|
وقد صرح "جيمس كير ليندساي"، خبير الحركات الانفصالية في كلية لندن للاقتصاد، بأن شرعية انفصال القرم عن أوكرانيا تتوقف على اعتراف دول أخرى غير روسيا به، وأشار إلى أن احتكام قادة الانفصال في شبه الجزيرة إلى الحكم القضائي الصادر من محكمة العدل الدولية - والذي أعلن أن انفصال كوسوفو عن صريبا لا يُعدّ انتهاكًا للقانون الدولي - إلا أن هذا الحكم لم يمنح الشرعية لهذا الانفصال طالما لم تعترف به الأمم المتحدة، وهي الجهة الأصيلة المنوط بها بذلك.
وأضاف ليندساي أن الدستور الأوكراني - الذي يمنع انفصال أجزاء عنها - لا يُعدّ قيدًا على استقلال البلاد، طالما لا توجد معاهدات دولية تكفل وحدة أراضيها، ويكون مصدّقاً عليها من قبل الأمم المتحدة." انتهى الاقتباس.
في السياسة كما على رقعة الشطرنج تلعب كل خطوة دورا هاما في مصير المباراة. وعلى الرقعة المسماة باليمن تحللت القيادات التي حكمتها طوال السنوات الثلاثين الماضية من القانون، وتجاوزت ابسط معايير الحكمة عندما اقامت نظاما للنهب الشامل لصالح طبقة حاكمة شرهة جشعة فاسدة مكونة من عسكريين وبيروقراطيين وشيوخ بعض القبائل ورجال دين فاسدين.وكنت قد كتبت منذ اربعة اعوام في العام 2009 مقالة بعنوان "افول الجمهورية اليمنية ونهايتها" ، يمكن لمن يرغب الوصول اليها في الانترنت، وهو الافول الذي يمكن ان يتحقق في هذه المرحلة بسهولة نسبية.
المعضلات التي يواجهها تيار استعادة الدولة الجنوبية عديدة وهي:
• تورطت قيادة الدولة الجنوبية المنحلة في وحدة اندماجية مع الدولة الشمالية المنحلة وكونا معا كيانا جديدا هو الجمهورية اليمنية. ولا يسمح القانون الدولي بتجاوز هذا الامر الواقع او التراجع عنه الا بتوفر اسباب موجبة؛ كقيام احد الطرفين المتعاقدين بارتكاب جرائم حرب في حق الآخر او التطهير العرقي ضد الطرف الآخر، شريطة موافقة مجلس الامن على الفصل بين الطرفين والغاء الواقع القانوني الرابط بينهما. والحالة الثانية هو قرار الطرفين المتعاقدين بفصم الارتباط بالتراضي من قبلهما معا عقب استفتاء شعبي. وايا يكن الحال فان مجلس الامن ليس بالهيئة النزيهة التي تتعاطف مع القضايا العادلة ولكنه هيئة هم اعضائها الاول مصالح دولهم الخاصة، ولما كانت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تمثل كتلة واحدة فان كسب موافقتهم امر اساسي. ولذلك فان استفادة الجنوبيين من مخرجات الحوار الوطني الشمال وخاصة النظام الاتحادي الجديد هو الطريق الامثل في رأي الكثيرين لتحقيق الاماني والتطلعات عن طريق اعادة بناء النظام والمؤسسات في الجنوب لتقديم صورة حضارية راقيه، واخذ مواردهم الاقتصادية ووضعها في مواضعها الصحيحة واختيار العلماء والخبراء والمثقفين للمواقع القيادية، مع الابتعاد عن الارتداد والنكوص الحضاري الى الدروشة والكهنوت وسلطة الاقطاع القبلي المتخلف، والعقليات الماضوية المتطلعة لاستعادة زعاماتها الفاشلة ولو على اشلاء الجماهير .
