|
من ذات المبدأ لست مع من يدعوا للخروج على حكومة الوفاق الوطني خاصة في هذه الفترة، ليس لأن أدائها لبى طموحات الشعب، ولكنه حرصا منا للحفاظ على ما تبقى من كلمة دولة.. فنحن اليوم تحت مراقبة أعين المجتمع، وربما يصل بنا الحال لأن نكون تحت يديه لا قدر الله.
لهذا علينا جميعا ان نستشعر بالمسؤولية الوطنية، التي تتطلب منا ان نجعل مصلحة الوطن فوق كل شيء، شبعنا من المظاهرات التي لم تؤتي اكلها، حتى وان من قام بها في العام 2011م أصبح اما شهيدا او جريحا او طريدا، ووحدهم الحيتان الكبيرة هي من استحوذت على كل شيء.
فهل يريد القائمون اليوم بمظاهرات تطالب بإسقاط الحكومة ان يكونوا صورة طبق الاصل للسابقين، بحيث يمكنوا غيرهم من الغنيمة فيما هم ليس لهم سوى الصراخ في الشراع.. حتى وان كنا نتفق مع ما يعانونه من الحكومة ولكن ليس الحل بإسقاطها، فإسقاطها يعني وبكل بساطة اننا فقدنا الامل في التحول السلمي ليمن جديد.
غريب هذا الشعب عندما كان يسقط البعض شهيدا في الساحات كانت تقوم الدنيا ولا تقعد، وتأتي قنوات الفتنة لتصور عكس الحقيقة.. واليوم يسقط العشرات في صعدة وعمران من ابناء شعبنا في فتنة هي اخطر بكثير من فتنة الساحات -وان كانت هي احدى ثمارها السيئة- ولم يتكلم احد ولم يخرج من تعودوا الخروج للشارع بإيعاز سياسي، وكأن دماء هؤلاء ليست يمنية، ودماؤهم فقط هي اليمنية الخالصة، مع ترحمنا على جميع من سقطوا في هذه الفتن.
لست ادري أصحيح ما يتم تداوله من نية الدولة ترحيل السلفيين من دماج بصعدة الى محافظة الحديدة لتكون بديلا عن موطنهم الاصلي.. الحل غير صحيح وسيخلط المفاهيم وسيقوي شوكة الباقي على المرحل، وسيخلق بؤرة جديدة للتوتر في الحديدة.. والاخطر من هذا كلة أنها ستشرعن التهجير القسري لأبناء الشعب من مناطقهم الاصلية.. وهنا اتساءل اين هم دعاة الدولة المدنية الحديثة والصارخون ليل نهار عن حقوق الانسان المغتصبة؟ أين هم مما يحدث في صعدة.
اليوم تهجير البعض من صعدة وغدا من عمران وبعدها من صنعاء.. هنا فقط يظهر لنا ضعف الدولة عن حماية مواطنيها.. وبالتأكيد ان ترحيل السلفيين من صعدة لن تكون الخطوة الاخيرة بل هي الاولى في فرط العقد الاجتماعي، وقد نصل الى تقسيم مذهبي، رضي من رضي وأبى من أبى.
الدولة في حالة كبيرة من الضعف، ولكن السؤال من اضعفها؟ اننا نحن من اضعفنا دولتنا بالمظاهرات والركض خلف الاحزاب والالتقاء حول الولاءات الضيقة، ورمينا بوطن كبير تتآكله النفوس الراغبة بطمس هوية بلد بأكمله، وان اختلفت الاسماء من محافظات لأخرى: حراك، قاعدة، حوثيين، سلفيين، احتجاجات، اعتصامات، مظاهرات... الخ، والنتيجة وطن يئن من الألم ولا مداوي له.
نتمنى من الجميع اغتنام الفرصة التي ان ضاعت لن تعود من جديد، علينا ان نحسن صياغة المخرجات التي تؤسس ليمن خال من النزاعات، يمن يستطيع ان يقف على قدميه من جديد بعدما اوغل بعض من ينتمي إليه -للأسف- في ركله وتركيع ادارته، وجعل ارادات الافراد في ارادة الامة الواحدة.
.أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
في الخميس 16 يناير-كانون الثاني 2014 08:03:50 م