من الذي يصنع الإرهاب؟!!
كاتب وصحفي/يحيى عبد الرقيب الجبيحي
كاتب وصحفي/يحيى عبد الرقيب الجبيحي
قبل الحديث عن جوهر عنوان هذه المحاضرة .. أود التذكير بما لم يعد أحد منا يجهله او يتجاهله مما بات يحدث اليوم من مصائب ومصاعب ومحن وأوجاع وأحزان في المنطقة العربية والاسلامية بوجه خاص وفي بقية دول العالم بوجه عام !!
ومعظمها تحدث ولا تزال بسبب الأعمال الارهابية .. أكانت فردية أم جماعية .. رسمية أم مستقلة !! شرقية أم غربية ..
أجل.. أصبح كل واحد منا دون استثناء يتعايش عبر القراءة او المشاهدة أو السماع مع الاعمال الارهابية كل يوم وكل ساعة بل وكل لحظة؟! حيث انتشرت في كل مكان من عالم اليوم تقريباً .! من أستراليا إلى كندا مروراً بأوربا .. ومن الصومال إلى نيجيريا وشمال إفريقيا .. حتى أطراف آسيا !!
وازداد الارهاب ضراوة وعبثاً بالمنطقة العربية .. خاصة ببعض دول ما يسمى ب (الربيع العربي) ؟!
إذ باتت اليمن وليبيا وسوريا تصطلي بنار الارهاب أكثر مما عداها.. ثم .. العراق ومصر والصومال وغيرها من دول العالم العربي .. التي أصبح عدد قتلى الارهاب فيها خلال عام واحد فقط وهو العام المنصرم 2014م يفوق ضحايا وباء أيبولا - والايدز- وأمراض القلب وغير ذلك. ففي اليمن المنكوب بجهل ابنائه وعجز علمائه وخيانة جيشه .. وفشل أحزابه .. وضعف قيادته.. وحقد طغاته!! وسذاجة انصاره .. وكيد أعدائه.. بات القتل فيه شبه يومي .. وضد الابرياء بمعظمه مجازر في المعسكرات..ومذابح على الارصفة.. وانفجارات داخل القاعات.. وتفجيرات ببعض المنازل والمؤسسات الخاصة والعامة .. تحولت بعض المدارس والمنازل ومواقف السيارات والمطاعم إلى مقابر مفتوحة .
ينتشر الموت في كل مكان من ارضه بإرهاب (قاعدي) أو (حوثي) أو عبر ممارسات عبثية بعضها بدوافع الثأر والانتقام .. وبعضها لأتفه واحقر الاسباب .
وفي ليبيا أصبح إرهاب ميليشياته الأهلية والقبلية .. أشد وجعاً وطغياناً من نظام القذافي .. حيث خلعت طاغية لتقع تحت نيران ميليشيات عفنة!!.
بينما نظل نشاهد ليل -نهار الاجساد والاشلاء وهي تتناثر في كل مدن وأرياف ووديان وصحاري - سوريا العزيزة - عبر إرهاب متطرفي ((داعش)) (1) و ((النصرة)) وبقايا ((نظام الأسد)).. لتظل تشتعل فيها الحروب على عدة جبهات وازدادت ضراوة بعد التدخلات الخارجية والمؤامرات الاقليمية ..
ثم العراق .. الذي ظل الإرهاب يُمارس فيه منذ احتلاله من قبل أمريكا وإيران.. وضد السنة بالذات .. لتكون النتيجة ظهور ((داعش)) واجتياحه لبعض المناطق السنية.. ليتعرض السنة لإرهاب مضاعف .. كما تتعرض بعض ((الأقليات)) لإرهاب غير معهود ودون أسباب وجيهة .. حتى بات (اليزيديون) يتعرضون لإبادة شبه جماعية كما تتعرض نساؤهم للسبي والإمتهان من قبل ((داعش)) الذي وصل إرهابه إلى ذبح النساء والاطفال كما حدث بمدينة (الفلوجة) بعد قيامه بتهجير عائلاتهم إلى خارج الحدود وبعد إلغائه للحدود بين العراق وسوريا!. ليس حُبآ بتوحيد القُطرين كما ظل يتطلع إليه شعراء وكتاب وبعض سياسيي ومفكري العرب .. وإنما لكي يسهل على :(داعش) ممارسة القتل والتشريد والتهجير ضد كل من يخالفه أو يرفض مبايعة قيادته!
كذلك ما بات يحدث بالصومال على يد ما يسمى ب (جماعة الشباب المسلم ) وفي نيجيريا .. على يد ما يسمى ب: (بوكوحرام) وفي باكستان على يد ما يسمى ب:(طالبان)...
حيث ممارسة القتل والذبح والخطف ضد مئات الابرياء من رجال ونساء وطلاب وأطفال !
وما يحدث أيضاً في مصر والسعودية ولبنان والجزائر وغيرها من الدول العربية والإسلامية ليصل الإرهاب إلى بعض الدول الأوربية وغيرها .
فبتنا نرى مشاهد دموية - ليل نهار- لتصبح تباعاً لذلك .. مدن عربية معتمة .. وشوارع مظلمة.. ومنازل مهجورة .. ونزوح ملايين العرب ممن اصبحوا بين عشية وضحاها .. يتعايشون بمحن اللجوء وما يصاحبه من إذلال وامتهان لكرامة الانسان !!
