صياد الجراد
كاتب/حسين العواضي
كاتب/حسين العواضي
* تكذب علينا منظمة الفاو.. والوزارة التي تعمل في كنفها آخر كل عام حين تقدم تقريرها السنوي.. وتخلي عهدها المالية.. ليه.. ليه، ويظهر كبار موظفيها أمام عدسات التصوير البطيء يتحدثون بكلام لا يعرفون تفسيره. * يقول المذكورون أعلاه: إنه بحلول عام 2020م تصبح اليمن دولة محررة، ذات سيادة، خالية من الجراد وحشرة المن الأسود، وخالية أيضاً من المبيدات الزراعية السامة. * وهذه المبيدات التي تسربت ولا تزال مثل أسئلة الثانوية العامة أُثيرت حولها.. روايات.. وإشاعات وتصريحات.. ووساطات، وشكلت لها لجان، وصرفت لها اعتمادات، وقرطاسية، وملفات، ثم انتهت كالعادة.. في غاطس المبني للمجهول. * الحمد لله على كل حال.. حشرة المن الأسود وفي رواية أخرى الأحمر، انتحرت قبل أسبوع، لأنها لم تجد ما تأكل. الديزل يهرب إلى القرن الأفريقي والمزارع اليمني المقهور يصرخ.. ويستغيث.. رصيده نفد ومزارعه جفت وزرعه هلك.. ويقول علي ولد زايد.. عادشي.. خبر.. عادشي نظر أو نهاجر الحبشة وجزر القمر. * وكنا ناقصين.. ضيوف.. ودفوف، الجراد ظهر فجأة.. كائن مغامر.. ومقامر.. لا يعرف خصومه.. ولا يجيد التوقيت المناسب لوفادته. * ساقه حظه الفاتر.. وقدره العاثر إلى هنا.. إلى هلاك بلا فكاك، لا يعلم أن اليمن مقبرة الغزاة قبل الثورة.. وبعد البورة، في رمضان أو في شعبان. * الآن يقبل اليمنيون بشراهة وبلاهة على شراء الجراد المشوي، إذ يباع الكيلو أبو نقطة وأجنحة طويلة، درجة أولى بألفي ريال. * ممسوح.. ممسلوح.. خالٍ من الشوك والدسم وصالح حتى نهاية هذا العام الذي يصادف أهل اليمن فيه مواعيد حاسمة.. واستحقاقات حالمة.. وأعياد غانمة سالمة. * يقولون عنه أصحاب الذوق والتجربة، أنه ـ جمبري البر ـ مفيد للظهر والصدر وأمراض الربو.. والسكر، وأنه مولد للطاقة جالب للشجاعة.. قاهر الفقر والمجاعة. * المستشارون الدوليون في الفاو أو الكاو أو غيرها يقبضون مرتباتهم الباهظة بالعملات الصعبة ويحسبونها مساعدات سخية لهذا البلد المنكوب. * والسؤال المشوي والملح لماذا يتجاهل هؤلاء التجربة اليمنية في إبادة الجراد، ولماذا ينفقون ميزانية سنوية تحت بند مكافحة الجراد في اليمن.؟ * في الدول الجبانة التي تخشى سطوة الجراد وجسارته، تقوم الطائرات برش المبيدات فيرفع لها المزارع المرعوب علامات الثناء والتقدير والامتنان. * وحين فكرنا ذات يوم بتقليد هؤلاء.. صرخ البرلمان، وهاج الشجعان، لن نسمح لطائرات الجراد، بانتهاك السيادة، ثم عادوا للوسادة.. وهكذا تضيع منا الفرص واحدة تلوى الأخرى لنعض أصابع الحيرة والندم في الوقت الضائع. * ولا الجراد وحده غريمنا، ولا منظمة الفاو وحدها التي تخدعنا.. وتسخر منا، كم نكتب وكم نقول.. فالقائمة تعرض وتطول. * ولماذا يستحوذ الجراد على هذه المساحة من التركيز والتغميز، أليست هناك قضايا أكثر أهمية.. وخطورة، تستحق النشور وحبر السطور. * شدني تعليق محلل سياسي، في أن حزبين عريقين ملطشة المرحلة الانتقالية. * وكانت بي رغبة للتعليق والتعقيب سرعان ما تلاشت، وتبخرت لسببين الأول أن لي أصدقاء وزملاء أعزاء في الحزبين العريقين، والثاني أن البلد برمته يرقد تحت أمور كثيرة. * وبالعودة إلى موضوع الجراد فإني قلق على زميل رياضي قديم، يبكر كل صباح مع أولاده، وشوالته يطارد أسراب الجراد في دار سلم وحمل وبيت بوس. * ولماذا القلق لأن صياد الجراد مغامر وعنيد وأخشى.. أن يمكر به الجراد..ويصر على ملاحقته إلى أرحب. وضواحي عمران.. وربنا يلطف ليس بالجراد، ولكن بهذا الصديق المغامر الشداد.
في الخميس 17 يوليو-تموز 2014 12:08:41 ص

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=1077&lng=arabic