|
في دماج هناك طائفتان مؤمنتان تتقاتلان وهما في صراع ومواجهات ومناوشات منذ فترة ليست بالقصيرة و كلا الطائفتين يرفعان دين الله عز وجل شعارا لهما , ومن يرفعون شعار دين الله لن يشفع لهم ذلك الشعار بين يدي الله عز وجل يوم يلقونه مالم يكن رفعهم اياه ملتزما بتوجيهات الله عز وجل عند تحديد اعمالهم واتخاذ مواقفهم , و في موضوع دماج هناك توجيه واضح وسهل لما يجب من الجميع في هذا الموضوع وتحديد بيّن " لإغاثة دماج " .
توجيه الله عز وجل الواضح السهل هو الوارد في كتابه عز وجل و هو " وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " , ومن هذا المنطلق اضع الطرفين واضع انصار الطرفين امام التزام قراني شرعي وملّزم للجميع .
من يناصر ايا من الطرفين يمكن جمعهم تحت تسمية واحده هي ( المسلمين من غير المتقاتلين في دماج ) , وهولا امر الله عز وجل لهم هو الاصلاح بين المتقاتلين , فكل من يحرّض ويسعر ويحشّد من هو لاء مع أي طرف فهو آثم آثم آثم مهما برر لنفسه ما يقوم به من الافعال او من الاقوال , فما يجب على كل مسلم من غير المتقاتلين هو ان يدعو للإصلاح بين المتقاتلين , ومن يقوم بغير الدعوة للإصلاح فليعلم انه يخالف توجيها واضحا صريحا من الله عز وجل ورد بكل جلا في كتابه الكريم , وليعلم انه متورط في تلك الفتنه ومشارك في تحمّل اثم كل قطرة دم تسفك هناك .
المتقاتلون من الطرفين في دماج هم ايضا عليهم التزام في تنفيذ امر الله عز وجل بالإصلاح في حال تقاتل طائفتان مؤمنتان , وهذا الالتزام يتمثل في التعاطي الايجابي مع أي جهد يبذل من غيرهم للإصلاح فيما بينهم , وهذا يقتضي من طرفي القتال التسهيل لجهود الاصلاح وابداء الاستجابة لها وتقديم ما يمكن لإنجاحها , اما من يعرقل او يتنصل او يغفل او يتهرب او يلتف على أي جهد للإصلاح فهو يعرقل او يتنصل او يغفل او يتهرب او يلتف على امر الله عز وجل , ومن يفعل ذلك مع امر الله فليس عليه ان يعتمد على الله عز وجل في تحقيق نصر وتوفيق وتسديد بل عليه ان يعلم ان الله عز وجل سيخذله لكذبه في الحديث باسم دين الله .
من لا يلتزم بالتعاطي الايجابي من المتقاتلين في دماج مع أي جهد للإصلاح عليه ان يعي ان كل ما سيصيبه ليس في سبيل الله عز وجل لأنه لا يسير وفق امره وما سيصيب غيره سيتحمل اثمه هو ايضا لأنه من تبعات سلبيته تجاه امر الله عز وجل , فالواجب الشرعي على الجميع - كمسلمين - هو ان يطوّع موقفه ومزاجه وتخوفاته وقلقه وظنونه لأمر الله عز وجل وليس تطويع امر الله عز وجل لأيا منها , ومن اجتهد في طاعة الله وتحرى امتثال امره عز وجل فهو من عليه ان يتوقع ويعتمد على نصرالله عز وجل له حتى لو كان الكون كله ضده , اما غير ذلك فالله عز وجل براء منه ومن مواقفه مهما رفع صوته في الحديث باسم دين الله عز وجل وهو لا يمتثل به هو اولا او يضع التزام غيره بشرع الله عز وجل شرطا حتى يلتزم هو به .
التزام الجميع بأمر الله عز وجل لغير المتقاتلين بالإصلاح وللمتقاتلين بالعمل على انجاح أي جهد للإصلاح لا مجال للتنصّل منه من أي مسلم كان , ولا وجود لمبرر ولا لعذر ولا لعلّل تشرّع مجانبة هذا الامر الالهي , فلا يعفي من امر الله عز وجل هذا قول القائل بانه طرف مظلوم فأي قتال لابد فيه من ظالم ومظلوم , ولا يعفي منه قول أي طرف بان الطرف الاخر يقتل او يشرد او يحاصر او يدمر فالله عز وجل يقول " اقتتلوا " والاقتتال لابد فيه من كل ما سبق , ولن يعفي من الامتثال لأمر الله عز وجل غير ذلك .
الاصلاح بين المتقاتلين هي آلية الله عز وجل لتحديد مواقف وجهود وادوار المسلمين في حالة تقاتل أي طائفتان منهم , وهذه الآلية لا تعني بقاء الظلم ولا ضياع الحقوق ولا استمرار التجبّر والايذاء والاستعداء والعداء " فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ " , وانما تعني حقن الدماء ووقف القتال وحل كل المشكلات ورد كل المظالم وردع أي ظالم بأساليب اخرى دون استمرار للقتال والصراع ولنزيف الدماء و الخراب و الفساد في الارض , فالبهائم فقط هي التي لا تجد لها سبيلا لحل خلافاتها الا بالعراك .
يجب ان يعي الجميع ان كل طرف من الطرفين لو لم يكن يتصوّر ان له مظالم وانه الذي على الحق و ان غيره على باطل وانه الملتزم وغيره هو المتمرد لما وجد هذا التقاتل اصلا فلا يمكن لطرف لا يتصوّر ذلك ان يقاتل , لهذا ليس لأي طرف ان يميل الى طرف بناء على خطابه وانما على الجميع العمل على وقف التقاتل وحقن الدماء ومن ثم النظر في مباعث الخلاف التي ادت الى ذلك القتال وايجاد المعالجات لها , ومن يحدد من هو الظالم ومن هو المظلوم هم من يقومون بالإصلاح وليس ايا من طرفي القتال مهما تباكيا دون جدية والتزام وايجابية في الاستجابة لآلية الاصلاح .
يجب ان يعي الجميع ان الطرف الباغي الذي امر الله عز وجل بمقاتلته لا يتحدد بناء على ادعاء أي من الطرفين ببغي الاخر عليه , ولكن الباغي هو الذي يرفض التعاطي الايجابي مع آلية الله عز وجل بالإصلاح " فقاتلوا التي تبغي حتى تفي الى امر الله , فان فاءت فاصلحوا " , وامر الله عز وجل في قتال الباغي ليس لنصرة طرف على طرف وانما " حتى يفي لأمر الله " وعندما يستجيب يقف قتاله ويعود دور الجميع الى الاصلاح " فان فاءت فاصلحوا بينهما " .
وختاما يجب ان يعي الجميع انه اذا لم يتم العمل بهذه الاليه تحت أي مبرر فمعناها ان يتداعى كل مجموعة من المسلمين للطرف الذي تميل اليه و بذلك ينقسم صف المسلمين جميعا الى فريقين متناحرين , وهذا ما يريده لنا اعداء الاسلام واعداء اليمن واعداء الانسانية . نصرة دماج تكون وفق آلية الاصلاح التي امر الله عز وجل بها وكفى بما يحدث في سوريا عبرة لكل من له عقل ومن قبل العقل له ضمير ومن قبله له دين .. نسائل الله عز وجل ان يحقن دماء المسلمين .
Alsharafi.ca@gmail.com
في الخميس 31 أكتوبر-تشرين الأول 2013 01:13:23 ص