|
مقابل هذا الاحساس الذي يتراكم لدي يوماً بعد يوم, اشعر أن مراكز القوى التقليدية تشعر بالغربة داخل الحوار, فالمساواة - الى حد كبير - بين الأعضاء, وعدم التمييز داخل الاجتماعات, جعلت أغلب تلك الشخصيات تتذمر من الحوار ومن الحضور فيه, فعندما يحضر أحدهم متأخراً ويجد الكراسي الأمامية ممتلئة ولا يقف أحد من الشباب ليجلس مكانه, ومن ثم يجلس في الصفوف الأخيرة, يشعر بأنه واحد من هؤلاء, عندها يحس أنه غريب, فلا مرافقين حوله, ولا منافقين, ولا طالبي معونات أو عطف أو متظلمين من بعض جرائمه.
في حواراتنا السابقة كانوا هم الفاعلين, وهم المعدين والمنفذين وهم من يُخرج المشهد النهائي, اليوم هم جزء من المعادلة, يحضرون الدورات التدريبية التي يتلقون فيها الدروس من الشابات والشباب الذين لا يتجاوز عمر بعضهم 25 عاماً, ويقفون صامتين لدروس ومهارات التفاوض, بل ويشاركون في الفقرات والتدريب.
أعتقد أن هناك ثقافة جديدة بدأت تتشكل داخل المؤتمر, احساس بالمساوة بين الجميع, نقاشات الند للند, فلا هنجمة, ولا استقواء بالسلاح والمرافقين "المبندقين والمبردقين", وبالعكس فعندي أحساس أني أقوى من كل تلك الشخصيات, لأني لم أتعود على السلاح أو المرافقين, لذلك لم أحس بأي نقص عند دخولي الحوار, بينما هم يشعرون بالغربة, وعدم الثقة بالنفس عند البعض بسبب أنه تعود على السلاح وهيلمان المواكب والأتباع.
تلك الأوضاع تستمر لساعات فقط, ثم يعودون الى بيئتهم التي تعودا عليها, وتعود معها تصرفاتهم السابقة, ويعوضون الاحساس بالمساواة الذي أجبروا عليه لساعات, لذلك يتغيب البعض, خوفاً من ذلك الاحساس المخيف بالمساواة الذي ينتابه داخل المؤتمر.
لعقود عاش أغلب الشعب اليمني في غربة داخل الوطن, لا يتمتعون بالمساواة و لا بالعدالة و لا بالمواطنة المتساوية, الاحساس بالغربة داخل الوطن اشد من غربة السفر.
أتمنى أن يكون مؤتمر الحوار بوابة الى المساواة بين الجميع ليس داخل الفندق فقط, إنما في الشوارع وفي كل مكان, عندها ستزول أغلب المشاكل والقضايا, ويعيش الشعب في أرضه دون أن يشعر بالغربة, فغربة الأفراد خيراً من غربة الشعوب.
albkyty@gmail.com
" نقلاً عن صحيفة الأولى "
في الثلاثاء 26 مارس - آذار 2013 09:02:45 م