|
فمنع المواطنين من ممارسة حقوقهم الانتخابية بقوة السلاح ، وإغلاق مقرات اللجان الانتخابية وقتل بعض موظفيها بالإضافة إلى إحراق مخيمات المعتصمين في مدينة عدن ومهاجمة جنود الأمن ، أعمال إجرامية لاتنتمي للعمل السياسي المشروع ولاتمت إليه بصلة.
كما ان هذه الاعمال لاتقل خطورة عن الاعمال الارهابية التي كان اخرها حادثة انفجار سيارة مفخخة في مدينة المكلا عاصمة حضرموت صباح السبت الماضي .
مع الفارق بينهما ان حادثة السيارة تبناها تنظيم القاعدة ،فيما بقية الحوادث المتزامنه معها وقبلها في التوقيت يتبناها حراكيون مزايدون على الجنوب واهله بالحرية واوهام الاستقلال .
عندما قرر احرار المحافظات الجنوبية الخروج لمواجهات آلية صالح العسكرية بصدروهم العارية بداية 2006،توارى عشاق الزعامات والمزايدون خلف أروقة الغياب ، وعندما كانت ربات البيوت تقتل بقذائف كاتيوشا في الحبيلين والضالع ولودروتدهس نساء محتجات في مدينة المكلا تحت اطارات اطقم الامن المركزي كان السيد علي سالم البيض منشغلا بادارة استثماراته وترتيب اوضاع ابنائه في منفاه الآمن مديرا ظهره لما يحدث من جرائم في المحافظات الجنوبية والشرقية وملتزما حيالها الصمت .
اما الآن وقد نجح شباب ثورة اليمن السلمية في إسقاط مشروعية الاستبداد السياسي في صنعاء وعدن على حدِ سواء خرج علينا أباطرة العبث والتدمير السياسي من جحور صمتهم يلهثون خلف استحقاقات سياسيه لاناقة لهم فيها ولاجمل .
فهذا السيد علي البيض يبادر لافتتاح مكتب للمقاولات السياسية في عاصمة أوروبية مدعيا انه رئيس اليمن الجنوبي ،ومبديا استعداده لعقد أي صفقة على حساب الحق الجنوبي واهله .
وفي خطاب له مواخراً اكد البيض مواصلة مسعاه لعملية فك الارتباط كونه صنع عقدتها فهو الوحيد القادر على فكها.
وفي ذات الخطاب حاول البيض ايهام جميع المهتمين انه لم يجد ما يغريه في الزعامة والسلطه سوى حرصه على تخليص الجنوب ، لكننا لانستبعد على البيض بدافع حرصه على مستقبل الجنوب ان يمدد عمره الرئاسي حتى ينتهي من اقامة جدار اسمنتي حاجز بين الجنوب والشمال من جهة وبين الجنوب ودول الجوار من جهة ثانية . كون الرجل لم يزل متمسكا بتحالفه القديم الجديد مع روسيا وايران ومازال مصرا على عدائه الجديد القديم لقيادة الرياض وابو ظبي ومسقط باعتبارها انظمة امبريالية وفق المنهج الايدلوجي السابق للبيض ورفاقه .
والاهم من هذا كله ان الرجل تعهد بنقل السلطة الى شباب الجنوب فور انجاز الاستقلال ، وبكل تأكيد انه يعتزم تسليم الراية لزعيم جيل الشباب الدكتور عدنان البيض ، الذي كان يشغل موقع الرجل الثاني بعد ابيه في ادارة الشان الجنوبي من ادارة امن عدن بعد اعلان الوحدة اليمنية ، حيث كان البيض قد استبق في تكريس مشروع التوريث السياسي لابنه في عدن قبل ظهور احمد علي صالح في صنعاء بسنوات ،تماشيا مع حليفه السوري آنذاك .