كل هذا بسبب (الإرهاب) المتعدد الاسماء والولاءات .. ليصبح العرب كل العرب يعيش بعضهم بمستنقعات الدم والوحل ويتعايش البعض الآخر مع ((الإرهاب)) عبر المشاهد الدموية وممارسة الجرائم الإنسانية البشعة والإعتداء على الابرياء والأعراض وانتهاك المحرمات.. ويزداد (الإرهاب) بشاعة عبر الإعلام المستفز خاصة بعض ((الفضائيات))و((المواقع العربية)) التي تنقل للمشاهد والقارئ كل تلك الصور البشعة والتعليقات المخزية مع بعض الخطابات والفتاوى التحريضية .. (الطائفية والمذهبية)! والتي تحدث بعلم كل الانظمة العربية .. والتي تفتقر إلى أدنى درجات الشجاعة فتتجرأ بعضها على مكاشفة شعوبها وسرد أسباب ما يحدث بأرضها وهي تعلم ! حتى باتت الشعوب تجهل المسؤول الحقيقي عن هذه التوجهات المُخيفة الممثلة بخطابات وفتاوى التحريض !
ثم بعد هذا التذكير الموجز.. أود التذكير أيضا ببعض ما يعنيه الارهاب ثم بذكر بعض أنواعه فأسبابه ودوافعه .. وبكل إيجاز ممكن .. وبحسب تصورات وفهم واجتهادات كاتب هذه السطور .. خاصة وأن معرفة بعض هذه الجوانب قد تكون من أهم معرفة الجواب عن عنوان هذه الدراسة .. (من الذي يصنع الارهاب؟!!)
- فمن بعض ما يعنيه الإرهاب :-
1- ((هو..إستخدام التصفيات الجسدية أو الاغتيالات أو العنف .. لتحقيق أغراض سياسية معينة)) (2)
2- ((الإرهاب هو بث الشك لدى أفراد الشعب في الدين والتدين والمتدينين)) (3)
3- ((هو عنف نتيجة الخلل في المجتمع .. ويأتي العنف والعنف المضاد في الممارسات نتيجة أخطاء وظروف واقعية يمر بها المجتمع)) (4)
4- ((الإرهاب هو إتهام موجه للإسلام .. وأنه دين تطرف وعنف وتعصب )) (5)
ويمكننا تعريف الارهاب بأنه يقوم على رفض الآخر أو على فرض قيم أو معتقدات بالقوة وبكونه يتمثل بنشر الخوف وترويع الآمنين أو المسالمين بمنازلهم وبمقر وظائفهم وبأماكن حياتهم الطبيعية والمألوفة من شوارع ومساجد ومراكز ومعسكرات .. الخ .
-كما أن كلمة الارهاب .. ببعض اللغات الاجنبية .. تحمل نفس المعاني أو المفاهيم باللغة العربية وان لم تحمل نفس النص ..
فكلمة Terrorism الإنكليزية تعني إرهاب .. رعب .. فظاعة .. مظهر رهيب . بينما كلمة Terrorist تعني إرهابي .
وفي القاموس الإنكليزي - الانكليزي يُعرف الإرهاب بأنه ((كل ما يوقع الرعب في النفوس )) وبأنه ((نوع من سوء الفهم وفقدان الثقة بين الشعوب وحكوماتها)) (6)
فمفهومة يختلف من مكان إلى آخر ومن فترة زمنية إلى أخرى وتتباين مفاهيمه بحسب التوجهات والتباينات السياسية والثقافية والفكرية والاقتصادية .
أما أنواع الإرهاب فهي عديدة .. والتي منها :-
-إرهاب بعض الحكومات والأنظمة ضد شعوبها .
-إرهاب أقلية ضد أغلبية أو أغلبية ضد أقلية .
-إرهاب بعض القوى الدولية خاصة التي تتحكم بما يُسمى بالأمم المتحدة وبمجلس الأمن .. ضد بعض الدول والمجتمعات الضعيفة.. عبر التدخل المباشر أو غير المباشر أو باستخدام حق النقض (( الفيتو)) لحماية الظالم ضد المظلوم ؟!
- بالنسبة لأهم أسباب ودوافع الإرهاب .. على سبيل المثال وليس الحصر .. فهي تتمثل في :-
- ممارسة الظلم والقهر .. والشعور بالغبن والتمييز في الحقوق والواجبات .. والتهميش والإذلال .. وغيرها من الممارسات غير السوية والتي تؤدي إلى ردود أفعال غاضبة .. تصل مع استمرارها وتراكمها إلى القيام بأعمال إنتقامية - إرهابية فإرهاب ((هتلر))مثلآ.. في الحرب العالمية الثانية كان كرد فعل على هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى وفرض عقوبات جائرة عليها !!
وإرهاب((داعش)) أي الدولة الإسلامية في العراق وسوريا .. جاء بمعظمه كرد فعل طائفي ضد الشيعة بسبب التهميش ضد السنة بجانب الإحساس بالتمييز السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي الذي يمارسه قادة الشيعة ضد السنة بالعراق منذ عام 2003م (فلكل فعل رد فعل)
بينما الارهاب بسوريا .. قد تكون بعض أسبابه ممارسة الأقلية واستئثارها بالسلطة والثروة ممثلة بالعلويين ضد الاغلبية من ابناء الوطن الواحد وهم السنة..
لكن إرهاب تنظيم ((القاعدة)) قد يكون بعضه كرد فعل مما يحدث على الطبيعة.. كما بات يحدث اليوم في اليمن بعد ظهور الحوثيين وما يقومون بها من ممارسات غير مألوفة ضد كل من لم يؤمن بتوجهاتهم وأفكارهم ومذهبهم .. لتصبح ((القاعدة)) منتشرة بصورة أكثر مما كانت عليه قبل الظاهرة الحوثية .. كما حدث بالمركز الثقافي بمدينة إب يوم الأربعاء 31/12/2014 وما حدث أمام كلية الشرطة صباح يوم الاربعاء السابع من يناير 2015م .
