حين يكون القضاء مستقلاً نزيهاً
كعادة الأنظمة الفاسدة تعبث بالمال العام وتنهب الثروات بشتى الوسائل والحيل، ففي مصر ما قبل الثورة تم التعاقد مع اليهود لتصدير الغاز المصري بأسعار زهيدة مقارنة بالسعر العالمي آنذاك، وهذا ما أثر سلباً على اقتصاد البلاد وحين قامت ثورة يناير 2011 ضد الفساد والفاسدين وأطاحت برأس النظام وأودعته السجن بل وتمت محاكمته ومحاكمة بعض رموزه، ومن هؤلاء الذين حوكموا وزير البترول المصري السابق سامح فهمي ورجل الأعمال الهارب حسين سالم وذلك في قضية اتفاقية بيع الغاز على اليهود، فقد حكمت محكمة جنايات القاهرة عليهما بالسجن 15عاماً بتهمة بيع الغاز بأسعار زهيدة لا تتفق مع الأسعار العالمية وإضرارهم بالبلد وإهدار المال العام وتمكين الغير من تحقيق منافع مالية ما أدى إلى تكبيد الاقتصاد المصري خسارة تقدر بنحو714 مليون دولار كما غرمتهم المحكمة ما مجموعه ملياران وثلاثة ملايين و 519 ألف دولار وألزمتهم برد مبلغ 499 مليوناً و 862 ألف دولار، وما كان هذا ليحدث لولا استقلال القضاء المصري ونزاهته ووطنيته، وما حدث في اليمن من بيع الغاز لكوريا يشبه ما حدث في مصر تماماً، فقد بيعت المليون وحدة حرارية بـ3.2 دولار بينما باعت قطر على نفس الدولة بـ11.38 دولار ، حتى وصلت خسائر الدولة إلى 60 مليار دولار، بينما يباع على المواطن اليمني بتسعة أضعاف ما يباع على المواطن الكوري في حين استلم متنفذون يمنيون قرابة 250 مليون دولار كعمولات وكانت اجراءات التصويت في البرلمان للمصادقة على الاتفاقية شكلية وباطلة بحسب تصريح أحد أعضاء المجلس.
لقد عمد النظام السابق في اليمن إلى جعل القضاء مكبلاً فلا يستطيع أن يصدر حكماً ما إلا بعد موافقة رأس النظام، ولذلك لم نسمع بأن فاسداً أحيل إلى القضاء أو إلى نيابة المال العام ليحاكم ولينال جزاءه، اللهم إلا في حق الصغار، ولذلك كان من جملة مطالب الشعب استقلال القضاء الأن باستقلال القضاء يضمن الحكم النزيه ويأمن الناس على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، حتى إن القضاء المستقل النزيه يكون عاملاً لجلب الاستثمارات للبلاد، فهل من الممكن أن يقول القضاء اليمني كلمته في اتفاقية الغازوغيرها ويسترد المال العام المنهوب ويعيد هيبته ومكانته كما فعل القضاء المصري ؟ وهل يمكن أن يقوم المدعي العام بإحالة المتورطين في قضايا كهذه للمحكمة ليكون ذلك أول خطوة في استرداد المال العام المنهوب وما أكثره وليكون تطميناً للشعب بأن القضاء قادر على قول كلمته بعيداً عن أي تأثير وليؤسس لقضاء وطني شفاف ونزيه وليكون عوناً في بناء الوطن ويكون رادعاً لكل من تسول له نفسه المساس بالمال العام ؟ هذا ما نرجوه ونتمناه ونؤمله في قضائنا .
في الإثنين 02 يوليو-تموز 2012 05:13:11 م |
|