|
واليمن مثل سائر أقطار الأرض، جاء إليها أقوام واستقروا فيها منذ مئات القرون، كما خرج يمنيون إلى أقطار شتى، واستقروا فيها، منذ العرم إلى اليوم، مرورا بزمن الفتوحات، وموجات الاستعمار، وغيرها من الأحداث والأزمنة، ومن المعيب أن يصنف الناس اليوم استنادا إلى أعراقهم القديمة، أو يعيرون بأصولهم، كما نسمع اليوم: هذا أصله فارسي، هذا أصله هندي، هذا من بقايا الترك، هذا وفد من الديلم، وهذا جاء من مكة.. فهذه دولة إسرائيل، التي نسميها عنصرية، تجمع إليها البيض والصفر والسود والخلاسيون، من شتى بقاع الأرض، وأصبحوا مواطنين إسرائيليين، ونحن نغمزفي مواطنة واحد، لأن جده الذي سكن اليمن قبل مائتين عام، تركي!
واحد مثقف، ووصل إلى منصب وزير، لم يستطع المهازيل الرد على مقولاته الكريهة، فلجأوا إلى الغمز في أصله العرقي، يحسبون أنهم بذلك يحققوا "نصرا"، ودفاعا عنه، وعن المواطنة، عبرت مرارا عن اشمئزازي من هذا التمييز القبيح، والسلوك المشين، وقلت لواحد منهم: هذه أمريكا، أصبحت- كما قال واحد من حيواناتها العظام -: أمة تعج بالأمم، يأتيها العربي، والأفريقي، والأوروبي، واللاتيني، والهندي، وبعد خمسة أعوام يصبح الواحد منهم مواطنا أمريكيا، ونحن نغمز في مواطنة قوم أو فرد، جاء جد جد جد جده إلى هنا قبل خمس مائة، أو ألف، أو ألفين سنة.. ذلك المثقف نفسه، والذي لم يعد وزيرا، يخوض اليوم في نفس البركة المجيفة، يتحدث عن فئة يمنية، يقول: هي من سلالة كذا، وعرقها مختلف، وولاؤها ليس لليمن.. والعجيب أن الدافع الأساسي الذي قاد ذلك المثقف إلى منحدرات العرقية والتمييز، هو التعصب المذهبي، الذي حول مثقفين وسياسيين "إخوانيين" إلى طائفيين خلص.
في الجمعة 06 فبراير-شباط 2015 10:44:39 م