قالوا إن على الصحافي الالتزام بآداب ومسئوليات مهنته، ومنها تحري الدقة، فلا يخون رسالة الصحافة، بالكذب على الجمهور أو تضليله، ولا يتعمد الشكوى من خطر موهوم، أو يدعي أنه هدف لوحش غير موجود، وعليه دائما الحرص على إبقاء نفسه فوق مستوى الشبهة، وأن يتجنب الكتابة باسم مستعار، ولا يكتب مقالات وأخبارا لشخص معين مقابل أجر.. وأعرف أربعة على الأقل تتوافر فيهم الصفات السابقة كلها باستثناء الالتزام بأخلاق ومسئوليات مهنة الصحافة. واحد منهم، قال لي مرة: ما كتبت مقالا ولا نشرت خبرا، إلا عن تخطيط مسبق لتحقيق هدف واحد، وهو الحصول على"الزلج" من ذلك الذي كتبت ونشرت من أجله.. أكون"حراف"، فاخترع لذاك مقالا، أو خبرا من الذي يعجبه، وفي اليوم التالي أزوره وأسلمه نسخة من الصحيفة، المنشور فيها المقال أو الخبر، ثم أخرج من عنده، وقد قبضت "الزلج".. قلت له: حسنا، أنت تبيع القلم وتأخذ مصروفك، لكن ما الفائدة التي يجنيها شخص من مقال نشر باسمه، والناس يعرفون أنه لا يقرأ ولا يكتب إلا بشق الأنفس؟ قال: في واحد أهبل يفرح باسمه وصورته، وفي واحد ذكي وقليل حياء وملحاح، يحصل بهذه المقالات على مكاسب وترقيات، مثل فلان الذي صار وكيلا... بفضل المقالات التي كتبها له فلان. الثاني، اعتاد على نشر تصريحات منسوبة لشيخ كبير، بالكاد ينطق عبارة نطقا سليما، وكنت أقرأ تلك التصريحات المنسوبة لذلك الشيخ، وأقول: هذا من صنعك يا فلان.. ما من قضية محلية أو إقليمية، إلا وكان للشيخ تصريح بشأنها.. عبر الشيخ عن استيائه من تنامي ظاهرة.. أكد الشيخ أن العلاقات اليمنية- الخليجية.. وأشاد الشيخ، ونوه الشيخ، وهكذا.. وبعد فترة لقيت الرجل، فقلت له: لم توقف الشيخ عن الإدلاء بتصريحات؟ قال: قد غطينا له القضايا كلها، حتى موضوع التسلح النووي، ما بقي شيء، فما نكتب له، هل نقول: وقد أبدى الشيخ قلقه من اتساع ثقب الأوزون؟! الثالث، كأن جمال بنعمر كان يقصده، عندما قال إن الصحف والصحافيين في اليمن: زوروني مناطق لم أزرها، وقولوني كلاما لم أقله، وكتبوا عن اجتماعات مع أشخاص لم ألتقهم.. ولا أعرف أن لجمال بنعمر كلاما مفيدا غير هذا منذ ابتليت به اليمن.. المهم أن هذا الثالث يخزن في الجانبين، ومن مجلس قاته ينظر بعيني زرقاء اليمامة، يكتب عن أدق تفاصيل الاجتماعات السرية، ولم يحصل أن صدق له خبر.. أما الرابع فيقرأ كل ما أكتب، "وما اشتيش أغثيه".
في
الثلاثاء 17 فبراير-شباط 2015 06:55:56 م