|
ولعلنا في العالم العربي بشكل عام وفي اليمن بشكل خاص،لا نعطي اهتماماً كبيراً بالرعاية النفسية،والوسائل المطلوبة لاحتواء ردة فعل،الصدمات على الأطفال في حين أن غالبية المختصين يؤكدون،أن أخطر آثار الحروب هو ما يظهر بشكل ملموس لاحقاً،في جيل كامل من الأطفال سيكبر من ينجو منهم من الموت،وهو يعاني من مشاكل نفسية قد تتراوح خطورتها بقدر المشاهد التي مرت به،لذلك جاء في المادة الأولى من وثيقة حقوق الطفل(أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة،ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه)هذا المفهوم يحمل الأبوين والأسرة والمجتمع والهيئات التربوية والتعليمية رعاية ألأطفال وحمايتهم،لأن الطفل كائن حي أعطاه الله الكثير من الاختلاف عن الكبير،فرفع عنه الحساب والعقاب،يقول الرسول صلى الله علية وسلم(رفع القلم عن ثلاثة:عن الصبي حَتَّى يَبْلُغَ،وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ،وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ)لذ تتوافق المنظمات الدولية والعربية والمواثيق الدولية،ليس فقط علي حماية الطفولة وضمان حقوقها الأساسية فحسب،بل أيضا علي مبدأ النداء الأول للطفولة في مختلف أوضاع السلم والحرب،وتقلبات السياسة والاقتصاد.
والحروب لا تحمل في أحشائها سوى الألم والموت والمعاناة للأنفس البريئة،حيث تشير الدراسات التي تمت بهذا الخصوص،بعنوان(وضع الأطفال في العالم 2012) إلى أن أكثر من مليار طفل عبر العالم يعيشون اليوم أوضاعا من اليأس والحرمان في مناطق حضرية ومدن كبرى مكتظة بالسكان،وأن الملايين من هؤلاء الأطفال يعانون من فقر مدقع محرومين من حقوقهم الأساسية،التغذية المياه النقية والرعاية الصحية والتعليم،ويعانون أسوأ أنواع المعاملات سواء في المجتمعات والمدارس والمؤسسات،بسبب النزاعات المسلحة على السلطة، وإرهاب القاعدة،والحروب المشتعلة في الكثير من الدول،فالعنف ضد الأطفال من أبرز المشكلات العالمية التي لا يخلو منها مجتمع سواء كان هذا المجتمع متقدماًأومتخلفاً،ومشكلة الأطفال لا زالت حتى يومنا هذا تنمو وتتفاقم بشكل مطرد،حتى يخيل لنا أن معالجتها والسيطرة عليها أمرا مستحيلاً،فالشوارع صارت يوما عن يوم تكتظ بالأطفال،فنجدهم حيثما ذهبنا أو توقفنا،وقد تركوا مدرستهم وامتهنوا التسول،والبعض تم انخراطه مع المنظمات ألإرهابية ليجد نفسه حاملا للحزام الناسف مكان حقيبة المدرسة.
واليمن هي من أكثر الدول التي يلاحظ فيها تكرار إيذاء الأطفال،من خلال إرغامهم بالقيام بمسيرات ومظاهرات في الشوارع والميادين،والزج بهم في ميادين ألإعتصامات في الفترة السابقة،حيث كان يتزاحم عدد من الآباء في ساحات الاحتجاجات لتقديم أطفالهم إلى المنصات،وهم مرتديين أكفان الموتى مكتوبا عليه(مشروع شهيد)وكانت كاميرات عدد من القنوات يروق لها التقاط صور للأطفال وهم مرتديين ألأكفان ويهتفون(الشعب يريد إسقاط النظام)وتم إقحامهم في النزاعات المسلحة في وسط وشمال العاصمة صنعاء،بين مسلحي(قبائل حاشد)ومليشيات(حزب ألإصلاح وجامعة ألإيمان)من جهة،وبين قوات الأمن من جهة أخرى،وفي تعز وعدن،بالإضافة إلى عناصر تنظيم القاعدة في عدد من المحافظات الجنوبية والشرقية،والمواجهات المسلحة في صعده وحجة والجوف وعمران بين الدولة ومليشيات حزب ألإصلاح من جهة،والحوثيين من جهة أخرى،فسقط المئات من المدنيين بما فيهم أطفال،وأطفال اليمن كغيرهم يعانون واقعاً بائساً تشكله مصفوفة من المشاكل المفروضة عليهم،تبدأ بالتسرب من الصفوف الدراسية الأولى،وتهريبهم إلى الخارج،وصولا إلى التشرد الدائم والتعرض لجرائم الاغتصاب والتشغيل،ضمن عصابات السرقة والتسول خارج البلاد،وهكذا الحروب دائما يصنعها الكبار ويقع ضحية لها الصغار.والله من وراء القصد والسبيل.
في الجمعة 03 مايو 2013 09:58:36 ص