|
يتعالى، اليوم، شعار «إنها معركتنا جميعاً» على ما عداهُ من شعارات لطخت لوحة الحلم بـ"يمن جديد" لتشذ بها عن «البورتريه» اليمني الطموح، إن الملحمةَ الوطنية التي تخوضها القوات المسلحة والأمن هي السر وراء تواري تلك الشعارات الضيقة، بإن تعلن هذا الشعار كل القوى السياسية كخيار مرحلي ودائم، تلك الشعارات التي إنزوت في زاوية يتكئ عليها حفنة من شذاذ الأفاق ما ضرَ شذوذها الحرب المقدسة ضد الإرهاب شيئاً.
تتوالى الأخبار من الجبهة، المسنودةِ بخطوط خلفية تشمل الجغرافيا السكانية كاملةَ، جميعها تُنبئ بسقوط وشيك للإرهابيين، وتقدم مُتسارع للقوات العسكرية صوب معاقل الإرهابِ وبؤره. مهما طال أمد المعركةِ أو قصر، فإنها ستنتهي بنصر وطني مؤكد، لكنّا هُنا نَشدُ على أيادي أبناء الجيش والأمن والقيادة السياسة ألا يتم الإكتفاء بتطهير أبين وشبوة فقط، أن تستمر في مطاردة فلول تلك الفئة إلى أخر جحرِ قد تُفكر في الاختباء بداخله.
مع إسقاط القوات المسلحةِ معقلاً جديداً للـ«القاعدة»، تَسّاقط أوراق توت حاول البعضُ ستر حقيقتهم البشعة بها، فخرجوا إلى العراءِ كاشفين عوراتهم فاضحين أنفسهم، بإنهم هم من يدعمون الإرهاب أو يستفيدون منه، كِلا الأمرين صِنوان أمام الشعب.
لقد سقط عن هؤلاء رهان «القاعدة» الذي ظلوا متشبثين به في كل خطاباتهم، واحترقت هذه الورقة وهم ما يزالون قابضين عليها بأيديهم، فأخرجتهم ملحمةُ القوات المسلحة والأمن من ظلمات «الهيكل»، الذي يحوي تحت سقفه التنظيمات المتطرفة أيضاً، إلى جلاءِ حقائق المعركة الفاصلة مع الإرهاب وكافة أدواته ومن يستعملهُ كأداة أيضاً.
لطالما ما كانوا يظهرون علينا، من قبل، بسحنات إعلامية وسياسية أضمروا ورائها كُنهاً إرهابياً صرفاً.
عوَّل هؤلاء كثيراً، ومعهم الإرهابيون، على إيجادِ شرخ بين الخطوط الأمامية للمعركة «الجيش والأمن» والخطوط الخلفية «الشعب»، يتمكنون من خلاله إضعاف الجبهة التي تواجههم، إلا أنهم لم يجدوا تلك الهوة التي حلموا بها. فاجئهم التلاحم الشعبي المتين مع الجيش والأمن، إن الشعب، الأن، بكافة مكوناتهِ، يؤمن بإنها معركته من أجل الانتصار لدم ضحايا الإرهاب ومن أجل قطع دابر تلك الجماعات الإرهابية وإنهاء مشاريعها الظلامية بمزيد من الدم والجرائم الارهابية.
أخيراً، بعدما فشلوا في احداثِ تلك الهوة، بدأوا في إشاعة أخبار لا غرض لها إلا إحباط عزائم المقاتلين والشعب، لكنهم لم يجنوا من خطوتهم هذه إلا الفشل والافتضاح. لربما خشوا أن ينهار على رؤوسهم «الهيكل»، الذي بنوهُ وصار سقيفة يعقدون تحتها صفقاتهم ومخططاتهم، وهم يرون أعمدته تُقطعها «السيوف الذهبية» واحداً تلو أخر، ففروا سريعاً ناسين ما كانوا يسترون به حقيقتهم تحت سقيفة ذلك «الهيكل».
ما يزال هؤلاء تحت تأثير الصدمةِ، التي بينت حقيقتهم، فلا يبرحون إلا وقد دققوا في قاموس «المصطلحات البراقة»، فيستخلصون منه بعض كلمات وعبارات وجمل زائفة لا تعني فيما تعنيه إلا دعم الإرهاب، فيخرجون تارةَ بشعار "الهدنة" وتارةَ بعنوان "أوقفوا الحرب العبثية" وأخيراً بدعوةِ إلى "حقن الدم اليمني"..!!
أولاً، "الهدنة"، أي هدنةِ مع طرف يعتبرك كافراً ويجعل من قتلك قرباناً وفقاً لما يعتبره «الدين الحق» وما سواه كُفراً بواحاً ستعتبر جريمة، هل يعتقد من يدعو إلى الهدنة أن الشعب اليمني تناسى، بتلك السهولة، جرائم الإرهاب بدءاً بالاغتيالات، التي تتبناها «القاعدة»، وصولاً إلى جريمة ميدان السبعين أو جريمة العرضي..؟
ثانياً، "حقن الدم اليمني" و"أوقفوا الحرب العبثية"، هذين الشعارين المتلازمان على أفواه المرجفين، فأي دمِ يمني يُطالبون بحقنه يا ترى..؟ لا تقل لي بإنهم سيقولون ان البرازيلي والشيشاني والأوزبكي والفرنسي والبريطاني...، الذين يشكلون ما نسبته 70% من «القاعدة»، يمنيون! أو أنهم سيبحثون عن جذورهم ويعيدون إلى «الهجرات السامية» قبل قرون، فحتى وإن عادوا فلن يجدوا علاقةَ، ثُم لما لم يُطالب هؤلاء، مثلاً، «القاعدة» بحقن الدم اليمني الذي أوغلت هذه الجماعة الإرهابية في سفكه مع سبق الترصد..؟ كلام كهذا لا يُعقل بالمرة.
أما "الحرب العبثية"، كما يسمونها، فللحق أنها تأخرت، فقد اعتقد «تنظيم القاعدة» لفترة أنه قد تمكن من تأمين مساحةِ جغرافية واعتبرها ملكاً له، يُصدر منها إرهابه وجرائمه، حيث ظل معتقداً أن تلك البقعة سيؤمنها له ذهابها طي النسيان وسط الاستحقاقات السياسية التي أغرقت اليمن خلال الفترة الماضية, لكن تلك العناصر الإجرامية وقعت في شر ما اقترفته بحق الوطن، إنها حرب مقدسة.
إن كل تلك الشعارات الباحثة عن مخرج للإرهابيين هي بمثابة الإفصاح عن احتضار يلوك الإرهاب وداعميه من مراكز القوى والنفوذ، إنها الزفرات الأخيرة لتلك الجماعات.
يجب أن تكون المعركةُ القادمة ضد الإرهاب في صنعاء، إننا نرى الأن فرائص داعميه من القوى القبلية والعسكرية والدينية ترتعد، لكن نهاية هؤلاء باتت قريبة.. قريبةَ جداً.
في الأربعاء 07 مايو 2014 02:57:04 ص