بينما هناك إرهاب يمارسه تنظيم ((القاعدة)) نفسه بدوافع ونزعات جهادية .. كما يحدث في اليمن قبل وبعد ظهور الظاهرة الحوثية وكما يحدث في غير اليمن .. وهي دوافع ونزعات ترجع بمعظمها إلى عدم الفهم الصحيح للإسلام - عقيدة وشريعة- ومنهاج حياة وبسبب بعض خطب ومواعظ ومحاضرات وفتاوى التحريض وما أكثرها .
مع أن هذه الأسباب والدوافع المذكورة آنفاً وغيرها .. لا تعني التبرير بالقيام بأية أعمال او ممارسات إرهابية أياً كانت .!! خاصة حينما يكون النساء والاطفال والأبرياء هم الضحايا.. وهو ما بات يحدث اليوم!
وعلى الرغم من أن الإرهاب غير مرتبط بدين محدد ولا بدولة محددة.. وبات يُمارس في كل مكان من عالم اليوم تقريباً .. وإن اختلفت الاسباب والدوافع والوسائل .. إلا أنه بات ملتصق بالعرب ثم بالإسلام عموماً .. بسبب تصرفات فردية حتى ولو جاءت تلك التصرفات لأسباب ودوافع وجيهة .. كما حدث يوم الاربعاء 7/يناير/2015م. حينما اقتحم اثنين مسلحين صحيفة فرنسية بباريس وقتلوا 12 من محرريها بسبب رسوم كاريكاتورية نشرت بنفس الصحيفة قبل أربع سنوات حسب ما قرأنا! مع أن هذا الفعل جاء رغم معرفة من قاموا فيه بالنتائج وبردود الأفعال لذلك خاصة بمثل هذه الظروف الحالية التي تزيد من محاربة الاسلام وعدم الإعتراف بعالميته ولا بتسامحه .. وظهور أحزاب وتوجهات غربية فاشية تحارب معظم الأجانب المقيمين ببلدانها ..
حيث يزداد التصاق الإرهاب بالإسلام أكثر واكثر ويتعرض العرب والمسلمون المقيمون بالدول الغربية للمضايقات والمراقبة المستمرة داخل المدن وفي مطاراتها وموانيها.. بجانب تعرض بعض المساجد والأماكن الخاصة بالعرب والمسلمين لبعض الممارسات الإرهابية.. وهو ما حدث بفرنسا مؤخراً ! وقد يصل الأمر إلى قيام بعض الدول الكبرى بالتدخل المباشر ضد بعض الدول العربية والإسلامية كما حدث بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بمدينتي نيويورك وواشنطن أو بفرض قرارات جائرة أو التأثير على الوضع الاقتصادي والاستثماري ببعض الدول العربية والإسلامية .. أو غير ذلك من الممارسات التي كانت تنتظر فقط بعض التصرفات الإرهابية والتي يقوم بها بعض الشباب العربي والمسلم .. مع أن الدافع لما حدث ضد الصحيفة الفرنسية وهي رسوم مسيئة حسب ما قيل .! وقبل أربع سنوات .. دفع ذلك العمل الإرهابي إلى قيام بعض الصحف الغربية الأخرى إلى إعادة نشر نفس الرسوم وبتحدي صارخ .. رغم أن معظم القراء والمتابعين كانوا قد نسوا أو تناسوا تلك الرسوم المسيئة للإسلام ولبني الإسلام .. ولو استخدم من قاموا بذلك العمل الإرهابي الجوانب الفكرية ومقارعة الحجة بالحجة واستخدام الحوار البناء والهادف لكان ذلك أجدى وأنفع حتى ولو بنفس الصحيفة المستهدفة والتي لا أخالها ولا أخال مؤسسة إعلامية غربية بفرنسا وبغيرها سترفض طلب إذاعة أو نشر حوار مع من يسيئون إلى الاسلام !! حيث الاعلام الحر والرأي والرأي الآخر ..
ولذا.. لا غرابة أن يعتقد بعض العرب والمسلمين أن من يقومون بأعمال إرهابية ببعض الدول الغربية هم مدفوعون من قبل بعض الهيئات والمؤسسات الغربية ذات الطابع العدائي المسبق للعرب والمسلمين ولدينهم العظيم !!
فمهما كانت الاسباب والدوافع وهي كثيرة ومتنوعة وبعضها مقصودة.. إلا أن ذلك لا يعني أن تعتبر بمثابة تبرير للقيام بالإرهاب !! خاصة وأن المستهدفين (بفتح التاء) هم في الغالب أبرياء !! وهذا لا يتعارض مع أهمية معرفة الصانع للإرهاب ..
إن كل ما قمتُ بسرده بكل إيجاز آنفا قد يعطي القارئ أو المتابع معرفة الصانع أو الصناع للإرهاب وهم كثر ..
ومع ذلك سوف أذكر المزيد من التوضيح ولكن بصيغة طرح بعض الاستفسارات والتساؤلات ذات الصلة بعنوان هذه المحاضرة أو الدراسة ..
ومن ذلك .. مثلاً ..مثلاً .