• المعضلة الثانية التي يواجهها الجنوبيون هي أن قيادة الدولة الجنوبية المنحلة تورطت في وحدة اندماجية مع الدولة الشمالية المنحلة في ظل اختلال فادح وكبير في التوازن السكاني بين الدولتين المنحلتين، متجاوزة كل التحليلات الصحيحة عن الطبيعة الاوليغارشية للشريحة الحاكمة في الشمال وافتقارها الى اي من مواصفات ومعايير رجال الدولة وقادة الامم، وانغماسها في عمليات نهب شاملة لمقدرات البلاد. وهي اوليغارشية ظلت تعلق فشلها على ما تسميه الحكم الامامي السلالي،
والحقيقة أن الصراع في اليمن لم يكن في يوم من الأيام صراعا سلاليا أو طائفيا بقدر ما هو صراع سياسي مناطقي (جهي) يتمظهر طائفيا، وقد كان الرعيل الأول من الثوار الأوائل كالزبيري والنعمان لا يريدون لهذه النغمة أن تبرز، فحولوها من البعد الطائفي إلى البعد السلالي، حولوها إلى قضية سلالية، مع أن معظم قيادة ثورة 26 سبتمبر 62م كانت زيدية بل وهاشمية، كما ان بعضا من اهم قادة ثورة 14 اكتوبر كانوا هاشميين، وقد كان الهاشميون في القوات المسلحة اليمنية يرفضون هذا البعد الطائفي للصراع والقوى الوطنية ترفض هذا البعد، لكن القبائل كانوا يساقون بهذا البعد الطائفي، ولا تزال السلطة اوبعض مكوناتها يستخدم البعد الطائفي عندما يشعر أن سلطته مهددة.. وقد ظهرت هذه النعرة في أحداث أغسطس 69م وكذا حدثت بداية ثورة الشباب، حين بدأ هؤلاء الناس يشهرون أقذر أسلحتهم الطائفية بترديد مصطلحات طائفية كنوع من السلاح في مواجهة الخصم. و هو ما يفعله الاصلاحيون في مواجهة الحوثيين هذه الايام.
النظام السابق/ الحالي اتجه للوهابية لأكثر من سبب، أولا لأن الوهابية ترضي السعودية ، ومن ناحية ثانية أيضا لان الوهابية معادية للزيدية، والهيمنة بالأساس هيمنة مناطقية، تلبس الأوجه الأيديولوجية عندما تكون مناسبة لها وتغير هذه الأقنعة عندما تناسبها. وتفسح نخب المرتفعات الوسطى الشمالية ، مشائخ وعسكريين وبيروقراطيين ورجال دين، المجال أمام بعض الطامحين من أبناء المناطق الزراعية لكي يكونوا رموزا في السلطة، لكنهم يعتبرونهم في حقيقة الأمر خدما، وبمجرد أن يرفع أحدهم رأسه سرعان ما يقمعونه مباشرة، حدث هذا للنعمان، حدث للبيضاني، وحدث لقادة الحزب الاشتراكي، وعندما تقرأ مذكرات يحي مصلح الريمي تجد هذه التصرفات التي حصلت منهم بصورة واضحة، بل وان مايفقأ العين بوضوحه هوغياب قادة حزب الاصلاح المنتمين الى المناطق الزراعية عن المشهد السياسي هذه الايام وهي ايام جني المكاسب والفوز بالمغانم، فهل ترون ياسين عبد العزيز او غالب القرشي اومحمد قحطان واقرانهم؟ وهل تسمعون لهم ركزا؟ فهم يعتبرون أبناء بقية المناطق خدما لهم، وأعتقد أنهم ينظرون للرئيس عبد ربه منصور هادي نفس النظرة.
وهم يتعاملون مع الجنوب بأسوأ من الطريقة التي يتعاملون بها مع أبناء المناطق الزراعية في الشمال نفسه!! لان هناك ثروة لا تقارن بها ثروات المناطق الزراعية. صحيح أنهم قد يختلفون فيما بينهم، لكن سرعان ما يتفقون إذا رأوا حركة ما من تعز أو الحديدة ، فهم ينظرون إلى هذه المناطق على أنها هبة من الله لهم وانها مجالهم الحيوي تماما كما كان الحزب الالماني النازي يعتبر اوروبا مجالا حيويا للعرق الجرماني!! فما بالك بالجنوب الذي فيه البترول والغاز والثروات الأخرى الأهم. ولكن هؤلاء المتنفذين المنتمين الى المرتفعات الوسطى الشمالية يواجهون الخطر الحوثي الزيدي الذي يهدد مناطقهم ومصالحهم وهيمنتهم، فاذا انتهى بهم الامر الى الاقتتال فمن الارجح ان يتركهم المجتمع الدولي يموج بعضهم في بعض كقوم ياجوج وماجوج ان تنتهي المسالة بحل ذي القرنين فيقيم المجتمع الدولي بينهم وبين الجنوبيين سدا. قد اخذ هؤلاء في التقاتل فيما بينهم بالفعل الامر الذي ادى الى زعزعة هيبة حزب الاصلاح الذي تمثل قياداته اهم القوى الناهبة للجنوب والتي تخشى فقدان منهوباتها وتستميت لمنع اي تغيير للاوضاع القائمة.ان على الجنوبيين التنبه الى الاطماع السعودية القديمة المتجددة في ارض الجنوب موقعا وثروات حتى لا تدخلهم في متاهات الحروب الاهلية، لقد قامت السعودية بتجنيس كامل قبائل الكرب والصيعر وجزء هام من اهل حضرموت وقد بأت في تحريك عملائها السياسيين في الجنوب.
