بلد غارق في «الشائعات»
صحافي/عبدالعزيز الهياجم
صحافي/عبدالعزيز الهياجم
سيل كبير من الشائعات والفبركات الإخبارية يتعرض لها المواطن اليمني البسيط في بلد غارق في الأزمات، وسوقه الإعلامية تشهد حالة إغراق بالصحف والمواقع الإخبارية التي أغلبها يعتمد الشائعة والدعاية لترويج بضاعته, فضلاً عن تخندق هذه الوسائل إما في صف ما يطلق عليه النظام السابق أو في صف ما يطلق عليه أنصار الثورة الشبابية .
قبل فترة وجدت صديقاً يشرح لنا بحماسة ما ينشر من وثائق ويكيليكس، مستعرضاً مواضيع وشخصيات ومعلومات مثيرة للشك في أن تكون من ضمن الوثائق الفعلية المرفوعة من السفارة الأمريكية بصنعاء، والمنشورة ضمن وثائق الموقع, وعندما بحثت في الانترنت وجدت أحد المواقع المحلية ينشر كلاماً موجهاً عبارة عن تحليلات أو تقارير كيدية تحت اسم وثائق ويكيليكس وطبعاً بدون أرقام أو تواريخ ولا مسوغات منطقية يقبلها العقل لتلك الوثائق كما هو الحال بالنسبة لويكيليكس الحقيقية.
هذه الشائعات أو الفبركات لم تقتصر على توجيه اتهامات وتلفيقات لمسئولي ورموز هذا الطرف أو ذاك، وإنما تجاوز الأمر إلى إطلاق شائعات تمس المبعوث الأممي جمال بن عمر الذي صوره البعض بمظهر شيخ مشايخ اليمن وقال عنه البعض الآخر إنه تعرض لمحاولة رشوة من طرف معين لتغيير مواقفه وتخفيف ما يتضمنه تقريره لمجلس الأمن.
ومع أن نسبة من يستقون أخبارهم من الانترنت تعتبر ضئيلة في مجتمعنا الذي يعاني الفقر والأمية وضعف القدرة الشرائية التي تخول الشخص اقتناء الخدمات الإعلامية وفوق ذلك انطفاءات الكهرباء وسوء ما يقدم من خدمة النت , إلا أن المرء يعجب عندما يتصفح أخبار المواقع ثم يخرج من بيته فيجد كل تلك الأخبار متداولة على ألسنة الناس البسطاء في الشارع أو الباص أو المقايل , حيث إن الشخص المتصفح الواحد يبث ما قرأه للعشرات وهكذا.
طبعاً انتشار المعلومة بأي طريقة كانت هو شيء جيد وإيجابي, غير أن انتشار المعلومات المضللة والفبركات والشائعات التي تتضمن قدحاً وذماً ومهاترات كلامية وتهويلاً وتهديداً ووعيداً وتبشيراً بسوء الحال والمنقلب، هو أمر لا شك أنه يؤثر على نفسية المواطن اليمني ويزيده هماً فوق هم وغماً على غم.
ووفقاً للخبراء، فإن التكنولوجيا التي سهلت على الناس الكثير من الأمور وأعطت الجميع المساحة الكافية لتبادل الآراء والأفكار والتعبير عن وجهات النظر , فإنها تبقى سلاحاً ذا حدين ولها جوانب سلبية، حيث استغلها البعض في نشر الأخبار والشائعات الكاذبة التي لها الأثر السلبي على الأفراد والمجتمعات، كون التعامل مع المعلومة الخاطئة على أنها صحيحة يبنى على أساسها أحكام وسلوكيات تضر بأصحاب الشأن وبالمجتمع.
ووفقاً لدراسات وأبحاث، فإن الشائعات من أخطر الحروب المعنوية والأوبئة النفسية , بل من أشد الأسلحة تدميراً وفتكاً وأكثرها وقعاً وتأثيراً وهي ظاهرة جديرة بالتشخيص والعلاج , خصوصاً في هذا الوقت العصيب الذي تمر به بلادنا والذي يستدعي قبل كل شيء العمل الجاد والمخلص من الجميع على وقف كل المهاترات والفبركات والمعلومات المضللة التي تؤدي إلى مزيد من التصعيد والتمترس من قبل مختلف الأطراف.
نحن في مرحلة انتقالية للخروج من الأزمة , كما أننا أمام تحدٍ كبير يتعلق بمؤتمر الحوار الوطني الذي ينعقد عليه مستقبل البلاد، وحري بنا جميعاً كإعلاميين ومثقفين وسياسيين أن نكون عند مستوى المسؤولية التاريخية وعند مستوى آمال شعبنا ووطننا وأن لا نفعل مثلما يفعل الذباب فنتغذى على جراحات هذا الجسد الوطني التي لم تندمل.

في الإثنين 04 يونيو-حزيران 2012 08:13:17 م

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=140&lng=arabic