-لماذا قام موظف أمريكي صغير يدعى (بول بريمر) بعد الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003م بإصدار قرار حل الجيش العراقي ؟.. ثم بموافقته ومباركته ..قرر حُكام العراق الجُدد قرار إجتثاث حزب البعث العراقي الحاكم.. ليصبح مئات الآلالف من العسكرين والمدنيين يهيمون بشوارع العراق بدون وظائف.. ومعظمهم بدون رواتب تقاعدية!.. ولم يكتف الإمريكيون بذلك وإنما سلموا العراق بعد سنوات من الإحتلال الكامل إلى مجموعة من الموتورين المغمورين الصفويين أمثال رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وشلته ليمارسوا سياسة طائفية بغيضة ضد السنة بالذات ولتزداد معاناتهم فوق ما كانت عليه .. ورغم الشكاوي والإعتصامات والمطالبات بأدنى الحقوق وبعض الحماية .. الا أن كل ذلك لم يجد من يهتم من داخل العراق ولا من خارجه.. فكانت النتيجة ظهور -داعش- بكل ما يمثل من ممارسات إرهابية بشعة ضد بعض العراقيين خاصة ((الأقليات))
فهل كان سيحدث من هذا التنظيم الذي يدعي الخلافة ضد الاقليات ((اليزيدية)) وغيرها ماحدث ولا يزال يحدث من إرهاب لولا قيام -بريمر- بحل الجيش العراقي ومباركته لقرار إجتثاث حزب البعث الحاكم؟ .. ثم قيام الرئيس الإمريكي -أوباما- بسحب جنوده حماية لهم .. تاركآ العراقين ببحيرات من الدماء ؟!
- بل هل كان -أبوبكر البغدادي - زعيم-داعش- سيصبح متطرفآ وزعيمآ لتنظيم إرهابي متطرف اليوم لولا سجنه مع بداية الاحتلال الإمريكي للعراق ومواجهته بشتى أنواع العذاب من سجانيه الإمريكين ..؟! ليتحول إلى التطرف بدءا من عام 2003م !! فمن الذي يصنع الإرهاب ؟!
ثم.. ماذا لو لم يتصرف الرئيس الإمريكي ((أوباما)) بطريقة عشوائية .. وربما مقصودة .. حينما وقف ظاهريا أمام المعارضة السورية المعتدلة والتي شجعتها أميركا ومعظم الدول الغربية وبعض الدول العربية في البداية .. ليقف الرئيس الإمريكي أمامها يصرف لها الآمال والتطلعات دون دعم ولا مساندة فعلية رُغم ما بات النظام العلوي العفن يقوم به من إجرام وحشي ضد الشعب السوري بمساندة ومشاركة روسيا وإيران وحزب الله وبعض الدول الأُخرى؟! بينما أمريكا والعالم المتحضر يتفرجون إلى ممارسة تلك المجازر!؟
أجل .. ماذا لو وظف ((أوباما)) مكان ومكانة بلاده التي تدعي ظاهريآ حماية حقوق الإنسان في كل مكان .. فانطلق من توجهات أخلاقية وإنسانية وزود المعارضة السورية المعتدلة ولو بنصف الاسلحة التي تكرم بمنحها لرئيس الوزراء العراقي السابق (نوري المالكي) وصفوته لمحاربة معارضيه خاصة من العراقين السنة .. لتصبح نفس هذه الأسلحة فيما بعد تحت تصرف (داعش) نفسه بالعراق وسوريا معآ ؟!!
-وحينما بدأت سيطرت (داعش ) على بعض المناطق السنية بالعراق .. كان نظام ((المالكي)) الحاكم يدعي أن ما يحدث إنما هو بسبب مجموعة من بقايا حزب البعث والجيش المنحل .. رغم المجازر الوحشية التي تطال أبناء تلك المناطق السنية وعوائلهم خاصة ممن رفضوا الأنصياع لداعش أو التسليم بتوجهاته وأهدافه ..
ولكن.. حينما وصل الجحيم إلى بعض المناطق ((الشيعية)) أو التي تقطنها غالبية شيعية وتعرض الأقلية ((اليزيدية)) للقتل والسبي والتهجير من قبل ((داعش)) الإرهابي قام تحالف دولي كبير بقيادة الولايات المتحدة الإميريكية وبمشاركة من دول إقليمية أيضآ لإنقاذ النظام الشيعي في العراق ! بجانب إنقاذ ((اليزيدين)) وغيرهم من : ((داعش )) الإرهابي .. وهو التحالف الذي يأتي بعد قرابة ربع قرن من تحالف مماثل حينما قام العراق بإجتياح دولة الكويت بشهر أغسطس عام 1990م .. مع أن ذلك الاجتياح المتهور وغير المعهود بقدر ما يؤكد وجود دور كبير لبعض الزعماء العرب ماضيآ وحاضرآ في صناعة الإرهاب .. وإن اختلفت الدوافع والطرق .. بقدر ما أعطى ذلك الإجتياح الأرعن أكبر هدية غير متوقعه لإيران .. والتي استغلت ذلك في صالحها.. خاصة وأنه لم يمر حينها على خروجها من حربها مع العراق عدا فترة زمنية قصيرة وكانت في وضع مأساوي ومن كل الجوانب بعد ثماني سنوات من حرب مدمرة .. ليأتي الاحتلال العراقي للكويت فرصة لإيران إذ أعادت بناء ذاتها فكريآ وعسكريآ بل وانتشارآ .. وصولآ إلى وراثة العراق بكل ما ومن فيه؟
وإن كان التنظيم الإرهابي ((داعش )) يمارس القتل والإرهاب في العراق وسوريا معآ بصورة عبثية ومقززة .. الم يصل ضحايا النظام السوري من أبناء سوريا العزيزة إلى اكثر من مأتي ألف ؟! معظمهم مدنيين عزل ونساء وأطفال؟! غير الجرحى والمعاقين والنازحين الذين تعدوا الأربعة الملايين ؟ .. وكلهم من أبناء سوريا السنيين تقريبآ؟!! ولم يتدخل التحالف الغربي ضد (داعش) بسوريا إلا بصورة ضئيلة وعلى استحياء !!!..