• المعضلة الثالثة التي يواجهها الجنوبيون هي قيام النظام المنتصر بعد حرب العام 1994 بتفكيك مؤسسات الجنوب العسكرية والاقتصادية وحتى الخدمية. ولكن قرار الرئيس هادي الاخير بخصوص اعادة المفصولين والمقاعدين الجنوبيين الى وظائفهم من شانه اعادة تاهيل كوادر الدولة الجنوبية المنحلة مدنيين وعسكريين واعادتهم الى الخدمة الفعالة، وهي خطوة في غاية الاهمية على الطريق الى استعادة الدولة الجنوبية من بين انياب الوحوش. وقد ادت قرارات متلاحقة اصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي الى استعادة العسكريين الجنوبيين والكوادر المدنية في جهاز الدولة الجنوبية السابقة لمواقعهم في القوات المسلحة سواء في الجيش والامن او في الوزارات والسلك الديبلوماسي بوتائر حثيثة ستتنامى مع تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
• المعضلة الرابعة التي يواجهها الجنوبيون معضلة سياسية ذات طابع تكتيكي تتعلق بافضل السبل للنضال من اجل استعادة الدولة الجنوبية، وتحديدا مسألة المشاركة في الحوار الوطني المزمع.
فمن الناحية الاستراتيجية يمكن للمراقب القول ان الجنوبيين قد حزموا امرهم فيما يتعلق باستعادة الدولة الجنوبية والتخلص مما وصفه اللواء علي محسن الاحمر في احد احاديثه بأنه "استعمار شمالي للجنوب". ومن الناحية التكتيكية ظهر تياران رئيسان في قيادة الحراك الجنوبي : الاول بقيادة الرئيس علي سالم البيض والمناضل حسن باعوم، هذا التيار يدعو الى فك الارتباط الفوري ويهدد أحيانا بالكفاح المسلح لتحقيق غايته، وهو بعد متحالف مع ايران. وهذا التيار، يسبح كما أرى، في بحار عنيفة لن توصله الى اي مكان في المستقبل المنظور، اذ انه بتحالفه مع ايران يستعدي معظم الدول العربية وفي مقدمتها دول الخليج ذات التأثير الكبير في الساحة، اضافة الى الدول الغربية وعلى راسها الولايات المتحدة الاميركية.
وقد عبرت الفصائل المنضوية في إطار قوى الحراك الجنوبي عن مواقف متباينة إزاء دعوة الرئيس هادي للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، وهو ما فرض إشكاليات فيما يخص اعتماد التمثيل الجنوبي في المؤتمر، حيث أعلنت معظم القوى المنضوية في إطار قوى الحراك الجنوبي، والتي شاركت في "المؤتمر الوطني لشعب الجنوب" ومثلت فيها المحافظات الجنوبية الست موافقتها على المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني شريطة أن تكون هذه المشاركة على أساس مفاوضات بين "دولتين جنوبية وشمالية"، فيما أعلن الفصيل الذي يتزعمه نائب الرئيس السابق علي سالم البيض رفضه المطلق للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني وتمسكه بخيار فك الارتباط بين الشمال والجنوب. وكان هذا الموقف الجنوبي المتباين من الحوار مصدر قوة للحراك فيما أرى؛ لأنه زاد من حرص النظام والمتحاورين على بقائهم على الطاوله ليخرجوا بالفيدرالية كحد ادنى، يمكن للاقليم فيما بعد اجراء استفتاء لتقرير المصير عندما يبدأ القتال الشمالي الشمالي المتوقع هو ماحدث بعد اخذ ورد فيما يطلق عليه بعض الظرفاء تسمية الحرب بين التكفيريين والتفجيريين، خاصة وان زعيم الحوثيين قد لخص موقفه من الجنوب بعبارة بليغة عندما اجاب على سؤال صحفي قائلا:"الجنوب لأهله".