من وحي تجربته الشخصية يتبين إن البيض لايتحلى بحكمة سياسية ولا يمتلك ادنى بوادرها رغم ما نكن له من احترام ،فالرجل انفعالي وعاطفي كما وصفه المهندس حيدر العطاس ، وقال عنه الشيخ احمد بن فريد الصريمة: إنه يساري متهور .
فعلا الرجل لا يجيد سوى التهور الانفعالي في سياق احتفائه بانجاز مغامرات غير محسوبة العواقب ومثلما انفرد بقرار الوحدة الاندماجية الفورية ، لايزال الرجل واهما ان بمقدوره الانفراد بصناعة مايسميه فك الارتباط ،وقد يجد في اجندته ما يشجعه على اعلان مغامرة وحدوية جديدة مع أي دولة في القرن الافريقي مستقبلا هذا اذا استطاع ان يعيد الزمن الى ماضيه.
وفي فقرة مماثلة داخل المشهد ذاته يظهر المناضل حسن باعوم بعد خروجه من السجن موجها ندائه التاريخي لأبناء الجنوب يطالبهم فيه بالزحف نحو مدينة عدن لطرد مايسمية الاحتلال ، في الوقت الذي كانت صوره تملأ ساحات الاعتصام السلمي في كل من صنعاء وتعز والحديدة.
وعلى خلفية المشهد ذاته يظهر مراهق جديد في الوسط السياسي على احدى الفضائيات العربية،يدعى ياسر اليماني يهدد بإعلان الانفصال اذا خلع صالح من الحكم ،تلاه في صبيحة اليوم الثالث تصريح صحفي مشابه للمناضل سالم صالح محمد الرجل الذي كان مرشحا لمنصب نائب احتياطي للرئيس السابق.
أما المناضل الصالحي عبد الكريم شايف فقد ذهب الى حد تشكيل جماعات مسلحة ترفع علم الجنوب وتنافح من اجل عودة دولته بقيادة صالح او احد ابنائه.
في تقديري ان محنة الجنوب الحقيقية تكمن في فاعلية مثل هؤلاء وبقائهم على سطح المشهد الرسمي ، وهم لايجيدون سوى العربدة على حساب امننا واستقرارنا في الشمال والجنوب ولا يريدون وحدة مستقرة ولا انفصالا آمنا ، لايريدون سوى بلد مضطرب وبيئة سياسية منقسمة على نفسها تساعدهم على انجاز مشاريعهم في الثأر السياسي والانتقام الشخصي.
ففي الوقت الذي يتجه فيه المجتمع الاقليمي والدولي نحو بناء دولة يمنية حديثة بعناصر جنوبية محضة وجعل قضية الجنوب على رأس اولويات الدولة القادمة نجد فئة العرابدة ينعقون بالرفض المطلق لأي حل سلمي .
بقي لنا ان نذكر ان الاشخاص سالفي الذكر رغم اختلافاتهم الشكلية فيما مضى الا انهم التقوا جميعا في نهاية المطاف بمشروع واحد تجمعهم الاساليب الهمجية في العمل و المصالح الشخصية ، وبفعلهم تحول حراك الجنوب من ثورة سلمية حقوقية عادلة الى موجة عنف مضطربة قفز على سطحها المزايدون والانتهازيون والمنتفعون بدماء الابرياء وحقوق البسطاء.
لكنهم بأي حال من الاحوال لا يمثلون مجتمع الجنوب ولا يحضون بثقته ولايعبرون عن مطالبه ولاينوبون عن وجهائه وحكمائه ، انهم مجرد بقايا مرحلة انتهازية فاشية تشكلت مطلع الستينيات من القرن الماضي وعانى منها جنوب يمننا الحبيب كثيرا وسيتم كشطها حاليا من ذاكرة التاريخ اليمني وصفحته السياسية والى الأبد .
Alsfwany29@yahoo.com
في الإثنين 05 مارس - آذار 2012 02:00:35 ص