الثورة علم تغيير المجتمع
كاتب/عبده محمد الجندي
كاتب/عبده محمد الجندي
إن كل ما حققته الثورة البشرية وفكرت فيه واكتسبته يوجد على صفحات الكتب ، ومن لايقرأ الكتب ولا يتأمل في مخلفات الثورات الإنسانية في المخلفات والأدوات التاريخية المكتوبة والمنحوتة والمصنوعة لايمكن أن ينطلق في حاضر من رؤية ثورية صائبة ومستنيرة تمكنه من استقدام المستقبل وتحقيق ماهو بحاجة إليه من المنجزات الحضارية على نحو يمكنه من نصرة الكفاية على الحاجة والسعادة على الشقاء حتى ولو كان في مقدمة الصفوف الثورية المناضلة من أجل الانتصار للحياة والحرية والعدالة والتقدم والرفاهية الاقتصادية، لأنه يفتقد للقدر المعقول من القدرات القيادية المكتسبة التي يطور فيها مايتمتع به من المواهب والملكات الفطرية.
أقول ذلك وأدعو الشباب إلى أهمية التسلح بقدرات ثقافية وعقلانية من خلال تخصيص أوقات يومية دائمة ومنتظمة لقراءة الكتب الثقافية والسياسية الجامعة حتى يكونوا على علم بأن الثورة علم تغيير وتطوير المجتمع بدلاً عن التوقف عند ظاهر الشعارات الثورية والحماسية المدغدغة للمواطن والمثيرة للانفعالات المشدودة إلى الكراهية والحقد والثأر وماينتج عنه من إضافة معاناة إلى معاناة وفساد إلى فساد يتضرر منه الجميع ولايستفيد منه سوي الانتهازيين المنتفعين الذين لايحققون مصالحهم وملذاتهم غير المشروعة إلا داخل الدوامة العنيفة للأزمات وماتسفر عنه من الصراعات والحروب الدامية والمدمرة للأوطان والممزقة للشعوب لأن الثقافة غذاء للعقل في عصر نحتاج فيه إلى العقلانية حاجة الطاعنين في السن إلى العكاز، لأن الثورة علم المجتمع وتطويره وتحتاج إلى قدر من الفهم العلمي والعملي المستمدين من الدراسة والقراءة والخبرة والعقلانية والموضوعية، ناهيك عن القدرة على استيعاب الجديد في عالم يقال عنه عالم مابعد الذرة والخلية، عالم الإلكترونات والنيوترونات وعالم الخريطة الجينية للإنسان.
أعود فأقول لشبابنا الذين يرفضون التسوية السياسية وقانون الحصانة الذي نصت عليه المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن الدولي تحت مبرر المطالبة بمحاكمة المسؤولين عن إزهاق الأرواح وإسالة الدماء المدنية والعسكرية التي حدثت أثناء الأزمة الناتجة عن أفعال غير مدروسة أدت إلى ردود أفعال خاطئة والمتطرفة لأن الرفض معناه الحرب والحرب لاتخلق سوى الدمار والدماء والدموع الناتجة عن الأحزان، لانستطيع تحديد المسؤولين عنها من خلال تقديم ماتحتاجه المحاكم من التحقيقات الأولية المادية التي تدين أشخاصاً محدودين، سواءً داخل الحكم أو بين صفوف المعارضة .
أقول ذلك وأذكر أبنائي الشباب الذين يقدمون العواطف على المستقبل بما يرفعون من شعارات المطالبة بالحسم الثوري .. إن التوقف عند هذه اللحظة من التضحيات ناتج عن مبادرة أجمعت عليها كل الأطراف السياسية والحزبية استجابة لما أظهرته الدول الشقيقة والصديقة من حرص على وحدة اليمن وأمنه واستقراره، لأن البديل كما يراه الجميع دخول الشعب اليمني في حرب أهلية لها انعكاساتها السلبية على الأمن الإقليمي وعلى الأمن والسلم الدوليين، سوف تؤدي إلى نتائج يمتزج فيها التمزق الداخلي بالتدخل الخارجي على نحو يتضرر منه الجميع ولايستفيد منه سوى الأعداء، الأمر الذي يستوجب المراجعة الجادة والابتعاد عن الانفعالات لأن التسويات السياسية المبنية على تبادل التنازلات من جميع الأطراف اليمنية هي المحصلة الطبيعية لأي حروب أهلية وتدخلات دولية على نحو يوجب الانفعالات وتحميل الدولة مسؤولية تعويض المتضررين ورعاية أسر الشهداء المدنيين والعسكريين وذلك مانصت عليه المبادرة الخليجية ومايجب أن تحرص عليه جميع الأطراف الموقعة وغير الموقعة على هذه المبادرة وصولاً إلى التفاعل مع الانتخابات الرئاسية والالتفاف خلف المشير عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق الوطني بدلاً من ضياع الوقت والجهد في صراعات تعيد الجميع إلى مربع الحرب .
    
في الإثنين 27 فبراير-شباط 2012 06:41:47 م

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=16&lng=arabic