سرقة توكل كرمان
كاتب/عباس الديلمي
كاتب/عباس الديلمي
هل هو الحسد؟ هل هو الاستكثار على شعب يقع في قعر خارطة العالم العربي، أن يحرز سبقاً أو تميزاً؟!
لعل الأمرين متداخلان، وماعلينا في اليمن إلا التفكير في الأمر، والبحث عن العوامل التي تجعل منا صيداً سهلاً، لسرقتنا، أو انتزاع ماهو ثمين وعزيز علينا، ويمنحنا ميزة نفتخر بها.
هناك من الأمثلة الكثير، وسنكتفي بمثالين فقط، أولهما من تاريخنا القديم جداً، وثانيهما من تاريخنا الحديث جداً.
يقول الأول: بصحبة امرأةٍ هي بلقيس من عرفها العالم في عصرها بملكة سبأ ؟ كان سبق اليمانيين إلى الشورى وحضارة بناء الدولة والتحرر من كوابح التمييز واضطهاد المرأة، بل إنهم أحرزوا بصحبة تلكم المرأة شرف الذكر والحضور في الكتب السماوية.
هذا بعض ما أحرزه اليمانيون عبر امرأة أو بصحبتها، ولأن إحراز مثل تلكم المفاخر بصحبة المرأة أمرٌ له دلالاته وأبعاده الحضاريةو الاجتماعية والدينية فقد استكثره علينا الجار والشقيق، ومن يفخر بحضارة أحسّ أن الحضارة اليمنية قد تميزت بما يتفوق عليها.. وبما لايستطيع نكرانه أو حتى التشكيك فيه.
فمن الحبشة ذات الحضارة القديمة تعالت ولازالت أصوات تدعي أن بلقيس الملكة موطنها الحبشة وليس اليمن، ولهذا أصدر امبراطور الحبشة هيلاسلاسي مرسوماً بوسام يسمى (وسام بلقيس) ويكون أعلى وسام في امبراطوريته التي أطاحت بها الثورة فيما بعد ،وظهر علينا قبل سنوات باحث مصري بما يدلل على زعمه أن الملكة بلقيس لم تكن في اليمن بل في مصر مستدلاً بما لايرتقي إلى ماهو علمي.
كما ظهر كتاب لباحث عربي يدعي أن الملكة بلقيس لم تكن في اليمن وإنما في أرض كنعان أو فلسطين ولهذا كان لقاؤها بالملك سليمان بعد عشقها له.. وقد استدل على ماذهب إليه بتشابه الأسماء والأماكن في فلسطين وفي بلاد جيزان ونجران، ولعل البعض قرأ كتاب (صُليبات).. المهم لقد استكثر من استكثر على اليمن وأهله سبقاً وتميزاً حضارياً فسعوا إلى سرقة المرأة التي اقترن ذلك باسمها وبحكمها، لأن من السهل سرقة اسم، أمام استحالة سرقة حضارة.
نكتفي بهذا لننتقل إلى المثال الثاني من تاريخنا الحديث جداً، وهو الإقدام على سرقة امرأة يمنية، هي الناشطة الثائرة السيدة توكل كرمان ،وكيف يأتي ذلك؟.. هذه المرة من تركيا أردوغان واجلو، توكل الشابة اليمنية، التي رغم صغر سنها، والتي تعتز بمخلاف شرعب أكثر من استانبول، وبصنعاء أكثر من نيويورك.. وبخيمة في ساحة التغيير أكثر من قاعة اجتماعات الأمم المتحدة.
هذه الشابة اليمنية أتت بمالم تأتِ به امرأة في البلدان العربية مجتمعة، وفي كثير من بلدان شقيقة، فصحبت بلدها اليمن إلى العالمية والمجيء بجائزة نوبل.. كما صحبته إلى المحافل الدولية، وسجلت بقلمها سبقاً يمنياً.. يبدو أن هناك من استكثر علينا كما استكثروا علينا السبق والتميز مع أمها بلقيس.. فظهر علينا رئيس وزراء تركيا السيد اردوغان ليمنحها الجنسية التركية ويقول إن أصولها تعود إلى إقليم كرامان في تركيا، وهو استطراد استغربه الكثير كونه جاء في غير محله ولامناسبته- حتى وإن كان ماقاله صحيحاً - فقد ظهر السيد أردوغان وكأن تقديره لتوكل بمنح الجنسية التركية، ليس من قبيل الاعتزاز بما منحها استحقاق جائزة نوبل، ولكن لأصولها التركية، وكأنه يريد أن يقول لليمانيين خاصة والعرب عموماً إن المرء ليس بثقافته ونشأة تكوينه النفسي والفكري وإنما بجيناته وأصوله، وبهذا فإنه لايختلف عن الذين أقدموا على محاولات سرقة الملكة بلقيس.
مافعله اردوغان، قد استند إلى تشابه في الأسماء أو اللفظ أو بإضافة (الألف) إلى لقب السيدة اليمنية كرمان، وهذا الاستدلال التركي(الثوري) يجعلنا في غاية القلق على السيدة أمل الباشا أن تُسرق منا بيد تركية رئاسية استناداً أن لقب باشا كان لايمنح إلا من سلطان الاستانة التركية العثمانية ،كما يزيد من مخاوفنا من سرقة الأستاذة أروى عثمان بمبرر أن عثمان مشتق من عثمانية وهي الامبراطورية (الاسلامية) التي تذكَّرها السيد أو دولة السيد اردوغان حينما خطب قبل أيام وقال بالحرف: إن تركيا تشعر بمسئولية تاريخية إزاء سورية كونها كانت تابعة للدولة العثمانية ،يالها من عجائب أثارت الكثير من المخاوف والتساؤلات حتى في أوساط القبائل ،فقد اتصل بي أحد مشائخ كبرى قبائل بكيل قائلاً: أخشى أن يدعي رئيس الوزراء التركي أن قبيلة بكيل من أصول تركية ويبعث بوفد ليجنسنا بجنسيته بمبرر أننا ننتمي إلى بكير باشا التركي الذي أمر ببناء جامع البكيرية في ميدان قصر السلاح بصنعاء القديمة.
ختاماً أقول لأردوغان: لاتسرقوا توكل منا.
 
 
في الثلاثاء 16 أكتوبر-تشرين الأول 2012 08:21:59 م

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=214&lng=arabic