حلب ... بداية النهاية ام نهاية بداية
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
كاتب/عبدالوهاب الشرفي
سيطر الجيش العربي السوري على حلب بكل ما لها من اهمية في مختلف الاتجاهات ما يجعل هذا الانجاز هو أهم إنجاز حققه الجيش العربي السوري منذ بداية الحرب في سوريا ، حلب هي ثاني أكبر مدن سوريا و هي ذات أهمية كبيرة للجميع هناك سوء للنظام السوري او للمسلحين ، و ماكسبه النظام السوري بإكمال سيطرته على حلب هو بذات القدر الذي خسر به المسلحين نتيجة انتزاعها منهم .
لتقريب الصورة يمكنني القول أنه إذا كانت دمشق عاصمة النظام السوري فان حلب كانت بمثابة عاصمة المسلحين ، وماحدث هو سقوط عاصمة المسلحين بيد جيش النظام ، وفي ضوء هذه الصورة الإفتراضيه يمكن فهم ما حدث في حلب .
سيفقد المسلحين الكثير من الميزات التي كانوا يحظوا بها نتيجة سيطرتهم على النسبة الاكبر من المدينة .. المدينة التي أتاحت لهم تنمية قدراتهم و ادارة معاركهم في ما يسيطرون عليه في الجغرافيا السورية .. الجزء الأكبر من البنية الصناعية العسكرية ، ومن البنية الاستخبارية و منظومات الاتصال ، ومن البنية الإعلامية و التعبوية ، و البنية الادارية الاوسع ، و النقطة الاهم لإستقبال المقاتلين و توزيعهم على كثير من النقاط داخل سوريا ، و النقطة الأهم للدعم اللوجستي الذي يتلقونه من الخارج ، كل ذلك ضربه الجيش السوري بإكمال سيطرته على حلب .
من خلال الصورة الافتراضية السابقة لما تعنيه حلب للمسلحين كعاصمة لهم يمكن إدراك أثر سيطرة الجيش العربي السوري عليها ، و ايضا اثر ذلك على الداعمين للمسلحين الذين يستخدمونهم لفرض مشاريعهم في سوريا ، فسقوط عاصمة المشروع الذي عملوا عليه منذ العام 2011 وانفقوا في سبيله مئات المليارات من الدولارات و أنشغلوا به سياسيا وإعلاميا و إستخبارتيا و أمنيا و لوجستيا طوال الأعوام الماضية يعني الكثير جدا بالنسبة لهم ، وبقدر ما يعنيه ذلك من خسارة لداعمي المسلحين يكون مكسب النظام السوري الذي انتزع عاصمة المشروع الذي ركيزته الاطاحة به ، واقل ما فيها ان النظام يكون قد صلب عوده في الجغرافيا السورية من جديد .
سيطرة النظام السوري على حلب هو حدث غاية في الحساسية ليس لكل ما سبق وإنما لأنه يمثل لحظة خطيرة في الحدث السوري يترتب عليه بداية تفكك المشروع الذي عمل عليه المسلحون و المشاريع التي عمل عليها داعميهم في سوريا ، وهذا الامر يضع داعمي المسلحين أمام حدث مفصلي يتمثل في أن التبعات الخطيرة التي سترتد عليهم لفشل مشاريعهم في سوريا ستبدأ بعد سيطرة النظام السوري على حلب لأن ماسيكون بعده هو مرحلة تفكك وليس تمكين للمشاريع المطلوبة لهم .
هذا الامر لا يجب أن يقراءه النظام السوري بأنه بداية النهاية لمشروع المسلحين و مشاريع داعميهم قطعا ، و عليه التريث والانتظار لما سيتم بعد إنتزاعه لعاصمتهم منهم ، وحينها سيتمكن من الحكم فيما إذا كانت بداية النهاية ، أم نهاية البداية و سيكون هناك بداية جديدة ، هذا الامر متوقف على مدى تقبل داعمي المسلحين للهزيمة و مدى تقديرهم لتبعات البدء مرة ثانية في سوريا .
قبول داعمي المسلحين بهذه النتيجة فيما يتعلق بحلب شاءو أم ابو سيكون قبول بها فيما يتعلق بالملف السوري ككل والمسألة هي مسألة وقت لا أكثر ، وهذا الامر يعني تقبلهم لتحمل ما يترتب على هذه النتيجة من عواقب خطيرة عليهم قد تصل في حق بعضهم لتهديد جغرافيته مثل تركيا التي ستكون محل سياسات أمنية أوروبية صارمه ليس لها سقف - في ضل تنامي اليمين المتطرف في أوروبا - كيما تحمي أوروبا نفسها من عبور الإرهاب إليها عبر بوابة تركيا . وستهدد العديد من الدول كالسعودية وقطر هيكليا لأنها ستكون امام بداية لمرة ثانية ستكون اكثر تعقيدا من البداية الاولى في سوريا وهذا الامر سيضاعف أحمالها التمويلية والاقتصادية بشكل خطير جدا عليها خصوصا وقد سلبتها الفترة الماضية الكثير وانهكتها بشكل ملحوظ وهذا بدوره سيتسبب في انفجار الملفات المحتقنة فيها نتيجة لفقد الرفاة ، و باقي الداعمين ومعهم من سبق ذكره سيكونوا أمام خسارة فيما يتعلق بالصراع حول النظام العالمي وحول النظام الاقليمي وما لذلك من تبعات خطيرة لفقد قدر كبير من الهيمنة و كلا في نظامه .
القبول بهذه النتيجة رغم أنها كاسرة للظهور إلا أنها هي الاهون بالنسبة للداعمين إذ أن عدم القبول بها يعني البداية مرة اخرى للمحاولة في سوريا ، وهذه المرة سيكون عليهم المجازفة ببقاء كياناتهم بل سيجازفوا بكياناتهم و بالعديد من الكيانات الدولية التي لم تدخل الملف السوري من قبل .
النظام السوري عليه أن يكون حذرا قبل أن يوصّف التوصيف المناسب لما تم له في حلب وعليه أن يستعد للإحتمال الأسوء و من الخطاء الركون لهالة الانتصار الذي تحقق له ، فالمسلحون وداعموهم سيكونوا مضطرين لتحديد خيارهم بالقبول بالسيئ المتمثل بالنتيجة التي تجسدت في حلب و من ثم الاستعداد لتعميمها للملف السوري ككل وحينها ستكون السيطرة على حلب بداية النهاية ، أو القبول بالمجازفة الأخطر و المضي للأسوء برفع وتيرة الصراع مع النظام السوري و داعميه وستكون السيطرة على حلب مجرد نهاية للبداية الاولى و سيبداوا الصراع مرة ثانية .. وبالطبع لن يتاخر الامر كثير فالوقت بالنسبة لهم ازف ، وستتضح صورة القادم في سوريا والإقليم وربما العالم تبعا لخيار داعمي المسلحين كإطار عام في الأيام أو الأسابيع القادمة .



في الجمعة 16 ديسمبر-كانون الأول 2016 09:32:43 م

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=1477&lng=arabic