|
شكلت القصير على عمر الازمة السورية، القاعدة الخلفية للمسلحين في معاركهم في محافظة حمص، من اكبر المحافظات السورية، من حيث المساحة وعدد السكان، وهي نقطة استراتيجية، تقع عند تقاطع طرق يمر بها محور اساسي يصل دمشق بحمص ومناطق الساحل السوري، ونظراً لقربها من الحدود، كانت على مر الزمن تاريخياً مركزا تجاريا هاما بين لبنان وسورية.
دخل الجيش السوري في معركة القصير، سعيا منه إلى طرد المسلحين منها، وبحسب العميد المتقاعد هشام جابر، فمن يسيطر على ريف القصير، يكون قد سيطر على ريف حمص بالتالي على مدينة حمص، وفي اتصال مع موقع المنار الالكتروني، اوضح أنه باستعادة الجيش السوري السيطرة على مدينة القصير، تكون معركة حمص قد انتهت، بالتالي فالشريط الممتد شرق العاصي إلى حمص إلى منطقة اللاذقية يصبح تحت سيطرة القوات النظامية.
اهمية منطقة القصير في ربطها المحافظات السورية وتوحيدها، رأت فيها جهات عدة سعياً من النظام إلى إقامة دولة طائفية، غير أن العميد جابر رفض هذا المنطق، وشدد على أن وصل العاصمة واحد المحافظات الأساسية (طرطوس واللاذقية)، لا يعني أبدا اقامة دولة غير الأم، وقال إن "النظام السوري لا يسعى إلى التقسيم اطلاقا وليس له مصلحة بذلك"، وبالعكس، فإن عملية ربط المحافظات، هو خير رد على مشاريع التقسيم التي يراد ان تنفذ في سورية.
ومن جهته العميد المتقاعد الياس حنا، شدد في اتصال مع موقع المنار الالكتروني على أن حسم معركة القصير لصالح النظام، يعد ضربة كبيرة للمعارضة السورية، ويستطيع النظام من خلال السيطرة على القصير، تأمين منطقة أمنية تمتد من الشام إلى الحدود اللبنانية، وادي نهر العاصي إلى حمص، وبالتالي الوصول إلى الساحل.
وأوضح العميد حنا أن استعادة حمص لم تكن من دون النصر في القصير بالنسبة إلى النظام السوري، وبالتالي فإن طريق حمص تمر عبر القصير، ورأى أن المعركة القادمة هي تنظيف حمص.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية اعتبرت أن سقوط مدينة "القصير" الاستراتيجية في أيدي القوات السورية، سيكون بمثابة نكسة خطيرة للمعارضة المسلحة، ولفتت إلى أن الحكومة السورية تحاول استعادة السيطرة على أكبر قدر من المدن والمناطق، لتعزيز موقفها إذا ما دخلت مفاوضات السلام التي تعدها الولايات المتحدة وروسيا.
وقالت الصحيفة الأميركية إن "المعارك في حمص ستكون نقطة تحول و ستحدد مصير النظام السوري والمعارضة على حد سواء، حيث ترى الأخيرة إنه إذا سقطت القصير فإن هذا يعني نهاية الاحداث في حمص كلها، كما يعتقد الجيش السوري أن سيطرته على حمص أمر بالغ الأهمية للإبقاء على سيطرته على غرب البلاد، لتمهيد الطريق أمام الحملات العسكرية لاستعادة المناطق التي يسيطر عليها المجموعات المسلحة في الشمال والشرق.
وانطلاقا من أن الساحة السورية باتت ساحة صراع عالمية كما شدد العميد جابر، أكد أن الدول الغربية موجودة في سورية بأجهزتها الاستخباراتية، ومن الطبيعي أن يكون لها تواجد في القصير، كونها "أم المعارك" كما وصفها، وأعرب عن عدم اعتقاده بأن الجيش الاسرائيلي قام بعملية انزال عسكرية في القصير، كما ذكرت وسائل إعلام غربية.
جابر اوضح أن العدو الاسرائيلي لا يريد الحسم في سورية لأي طرف، وهو "يتفرج ومسرور لاستنزاف سورية عسكريا، بشريا، ماديا، وبنى تحتية"، وقال إن" اسرائيل رفعت يافطة يرجى عدم الازعاج"، غير أن العميد المتقاعد اكد ان هذا الكيان يتدخل يوميا في سورية استخباراتيا، ويلعب دور الفريق الثالث لتأجيج النار والصراع والتحريض.
عسكريا، يقوم الجيش الاسرائيلي بعرقلة تقدم الجيش السوري - خصوصا بعدما أظهر منذ اكثر من شهر تقدما ملموسا في الميدان-، عن طريق القيام بعمليات تشويش على اتصالات الجيش السوري.
العميد حنا، شدد أيضاً على أن الدول التي أعلنت نيتها اسقاط النظام تعمل بجميع الوسائل على ذلك ومنها استخباراتيا، وشكك بقيام تلك الدول بعملية عسكرية في سورية، مشيراً في السياق نفسه إلى عدم وجود تجانس بين "جبهة النصرة" و"الجيش السوري الحر"، وإلى وجود جهات عديدة غير سورية تقاتل في القصير.
العميد المتقاعد أمين حطيط وفي مقالة صحافية وصف معركة القصير بمرحلة تصفية العدوان، واعتبر انها تقصر عمر الأزمة السورية و"تدفع العدوان إلى الترنح والانهيار"، وتؤدي بشكل أكيد إلى:
1- تعطيل دور لبنان في مؤازرة العصابات المسلحة، بعد أن هُدم جسر الإمداد والعبور من طرابلس إلى القصير عبر عكار وعرسال والقاع، وسيتسبب ذلك بخسارة استراتيجية وعملانية كبيرة تلحق بهم، وتعقد عملهم، وتحرمهم لاحقاً من الإمداد السريع ومن منطقة خلفية لوجستية وعملانية فاعلة، هم بأشد الحاجة إليها في المنطقة الوسطى، ومنها إلى دمشق وحماه.
2- فصل مواقع المسلحين في شمال سورية عن الوسط والجنوب وإسقاط قدراتهم على الحركة والتعزيز والإسناد المتبادل، الأمر الذي سيعقّد جداً معاركهم المستقبلية في مواجهة الجيش السوري.
3- دفع الجماعات المسلحة إلى التشرذم والتشتّت نتيجة اليأس والإحباط اللذين انتجتهما معركة القصير، وبالمقابل تزخيم الدفع المعنوي للقوات المدافعة عن سورية، بعد ان تمكّنت من وضع اليد على الكثير من الأسرار والمفاصل والكنوز العسكرية في القصير.
في الأربعاء 22 مايو 2013 11:32:32 م