بينما إيران ذاتها باتت تحارب (داعش) في العراق جنبآ إلى جنب مع ((الشيطان الأكبر ؟!!))
-أليس مابات يحدث اليوم ببغداد ودمشق وبيروت والحرص الإيراني على عدم إسقاط النظام السوري .. مع إبقاء الشيعة بالعراق هم القوة السياسية الأولى - مقابل التهميش المُعمد للسنة من أهم أسباب ظهور ((داعش)) الارهابي ؟!! فمن الذي يصنع الإرهاب؟
- بل ان تحالف حزب ((البعث)) السوري مع إيران وما يواجهه السوريون من مجازر من قبل النظام العلوي والإيراني وحزب الله مع صمت وتواطؤ أممي يعتبر حسب فهمي من أهم الدوافع لتوافد بعض المقاتلين إلى سوريا من كل الدول ؟!
- وقد يثار التساؤل أيضآ عن سبب حصر محاربة أميريكا والغرب ضد المسلمين السنة بوجه عام وليس فقط محاربة التنظيمات الإرهابية وحدها !
هل السبب لذلك.. يرجع إلى تباين جلي بين مشروعي الشيعة والسنة تجاه مجمل القضايا العربية والإسلامية خاصة تجاه فلسطين ؟ كون المشروع الشيعي ينحصر إزعاجه ضد أميريكا واسرائيل بالشعارات والبيانات والخطابات الجوفاء ! ويكفي أنه لولا إيران لما أنتهى النظام العراقي السابق ونظام (طالبان)بتلك السهولة .؟!
-بينما المشروع السني للمقاومة ضد إسرائيل بالذات يستحيل عليه القبول بالمساومة على حقوقه وثوابته كما هو حال حركة ((حماس)) السنية.. وللتأكيد على وجاهة مثل هذا التساؤل هو ماحدث من تحالف دولي ضد (داعش) حماية للشيعة العراقيين ولليزيدين بالدرجة الأولى .. وهو عكس سوريا بل وعكس ماحدث لمدينة (غزه) بشهر رمضان الماضي من إبادة وحشية من حكومة إرهابية بربرية حتى أنها إستخدمت في هذه الحرب المدمرة أكثر من 60 ألف قذيفة صاروخية بجانب أسلحة متطورة أميريكية الصنع .. بعضها قامت أميريكا بتزويد إسرائيل بها أثناء الحرب نفسها التي استمرت لأكثر من شهر أمام مرأى ومسمع العالم كله .. بما في ذلك أمام بعض الدول الغربية الحريصة ظاهريآ على حقوق الإنسان .. ودون أن تحرك ساكنآ !! وأمام مشهد ومعايشة النظام الإيراني ذاته المكتفي كعادته بالشعارات والبيانات التي تنتهي من حيث تبدأ.. بل وأمام حزب الله الذي باتت وظيفته تنحصر اليوم بإحباط هجمات المقاومة الفسطينية من جنوب لبنان تحت ذرائع وحجج لم تعد تنطلي على أحد !
أليس ماحدث بغزه ضد الشعب الفلسطيني ولا يزال يحدث من أهم العوامل المساعدة للإرهاب ؟!
ثم .. حينما قام إرهابي (إيراني) بإقتحام مقهى باستراليا قبل بضعة أسابيع .. ظهر الإعلام الغربي وهو ينقل هذا الحدث ليقول بأن المجرم الإيراني الشيعي تحول إلى سُني؟!! فكيف نفسر تحويل هذا الشيعي الذي أصبح سُنيآ بمفهوم الإعلام الغربي !؟
-الا يقودنا هذا إلى إثارة تساؤل آخر .. عما إذا كان هناك شبه توافق إمريكي وغربي مع إيران على نشر الصراع المذهبي بين الدول العربية ؟! مما شجع إيران في المساهمة المباشرة وغير المباشرة بكل العبث والتفكك الذي بات يخيم على العالم العربي اليوم؟! ومن ذلك تقسيم المجتمع العربي إلى كيانات مذهبية متناحرة ولتجد إيران فرصتها في توسيع نفوذها ببعض الدول العربية أيضآ ! خاصة بالعراق وسوريا ولبنان وُصولآ إلى اليمن ؟! بل كيف نفسر تصعيد (داعش) في العراق وسوريا بالتزامن مع ظهور (الحوثيين) في اليمن ؟ وبفترة زمنية متقاربة ؟! وللتأكيد على تأثير نشر الصراع المذهبي بالمنطقة العربية بصورة غير معهودة .. هو أن كاتب هذه الأحرف القادم من تعز إلى صنعاء والمقيم بها منذ أكثر من خمسة وعشرين عامآ .. لم يكتشف إسم مذهبه إلا بعد ظهورالظاهرة الحُوثية ؟! وهذا على سبيل المثال وليس الحصر ؟!.
رغم أن الحوثيين أو ما يطلقونه على أنفسهم ب: (أنصار الله)بدوا بتوجهات كانت موضع ترحيب الخاص والعام من اليمنيين .. لتظهر بعض أهدافهم الحقيقية المغايرة لشعاراتهم الظاهرة يومآ بعد يوم .. ومن ذلك تلك الممارسات غير المألوفة ضد بعض المواطنين والتوسعات عبر القوة ببعض المحافظات والمدن والتدخلات المستمرة ببعض الوزارات والمؤسسات تحت ذرائع وحجج أثبت زيفها مدى التناقض الفعلي على الأرض .. اضافة إلى ثبوت الحقائق المجردة التي تؤكد مدى مايربط بين (أنصار الله) وإيران .. وغير ذلك من التصرفات المشينه وغير المتوقعة لدى البعض خاصة ممن كانوا متفائلين في البداية .. الخ ..