لقد قرر مؤتمر الحوار الوطني الشامل مكاسب كبيرة للجنوبيين منها:
إدانة أي فتاوي تكفيريه صدرت بحق ابناء الجنوب في حرب عام 1994 م واحالة المتهمين فيها للقضاء.
.2 رفع كافة المظاهر العسكرية المستحدثة في شوارع واحياء محافظة عدن وحضرموت وعودة الاليات العسكرية الي ثكناتها والوقف الفوري للعنف أيا كان مصدره ضد فعاليات حقوق التعبير السلمية.
.3 الإفراج عن المعتقلين السياسيين علي ذمة الحراك الجنوبي السلمي والغاء كافة الاحكام الصادرة بحق القيادات والرموز الجنوبية.
.4 التأكيد علي سرعة انجاز اللجنتين المشكلتين للنظر في قضايا الموظفين المدنيين والعسكريين والامنيين المبعدين قسريا عن وظائفهم عقب حرب 94 م وتعويضهم التعويض المادي العادل واطلاع الرأي العام أولا بأول لكافة الخطوات والإجراءات المنجزة
5- الوقف الفوري لصر ف الأراضي في محافظة عدن وبقية المحافظات الجنوبية
6- معاملة شهداء وجرحي الحراك السلمي الجنوبي كأمثالهم من شهداء وجرحي الثورة وسرعة نقل المطلوب علاجهم إلى الخارج على نفقة الدولة وعلي وجه الخصوص جرحى 21 فبراير 2013 م 7- إصدار التوجيهات العاجلة لوزير المالية بدفع كافة المستحقات والتعويضات لمؤسسة )الأيام( وتعويضها التعويض العادل لما لحق بها من اضرار مادية ومعنوية لكي تتمكن من الصدور وإطلاق سراح حارسها في صنعاء أحمد عمر العبادي المرقشي
.8 إيقاف جميع المناقصات الجديدة المتعلقة بالقطاعات النفطية في الجنوب ومأرب.
.9 وقف كافة الامتيازات لشركات الاصطياد في المياه الإقليمية الجنوبية.
10 - استعادة كل المنشأة النفطية المؤجرة بما فيها منشأة حجيف الي الدولة والغاء كافة العقود الاحتكارية في مجال نقل المنتجات والمشتقات النفطية، والغاء أية عقود مشابهة كذلك ايقاف بيع المنشأة والمرافق السياحية والعامة.
11 مراجعة كل الإجراءات والترتيبات المتعلقة بحماية الشركات للخدمات النفطية والتي تحتوي على فرض الاتاوات لصالح قوى متنفذه.
نأمل سرعة اتخاذكم القرارات اللازمة لتسهيل عملنا في القضية الجنوبية باعتبارها قضية سياسية عادلة ومفتاح لحل كافة مشاكل الوطن جنوبا وشمالا.
صادر عن مجموعة العمل في القضية الجنوبية
2013-4-3
وجاء في القرارات النهائية حول القضية الجنوبية ما يلي:
بناء على مبادرة مجلس التعاون الخليجي والآلية التنفيذية )اتفاق نقل السلطة الموقّع في الرياض في نوفمبر 2011 ( وقرار مجلس الأمن 2014 والقرار 2051 الذي يشير إلى أن عملية الانتقال تتطلب مشاركة وتعاون جميع الأطراف، بما في ذلك الجماعات التي لم تكن طرفاً في مبادرة مجلس التعاون الخليجي والآلية التنفيذية، وعملاً باستخلاصات فريق عمل القضية الجنوبية التي تبنّتها الجلسة العامة الثانية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل وبالنظام الداخلي لمؤتمر الحوار، وبعد مناقشتنا جميع الرؤى والمقترحات منذ تاريخ 10 سبتمبر 2013 ، توصّلنا نحن المكوّنات السياسية والاجتماعية المشاركة في مؤتمر الحوار إلى هذه الوثيقة التي تحقق أعلى قدر ممكن من التوافق. وفيها نلتزم حلّ القضية الجنوبية حلاً عادلاً في إطار دولة موحّدة على أساس اتحادي وديموقراطي جديد وفق مبادىء دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية، وذلك عبر وضع هيكل وعقد اجتماعي جديديْن يرسيان وحدة الدولة الاتحادية الجديدة وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها. وسوف تمثل هذه الدولة الاتحادية الجديدة قطيعة كاملة مع تاريخ الصراعات والاضطهاد وإساءة استخدام السلطة والتحكّم في الثروة.
