ألم يحن الوقت بعد للقوى الوطنية على الساحة النظر إلى الحال الذي وصلت إليه تجربة التحوّل السياسي والوضع المأساوي الذي يتدحرج إليه الوطن دون بصيص أمل وفي وقت لم تكتفِ هذه القوى التزام الصمت تجاه ما يجري، بل أوغلت في خصوماتها وتغليب مصالحها الضيقة على مصالح البلاد والعباد، حيث تدفعها أنانيتها المفرطة إلى تناسي المرارة التي تجرعها المواطن على امتداد اليمن.
ألــم يحــن الوقت أيضاً أمـام هـذه القـوى السياسية أن تتصالح وتتناسى جراحاتها والخصومة فيما بينها بحيث تعيد النظر في استراتيجيتها الهادفة إلى تغييب الآخر ومحاولة احتكار إدارة المشهد بمفردها، فضلاً عن سعي بعضها إلى محاولة فرض قناعاتها بقوة السلاح، بينما لا يزال بعضها يحن إلى استحضار ماضي يمن ما قبل قيام الثورة والوحدة المباركة وإحياء نعرات السلالية والطائفية والشطرية والامامية.. وكلها اجتهادات فردية وفئوية لا تستقيم – بأي حال من الأحوال – مع منطق المرحلة ومنطلقاتها الوطنية الهادفة إلى إقامة الدولة اليمنية الحديثة.
ومن منطلق هذا الاستشعار وجسامة المهام المنتصبة أمام المجتمع والتحديات الراهنة أمام تجربة التحول السياسي وإعادة البناء، ينبغي على هذه القوى المبادرة إلى اتخاذ سلسلة من القرارات الشجاعة، لعل في طليعتها الدعوة إلى عقد لقاء موسع للمصالحة يضم – تحديداً – أطراف أزمة عام 2011م ،إذ ليس طبيعياً أن يتبنّى مؤتمر الحوار الوطني وضع معالجات لمشاكل اليمن المستعصية منذ الثورة اليمنية مطلع ستينيات القرن المنصرم ودون أن يرعى الدعوة إلى مصالحة بين أطراف أزمة فبراير التي دوماً ما تطل برأسها بين الحين والآخر، إذ من شأن تقريب وجهات النظر بين أطراف هذه الأزمة تجاوز رهانات العودة إلى المربع الأول والدموي من الأزمة.
ومن المناسب هنا التذكير ببادرة الرئيس عبدربه منصور هادي وتجاوب الأطراف المعنية بحضورها سوياً لأداء صلاة عيد الفطر المبارك.. وهي بادرة استحقت – في حينها - كل الثناء والتقدير.. والمطلوب الآن هو العمل الجاد والمتواصل لتطوير هذه البادرة وبحيث تؤتي ثمارها يانعة في قادم الأيام وعلى النحو الذي يشيع الأمن والطمأنينة في المجتمع وبما يوحد الصف.. على أن يكون هذا التوافق أحد أعمدة المصالحة الوطنية الشاملة التي تفي بالشروط الموضوعية لتأسيس اليمن الجديد بمشاركة بين كل الأطراف شمالاً وجنوباً.
باختصار، يمكن القول إن أوان إنجاز هذه المهمة الوطنية قد حان، بل يجب أن يحين بالنظر إلى مجمل التحديات الراهنة.. وبالنظر كذلك إلى حاجة هذه القوى المتصارعة تجاوز خلافات الماضي بعين متحررة من تلك الرواسب والعقد ومتطلّعة أكثر إلى ما يحيط بالوطن من مخاطر ، إن لم يحط بهذه القوى المتناحرة نفسها وبخاصة في ظروف هجمة الارهاب الشرسة على أبناء ومقدرات الوطن وهو ما يدعو إلى التعجيل بهذا الاصطفاف اليوم أكثر من أي وقت آخر!
في
الأربعاء 13 أغسطس-آب 2014 05:50:37 م