- ولا بد من التذكير هنا بكيفية التعامل والإهتمام الخاص والعام حينما تحدث عملية إرهابية مهما كان حجمها بإحدى الدول الغربية مقارنة بحدوثها بإحدى الدول العربية أو الاسلامية.. ومن ذلك العملية الإرهابية التي حدثت مؤخرآ في العاصمة الفرنسية باريس وأدت إلى مقتل 12 صحفي حيث تفاعل العالم كله من شرقه إلى غربه معها وظل الإعلام الغربي بل والعربي ولا يزال يغطي هذه العملية من كل الجوانب ليل- نهار .. بينما العملية الارهابية البشعة التي حدثت أمام كلية الشرطة بصنعاء بنفس اليوم وبنفس الوقت تقريبآ وأدت إلى إستشهاد أكثر من 42 شهيدآ وجرح أكثر من 80 من بعض الطلاب الابرياء الذين كانوا يتطلعون إلى الالتحاق بكلية الشرطة .. عملية صنعاء الإرهابية هذه.. لم تحظى بواحد في المائة من إهتمام ومتابعة عملية باريس الإرهابية .. ألا تمثل هذه الممارسة نوعآ من الغرور والتعامل الدوني غير السوي مع بعض الاحداث الإرهابية وغيرها في العالم العربي والاسلامي ومدى ما تشعر به بعض الدول الغربية من تفاوت بين أهمية وقيمة الإنسان الغربي مقارنة بالإنسان العربي أو المسلم!؟ رغم بعض التوجهات السياسية والاعلامية الغربية ظاهريآ الخادعة والمدعية بحرصها على حقوق إنسانية الإنسان في كل مكان !وهذا على سبيل المثال وليس الحصر. ألا يُعد هذا التعامل المشين بمثابة ممارسة ولو بصورة غير مباشرة للإرهاب ! وإن بصيغ وتوجهات وممارسات مختلفة..
- وإذآ ..ألا يدفعنا بعد القراءة لما سبق أن نعتقد ولو إجتهادآ بإرتباط تنظيمي ((القاعدة)) و ((داعش)) بالولايات المتحدة الأمريكية وببعض الدول الغربية على اعتبار أن المستفيد الأول من الأعمال الإرهابية التي يقوم بها التنظيمين هو عدو العرب الأول (إسرائيل) وبعض عملائها في الكونجرس الأمريكي وداخل الادارة الاميريكية ! ولتكون بعض تلك الأعمال الارهابية بمثابة ذريعة للتدخل الامريكي والغربي ضد الدول العربية والإسلامية ؟!! مؤكدآ هنا أن كل ماسبق ذكره لايبررممارسة الإرهاب قطعيآ .
- ليت شعري.. من الذي يصنع الإرهاب !؟

-ثم.. أود التذكير هنا بنوع آخر من أنواع الإرهاب - إن جاز لنا- أن نحسبه كذلك .. والذي يتمثل بقيام بعض الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الإميريكية بالعمل الجاد -المباشر وغير المباشر- وعبر بعض قيادات عربية أيضآ على إفشال بعض التوجهات العربية الوحدوية .. إما بالعمل الحثيث على اسقاطها من بدايتها .. أو بتفريغها من محتواها ؟!!
إضافة إلى الحد من بعض التوجهات العربية نحو الممارسة الفعلية للديمقراطية !
فلقد ظهرت ثورات (الربيع العربي) ضد أنظمة قمعية وفاسدة وديكتاتورية وساهمت بتوليد الإرهاب وتغذية التطرف عبر تكريس الإستبداد وعبر كل ما يؤدي إلى العنف .. ربما تبريرآ للبقاء في السطلة أكبر فترة ممكنة .. وحولت أنظمة تدعي - الديمقراطية زيفآ.. والجمهورية نظامآ !! إلى ملكية حصرية! الخ .. وكل تلك الممارسات وغيرها .. كانت بمعرفة وعلم ورضى وموافقة الولايات المتحدة الإميريكية وبعض الدول الغربية .. ثم .. حينما ظهرت ثورات الربيع العربي والتي لو كانت نجحت وتحولت إلى حكومات ديمقراطية حقيقية لمثل ذلك ضربة قوية ضد الإرهاب والتطرف وليس العكس !! .. لكن الذي حدث هو سرقة هذه الثورات عبر إسناد الأمر إلى نفس الانظمة السابقة وإن بوجوه وأقنعة شبه مختلفة .. أو إلى مجموعة ذات توجهات إقصائية إو عبر إنقلابات عسكرية (ناعمة)!؟
لتكون النتيجة حروب شبه أهلية وأنتشارآ للإرهاب وتوسعه وتمدده كمآ وكيفآ !!
وكل ذلك بمعرفة وشبه تواطؤ أمريكي - غربي .. مهما كان الظاهر المُعلن !!
وهو ما قد يعطي دلالة جلية على محاربة الغرب للتوجهات الديمقراطية في العالم العربي.. والا لماذا كل الدول المستقلة عن (الاتحاد السوفيتي) سابقآ .. والتي كانت أنظمة ديكتاتورية وعدائية .. دخلت عالم الديمقراطية بمباركة ومساندة إمريكية وغربية كما هو معروف ؟! عكس الدول العربية رغم وجود منظمات مدنية ومعاهد بعضها مرتبطه بالمعهد الديمقراطي الأمريكي في معظم الدول العربية تدعي نشر الديقراطية ببعض الدول العربية وهو كذب وإختلاق ..