وإذ نقدّر مساهمات وتضحيات الحراك الجنوبي السلمي ونضال اليمنيين من أجل التغيير، نتطلّع إلى بناء الدولة الاتحادية الجديدة مع اعتراف كامل بالأخطاء المؤلمة والمظالم التي ارتكبت في الجنوب. لذلك، يتعيّن على الحكومة اليمنية معالجة هذه المظالم، بما فيها التطبيق الكامل للنقاط العشرين والإحدى عشرة، خلال فترة الانتقال إلى الدولة اليمنية الاتحادية. وهذا جزء أساسي من سعينا الجماعي إلى بناء يمن اتحادي جديد. يجب معالجة مظالم الماضي تحديداً من دون تأخير ووفق جدول زمني يحدّد في إطار متابعة تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل. ويجب توفير التمويل لالتزامات جبر الضرر، بما فيها إعادة الملكيات المصادرة واستعادة الملكيات المنهوبة وتعويض المتضررين، وضمان تنفيذ ذلك بشكل كامل وفق مبادىء العدالة الانتقالية ومن دون تمييز، من أجل التأسيس لمستقبل يتجاوز جميع مظالم الماضي ويحقق المصالحة الوطنية. ويجب إعطاء الأولوية القصوى للذين عانوا أكثر من سواهم. عموماً، يجب الضمان للجنوب ألا عودة إلى الماضي أو إلى إساءة استخدام السلطة والثروة، خصوصاً في ما يتعلق بالأمن والاستقرار والتنمية.
نلتزم جميعاً حلاً شاملاً وعادلاً للقضية الجنوبية يُرسي أسس دولة يمنية جديدة، ذات صفة اتحادية، مبنية على الإرادة الشعبية وضمان حرية جميع أبناء وبنات شعبها ورفاههم. لتحقيق ذلك، سوف نطبق المبادىء التالية:
. صالمبادىء
1 .1 يُصاغ دستور جديد يقضي أن الإرادة الشعبية والمساواة والتزام أعلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان أساس سلطة وشرعية الدولة الاتحادية على جميع المستويات، وفق ما تقتضيه الديموقراطية التمثيلية والتشاركية والتداولية لضمان التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة.
القضية الجنوبية 39
2 .2 الشعب حرّ في تقرير مكانته السياسية وحرّ في السعي السلمي إلى تحقيق نموّه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي عبر مؤسسات الحكم على كلّ مستوى، وفق ما ينص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللذين وقّعهما اليمن وصادق عليهما.
3 .3 تُناط بكلّ مستوى من مستويات الحكم، السلطات والمهام والمسؤوليات بشكل حصري أو تشاركي، لخدمة المواطنين بالطريقة الأفضل والأقرب. لدى كل مستوى من مستويات الحكم سلطات وموارد كافية لأداء مهامه بفاعلية، ويتحمّل حصة عادلة من المسؤوليات المشتركة.
4 .4 يحدّد الدستور في الدولة الاتحادية توزيع السلطات والمسؤوليات بوضوح. ولا تتدخل السلطة المركزية في صلاحيات السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية والإدارية لمستويات الحكم الأخرى في نطاق مسؤولياتها الحصرية، إلا في ظروف استثنائية ينصّ عليها الدستور والقانون، بهدف ضمان الأمن الجماعي والمعايير المشتركة الرئيسة أو لحماية سلطة إقليمية من تدخل سلطة أخرى.
5 .5 تكون السلطات غير المُسندة إلى السلطة الاتحادية من صلاحية مستويات أخرى من الحكم، وفق ما ينصّ عليه الدستور الاتحادي. وتفصل الهيئة القضائية المختصّة، التي ينصّ عليها الدستور الاتحادي، في أيّ تنازع حول اختصاصات الحكومة المركزية والأقاليم والولايات.
6 .6 يكون لكلّ إقليم دور قيادي في مجال تنميته الاقتصادية الإقليمية. ويضمن النظام الاتحادي مستوى مقبولاً لحياة كريمة لجميع أبناء الشعب وتوزيعاً عادلاً للثروة الوطنية.
