بلغ الضجر مداه !!
صحافي/عبد الرحمن بجاش
صحافي/عبد الرحمن بجاش
تأتي لحظه تصل فيها النفس البشرية إلى آخر المدى ضجرا من كل شيء , ما يوجب على الواحد منا إذا وصل إلى هذه النقطة أن يبدأ التفتيش عن الإنسان في أعماقه , وأنا وصل بي الضجر من المدينة إلى أقاصي الضنك !!! , ولذا قررت أن أبحث عن الإنسان في أعماقي, وأعماقي هناك حيث البدايات, فقد تذرذر الإنسان مني وسأذهب لألملمه قدر ما استطيع, سأذهب إليه ليعيدني وسط الخضرة بجوار السبول والمحاجين وهدرة السواقي ورعود الله زنينة مطر وغزيره تعيد إلي اليقين الذي تكاد المدينة أن تذهب به, سأذهب لأتلمس الجدران وأحاكيها وأسالها عني , سأمارس الصمت بأبلغ صوره واستمع إلى ذاتي تقول لي أين أنا , سأبحث عن روح جدتي وعمتي وعمي وجدي بين الأحوال والشعاب وهناك في الدار القديمة سأدَوٍر الثور ((ذهب)) , وحمار الشيخ, وبقرة عمتي, حليبها منحني القدرة على الاستمرار , سأجلس طويلا على باب المعلامة حيث قرًأني علي نعمان أول الحروف وسأبحث عن العصى الطويلة كانت تصل إلى نهاية المعلامة تحدد لنا معالم الطريق , وسأنصت إلى أصوات المعالمة (( قاف قاف ...الله يبارك بالعواف )) سأمحو لوحي وأكتب آية الحياة من جديد , سألعب لعبة ((الحادي)) التي كنا نبدد فيها لحظات الطفولة الغضه نهز بها قوة سواعدنا, وسبعة صاد , سأتقفز من حول إلى حول , واستحضر صوت الكلب خرشوف يجري هو الآخر بعدنا يلعب لعبة الحماية خوفا علينا , سأعوم في كريف القرية بحثا عن طفولتي هناك حيث كانت لول تظل تنتظر العيال يأتون فتسبح معهم غصبا عنهم رحمها الله تركت لؤلؤها وغادرت حيث قبرها الآن وحيد بعيد عن القبور , تفردت حتى بموتها حيث كان استثنائيا !!! , كم هي هذه المدينة مظلومة من البشر , حين أصروا عبر سنوات طويلة على أن يحملوا احشاءها كل أوزارهم , فقد أصروا على أن يزحموا الغرفة الواحدة بكل الشقاديف , فعملوا على أن يحملوها كل مساوئهم ادعاء أنهم يحبونها ومن الحب ما قتل !!, كيف لو أن عقولا أدركت ذلك مبكرا ما تحملت هي كل الأوزار !! , سأذهب لأتبخر ببخور أخضر ينظف الرئتين , ويجلي النظر , وسأجدد حتى الأصوات التي علقت كالغبار في الفؤاد , سأذهب لأسمع ذاتي تحدثني عن الإنسان الذي تحاول أدران الناس في المدينة طمس معالمه , سألحق نفسي في وجوه من تبقى من الزمن الذي اعتجنا به , وزوًدنا بألق النفس , لا نتآمر , ولا نخون , ولا ندبر بليل ما يقوم به من لا أخلاق لهم , أصحاب الشرائح المتعددة التي ليس من بينها شريحة خضراء , وهو اللون الذي لا ينسجم أبدا مع النفوس الرديئة التي تطعن في الظهر مهما عرضت أنت ورود نفسك ومطرها !! , سأذهب لاتجدد , لأكحل عيوني بكحل السماء المنزل مدرارا لا تلحظه ولا تألفه سوى النفوس التي تهفو إلى السلام والمحبة والإيثار .....سأتمنى لكم عيدا مباركا أينما كنتم , وسأمني نفسي بليال أرى فيها نجوما أخرى وقمرا صرت أشجن عليه كلما دنا الليل............ ...سنلتقي بمشيئة الله تعالى هنا بعد إجازة العيد .
- نقلا عن صحيفة الثورة:


في الثلاثاء 30 سبتمبر-أيلول 2014 06:53:52 م

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=1182&lng=arabic