أوليس الغرب هو من يصنع الإرهاب ؟
وأقرب دليل لصدق هذه المقولة هو ما قاله - رئيس وزراء فرنسا السابق - دومنيك دوفيليان- يوم السبت 10 يناير 2015م في مقابلة تلفزيونية لإحدى القنوات الفضائية الفرنسية .. وأعادت ذلك بعض الفضائيات العربية ومنها قناة (الجزيرة) .. حينما أتهم الغرب بصنع الإرهاب مكررآ هذا الاتهام عدة مرات .. وقال أيضآ.. وبالنص: ((تنظيم الدولة الإسلامية -داعش- وليد مُشوه.. وناتج للسياسة الغربية .. المتغطرسة.. والمتقلبة ..))
-ولأن موضوعآ كعنوان هذه الدراسة الموجزة يحتاج إلى دراسة مفصلة وعميقة ومن شخصيات فكرية وأكاديمية متخصصة بهذا الشأن .. وهو ما يستوجب مني إلتماس العذر سلفآ من القارئ والمتابع لهذه الدراسة الموجزه جدآ إن لم أفيها حقها من الشرح والتفاصيل الممكنه .. فإنني أود في هذه الصفحات الأخيرة .. التذكير بثلاثة قضايا إسلامية وعربية والتي تعطي المزيد من الدلائل المؤكدة على معرفة جنسية وماهية الصانع الأول للإرهاب .. خاصة وأن من بعض أهم أسباب الإرهاب هو عدم الاهتمام الأميركي والغربي بل والأممي ممثلآ بما يسمى ب (مجلس الأمن الدولي ) بحل القضية الفلسطينية واستمرار الممارسات الإسرائيلية القمعية ضد الشعب الفلسطيني .. رغم أقدمية هذه القضية ورغم التنازلات العربية والفلسطينية المستمرة والتي وصلت إلى نسبة 22% من المساحة الكلية للأراضي الفلسطينية التي باتت تحت الاحتلال الإسرائيلي .. إضافة إلى قضايا إسلامية لم تجد هي الأخرى أي إنصاف ..
- هذه القضايا وكنماذج فحسب .. تتمثل بكل إيجاز ممكن .. ب :
1- قضية تيمور الشرقية ..فقد ظلت تيمور هذه تحت الاستعمار البرتغالي خمسة قرون .. ليستردها الإندونيسيون عام 1975م بموافقة ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية .. ربما لأهداف وأسباب مؤقته!.
وبعد تحقيق تلك الأهداف والأسباب من انظمامها لأندونيسيا ..ثم .. لأن غالبية سكانها مسيحيين (كاثوليك) كان لابد من قيام الولايات المتحدة والعالم المسيحي بتشجيع ومساندة ما يسمى ب : (جبهة تحرير تيمور).. التي طالبت بالإستقلال وهو ما تحقق وأنظمت إلى عضوية الأمم المتحدة بشهر مايو عام 2002م. مع أن سكانها لا يتجاوزون السبعمائة الألف .
2- كشمير.. التي يزيد عدد سكانها على إثني عشر مليون ولأن غالبيتهم مسلمون .. فلا يزالون محرومون من الإستقلال وحق تقرير المصير .. والذي ظل هو مطلب أكثر من 90% من السكان .
رغم قرارت الشرعية الدولية المنادية باستقلالها واعطائها حق تقرير مصيرها .. والتي ظلت تصدر تباعآ منذُ عام 1948م.
3- القضية الفلسطينية .. فرغم التقسيم المشؤوم الذي صدر عام 1947م.. ورغم أن المساحة المخصصة للعرب كانت 42,188% من المساحة الكلية لفلسطين.. وكان عدد السكان العرب هو = 1,237,374 .. بينما المساحة المخصصة لليهود .. كانت 56,74% وعدد اليهود = 608,225 الف فقط ؟!(7)
-أقول.. رغم هذا الظلم والتقسيم المُجحف وبعد التأييد السوفيتي بشهر يوليو من عام 1948م لمشروع التقسيم بدلآ من اعلان هدنة جديدة بين العرب وإسرائيل .. ليعطي هذا التقسيم شرعية لوجود إسرائيل ..
حاول المجاهد الفلسطيني - أمين الحسيني- بشهر اكتوبر عام 1948م الإعلان عن قيام (حكومة عموم فلسطيني ) على المساحة المخصصة للفلسطينيين العرب .. إلا أن عدم اعتراف الأمم المتحدة بهذه الحكومة التي بدأت كمحاولة .. ظلت مجرد محاولة لتنتهي بعد بضعة أسابيع من اعلان الحسيني عن قيامها ..
بينما كانت الأمم المتحدة قد اعترفت بقيام دولة إسرائيل وبشرعيتها فور الإعلان عن قيامها بشهر مايو عام 1948م (8) ليشجع هذا الاعتراف إسرائيل مع وقوف الولايات المتحدة بجانبها . فيدفعها للمماطلة والتوسع .. وصولآ إلى الاستيلاء على بقية فلسطين بجانب إحتلال أراض عربية أخرى بشهر يونيو من عام 1967م . ورغم صدور عشرات القرارات الدولية والتي ظلت ولا تزال تطالب بإنصاف الفلسطينيين .. إلا أن تلك القرارات ظلت ولا تزال تصطدم بإستخدام الولايات المتحدة الإمريكية وبعض الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن بحق النقض ((الفيتو)) حتى أن أمريكا وحدها إستخدمت حق النقض (الفيتو) 77 مرة حتى عام 2003م لتعيق بذلك صدور 53 قرارآ .. لصالح بعض دول العالم الثالث والشعوب المضطهدة منها 36 مرة ضد قرارات تدين إسرائيل أو تطالب بتقرير مصير الفلسطينيين وعلى مساحة أقل من نصف مساحة تقسيم عام 1947م . (9)
أو تعرقل صدور بعض القرارات عبر الامتناع او الايعاز لبعض الدول ذات العضوية الدورية بمجلس الأمن بالامتناع عن التصويت حتى لا يحصل مشروع القرار على الاكثرية البسيطة المؤلفة من تسعة أعضاء ..