7 .7 يتمتع كلّ مستوى من مستويات الحكم، المركز والإقليم والولاية، بسلطة تنفيذية وتشريعية )وتمثيلية في الولاية( وإدارية ومالية مستقلة يحدّدها الدستور، بما فيها سلطة مناسبة لجباية الضرائب.
8 .8 الموارد الطبيعية ملك الشعب في اليمن. تكون إدارة وتنمية الموارد الطبيعية، منها النفط والغاز، وبما فيها منح عقود الاستكشاف والتطوير، من مسؤولية السلطات في الولايات المنتجة بالتشارك مع السلطات في الإقليم والسلطة الاتحادية، وفق ما ينصّ عليه قانون اتحادي.
وبموجب القانون نفسه، يكون تنظيم عقود الخدمات المحلية من مسؤولية السلطات في الولاية المنتجة بالتنسيق مع الإقليم. وتراعى في كلّ ما سبق المصلحة الوطنية العليا لضمان إدارة الموارد الطبيعية بشفافية وكفاءة وفاعلية واستدامة. وبموجب القانون نفسه، تؤسّس هيئة وطنية مستقلة تضمّ جميع السلطات المعنيّة على مستوى الإقليم والولاية والحكومة الاتحادية مهمتها تطوير السياسات العامة وتمكين الولايات والأقاليم المنتجة من إدارة الموارد الطبيعية بكفاءة.
9 .9 يحدّد قانون اتحادي، يُصاغ بالتشاور مع الأقاليم والولايات، معاييرا ومعادلة لتوزيع عائدات الموارد الطبيعية، بما فيها النفط والغاز، بطريقة شفافة وعادلة لجميع أبناء الشعب في اليمن، مع مراعاة حاجات الولايات والأقاليم المنتجة بشكل خاص وتخصيص نسبة من العائدات للحكومة الاتحادية.
10 10 خلال الدورة الانتخابية الأولى بعد تبنّي الدستور الاتحادي، يمثّل الجنوب بنسبة خمسين في المئة في كافة الهياكل القيادية في الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بما فيها الجيش والأمن، التي يتمّ التعيين فيها بموجب قرارات يصدرها رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء.
ويمثّل الجنوب كذلك بنسبة خمسين في المئة في مجلس النواب.
11 11 يجب معالجة عدم المساواة في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن على المستوى المركزي عبر قوانين ومؤسسات وبما يضمن إلغاء التمييز وتحقيق تكافؤ الفرص لجميع اليمنيين. ومن أجل معالجة تفاوت التمثيل في التوظيف، يكون للجنوبيين أولوية في شغل الوظائف الشاغرة والتأهيل والتدريب في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن. ويجب أن تحترم التعيينات متطلبات الخدمة المدنية المتعلقة بالمهارات والمؤهّلات. ولا يحقّ صرف أيّ موظف بشكل تعسفي.
12 12 لما بعد الدورة الانتخابية الأولى، ينصّ الدستور الاتحادي على آليات تنفيذية وقضائية وبرلمانية من أجل حماية المصالح الحيوية للجنوب. قد تتضمن هذه الآليات حقوق نقض أو تصويت خاصة حول قضايا تتعلق بالمصالح الحيوية للجنوب، وتمثيلاً خاصاً يقوم على معادلة المساحة والسكان، وعدم إمكان إجراء تعديل في الدستور يخصّ الجنوب أو يغيّر شكل الدولة إلا عبر ضمان موافقة أغلبية ممثلي الجنوب في مجلس النواب، إضافة إلى ترتيبات لتحقيق التشاركية في السلطة تحدّد في الدستور الاتحادي.
13 13 ينصّ الدستور الاتحادي على ضرورة تفعيل جميع الحكومات ومؤسسات الدولة في دولة اليمن
الاتحادية مبدأ المساواة، عبر سنّ تشريعات وإجراءات تتضمن اتخاذ خطوات فعلية لتحقيق تمثيل للنساء لا تقلّ نسبته عن ثلاثين في المئة في الهياكل القيادية والهيئات المنتخبة والخدمة المدنية.
14 14 ينتمي جميع أبناء الشعب، مهما كان موطنهم الإقليمي، إلى جنسية وطنية واحدة، وهم متساوون في الحقوق والواجبات. ولكل مواطن يمني، من دون تمييز، حق الإقامة والتملّك والتجارة والعمل أو أيّ مساع شخصية قانونية أخرى، في أيّ ولاية أو إقليم من الدولة الاتحادية.
