عواقب تغييب الوعي
دكتور/عبدالعزيز المقالح
دكتور/عبدالعزيز المقالح
لم ننجح نحن العرب في شيء، نجاحنا في تغييب الوعي، ولن أبالغ وأقول تغييب العقل، والواقع بتفاصيله الصغيرة والكبيرة شاهد على غياب وعي المواطن العربي الذي هو أنا وأنت وهو، وهذا التغييب وراء كل ما حدث ويحدث لنا جميعاً ، وفي الوقت ذاته هو الذي أوصلنا إلى وضع يصعب تقييمه أو تقويمه. وضع أمة كل أبنائها يعانون حالة من الانفصال أو الانفصام بينهم وبين الواقع الذي يعيشونه، ولا هم لهم سوى مناقشة القشور وإطالة الوقوف أمام الأمور السطحية والتافهة التي لا تستحق أن ينشغل بها مواطن يريد لنفسه ولوطنه أن يخرج من مستنقع التخلف ويتجه نحو القرن الواحد والعشرين، ليكون جزءاً من العالم الذي يتحرك ويسجل كل يوم علامة جديدة من علامات النهوض العلمي والفكري والثقافي.
ويستطيع المراقب من خارج الحالة العربية أن يدرك أن العرب جميعاً يشغلون أنفسهم ويبددون وقتهم في قضايا لا تنفع الإنسان ولا تسهم في تغيير جزء من حياته المعيشية والاجتماعية. وهذا الذي نشهده ونعيشه مرغمين أو عن قناعة ورضا هو ما يشكل الصورة الواقعية والشافية لدى سكان العالم في شرق الكرة الأرضية وغربها، ونكاد ننفرد بها دون الآخرين. والمشكلة الأكبر أن قادة هذه الأمة المغيبة ومفكريها ومثقفيها هم من يصنعون هذه الحالة من التغييب وهم يمارسون ذلك بكل رضا وارتياح لأنهم ضحايا التغييب وفقدان الوعي، ولو لم يكن الأمر كذلك لما ساد الصمت وسيطرت حالات اللامبالاة والتبلد ولما اتسعت دائرة الحروب والخلافات التي تؤدي بدورها إلى إعادة إنتاج الحروب وإلى ما هو أمرّ وأقسى: الفرقة والتفتت .
وقد سبق لبعضنا -وما يزال ذلك هو دأب البعض- تحميل الاستعمار الأجنبي كل الشرور والويلات التي نعاني منها، وقد يكون في ذلك بعض الحق لكن الحقيقة تقول أن المسؤولية الكبرى نتحملها نحن، فقد دخل الاحتلال إلى شعوب كثيرة وحاول إفساد حياتها وتدمير اقتصادها وتفتيت نسيجها الوطني من خلال إحياء النعرات الطائفية والمناطقية وغيرها من الأمراض إلا أن تلك الشعوب قاومت مخططاته وتمكنت بالوعي العالي والشعور الوطني الصادق أن تتجاوز العوائق وأن تبني نفسها في أقل وقت من الزمن، مع أن بعضها بدأ من الصفر، وبعض هذه الشعوب نجحت في التفوق على مستعمريها صناعياً واقتصادياً، في حين بقينا نحن نتجرع الأوهام ونحِّمل أسباب تخلفنا على الآخرين دون أن نتمكن من إنجاز الخطوة الأولى على طريق تجاوز ذلك المعيق الخطير.
لقد لعب تغييب الوعي في حياتنا مترافقاً مع فقدان الإحساس بالمسؤولية الوطنية، والتاريخية دوراً بالغ السوء، وكان سبباً رئيساً في كل ما جرى ويجري في هذا الجزء من الوطن العربي وفي بقية الأجزاء. وكان ذلك التغييب وضعف الإحساس بالمسؤولية شاملاً لم يقتصر على منحى واحد من مناحي الحياة، ويمكن لنا توضيح ذلك على النحو الآتي:
• تغييب الوعي بالانتماء الوطني.
• تغييب الوعي بمخاطر التخلف.
• تغييب الوعي بأهمية التعايش.
• تغييب الوعي بمخاطر التدخلات الخارجية.
• تغييب الوعي بأهمية التعليم الحديث.
• تغييب الوعي بأهمية العمل والإنتاج كطريق للتنمية المستدامة.
والآن، هل آن الأوان لكي نستيقظ أفراداً وشعوباً من الغيبوبة والتغييب؟ سؤال نحتاج الإجابة عليه بخطوات عملية لا بالكلام انطلاقاً من القول الشائع، رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.



في الجمعة 18 ديسمبر-كانون الأول 2015 09:46:21 م

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=1449&lng=arabic