|
حين بدأ الزعيم الألماني النازي أدولف هتلر الإعداد للحرب العالمية الثانية ووضع الخطط العسكرية ودراسة التحالفات؛ تجاهل العرب تماماً، وحين ذكّره بعض معاونيه بالعرب، قال: أنا لا يهمني العرب؛ لأنهم سيتقاتلون فيما بينهم ويأتي يوم يدمر بعضهم البعض؛ بمعنى أن العرب لا يمكن أن يشكّلوا خطراً على غيرهم من الدول الأخرى ولو كانت تلك الدول من ألد أعدائهم، فقوة العرب وبأسهم وعنترياتهم لا تظهر إلا حين يكون الأمر متعلقاً بالحروب والصراعات فيما بينهم فقط!!.
لم يكن هتلر كاهناً ولا قدّيساً، وليس عنده علم من الكتاب؛ ولكنه كان ملمّاً بتاريخ العرب الحافل بالصراعات والحروب الدموية التي يشعلونها فيما بينهم لأتفه الأسباب، ويعرف أيضاً عقلية العربي وطريقة تفكيره, كما يدرك مدى غيرة الإنسان العربي وحقده على أخيه، وأن العربي يقبل أن يكون تابعاً لشخص غريب على أن يكون وزيراً في بلاط أخيه العربي.
فكم من الصراعات الدامية التي حدثت بين العرب منذ تلك المقولة التي أطلقها هتلر، وكم عدد القتلى والمعاقين والمهجّرين جراء الحروب بين العرب أكانت بين الدول مع بعضها أو نتيجة الخلافات الداخلية والحروب الأهلية السياسية والمذهبية والطائفية والقبلية...إلخ؟!.
بالتأكيد العدد أضعاف من سقطوا في حروب العرب مع اسرائيل.. نعم فالعرب يجيدون تدمير أنفسهم وبشكل مذهل لدرجة تصيب أعداءهم بصدمة تجعلهم يقفون مذهولين أمام هذه القوة التدميرية المرعبة التي يمتلكها العرب، تدفعهم في كثير من الأحيان ليتساءلوا فيما بينهم: ماذا لو اتحد العرب ووجّهوا قوتهم إلى نحور أعدائهم ومن يحتل أرضهم ويدنس مقدساتهم؟!.
إلا أنه سرعان ما يتبدد هذا الهاجس المخيف وتعود السكينة لتغمر أنفسهم وتملأ أرواحهم بالطمأنينة؛ لأن ما ذهبوا إليه افتراض غير واقعي، ومن المستحيل أن يحدث حتى يشغلوا تفكيرهم به، وإذا ما سألنا أنفسنا كم عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد اليهود الصهاينة منذ العام 1948م، وكم عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد الفلسطينيين أنفسهم أو على يد إخوانهم العرب؛ يكاد العدد يكون متقارباً جداً إذا لم يكن عدد من قُتلوا على يد العرب يزيد قليلاً.
ولست هنا أبرّئ إسرائيل، ولا أدافع عنها أيضاً؛ ولكن من باب التذكير بقوة العرب وشجاعتهم وشدة بأسهم فيما بينهم، وها هي اليوم ترتفع أصوات العرب منادية بالحرب والثبور وتحت راية الجهاد المقدّس يُذبح العرب والمسلمون في سوريا من الوريد إلى الوريد على يد إخوانهم العرب والمسلمين الذين استنفروا من كل بقاع الأرض في هذه المعركة المقدّسة التي يقولون إنها المعركة الفاصلة بين الإسلام والكفر، بين العرب والمسلمين وأعدائهم من العرب والمسلمين.
اليوم فُتحت الحدود والخزائن لجموع المجاهدين المتجهين صوب أرض المعركة تظللهم أجنحة النسر الأمريكي، وترعاهم عيون المخابرات الاسرائيلية والغربية، وتبارك خطاهم دعوات علماء المسلمين وأحبار اليهود!!.. مأساة العرب مع أنفسهم لا تنتهي، وحروبهم أيضاً مع بعضهم البعض لا تتوقف من السودان إلى الصومال إلى ليبيا إلى اليمن والعراق وسوريا... إلخ.
وما يزيد الطين بلة ويزيد الساحة العربية اشتعالاً هو تلك الدعوات المذهبية والطائفية التي يطلقها بعض علماء الدين والزعماء العرب؛ ليبقى الموت يحدق بالمواطن العربي، ولا شيء غير الموت يأتيه من حيث لا يحتسب، وفعلاً وكما قال هتلر: «إن العرب يقتلون أنفسهم بأنفسهم».
في السبت 22 يونيو-حزيران 2013 06:40:52 م