. أتحديد الأقاليم
يشكل رئيس الجمهورية، رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل، لجنة برئاسته بتفويض من مؤتمر الحوار الوطني لتحديد عدد الأقاليم، ويكون قرارها نافذا.ً
تدرس اللجنة خيار ستة أقاليم- أربعة في الشمال واثنان في الجنوب- وخيار إقليميْن، وأيّ خيار ما بين هذين الخياريْن يحقق التوافق.
. ب ترتيبات بناء دولة اليمن الاتحادية الجديدة
تبدأ مرحلة بناء دولة اليمن الاتحادية بتبنّي الدستور، وتتبع جدولاً زمنياً وتنتهي في فترة يحدّدها الدستور. ويتطلب الانتقال الكامل والفاعل إلى دولة اليمن الاتحادية الجديدة، وفق الرؤية أعلاه، بناء القدرات في كل ولاية وإقليم وإنشاء مؤسسات جديدة وسنّ تشريعات وقوانين، إضافة إلى تبنّي إصلاحات تشمل الملف الحقوقي للجنوب وضمان التنفيذ الكامل للنقاط العشرين والإحدى عشرة وإنشاء صندوق ائتماني للجنوب.
بناء عليه، يستوجب الاستثمار وبذل جهود مستمرة لتوفير وتطوير الموارد البشرية والمادية اللازمة لحوكمة مسؤولة تخدم الأهداف المُشار إليها بفاعلية وكفاءة. وتكون الأولوية لتحسين إمكانات كلّ ولاية وإقليم وتعزيز مسؤوليات مسؤوليها المنتخبين ونقل السلطات بشكل مناسب.
لتحقيق ذلك، ينصّ الدستور على تأسيس هيئة لمراقبة التطبيق الكامل لهذه المرحلة. وتضع الهيئة خطة عمل لهذه الغاية، وتعمل بشفافية، على أن يوفر لها تمويل وإمكانات وافية لتطبيق المهام الآتية:
1 .1 وضع جدول زمني لتطبيق ترتيبات بناء الدولة الاتحادية،
2 .2 مراقبة تنفيذ المخرجات والجداول الزمنية والمعايير التي تتضمّنها خطة العمل،
3 .3 تقديم النصح للحكومة حول برنامج بناء القدرات ومراقبته،
4 .4 تقديم توصيات إلى السلطات المعنية وفق الحاجة،
5 .5 نشر تقارير علنية حول تقدّم عملية التطبيق كل ستة أشهر على الأقل.
تحلّ الهيئة في نهاية هذه المرحلة إلا إذا نصّ الدستور خلاف ذلك.
. دور المجتمع الدولي
نطلب من المجتمع الدولي دعم تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والعملية الانتقالية في اليمن،
خصوصاً مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والأمم
المتحدة والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ومجموعة أصدقاء اليمن وباقي الدول والمنظمات الداعمة.
نطلب من أمين عام الأمم المتحدة مواصلة المساعي الحميدة وفق قراري مجلس الأمن 2014
و 2051 . ونطلب من مجلس الأمن عبر الأمين العام دعم الجهود اليمنية لتطبيق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومراقبة تقدّم العملية الانتقالية، خصوصاً تطبيق هذا الاتفاق. ونطلب كذلك استمرار مساعدة الأمم المتحدة، بما فيها تنسيق جهود المجتمع الدولي، لدعم بناء دولة اليمن الاتحادية الجديدة.
نطلب من مجلس الأمن ومجلس التعاون لدول الخليج العربية تبنّي قرارات تدعم هذا الاتفاق.
. دالتزام رسمي
يعلن الموقعون أدناه إيمانهم وثقتهم الكامليْن في أن هذا الاتفاق يتضمن تسوية عادلة وانعكاساً دقيقاً لفهمنا المشترك. نعتقد أن هذا الاتفاق يصبّ في مصلحة الشعب اليمني. وعليه، نلتزم احترام ودعم هذا الاتفاق بحسن نية ونظرة مستقبلية، بهدف بناء دولة اليمن الاتحادية الديموقراطية الجديدة والحفاظ على وحدتها وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها.
في الثلاثاء 18 مارس - آذار 2014 02:39:24 ص