام من حصار حكومة بن دغر الانتهازية التعذيبية الفاجرة وعجز حكومة بن حبتور تقفز مآسي الساكنين في بيوت الإيجار إلى أرصفة الشتات وأروقة أقسام الشرطة ومحاكم القضاء.. وتبدأ وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الالكتروني في نشر حكايات إنسانية مؤلمة وتراجيديا بشرية محزنة وسط سؤال .. ماذا تعمل حكومات مدغشقر وفلتا العليا وفلتا السفلى وساحل العاج؟ وأي انفلات أخلاقي وتوحش إنساني وصلت إليه أنظمة العدوان وأدواتها التي لم تترك وسيلة قتل وتعذيب وتجويع وتشريد إلى وجربتها لإبادة شعب كريم منكوب بسهام القريب وقذائف البعيد.
* عودة إلى جزئية حفلات التعذيب للساكنين في بيوت الإيجار فقد تكاثرت الضباع على الموظف خراش فلم يدر خراش كيف يقي نفسه من الضربات المؤلمة على نحو تلك الضربة التي رمى فيها مؤجر بأولاد المستأجر وأثاثه البسيط في الشارع على مرأى ومسمع مشاة لا يملكون من الأمر سوى " الحوقلة " فلا حول ولا قوة ولا طول ولا اتقاء من كل جبار صغير أو كبير إلا بالله.
* وإذا كان من المؤجرين من هو محترم وصابر في انتظار أن يحصل على إيجار عقاره إلى " حين ميسرة " فإن الكثيرين ارتدوا أقنعة الوحوش الآدمية وصاروا يطالبون الموظفين المستأجرين المنكوبين في مائة صورة ولبوس، واحدة منها في أقسام الشرطة.
* ولأن عدم احترامنا للقانون وصل درجة أننا نجهل هل هناك قانون يضبط العلاقة بين المؤجر والمستأجر أو ما هو التعاطي الأمني والقضائي المناسب مع هذه الأحوال الاستثنائية فإن السائد هو استسلام البادئ والمجيب للانفعالات الشخصية حسب نوع التربية والقات ومنسوب الجشع .. وهنا لا غرابة لو استحضرنا القول " كب إلى شعوب " وليتني أو عاقل حارتي نعرف ماذا في شعوب رغم أننا من أبناء هذه المديرية.
* أما عن المزاج فحدث ولا حرج .. مسئول قسم يحبس المستأجر وآخر يحبس المؤجر حتى في الحالات المتشابهة .. ومؤجرون يكتفون من تعذيب المستأجر إما برمي الأثاث البسيط إلى الشارع أو التهديد والوعيد بل والشتائم اليومية في الصباح والمساء وحين يضع المؤجر ثوبه من الظهيرة.
* حكايات إنسانية كثيرة .. تفطر الضمير وتمزق أنياط القلب ولذلك لا خيار سوى أن أختم بالسؤال.. من يرحم ؟ ومن يضبط ؟
- يوميات صحيفة الثورة:
في الإثنين 13 مارس - آذار 2017 10:46:59 م