|
• أمس السبت انطلقت فعاليات أسبوع المرور لهذا العام، وإن كُنا لا نعتقد أنه سيشذ عن سابقيه وسيحقق شيئاً يذكر في القضاء على المشاكل المرورية أو حتى التخفيف منها، لأننا في كل عام نأمل خيراً من أسابيع المرور وفعالياتها المتنوعة لكننا في نهاية المطاف نكتشف أن آمالنا أشبه بـ«عشم إبليس في الجنة»، فلا نزال أسوأ من يستخدم الشارع على مستوى العالم وينطبق هذا الأمر على الجميع سواء الراجلين أو السائقين، الكل يسيئون استخدام الشارع والسبب غياب الثقافة المرورية وغياب أساليب العقاب والردع الزجرية، وبالتالي فإن أسبوع المرور ـ وكما جرت العادة كل عام ـ لن يخرج عن كونه مجرد مناسبة للاحتفال وتدشين حملة مرورية واسعة النطاق تشمل أغلب الشوارع الرئيسية وتعليق اللافتات الإرشادية وافتتاح معرض للصور وبضع محاضرات إرشادية هنا وهناك وينفض المولد، وبمجرد أن “ يُعطف” أسبوع المرور ستعود الحال إلى ما كانت عليه وكأن شيئاً لم يكن.
• نعرف جيداً أن الفوضى والازدحام الخانق الذي تعانيه جل مدننا سببه تزايد الاستخدامــات الفوضويـة والعشوائيـة للشوارع التي تظهر ملامحها في غياب الذوق والسلوك الحضاري لدى العديد من السائقين في تعاملهم مع الشارع، فهؤلاء يقفون متى أرادوا وأين ما أرادوا دون سابق إنذار أو استخدام الإشارات الضوئية لتنبيه المركبات التي تسير خلفهم وهو ما يقود في كثير من الأحيان إلى حدوث اختناقات وحوادث مرورية، بل يصل استهتار هؤلاء إلى حد الاستفزاز كأن تجد أحدهم واقفاً وسط الشارع يتجاذب أطراف الحديث مع سائق آخر، هكذا وبكل وقاحة ودون مراعاة لأية قواعد أو أنظمة مرورية أو لمشاعر الآخرين أو حتى إحساس بالذنب لما يتسببون به من ازدحام وعرقلة لحركة السير.
• أيضاً من هذه الاستخدامات الفوضوية ظاهرة الوقوف العشوائي للمركبات وعدم تطبيق نظام موحد لوقوف المركبات على جنبات الشوارع والالتزام باللوحات (الشواخص) الإرشادية المرورية ـ إن وجدت ـ، فنجد أحدهم يقف بشكل طولي وآخر بشكل عرضي وثالث أينما يريد ولو في وسط الشارع، ورابع يوقف سياراته بموازاة سيارة أخرى (بشكل مزدوج)، مما يؤدي إلى تضييق مساحة الشارع وعرقلة حركة السير، كما أن أغلب الشوارع الفرعية الضيقة ذات الاتجاه الواحد أصبحت تستخدم في اتجاهين، وإن كانت هذه الظاهرة قد وجدت سابقاً من قبل أصحاب الدراجات النارية إلا أنها تحولت مؤخراً إلى ظاهرة عامة يمارسها أصحاب مختلف أنواع المركبات دون مبالاة بقواعد المرور أو خوف من رجال المرور الذين ـ وإن تواجدوا ـ لا يفعلون شيئاً للحد منها، بالإضافة إلى أن اكتساح البسطات والعربيات (الباعة المُفرشين) أغلب الشوارع حولتها إلى ما يشبه ممرات ضيقة بالكاد تتسع لمرور المركبات والراجلين.
• أما الدراجات النارية وتمرد بعض سائقيها على قواعد وأنظمة السير فلا تزال مشكلة عصية على الحل، ورغم كل الحملات التي تم تنفيذها في السنوات السابقة والهادفة تنظيم حركتها في مدينة تعز ـ مثلاً ـ وتأكيدات الجهات المعنية أن الحزم والصرامة هما قوام تنفيذ تلك الحملات وتطبيق إجراءاتها إلا أنها لم تحقق النجاح المطلوب ولم تقترب حتى من الهدف المأمول منها لتظل هذه المشكلة على حالها إن لم تتزايد.
• المعروف أن المهمة الأساسية لشرطة المرور هي العمل على تنظيم حركة المرور، لكن ما نلاحظه أن أفراد المرور يزيدون الحركة بطئاً وازدحاماً بدلاً من العمل على انسيابيتها، بل لا نبالغ إن قلنا إنه أينما يقف رجال المرور نجد الازدحام على أشده كما هو الحال في الجولات والتقاطعات، ففي أغلب الأوقات تكون حركة المرور في الشوارع وبالذات في الجولات بحالة فوضى عارمة بينما شرطي المرور يتجاذب الحديث مع زميل له، غير آبهٍ بتلك الفوضى، أو يتحادث مع أحد السائقين الذي يوقفه بنفسه في وسط الشارع بدلاً عن إيقافه على جانب الشارع، وبالتأكيد إذا ما قام هؤلاء بدورهم فإن الفوضى والازدحام في الشوارع ستخف وستصبح الحركة أكثر انسيابية.
• إن ما تعيشه مدننا من اختناقات مرورية دائمة يجعلنا بحاجة ماسة إلى ما هو أكثر من فعاليات وإجراءات أسبوع المرور الموسمية التي يتلاشى مفعولها بمجرد انتهاء أيام أسبوع المرور، ونحن هنا لا نقلل من أهمية هذه الفعاليات التثقيفية وضرورتها في خلق ثقافة ووعي مروري إلا أن ذلك يجب أن يتسم بالاستمرارية وأن تترافق مع تفعيل الإجراءات الرادعة التي تفرض الاستخدام الصحيح للشارع، فمن لم يحترم نفسه ويتعامل مع الشارع بذوق وأخلاق وسلوك حضاري اختيارياً يتم إجباره بقوة القانون والأنظمة.
k.aboahmed@gmail.com
في الأحد 06 مايو 2012 05:49:09 م