|
كان يلقي عليهم بظلاله فيظهرون لنا شخصيات عظيمة وعبقريّة ووقورة وبرغم أنّه لا أحد يعرف مخبرهم إلا هو ـ ربّما ـ بعد الله فإنّهم كانوا يبدون لنا من آيات الله العظمى في السياسة والدين والعسكريّة ومختلف صفات الزعامة.
ربّما كان هويقوم نيابة عنهم بكلّ المهام وينسبها إليهم، وربّما أنّ الحظّ جعل من يعمل معه يستمدّ من وجوده في ظلاله التوفيق فيؤدّي أعماله بنجاح يحسده عليه غيره وفقا لمقولة الشاعر..
وإذا سخّر الإله أناسا ** لسعيد فإنّهم سعداء.
وربّما لغير ذلك من الأسباب، ولكن الملاحظ أنّ النجاح والتوفيق لكثير من هذه الشخصيات لم يصاحبهم إلا في ظلاله، وحين غادروا هذه الظلال بدوا للجميع مكشوفي العورات عرضة لكلّ ازدراء وسخرية واستغراب عن أداءهم المزري الذي لم ينفع غيرهم بل أضرّهم وأضرّ حتّى أنفسهم.
لا أريد أن أستقصي البحث في هذه الشخصيّات ولكن فقط أشير إلى شخصيّتين جنوبيّة وشماليّة أوّلهما هادي وثانيهما علي محسن.
وكلّنا يعرف كيف كانت هالات من المهابة والغموض وحتّى العظمة تحيط بهاتين الشخصيّتين، وبمجرّد ما خرجا من تحت ظلال عفاش حتّى أصبحا عرضة لكلّ سخرية واحتقار واستغراب كيف لهذين الشخصين وكانا أعمدة حكم عفّاش أحدهما عرّف نفسه بأنّه كان الشخص الأوّل وليس الثاني والآخر صار رئيسا للجمهوريّة وأجمع الجميع على زعامته ووجد كلّ دعم وتأييد.
ولكنّهما ظهرا بهذا المظهر البائس الذي لم ينفعهما ولم ينفع غيرهما لا عبر الثورة ولا عبر الدولة ولا عبر الحلف الكونيّ الذي آزرهما لإعادة شرعيّتهما ودمّر كلّ شيء ولم يحقّق لهما إلا اللعنة والبوار والخسارة.
انتهى بهما الأمر كنهاية ابن العلقمي الذي دمّر الخلافة العباسيّة وخان الإسلام ووضع نفسه بيد التتار ثمّ مات مشلولا محتقرا وكان يمنّي نفسه بخلافة الإسلام.
من كان يتوقّع أنّ ظلال عفّاش وحدها هي التي أعطتهما الهيبة والوقار ومظاهر الابّهة ومن بعدهما لم ينفعهما لا نفط الجزيرة والخليج ولا قوّة أمريكا وبريطانيا ولا دعم الأمم المتحدة فكأنّه قد حدّد لهما مسبقا فترة صلاحيّتهما للخدمة تنتهي بانتهاء بقائهما في ظلّه.
وعلى مثل هذين يتمّ القياس بالنسبة لبقيّة العبيد الآبقين عن سيّدهم.
فسبحان الله.. مالك الملك وحده وفي مثل هذا عبرة لأولي الألباب.
- اليمن اليوم
الخميس 26 يناير 2017
في الجمعة 27 يناير-كانون الثاني 2017 10:41:15 ص