|
لاشك أن كثير من المسلمين الغيورين على الدين الإسلامي في المجتمعات الغربية يمقتون ويرفضون هذه الدعوات لحرصهم على سمعة ديننا الاسلامي الحنيف الذي يحرم سفك الدماء، بالإضافة إلى ما تتسب فيه لزعزعة أمن وسكينة الأسر المسلمة وتعكير صفو استقرارها المعيشي في المجتمعات الغربية. صحيح أنهم ينظرون إلى إن هذه الدعوات الإرهابية على أنها خطر وعدوان متجدد على مجتمعاتهم، وسلوك ممقوت لزعماء التنظيمات الإرهابية الذين يهدفون لتشويه والدين الإسلامي والمسلمين في مجتمعات الغرب، ويكتفون في نظرتهم هذه برفضها وادانتها إعلامياً فقط، دون التحرك العملي لتحصين أبنائهم ومنعهم من الإنجرار خلف هذه الدعوات ، ولهذا للأسف نجد بعض الشباب المسلم في تلك المجتمعات الغربية وبدافع بعض العوامل التي تواجههم فيها يقعون فريسة هذه الدعوات الخطرة عليهم وعلى مجتمعاتهم والمسلمين معاً بل تجعل منهم مصدراً للخوف والرعب لدى عامة الناس بحكم إنتمائهم للإسلام، ولما يبدونه من تعاطف مع دعوات التحريض التي يوجهها لهم أيمن الظواهري بنفث سمومه في عقولهم كالافعى السامة التي تنفث سمومها في جسد الضحية، غير آبهين بتبعات التأثر بها ورضوخهم نفسياً للانجرار خلفها ومدى تسببها في صناعة الخطر على تلك المجتمعات التي تمنحهم مزايا وامتيازات قد لا يجدها امثالهم في الدول الإسلامية.
اذا نظرنا إلى خطورة التحريض على الإرهاب والعنف في الدول الغربية وانعكاساتها على المسلمين فيها سنجد أن مستوى نسبة الجريمة واستهدافهم وتعرضهم للمضايقات في وضع متزايد كرد طبيعي لأعمال العنف والتعصب الديني كما أن معظمها لا يخلوا من أستهداف الأبرياء شباباً وعائلات، والحاق الضرر بهم، والمساس باستقرار حياتهم، وبالرغم من عدم توفر الاحصائيات الدقيقة حول مستوى نمؤها وتزايدها، لكن الأحداث والوقائع وتأكيدات المسلمين المقيمين فيها تؤكد أن دوافع الخطر المتزايد على حياة المسلمين يرتبط بهذه الدعوات والجرائم الإرهابية التي ترتكب بأسم الدين والاسلام وهو برء منها.
قد لا يتصور البعض إن أثر هذا السلوك التحريضي سيطال المسلمين في بلدان الغرب، وفي البلدان الاسلامية على المدى الطويل، ولا يدرك أنه تسبب ولازال يتسبب في إضاعة الفرص التنموية في البلدان الإسلامية وتحويلها الى بيئة طاردة للمشاركة الدولية في تنمية مجتمعاتنا من خلال المشاريع واستقدام الخبراء والمختصين في المجالات النادرة وعدم رغبتهم للسفر اليها نتيجة الظروف الأمنية وإشاعة الخوف في نفوسهم لإمكانية تعرض حياتهم للخطر، إلى جانب أنه يهدد بكبح جهود اشاعة ثقافة التسامح، وما قطعه الازهر الشريف والجمعيات الاسلامية التي تتبنى حوار الاديان من اشواطاً متقدمة خلال العقود الأخيرة من القرن المنصرم في نشر ثقافة التسامح الديني التي ينشدها المسلمون مع بقية الشعوب والاديان السماوية في الدول الأوربية والغربية، ويظهر ذلك في موضوع اللاجئين في أورباء الذي أصبح بسبب الإرهاب يؤطر باعتباره مسألة أمنية، مما زادت هذه الدعوات المخاوف والتحفظات لدى دول أوروبا لتتبع سياسة متشددة في تعاملها مع طلبات اللجوء. حيث تقدم في 2012م ( 269) ألف إنسان بطلب لجوء إلى أوروبا، وتمت الموافقة على 71580 منها (أي تم رفض 75 في المئة منها)، إذ رفضت ألمانيا 70 بالمئة من الطلبات التي قدمت إليها، ورفضت فرنسا 86 في المئة منها. وفي 2013، رُفض 65 في المئة من 326 ألف طلب. وفي عام 2014، رفض 55 في المئة من 359795 طلب بحسب تقارير إعلامية.
تجدد دعوات التحريض على الإرهاب هو تجدد السلوك العدواني لمن يتبناها، وتأكيداً على إن هؤلاء قدموا صورة مشوهة عن الإسلام في أعين العالم والرأي العام العالمي، وأنهم لايزالون يواصلون اساءاتهم للدين الاسلامي والمسلمين في الغرب بنسبة أفعالهم وجرائهم الإرهابية إلى الدين الإسلامي الحنيف، وفي مقدمتهم زعيم "تنظيم القاعدة" أيمن الظواهري، الذي أظهر في تسجيله الأخير إنه لا يعترف بشرعية تنظيم الدولة الإسلامية وزعيمها أبو بكر البغدادي وكأنه على خلاف شخصي مع البغدادي فقط ووفاق مع "الدولة الاسلامية" بحثة المتشددين على مزيد من التوحد عندما قال: "اخواني المجاهدين في كل مكان إن الحرب الصليبية التي تشن علينا طويلة وممتدة ونحن بحاجة إلى أن نخوضها ونحن متحدين لا أن نبدأها متحاربين متخالفين." في إشارة خطيرة إلى عدم إستبعاد احتمال اعتماد الظواهري على العناصر التي حاربت مع تنظيم الدولة الإسلامية وعادت إلى بلدانها الأوروبية والغربية للقيام بأي عمليات إرهابية بمبادرة مستقلة منها بمعزل عن تنظيم الدولة الإسلامية. بعد إن اثبت بدعواته التحريضية خلال الفترات الماضية أنه رأس الأفعى والإرهاب المتجدد لتشويه الإسلام والمسلمين في الغرب.
n.albadwi2013@hotmail.com
في الثلاثاء 22 سبتمبر-أيلول 2015 05:46:16 م