|
تتعامل وزارة الداخلية مع السيارات المفخخة التابعة لتنظيم القاعدة , كما لو أنها جهة مشرفة على موسم سباق .
مساء الخميس , بثت الوزارة أخباراً في غاية الطرافة. الأول يقول: إن الأجهزة الأمنية تتعقب سيارة (تحركت) من صنعاء قاصدة أبين لدعم العناصر الارهابية, وقالت إن السيارة مغطاة بحلوى فوق الأسلحة من أجل اجتياز النقاط الأمنية, والثاني يزف بشرى مماثلة: القاعدة جهزت 6 سيارات مفخخة, ووضعت عليها 6 انتحاريين من أجل تفجير مشروع الغاز المسال في شبوة .
لا يوجد تفسير شافٍ للخبرين الخطيرين, سوى أن الداخلية اليمنية , قد دشنت موسم سباق سيارة «مفخخات 1» , تزامناً مع موسم سباق «الفورملا 1» , الذي يجري في البحرين وعديد من الدول .
كان الأحرى بالوزارة وهي تكشف عن سيارة «تحركت» , تعرف نقطة انطلاقها ونقطة الوصول , وتكتشف أن الارهابيين قاموا بتغطية المتفجرات بـ«حلوى» , ألا تقوم بترويع الناس أكثر , وتكتفي بالقول إن الأجهزة الأمنية «ترافق» سيارة تحركت من صنعاء , ولا تتعقبها, وأنها استكملت كافة ترتيبات السباق , وجهزت الرايات الصفراء والسوداء والبيضاء والحمراء في كل المنعطفات , من أجل سباق سلس ومبهر .
عندما تعلن الداخلية عن سيارة تحركت من صنعاء , و6 سيارات تم تفخيخها في شبوة , هل تريد القول لنا إنها تكتشف العمليات قبل وقوعها؟ إذا كانت كذلك , فهذا يعني إنها تسلك نهج الوزارات السابقة , التي كانت ترهب الناس فقط , وهي تكتشف الجرائم قبل لحظات التنفيذ ولا تستطيع إيقافها , وتعرف بأمر تنفيذ العمليات الارهابية من وسائل الإعلام .
تصرفات الداخلية هذه , لا تدل عن يقظة عالية لأجهزة الأمن , بل تكشف عن استخفاف معهود بالناس , وإن لم يكن استخفافاً , فليرونا إذاً بطولاتهم الخارقة , ويقوموا بتفجير تلك السيارات المفخخة قبل أن تنفجر , فالعمليات الانتحارية الفاشلة حتى اللحظة , ناتجة عن قلة خبرة لدى الانتحاريين , حيث يخفقون في ضبط توقيت العبوات الناسفة , ويتناثرون اشلاء قبل وصولهم الى أهدافهم كما جرى لأغلب عمليات عدن . ما يجري هو «فشل» عمليات ,سببه «دعاء الوالدين» وليس إفشالاً, تقف خلفه عناصر أمنية لا تنام .
لا يحتاج الناس في هذا البلد إلى إرهاب أمني , فوق الارهاب القاعدي , والارهاب العائلي , فلديهم ما يكفي . على الداخلية أن تعي ذلك , ولا تقوم باستعراض بطولات وأخبار استباقية, لا فائدة منها , سوى إظهار أجهزة الأمن على حقيقتها , كجهة فاشلة .
هل يُعقل أن وزارة , يقف على رأسها رجل أمن من طراز متقدم هو الدكتور عبد القادر قحطان , تتعامل مع بلاغات عن سيارات مفخخة «تحركت» ,وتذيع النبأ للناس , على طريقة قناة سهيل العام الماضي ,«كما ورد».
نعرف جميعاً, أن وزارة قحطان , تتحمل على عاتقها مصائب لم تعرفها كافة وزارات الداخلية منذ 50 عاماًً, وأن عصابات النظام السابق , يتربصون في كل مكان , ويجاهدون من أجل إقلاق السكينة العامة , حتى يُظهروا للرأي العام, أن حكمهم كان أكثر أماناً , وأن «داخلية المشترك» فشلت حتى في القبض على سيارة ارهابية , تحركت من صنعاء , واجتازت نقاطاً أمنية لعدد من المحافظات . هل ترضى الداخلية على نفسها , أشياء كهذه , أو تتعامل مع بلاغات مشبوهة ,من جهات ستبلغ عن شيء , وستنفذ شيئاً آخر؟ .
لن يتحقق الأمن لهذا البلد في يوم وليلة , ولن تنجح وزارة الداخلية في تطبيب جروح الناس جراء إرهاب وقصف متوحش شهدته أغلب المدن خلال العام الماضي , وانتزاع سلاح , قام النظام السابق بتوزيعه للصغار والكبار , أكثر من «الكتاب المدرسي» , لكن على الأجهزة الأمنية أن تُفشل المؤامرات التي تُحاك حالياً , وتحرس مصالح البلد الرئيسية بكل ما تملك , وأن تكشف للرأي العام معرقلي أعمال اللجان العسكرية , ومفجري أبراج الكهرباء , على وجه السرعة , وتطالب بمحاكمة عاجلة لهم , كجهات ارهابية.
كما تستنفر أجهزتها لحماية سفارة الرياض بصنعاء , عليها أن تبدأ بإجراء مماثل لحماية محطة مأرب الغازية وأبراجها.
ما يجري لمحطة مأرب الغازية , عمليات ارهاب ممنهجة , لا بد أن تتوقف . لم نعد نشكو كثرة الانطفاءات , لكننا مللنا من معرفة الخبر مكرور : مأرب تخرج عن الخدمة . مأرب تدخل الخدمة .
أصبح اليمني , يعرف دخول وخروج هذه «الغازية» , أكثر من معرفة دخول وخروج «زوجته» من منزله . نريد إجراءً نهائياً يردع «الغازية» إما خروج لا رجعة فيه , حتى تُعالج المشكلة نهائياً, أو سجن مؤبد .
zakariaalkamali@gmail.com
في السبت 21 إبريل-نيسان 2012 05:44:22 م