وهو ما حدث يوم الأربعاء 31/12/2014م . حينما كانت الدول العربية قد تقدمت بمشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي .. وانسحابها من مواقع حدود ما بعد حرب 1967م فقط والتي لم تعد تتجاوز مساحتها أكثر من 22% أي أقل من نصف تقسيم عام 1947م .كما آشرت آنفآ.. مع تحديد فترة زمنية لا تتعدى 2016م . بسبب إستمرار المفاوضات لأكثر من عشرين عامآ دونما فائدة تذكر مع إسرائيل ..
فرغم تأييد هذا القرار من ثماني دول بما فيها فرنسا والصين وروسيا .. الا أن الضغط الامريكي على نيجيريا لتمتنع عن التصويت لم يحصل القرار على الاكثرية .. مع أن أمريكا كانت ستستخدم حق النقض (الفيتو) كعادتها.. وحتى لو صدر القرار الأخير فإنه سيظل مجرد رقم من الأرقام الخاصة بالقضية الفلسطينية التي يصعب إن لم يستحيل تنفيذها على أرض الواقع .
-أجل.. ظلت عشرات القرارات الدولية المطالبة بإنصاف الفلسطينيين والعرب تصطدم بالفيتو الأمريكي والإمتناع الغربي .. والتمييع العربي -الرسمي- وبعدم جدية الأمم المتحدة ومجلس الأمن!
وبات الفلسطينيون المدافعون عن حقوقهم المشروعة خاصة بقطاع (غزه) هم مجرد إرهابيين بنظر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها .. بينما الاسرائيليون وممارستهم النازية والإرهابية على مرآي ومسمع العرب والعجم إنما يدافعون عن أنفسهم حسب التعبير الإمريكي (الرسمي) !
بجانب احتقار إسرائيل لإنسانية الإنسان ولكرامته ولكل القرارات والمواثيق الدولية .. وهو ما ينطبق على ما يحدث أحيانآ بكشمير الحُرة .. حيث يُعتبر المجاهدون الكشميريون الذين لا يزالون ينشدون الإستقلال هم بنظر بعض الدول الغربية مجرد إرهابيين . بينما اعتبرت الولايات المتحدة نفسها وبعض الدول الغربية قادة العمل المسلح (جبهة تحرير تيمور) أبطالآ .. وأستقلت (تيمور الشرقية) رغم صغر حجمها وقلة سكانها لأنهم مسيحيون (كاثوليك) !.
-أليست هذه القضايا الثلاثة المذكورة هنا بكل إيجاز .. والتي هي بمثابة غيض من فيض إنما تؤكد المعايير الظالمة والمزدوجة ضد الحقوق والقضايا العربية والإسلامية ؟!
والتي تؤدي حتمآ إلى بذر الحقد والكراهية والشعور بالظلم وغيرها من الأمور التي تدفع ببعض الشباب العربي المسلم إلى القيام بردود أفعال قوية وغاضبة وممارسات تصل أحيانآ إلى قتل أبرياء لا علاقة لهم بما تقوم بممارسته بعض أنظمتهم وبعض سفهائهم ضد الحقوق والمقدسات والرموز العربية والإسلامية .. مع أن ممارسات الأعمال التي تصل إلى قتل أبرياء .. هي مرفوضة وغير مقبوله رُغم حجم الظلم المُسبب لها من بعض أنظمة ودول وسفهاء هولاء الأبرياء ..
-واذآ .. وبعد قراءة كل ما قمت بسرده آنفآ .. والذي يُعبر بمجمله عن تصورات واجتهادات شخصية .. أكرر نفس سؤال عنوان هذه الدراسة الموجزة..
من الذي يصنع الإرهاب ؟!!
صنعاء - 14يناير 2015
__________________
أسماء المراجع وتفسير بعض الكلمات والجمل :
1-((داعش)) كلمة مختصره ل(( تنظيم الدولة الإسلامية في بلاد الشام)). بينما هذا التنظيم يطلق على نفسه : (دولة الخلافة) وقد وجد في البداية بالعراق ..
2-من كتاب (الإرهاب وعلاجه) تأليف عطية إبراهيم محمود المنيباوي . الطبعة الأولى ص 36
3- منتصر الزيات - نفس المرجع ص 36
4- د.عصام العريان -نفس المرجع ص 36
5- عبدالصبور شاهين . - نفس المرجع ص 37
6- Dictionary of American English
And.. Webster"s ninth new collegiate Dictionary .
A merrian - Webster.
7-كتاب : (النظام العربي المعاصر ) الطبعة الأولى عام 2003م - ص 204 تأليف : عبدالحليم خدام .
8- من كتاب :(جهاد شعب فلسطين في نصف قرن ) تأليف : صالح مسعود أبو بصير . طبعة عام 1969م . ص 290-295 .
9- صحيفة (دنيا الوطن ) الصادرة يوم 25/9/2003م .

  
في الإثنين 19 يناير-كانون الثاني 2015 08:26:24 م

تجد هذا المقال في وفاق برس
http://wefaqpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://wefaqpress.com/articles.php?id=1308&lng=arabic